إحاطة جمال بن عمر لمجلس الامن يوم الجمعة الماضي اظهرت الجزء الخفي من مؤامرة دولية علي اليمن لم تعد خافية على احد، وتحول موقف المبعوث الاممي جمال بن عمر في احاطته الاخيرة هي اشارة واضحة لمستقبل اليمن تحت وصاية المبادرة الخليجية التي لم يعد لها وجود عملي على الواقع.
على اليمنيين جميعا ان يقرأوا رسالة جمال بن عمر جيدا ويقرأوا مابين السطور وما ترمي اليه ومقارنتها بالاحداث الجارية على الواقع وتحديدا ما يجري على الارض في عمران والحزام الأمني لعاصمة اليمن صنعاء والمتاريس والخنادق التي تحفر بداخلها تحضيرا للخطوة التالية بعد احاطة بن عمر التي تعتبر ضوء اخضر من القوى التي تتآمر على اليمن وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبعض دول الخليج التي ترى ان الربيع العربي ثورة يستهدف انظمتها وهو المبرر الذي يدفعها لتمويل ثورات مضادة للقضاء على ثورة الربيع العربي .
لا يمكن استبعاد احاطة جمال بن عمر الاخيرة لمجلس الامن عن التحالف الايراني الامريكي الجديد الذي يهدف الى تغيير موازين القوى في المنطقة وتمكين امريكا لايران من السيطرة عليها وتحت الاشراف الامريكي.
المبعوث الاممي لليمن قال ان الصراع في شمال اليمن هو صراع بين جماعة الحوثي وبين مجموعات مسلحة ، وهذا يوحي بمدى التحول الخطير من دبلوماسي كلف بمهمة تطبيق وتنفيذ المبادرة (الخليجية!! ) التي لم يعد لها وجود، ومن خلال موقف بن عمر الاخير الذي افصح عن النوايا الدفينة لحرف مسار مهمته واظهر انحيازه للعمل لصالح قوى التحالف الجديد بين امريكا وايران وبعض الانظمة الخليجية التي تريد بقاء اليمن دولة غير مستقرة تتجاذبها اطراف الصراع الاقليمية والدولية الداعمة للأدوات المحلية المتمثلة بالاطراف السياسية اليمنية.
على الرغم من فهم جمال بن عمر لطبيعة الصراع في اليمن ومعرفته بالاطراف التي تعرقل مسار التحول السياسي واعترافه اكثر من مرة وعلى الملأ بأن ما يجري في اليمن هو صراع من اجل التغيير وان الاطراف المعرقلة لهذا التحول هي المرتبطة بالنظام السابق والمرتبطة بالمشروع الايراني وقد دون ذلك في تقاريره السابقة لمجلس الامن وأشار اليها قرار مجلس الامن رقم 2042 وخرج بن عمر على وسائل الاعلام الدولية يؤكد ان القرار الاممي اشار صراحة على ضرورة طي صفحة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأشار ايضا الى نائب الرئيس السابق علي سالم البيض وهو المعروف بإرتباطه بالمشروع الايراني .
المبعوث الاممي على معرفة كاملة بتفاصيل الصراع ويعرف تمام المعرفة الهدف من هذا الصراع ويعرف من يقف وراءه ومن يموله وقد اشار اكثر من مرة بالاطراف التي تدير الصراع المسلح، لكن اعترافاته السابقة ومواقفه لم تكون اكثر من " بنج مخدر " وان موقفه الاخير هو الذي يجب ان يبنى عليه الشعب اليمني وقيادته مواقفهم لوقف الخطر الذي يحاك في ظهر اليمن وتديره قوى اقليمية ودولية لاستهداف اليمن لبقاءه دولة غير مستقرة وحاضنة للصراع المسلح .
مشروع التسوية السياسية الاساسي في اليمن مشروع خليجي " المبادرة الخليجية " وهدفه الحفاظ علي اليمن من الانزلاق نحو الفوضى وحمايته من السيطرة الايرانية من اجل الحفاظ على الامن القومي للخليج من الاختراق الايراني وهو الهدف الاساسي من مشروع التسوية التي قدمتها دول الخليج ، وحاليا لم يعد لهذا المشروع اي اثر نتيجة السيطرة الامريكية ودول اخرى دائمة العضوية وبدعم من دول وقوى خليجية عملت على حرف مسار مشروع التسوية السياسية " المبادرة الخليجية " وتبنيها لدعم اطراف يمنية مناهضة لثورة ربيع اليمن بذريعة مكافحة الاخونة التي ليس لها وجود عملي يؤثر على القرار السياسي اليمني .
