لا يهمنا مصافحة الرئيس السابق للواء علي محسن امام الكاميرات ولا يهمنا ايضا عناقهم بحرارة بعيدا عن الكاميرات ، ما يهمنا هو ان نجاح الرئيس هادي بإذابة الجليد وكسر حاجز الخلاف بين الفرقاء الذين اجتمعوا امس في مسجد الرئاسة بالسبعين ( الصالح) واللقاء بحد ذاته خطوة شجاعة وايجابية.
انا على ثقة ان الرئيس السابق واللواء علي محسن ورغم كل ما حدث خلال الثلاثة الاعوام الاخيرة من صراع الا ان كل واحد منهما يحمل في قلبه للاخر مشاعر ايجابية وعاطفة صداقة لان الروابط الأسرية والاجتماعية التي تربطهما هي اكثر من نقاط الخلاف اضافة الى رفقتهما القوية لاكثر من ثلاثة عقود من خلال عملهما بقيادة البلد والمؤسسة العسكرية .
في الحقيقة اللواء علي محسن الاحمر كان اكثر شجاعة لمبادرته بمصافحة صالح وهذا ليس غرببا عليه ولاجديدا فهو صاحب مبادرات كثيرة ، وبنفس الوقت انا لم اركز باللوم على الرئيس السابق بمحاولته تجاهل مصافحة اللواء علي محسن ، لان هذا التجاهل هو مقصود وهو شيئ متوقع وليس جديد على الرئيس السابق الذي يفضل اقتناص اللحظات لتسجيل موقف مثير ، وما سعى له الرئيس السابق بتجاهله المتعمد لمصافحة اللواء علي محسن قد ظهر جليا على وسائل الاعلام التابعة له التي تناولت المشهد بأبعاد كثيرة ، ومن جانب اخر يجب ان يعذر الرئيس السابق على تجاهله المتعمد مصافحة اللواء لان الرئيس السابق يعرف يقينا ان موقف اللواء الداعم والمؤيد لثورة الشباب عام 2011م هو السبب في خلعه من السلطة وموقف اللواء هو السبب الذي انهى حلم علي صالح بتوريث حكم المملكة الجمهورية لنجله واللواء علي محسن هو من اوقف مخططات علي صالح العسكرية وسعيه لتفجير الاوضاع عسكريا واللواء هو من اوقف حركة الالوية العسكرية في اماكنها وشل حركتها تماما وهو من أوقف حركة النقل والامدادات وبعبارة اكثر وضوحا، اللواء علي محسن هو من فكك قدرة وسلطة علي صالح، ولهذا فلا يجب ان نتوقف عند مشهد ممارسة (التحنق) فهو رغبة فرضتها عاطفة علي صالح للتعبير عن مالحق به والوضع الذي آل اليه ، ورغم هذا يمثل حضوره شجاعة يجب الاعتراف بها وان صاحبته بعض التصرفات والايحاءات فهي شيء طبيعي قياسا بخلعه من السلطة وما ترتب عليها ..
بعيدا عن شكليات الصورة وبعيدا عن محاولة تسجيل هدف فاللقاء يمثل بداية مشجعة وموفقة وان المتشائمين من اللقاء يجب ان يتذكروا ان مخرجات مؤتمر الحوار التي توافق ووافق عليها اليمنيين وكل الاطراف اعلنت تأييدها لتنفيذ وتطبيق تلك المخرجات وان اللقاء الذي تم يوم عيد الفطر 28 يوليو هو حلقة من مخرجات الحوار .
عمليا لا معنى لمن يعترضون على لقاء التصالح بعد توافق كل الاطراف على المشاركة بمؤتمر الحوار والتوقيع على وثيقة مخرجاته وتنفيذها وتطبيقها لان المشاركة في الحوار هي الاصل في المساهمة بالمرحلة الانتقالية وان لقاء التصالح يعتبر استثناء وخطوة متوقعة وكان يفترض بهذا اللقاء ان يتم في فترة سابقة لهذا اللقاء .
الحوار نص على المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي وتناسي الخلافات والنزاعات وحددت وثيقة الحوار الاستحقاقات المتعلقة بجوانب العدالة الانتقالية والاحداث التي حدثت نتيجة ثورة الشباب وهذا يعني ان التفريط باستحقاقات المرحلة غير واردة في هذا اللقاء وليس له اي علاقة بالتأثير على ما تم الاتفاق عليه .
والتذرع بأن اللقاء هو خيانة لدماء شهداء ثورة الشباب وهذا – برأيي – غير متوفر وغير وارد وليس للقاء اي علاقة بدماء الشهداء ، والتصالح خطوة من خطوات التوافق التي نصت عليها وثيقة مخرجات الحوار ، كما يجب ان نتذكر الدماء التي تسيل ولا زالت تسيل منذ الاعلان عن وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار والى يومنا هذا ويجب ان نستوعب اسباب استمرار سيلان هذه الدماء..
التصالح قيمة دينية واخلاقية وهي سمة من سمات واخلاق اليمنيين والحاجة للتصالح ووحدة الصف مطلب وطني لوجود متغيرات تفرض نفسها على الواقع جغرافيا وسياسيا ، وان التوقف عند مطالب معينة والاصرار عليها قد يؤدي الى اتاحة الفرصة لتوسع تلك المتغيرات وبتوسعها لن يكون هناك عذر او لوم ولن يكون هناك وقت للمراجعة والتقييم ، المصالحة وان تأخرت فوقتها مناسب وأصبحت ضرورة وطنية لوقف النزيف ووقف تدهور مؤسسات الدولة ..
ختاما .. يجب ان لا ننسى ان المتصالحين كلهم يمنيين والتصالح قرار يمني وان محاولة تشويه هذا الانجاز وتصويره وكأنه ارادة خارجية بحتة هو انتقاص من حكمة اليمنيين المشهورين بها ، والحقيقة ان اللقاء رغبة يمنية ناتجة عن جهود بذلها رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي واي تعاون من الأشقاء في الإقليم فهو امر يقبل او يرفض من قبل اليمنيين انفسهم ..