اخبار الساعة - صنعاء
نسب مسؤول يمني الى الرئيس عبدربه منصور هادي قوله في لقاء خاص بكبار المسؤولين ان القوات الحكومية تعتزم القيام بـ (عملية قيصرية) لضرب التمدد الحوثي المسلح على العاصمة صنعاء ووقف زحف الميليشيات الحوثية عليها من كل جانب.
وقال المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ«القدس العربي» «يبدو أن الرئيس هادي قرر اللجوء الى استخدام القوة لضرب المسلحين الحوثيين إثر وصول المفاوضات مع قيادة جماعة الحوثي الى طريق مسدود خلال الأسبوع الماضي، وأن خيار المواجهة المسلحة أصبح هو الخيار الأكثر إيلاما لكنه الأكثر حسما للمناورات الحوثية التي أثقلت كاهل البلاد وتدفعه محو مستقبل مجهول».
وأشار إلى أن (ساعة الصفر) أصبحت قاب قوسين، وأن «الطرفين يبحثان فقط عن مبررات قوية لإطلاق الرصاصة الأولى، وأنهما في حالة استنفار وجاهزية قصوى للمواجهات المسلحة»، لكنه أكد أن «المعركة لن تطول وستكون خاطفة من الجانب الحكومي لاخماد التحرك الحوثي المسلح»، مبررا ذلك بأن الحشود التي تقف الى جانب جماعة الحوثي في ساحات المظاهرات قد لا تصمد طويلا في ساحات المواجهات، لأن أغلب المؤيدين للحوثي من أصحاب مصالح ضيقة ولن يغامروا في خوض غمار الحرب، بمن فيهم نشطاء في اتجاهات سياسية أخرى ولا تربطهم بالحوثيين أي قناعات أو توافقات فكرية.
واحتشد اليمنيون ظهر الجمعة في ساحات الإعتصامات في العاصمة صنعاء، في مسارين متناقضين، الأول مؤيد للتوجهات الحكومية ومطالب للرئيس هادي باتخاذ قرارات حازمة وحاسمة ضد التحرك الحوثي المسلح لتطويق العاصمة صنعاء، فيما الآخر مؤيد للتحرك الحوثي وينادي بإسقاط الحكومة.
وشهد شارع الستين المجاور لمنزل الرئيس هادي بصنعاء حشودا هائلة قدرت بمئات الآلاف من اليمنيين المناصرين للرئيس هادي وللتوجهات الحكومية ورفعوا شعارات حماسية تضمنت مطالب عاجلة من الدولة لوقف تدهور الوضع السياسي والأمني في العاصمة صنعاء ووضع حد للتصعيد الحوثي وتقدم ميليشياته، قبل أن تسقط في أيدي الحوثيين.
في غضون ذلك تظاهر عشرات الآلاف من المناصرين لجماعة الحوثي في بداية طريق المطار، بجوار وزارات الداخلية والمواصلات والكهرباء، مطالبين بإسقاط الحكومة ووقف الجرعة السعرية التي اتخذت نهاية الشهر الماضي وقضت برفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة تصل الى 60 في المئة.
وقسّمت هذه التظاهرات الشارع اليمني الى قسمين، بين مؤيد ومناهض للحكومة، بين شعار (لا للحوثي) وشعار (لا للجرعة) وبينهما جزء أكبر يعيش حالة قلق بالغ ويترقب انفجار الوضع عسكريا في أي لحظة، فيما اضطر الكثير منهم الى إخراج أهله وأسرته من العاصمة صنعاء قبل فوات الأوان مع انهيار الوضع الأمني.
« توقفت أعمالنا، تجمدت تجارتنا، أصيبت حركة الشارع بالشلل، تراجعت آمالنا من انفراج الأزمة.. باختصار شديد تعبنا من الأنتظار، ونريدها أن تنفجر حتى نخلص ونضع حدا لهذا القلق الذي سيطر على حياتنا اليومية». بهذه العبارات اختزل التاجر عبدالجليل العريقي، رأيه حول الأزمة السياسية في العاصمة صنعاء التي خلقت صورا مرعبة من أجواء الحرب قبل اندلاعه بين طرفين على أساس طائفي لأول مرة منذ عقود طويلة.
ويعتقد العديد من المراقبين ان كلا الطرفين الحكومي والحوثي يحاولان (كسب الوقت) عبر المناورات السياسية لترتيب وضعهما العسكري، وربما يحاول كل منهما الإستفادة من الحشد الجماهيري والتعبئة السياسية والمواقف الإقليمية والدولية لتعزيز وضعه، من أجل الحصول على غطاء سياسي يدعم مواقفه.
