بعد تنفيذ تنظيم القاعدة لعدة هجمات تستهدف مواقع حيوية بداخلها، تحولت العاصمة اليمنية صنعاء إلى ساحة مواجهات عسكرية، مما أثار قلقا داخل البلاد وخارجها، خصوصا بعد إغلاق الولايات المتحدة سفارتها ومطالبة بريطانيا رعاياها بمغادرة اليمن.
وكانت صنعاء قد شهدت اشتباكات مساء الجمعة إثر محاولة مسلحين الهجوم على نقطة أمنية قرب قصر الرئاسة بميدان السبعين، وقتل في العملية خمسة جنود، في حين اعتقل أربعة مسلحين داخل سيارة مفخخة.
وتأتي هذه الهجمات وسط حالة استنفار لقوات الجيش والأمن بشوارع صنعاء، في وقت تتوقع فيه السلطات حدوث أعمال انتقامية من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتعرض لأقوى حملة عسكرية يشنها الجيش اليمني على معاقله بمحافظتي أبين وشبوة منذ الأسبوع الماضي.
يقظة وتصد
ويبدو أن استهداف رعايا الدول الغربية والمواقع الحكومية يثير مخاوف جدية داخل اليمن وخارجه من احتمالات انتقال الحرب الدائرة مع القاعدة في مناطق الجنوب إلى وسط العاصمة صنعاء.
وقال القاعدي إن الوضع الأمني في العاصمة صنعاء بات أكثر استقرارا، ولا توجد أي دواع للخوف، مضيفا أن الأجهزة الأمنية تلاحق المسلحين وتواجه بصرامة أي محاولة للإخلال بالأمن أو تنفيذ اعتداءات على مرافق الدولة أو المصالح الأجنبية.
وكانت اللجنة الأمنية العليا باليمن قد أعلنت مساء الخميس الماضي مقتل ثلاثة مسلحين يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة في شارع 45 قرب القصر الرئاسي بجنوب العاصمة صنعاء بعد مطاردة نفذتها قوات من وحدات مكافحة الإرهاب. وذكرت أن من بين القتلى شائف الشبواني، الذي قالت إنه قيادي بالتنظيم ومتورط في اعتداءات واغتيالات.
كذلك أعلنت وزارة الدفاع مقتل عدة قياديين في القاعدة -بينهم جزائري وباكستاني وشيشاني وأوزبكي وستة سعوديين- منذ شن الحملة العسكرية ضد مواقع التنظيم بمحافظتي أبين وشبوة في جنوبي البلاد في 29 من الشهر الماضي.
من جهة أخرى قال الخبير العسكري العقيد مراد القدسي في حديث للجزيرة نت إن حملة الجيش اليمني أفقدت تنظيم القاعدة السيطرة وأشعرته بالتخبط، حيث قتل العديد من قياداته العليا والكثير من عناصره.
وأضاف أن هذه الحملة قصمت ظهر التنظيم وأفقدته روح المبادرة في تنفيذ عمليات انتقامية ضد الجيش والمؤسسات الحكومية أو البعثات الأجنبية.
وأضاف القدسي أن الجيش طهّر محافظتي شبوة وأبين واستعاد السيطرة على منطقتي المحفد وعزّان من عناصر القاعدة، وأفقد التنظيم البيئة الحاضنة التي تمتع بها طيلة أربع سنوات.
القدسي أكد أن الجيش اليمني قتل العديد من قيادات تنظيم القاعدة (الجزيرة) |
ملاحقة الخلايا
وأشار القدسي إلى أن الأجهزة الأمنية لاحقت الخلايا التي نشطت في العاصمة صنعاء وقضت عليها قبل تنفيذ مخططاتها، وذلك بعد اغتيال رجل أمن فرنسي بداية الأسبوع الجاري.
في المقابل، رأى المحلل السياسي ياسين التميمي أن صنعاء صارت تعيش وضعا استثنائيا منذ شن الجيش حملة واسعة ضد تنظيم القاعدة في محافظتي شبوة وأبين.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن ما تشهده العاصمة ارتدادات طبيعية للحرب مع القاعدة. وقال إن الحوادث الأمنية بصنعاء تمثل الحد الأدنى مما كان متوقعا بفضل احتياطات الأجهزة الأمنية التي نجحت في تتبع الخلايا والإمساك بها، وفق تقديره.
واعتبر التميمي أن إيقاف العمل في سفارة الولايات المتحدة لا يمثل مؤشرا على رداءة الوضع في صنعاء، وإنما لحساسيته، خصوصا وأن الأميركيين اعتادوا على التدابير الوقائية، ولأن مصالحهم غالبا ما تكون هدفا للقاعدة.
وأكد التميمي أن تنظيم القاعدة فقد زمام المبادرة ولم يعد بإمكانه أن يحدث اختراقات أمنية وعسكرية في المدى المنظور.