أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

تهامة المسروقة و لصوص الإغريق ..

- د. زهير علي عبد العليم
في الفترة ما بين 750 قبل الميلاد حتى 146 قبل الميلاد أدهشت الحضارة الإغريقة العالم ، كيف استطاعت مجموعة قرى في جزر جبلية على  البحر الأبيض المتوسط،  تكوين أكبر إمبراطورية في تاريخ آسيا وأوربا ؟
 
كيف إستطاعت بسط نفوذها على الشرق من فارس وبابل والهند والشام ومصر وشمال أفريقيا ..
 
كيف استطاعت مجموعة الجزر الصغيرة في بحر إيجة. بناء هذه الأمبراطورية العظيمة..
 
اتقن الإغريق فن العمارة و أسرارها  وأقاموا معابد غاية في الروعه والإبداع أصبحت قبلة للعالم آنذاك و كانت الفلسفة  الإغريقية من أعظم ما تركوه للفكر الإنساني ، حللوا المعظلات القائمة  في الحياة و أوجدوا لها الإجابة المقنعة لغيرهم ..
 
ما هو الحق؟ و ما هو الحب وما هو الجمال؟ وما معنى الحياة الفاضلة؟ 
 
أثاروا إعجاب غيرهم و حظوا بتقدير واسع وذاع صيتهم في أرجاء المعمورة آنذاك و ما أرسطوتلس " سقراط " و أفلاطون إلا غيث من فيض ..
 
كانوا مؤمنين بالسلم و بأن النقاش المستفيض و النقد البناء  الطريق الأمثل للدخول في أغوار الفطرة و بالتالي إكتشاف الحقيقة ، كانوا يميلون الى الجدل ويرفضون أن يقبل أمرًأ دون دليل أو إثبات،
أدركوا أن الحب و البحث أسمى الغايات و أنبل المقاصد ..
 
أزدهر العلم حتى كانت كل جزيرة من تلك الجزر دولة قائمة بذاتها ، معتمدة  على نفسها سياسياً والاقتصادياً حتى تنافست هذه الجزر الصغيرة ( الدويلات ) مع بعضها وتباينت مصالحها وتضاربت أهدافها.
 
الطبيعة الجبلية القاسية و شحة الماء و الأرض الزراعية و بالتالي الموارد الإقتصادية دفع القائمين على تلك الجزر للبحث عن مستعمرات ذات أراضي خصبة خارج حدودها فأصبحت لكل جزيرة يونانية إغريقية مستعمرات خارج حدودها  !!
 
إتخذوا البحر كوسيلة للاتصال وكانت اساطيلهم البحرية معلمًا بارزاً من معالم حضارتهم ، إستطاعوا بما إكتسبوا من علوم الفلسفة و الطب سلب العقول و القلوب و تمكنوا من إقناع أهالي المناطق السهلية الخصبة ان يكونوا لهم تباع و ادخلوهم طوعا لا كرهاً تحت عباءة الحكم الإغريقي ، حتى صار لكل قرية في جزيرة إغريقية مستعمرات بعيدة عن حدودها .
 
أخضعوا المستعمرات ذات الأرض الخصبة لسلطانهم بالسلم ، قايضوهم فمنحوهم العلم و الطب مقابل الغذاء ، 
لم يستولي الأغريق على أراضي مستعمراتهم و لم ينتهكوا خصوصية أهلها ، لم ينقل عنهم انهم مارسوا ظلماً او جورا ، على العكس تماماً كان السلم و الحب متبادلاً مع من يعيشون في هذه المستعمرات ، كيف لا و العلاقة بينهم تكاملية قائمة على العطاء المتبادل . 
 
ولكن ما علاقة الإغريق اليونانية ب تهامة اليمنية ؟
 
بعد ما يقارب 2000 سنة إستنسخ بعض المتنفذون من مشائخ القبيلة و عساكرها التجربة الإغريقية ..
 
أدركوا فقر أراضيهم الجبلية و إفتقارها للماء و الكلأ و شحة مواردها و آخذوا بالتوسع خارج حدودهم ..
 
لم يكونوا يملكون علوم الفلسفة و مهارات الطب الحديث و لا البديل كي يقايضوا أبناء تهامة الذين يملكون الأرض الخصبة و المراعي الواسعة ، 
 
لم يكونوا يملكون كل هذه المقومات لكي يدخلوا أهل تهامة رجالها ونسائها و أطفالها طوعاً تحت سلطانهم ، تماماً كما عمل الأغريق مع مستعمراتهم ..
 
كل ما كانوا يملكوه هو السلاح و القوة و النفوذ ، نفوذ  الدولة و جيشها  الوطني الذي سخروه  للبسط و بالقوة على أراضي تهامة الخصبة ..
 
لم يفعلوا كما فعل الإغريق ، لم يكتفوا بأخذ حاجتهم من الطعام ، بسطوا على الأرض والعرض أحيانا ، انتهكوا الخصوصية ، إستخدموا السكان الأصليين  خدم  و المالكين الحقيقيين للأرض مزارعين بالأجر ..
 
الدين لا يبلى و الديان لا يموت ، مأساة تهامة و أبناء تهامة ونساء تهامة دينٌ عند الله لا تقوم الساعة إلا بسداده.
 
ستحرقهم أرض تهامة إن لم تعود لأبناءها ويرحل ( المستعمرون ) الى جبالهم ..
 
جفت الأرض و شح القطر من السماء ، تهامة اليوم ليست كما كانت قبل قدوم  الإغريق اليها..
 
 لا عفى الله عمى سلف و لا إذهبوا فأنتم الطلقاء ، ولا سامحك الله يا إفلاطون  و للحديث إن عشنا بقية ..
 
 
 

Total time: 0.048