وكان الرئيس هادي يستعد لأخذ التفويض الكامل من الاجتماع الوطني الموسع لاتخاذ قرار الحرب ضد مسلحي جماعة الحوثي الخميس الماضي، وفقا لما أعلن عنه سلفا، غير أن خلافات حادة بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي صالح وينتمي اليه الرئيس هادي، تسببت في إرجاء انعقاد هذا الاجتماع، مع وقوف الموالين للرئيس السابق علي صالح الى جانب جماعة الحوثي في أكثر من جبهة ضد توجهات الرئيس هادي وحكومته، حيث ظهر حزب «المؤتمر» في موقف عصيب يصارع قوى داخلية تتجاذبه يمينا ويسارا من داخله، في حين تواجه الأحزاب الأخرى تحديات وقوى خارجية.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر دبلوماسي أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر عجز لأول مرة عن حلحلة الأزمة اليمنية الراهنة بين السلطة وجماعة الحوثي المسلحة، رغم نجاحاته المتواصلة منذ الثورة الشعبية عام 2011، والذي لعب الدور الأبرز في إدارة الإنتقال السياسي من نظام صالح الى نظام هادي، واضطر معها الى تأجيل تقديم التوطئة عن الوضع في اليمن الى مجلس الأمن من 25 الى 29 من الشهر الجاري.
وفي الوقت الذي يواصل فيه المسلحون الحوثيون تصعيدهم العسكري والسياسي في أكثر من صعيد، وأعلنت الجماعة نهاية الأسبوع تدشينها للمرحلة التصعيدية الثالثة التي ستكون أكثر إيلاما من ذي قبل دون الكشف عن طبيعة هذه المرحلة وعما إذا ستكون مسلحة أم سياسية، ذكرت المصادر أن مسلحين حوثيين نصبوا الأربعاء الماضي مخيما بالقرب من مطار صنعاء الدولي شمال العاصمة اليمنية، ربما استعدادا للمرحلة العسكرية أو على أقل تقدير المضاعفة في ممارسة الضغط على الرئيس هادي للاستجابة لمطالبهم وفي مقدمتها تشكيل حكومة تكنوقراط خلفا للحكومة الإنتقالية الحالية.
وقال موقع «المصدر أونلاين» الإخباري المستقل «إن مجاميع مسلحة تتبع جماعة الحوثي وصلت ظهر الأربعاء إلى منطقة الرحبة في مديرية بني الحارث المجاورة لمطار صنعاء الدولي، ونصبوا مخيما للإعتصام هناك».
وأوضح أن «المخيم الذي نصبه المسلحون الحوثيون يقع على بعد كيلومتر واحد من مطار صنعاء»، حيث يتزعم المسلحين الحوثيين هناك القيادي فارس الحباري، ومعظمهم قادمون من محافظة صعدة، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي بالكامل وتتمتع بما يشبه الحكم الذاتي.
وأشارت المصادر إلى أن قبائل بني الحارث توافدت إلى منطقة الرحبة حيث نصب الحوثيون خيامهم لمنعهم من التجمع هناك، وأن التوتر يسود المنطقة بسبب رفض الحوثيين رفع مخيماتهم من تلك المنطقة الحساسة.
وذكر مصدر دبلوماسي لـ«القدس العربي» ان جماعة الحوثي تواجه ضغوطا سياسية محلية وخارجية من أجل الحؤول دون سقوط العاصمة صنعاء في صراع مسلح والذي قد تكون نتائجه كارثية على الجميع.
وأصدر مجلس الأمن الدولي بيانا بخصوص اليمن تضمن تحذيراً شديد اللهجة لجماعة الحوثي وقادتها، معربا عن القلق العميق من تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن «بسبب الأعمال التي يمارسها الحوثيون وأولئك الذين يدعمونهم»، دون أن يحدد الداعمين لهم. ولكن سياسيين يمنيين فهموا ان المقصود من ذلك هو الرئيس السابق علي صالح، كونه دخل مؤخرا في تحالف مع الحوثيين رغم الصراعات السابقة بين الجانبين.
واتهم بيان مجلس الأمن اثنين من قادة جماعة الحوثيين بتقويض العملية الإنتقالية، هما زعيم الحركة عبد الملك الحوثي، وقائدها العسكري الميداني عبد الله يحيى الحاكم المشهور بـ(أبوعلي الحاكم).
وقال البيان ان «الرجلين يقودان أعمالاً تصعيدية ويطلقان حملات لإسقاط الحكومة، ويُقيمان المخيمات على المداخل الاستراتيجية للعاصمة صنعاء، فضلاً عن إدارتهما الحرب الدائرة حالياً في الجوف».
وطالب مجلس الأمن الدولي الحوثيين بسحب قواتهم من عمران وتسليمها للسلطة الحكومية وكذا بوقف كل الهجمات المسلّحة على الحكومة في محافظة الجوف وإزالة كل المخيمات وتفكيك كافة النقاط المستحدثة حول العاصمة صنعاء.