انظمة الخليج الحاكمة غير منسجمة فيما بينها على مستوى الدول و أنظمتها غير منسجمة على مستوى كل دولة بالنسبة لموقف دول الخليج من التوسع الايراني الذي يستهدف ضرب دول الخليج من داخلها نتيجة دعم ايران لقوى داخلية تعمل على زعزعة الامن والاستقرار داخل كل الدولة وقد نجحت ايران كثيرا - بموجب مخطط امريكي غربي - بسحب دول الخليج الى جانبها من خلال قيام انظمة الخليج بضرب اهم القوى السياسية المناهضة لايران والمتمثل بالتيار الاسلامي داخل الخليج والدول العربية الاخرى وعلى رأس هذه القوى جماعة الاخوان المسلمين والتيار السلفي دون ان تدرك دول الخليج خطورة الانعكاسات الناتجة عن ضرب هذه القوى على الامن القومي الاستراتيجي للخليج العربي .
القرار السياسي داخل كل دولة خليجية غير موحد ويعاني من التنازع بين اطراف العائلات الحاكمة فيما بينها ادى الى حدوث ارتباك غير مسبوق، ومواقف هذه الدول العلنية تختلف عن مساعيها الجانبية وهذا التنازع والارتباك عزز من السياسة الايرانية التي تسعى لتوسيع نفوذها على الارض من خلال الدعم السياسي والمالي والاعلامي للمجموعات المعادية للتيار الاسلامي المناهض للمشروع الايراني في المنطقة ، التيار المناهض لايران في المنطقة اصبح ملاحقا ومعاقبا ومحظورا ومجرما ومجردا من اي نشاط او موقف بل صنفته انظمة الخليج السياسية كجماعات ارهابية محظورة واصبحت سجون دول الخليج تمتلئ بقيادات وعناصر التيار الاسلامي المناهض للمشروع التوسعي الايراني ، وهذا هو الاختراق الذي نجحت على تحقيقه ايران وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية وقوى دولية اخرى .
الوضع في اليمن متأثر بهذه السياسة وخاضع لهذا التنازع والدليل على هذا التنازع يظهر في المواقف السياسية والخطاب الاعلامي الرسمي لدول الخليج ، فالمواقف السياسية المعلنة تؤيد الرئيس عبد ربه منصور هادي وعلى المستوى العملي توقفت دول الخليج عن تقديم اي دعم مالي للحكومة اليمنية وقامت دول الخليج بإحتظان ورعاية كاملة للقيادات التي تعمل على ضرب الامن القومي الخليجي من خلال دعمها لجماعة الحوثي الارهابية الذراع العسكري لايران في خاصرة الخليج والاكثر من هذا ان تمويل جماعة الحوثي ماليا وعسكريا يأتي من الخزينة العامة لدول الخليج بواسطة الرئيس السابق الذي جند نفسه للانتقام من دول الخليج وخاصة السعودية نتيجة لدعمها مبادرة خروجه من السلطة ، والرئيس السابق علي صالح قدم ولا زال كل انواع الدعم لجماعة الحوثي التي تحفر الخنادق وسط العاصمة وتسيطر على الحزام الامني لها وهذا بدعم علي صالح الذي يعتبر حلقة الوصل بين جماعة الحوثي وانظمة الخليج التي اغرقته بالاموال والدعم السياسي والعتاد بإعتباره الرجل الذي يتولى قيادة مكافحة الاخونة وهو الهاجس المؤثر على مشاعر حكام الخليج .
