شكل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لجنة رئاسية مكونة من 10 شخصيات للتفاوض مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي يحاصر أتباعه العاصمة صنعاء تحسبا لانتهاء المهلة التي وضعها الحوثي لإسقاط الحكومة الحالية.
وشكك مراقبون بمدى نجاح اللجنة، وفسر البعض أن ذلك يعود لقوة الموقف التفاوضي للحوثيين، الذين سيكون سقف مطالبهم مرتفع لتحقيق مكاسب سياسية مقابل التراجع عن خيار إسقاط الحكومة، بينما ذهب آخرون بالقول إن احتمالية فرص نجاح اللجنة الرئاسية تبدو ضئيلة، وفشلها في إقناع الحوثي قد يكون وارد.
ومن المتوقع أن تتوجه اللجنة الرئاسية، الخميس، إلى معقل زعيم الحوثيين في محافظة صعدة، عبد الملك الحوثي، لثنيه عن مواقفه المتشددة من السلطة الحالية التي طالب بإسقاطها، وقد يكون هذا اللقاء بين الطرفين بمثابة الإنذار الأخير له (الحوثي).
وأكد رئيس تحرير صحيفة الأهالي أحمد شبح أن "اليمنيين لم يعودوا يثقون باللجان الرئاسية التي تعود الرئيس هادي على تشكيلها في المناطق الملتهبة، خصوصا في المحافظات الشمالية، حيث تغيب الدولة ويتم تغييب مؤسساتها وواجباتها ومسئولياتها الوطنية واللجوء إلى لجان رئاسية تتحول معها الدولة والحكومة إلى وسيط كما لو أنها طرف ثالث ومحايد ولا شأن لها بحماية المواطن والمكتسبات الوطنية".
وأضاف لــ"عربي 21" أن "السلطة القائمة منحت جماعة الحوثي، رغم الحروب التي شنتها ضد الجيش والأمن والقبائل، مكاسب غير قليلة في المحاصصة القائمة وسمح لها بالمشاركة في الحوار الوطني وفي الحكومة وتم الخضوع لشروطه ومطالبه في إقالة قيادات عسكرية وأمنية ومدنية، الأمر الذي شجع الجماعة ومنحها فرصة الاحتفاظ بترسانة الأسلحة والسيطرة على ترسانة أسلحة جديدة وتوسيع سيطرتها حد التهديد بإسقاط العاصمة".
وانتقد شبح لجوء الرئيس هادي وإدارته بعد محاصرة الحوثي للعاصمة، إلى تحريض القبائل والتحشيد السياسي والشعبي مع إبقاء الجيش والأمن خارج المشهد". مشيرا إلى أن "الوضع يحتاج إلى قرارات وأفعال عسكرية وليس لقاءات سياسية وقبلية ودعوات شعبية. المعركة يجب أن تكون في صعدة وليس في صنعاء لدى السلطة غطاء وشرعية سياسية وشعبية ودولية كافية لحسم المعركة وإعادة الاعتبار للدولة واستعادة ثقة الشعب".
وأوضح أن" فرص نجاح اللجنة الرئاسية المشكلة مؤخرا، للتفاوض مع الحوثي، تبدو ضئيلة، وقد فشلت سابقتها في إقناع الحوثي بوقف التصعيد؛ الذي صار موقفه التفاوضي قويا؛ خصوصا إذا لمس عدم جدية من قبل السلطة التي قبلت بالتفاوض على أبواب صنعاء وليس في صعدة وأضاعت من يدها كثير من الأوراق الضاغطة الفتاكة ولم تستخدم الأوراق المتاحة حاليا على المستوى الداخلي والخارجي".
من جهته قال الكاتب والناشط السياسي في جماعة الحوثي عبدالوهاب الشرفي: "لا اعتقد أن هناك سياسي يمني يمكن أن يتصلب على موقفه أمام حشود جماهيرية كتلك التي يشاهدها الجميع، ولابد من التفكير ببدائل أخرى"، في إشارة إلى حشود إتباع الحوثي التي خرجت في مسيرات بالعاصمة اليمنية صنعاء، رفعت مطالب منها إسقاط الحكومة الحالية، وقرار رفع الدعم عن الوقود.
وبالرغم من رفع الحوثيين شعار إسقاط الحكومة، إلا أن الشرفي دعا المطالبين بإسقاطها إلى توفير مصادر تمويل أخرى للدولة أو اتخاذ قرارات بإجراءات فاعلة تسهم جوهريا في الحد من الآثار السلبية للجرعة".
واعتبر في حديثه لــ"عربي 21" أن "تلويح الرئيس هادي بالقوة، الهدف منها هو إظهار تماسك الدولة لتحسين وضعه التفاوضي مع الحوثيين، لأنه يدرك تماما أن خيار القوة لن يفضي إلى نتيجة على الإطلاق غير دمار وويلات لن يستفيد منها أحد لا هو، ولا الدولة ولا المجتمع" حسب تعبيره.
وفقا للشرفي فأن "الحوثيين يراهنون على رفعهم مطالب محقة تحظى بشعبية كبيرة من جهة، واستعدادهم للنضال الطويل في سبيل إسقاطها من جهة أخرى "حد قوله.
ويعتقد مدير تحرير صحيفة المنتصف الأسبوعية يوسف المليكي أن "عملية التفاوض مع الحوثيين صعبة جدا، لسببين أولهما أن تراجع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن المطالب التي تبناها في خطابه الأخير، من شأنه أن يسبب له إحراجاً أمام أنصاره، والسبب الثاني أنه "من غير ممكن في هذا الظرف بالذات أن تتراجع الحكومة، وتقوم بإلغاء قرار رفع الدعم عن الوقود؛ كون القرار كما تٌبرر، تصحيحاً للأسعار ومطلباً دولياً، ولن يكون البديل له في نظرها، إلا الفشل والإفلاس ـ كما صرحت أكثر من مرة".
وقال المليكي لــ"عربي 21" إنه "في حال فشل هذا التفاوض، وأصر الحوثي على موقفه، وتنفيذ تهديده، ربما سيتمكن من إطباق الحصار على العاصمة، لكنه في حال فكر في إسقاطها، لن يتمكن من ذلك. . لافتا إلى أن "العاصمة اليمنية صنعاء ليست كغيرها من بقية المحافظات التي كان لها ظروف جعلت بعض قبائلها تتحالف مع الحوثيين حينها ".
وتابع قوله إن "العاصمة لن تكون لقمة سائغة. لعديد أسباب منها: الموقف الدولي، تدخل الجيش، تخوف البعض من احتلال الحركة الحوثية لها، لكنه في الوقت نفسه، يعتقد أن الحوثيين أكثر حصافة، ولن يفكرواعلى مثل هذه الخطوة".