المشكلة الموجودة في الخليج والمتمثلة بتنازع القرار والارتباك داخل العائلات الحاكمة لدول الخليج موجودة ايضا في سلطة القرار السياسي اليمني لكن بشكل اوضح واكبر حيث يوجد داخل الحكومة اليمنية 17 وزير اضافة الى الاختراق الخليجي للمؤسسة الدفاعية واختراق الرئيس السابق للدفاع والامن والاستخبارات وهذا الاختراق يضاف كمكاسب هامة للاطراف التي تتنازع القرار الخليجي وتذهب نتائجه لصالح المشروع الايراني ، وابسط صورة لهذا الارتباك والتنازع وتأثيرة على اليمن وخدمته لايران يتمثل في الخطاب الاعلامي ، حيث يصنف الاعلام الخليجي الرسمي الحرب الدائرة في عمران ومحيط العاصمة صنعاء بأنها حرب ضد الدولة وتستهدف الجيش اليمني وهذا الخطاب غير موجود لدى وسائل الاعلام المملوكة للرئيس السابق وحزبه وهو اعلام ممول من خزائن الخليج الرسمية وهذا الاعلام يصنف الحرب بين جماعة الحوثي الايرانية والجيش على انها حرب بين جماعة انصار الله " السلمية جدا جدا " وبين مليشيات الاخوان المسلمين ويطلق على اهم وحدات الجيش اليمني اسم مليشيا حميد القشيبي ، ويتجاهل مشاركة وحدات عسكرية اخرى تابعة للجيش اليمني بتعزيز اللواء 310 الذي يقول عنه اعلام علي صالح بأنه مليشيا ويتجاهل قيام الطيران التابع للجيش اليمني بضرب تحمعات الارهابيين الحوثيين وان كانت ضربات بالتقسيط المريح لم توقف توسع الحوثي وزحفه على صنعاء ، هذا التقسيط مرتبط بموقف وزير الدفاع اليمني الذي على مايبدوا انه مفروض على الرئيس هادي من قبل امريكا والسعودية والامارات ووجوده على رأس وزارة الدفاع هو الذي حول الجيش اليمني او جزء منه الى مليشيات وبوجود هذا الوزير تتحقق الانتصارات لجماعة الحوثي وبسببه تمكنت جماعة الحوثي من السيطرة على قبيلة حاشد وهي العمق الاستراتيجي لحماية اليمن من التوسع الايراني وبسبب هذا الوزير تحفر الخنادق والمتاريس وسط شوارع صنعاء وبسببه ايضا ذهبت اسلحة الجيش لجماعة الحوثي فهذا الوزير لم يعد له علاقة بحماية اليمن وسيادتها وان وجوده اصبح كارثة والسكوت على بقاءه خيانة سيدرك الشعب اليمني وقيادته السيايية نتائجها لاحقا وحينها لا ينفع الندم .
تصنيف جمال بن عمر للحرب الدائرة بعمران ومحيط العاصمة صنعاء وبقيادة مباشرة من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي برأسه صالح وتموله الخزينة الخليجية الرسمية هو الاداة الاستراتيجية التي فتحت الطريق للمشروع الايراني للسيطرة على اهم جزء في اليمن بعد استحكام جماعة الحوثي الايرانية بالسيطرة على حدود اليمن مع السعودية ..
على الشعب اليمني استيعاب مخاطر المرحلة القادمة والاستعداد لمواجهتها حماية لليمن من السيطرة الايرانية وعدم تكرار تجربة النظام الموالي لايران بالعراق الذي كان لقيادات السنة دور في وصول هذا النظام حتى استحكم السيطرة على الدولة العراقية واجهزتها ثم بدأ بتصفية قادة السنة الذين ساهموا لوصول تيار ايران للحكم وهذا ما بجب ام يفهمه الرئيس السابق علي صالح .
وعلى الرئيس هادي تطهير وزارة الدفاع من المتآمرين على الجيش وعلى اليمن وعلى الرئيس هادي نفسه وان اول خطوة للتطهير هو اقالة محمد ناصر احمد الذي اصبح قائدا لمشروع تدمير البلد خدمة لقوى التحالف الجديدة ايران وامريكا ، وعلى الرئيس هادي التخفيف من الارتباط بالقوى الراعية للمبادرة الخليجية والالتفات للقوى المحلية لان حل مشاكل اليمن لم ولن يكون الا يمنيا وهذا لن يتحقق الا بإزاحة شخص علي صالح اولا، وعلى الرئيس هادي ان يفهم ان وجود 37 شخص من عائلة الرئيس السابق علي صالح في دولة الامارات لم يكون من اجل الفسحة و " التفرطة " بل له علاقة بمخطط مناهض للرئيس هادي وسلطته وشرعيته ووجوده وان وجودهم هناك هو من اجل قيادة لمؤامرة قذرة تستهدف زعزعة الامن والاستقرار في اليمن واستمرار الوضع تحت سيطرة جماعات العنف المناهضة للتغيير وللرئيس هادي ، وعلى الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي الاسراع بتطبيق مخرجات الحوار والعدالة الانتقالية ، وضع اليمن بات تحت الوصاية الدولية بعد تحييد المبادرة الخليجية وحرف مسارها لخدمة المشروع الايراني بدعم امريكي .. ودمتم ودامت اليمن حرة آمنة!!