ارتفعت حدة التوتر في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، مع تجدد الاشتباكات في إحدى ضواحيها الشمالية، في حين يترقب اليمنيون ما ستسفر عنها مباحثات الموفد الأممي إلى اليمن جمال بن عمر مع زعيم جماعة الحوثيين في صعدة، وأكدت مصادر محلية يمنية سقوط عدد من القتلى والجرحى خلال اشتباكات بين الحوثيين وقوات الجيش في شارع الثلاثين التابع لمديرية معين الواقعة في الجهة الشمالية داخل العاصمة صنعاء، في وقت ساد الهدوء جبهات القتال بين المسلحين الحوثيين ومسلحي "الإخوان المسلمين" في محافظة الجوف بعد جهود وساطة قبلية أفلحت في وقف المواجهات المندلعة منذ أيام وأسفرت عن مقتل 38 شخصاً وجرح العشرات وسيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من مناطق المواجهات .
وشهد حي شملان في شمال صنعاء اشتباكات بين مسلحي الحوثيين وجنود من الجيش والأمن ومسلحين قبليين، كما اندلعت الاشتباكات في تبة يطلق عليها "تبة صادق الأحمر" التي تقع في نهاية شارع الثلاثين والمطلة على الموقع العسكري الذي كانت تحتله الفرقة الأولى مدرع "سابقا" .
وقال شاهد عيان من ساكني المنطقة ل"الخليج" إن عدداً من ساكني الأحياء في منطقة الاشتباكات اضطروا للنزوح وبينهم مسؤولون حكوميون، مؤكداً أن الاشتباكات تجري بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما أغلقت المدارس أبوابها أمام الطلاب بسبب احتلالها من قبل مسلحي الحوثي .
وأضاف أن معلومات يتداولها سكان مذبح تفيد باستقدام مسلحين يتبعون حزب الإصلاح من خارج العاصمة ويتمركزون في جامعة الإيمان، القريبة من منطقة شملان والواقعة على خط شارع الستين الشهير الذي يقع في امتداده الغربي مسكن الرئيس هادي .
من جهته، قام الجيش اليمني بإغلاق منافذ شارع الثلاثين المقابل لبوابة الإيمان وحارة الجوية والمنافذ المؤدية لشارع الستين وقطع شارع الستين جوار سور جامعة الإيمان، فيما تمركز أفراد ممن كانوا يتبعون الفرقة الأولى مدرع مع الآليات العسكرية خلف متاريس ترابية .
في المقابل، أفاد شاهد عيان في مذبح أن الحوثيين يستقدمون مسلحيهم إلى المنطقة، وأفاد أن عدداً منهم تمركز في مبان قيد الإنشاء، في ظل انتشار مسلحيهم الكثيف في منطقة شملان . ويبرز تخوف من احتمال هجوم مسلحي الحوثيين على المنطقة المحيطة بجامعة الإيمان واقتحامها وكذلك مقر الفرقة أولى مدرع المنحلة، وهما معقلان مهمان للتحالف العسكري القبلي الديني المرتبط بحزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن)، ويمثلان رمزاً لهذا التحالف وقوته .
في الأثناء، نشر الجيش دبابات حول منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي الواقع في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، والذي لا يبعد عن منطقة الاشتباكات سوى كيلومترات معدودة، فيما تتهم مصادر إعلامية مقربة من حزب الإصلاح قائد المنطقة العسكرية السادسة في صنعاء "بسحب النقاط العسكرية التابعة للجيش من جميع المواقع في شارع الثلاثين وشملان ومذبح شمال غرب العاصمة صنعاء، وتشير إلى أن اللواء الركن محمد يحيى الحاوري وجه النقاط التابعة للجيش بالانسحاب، وأنه حينما هاجم الحوثيون المنطقة لم تكن هناك أية نقطة عسكرية أمامهم، خصوصاً في المناطق القريبة من موقع الجيش في "تبة صادق" والمناطق القريبة من قيادة المنطقة العسكرية السادسة وكذا جامعة الإيمان .
وتتهم تلك المصادر القائد العسكري الحاوري بالعمل وفقاً لأجندة الرئيس السابق وجماعة الحوثيين، وأنه قام بتسليح مجاميع قبلية من موالية لحزب الرئيس السابق المؤتمر الشعبي العام، لمهاجمة موقع "تبة صادق الأحمر" التي يتواجد فيها معسكر للجيش والمواقع المحيطة بها" .
وساد الهدوء جبهات القتال بين المسلحين الحوثيين ومسلحي "الإخوان المسلمين" في محافظة الجوف بعد جهود وساطة قبلية أفلحت في وقف المواجهات المندلعة منذ أيام وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات وسيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من مناطق المواجهات .
وقال سكان ووجهاء إن المسلحين الحوثيين انسحبوا من أكثر المواقع التي سيطروا عليها أخيرا في مديرية الغيل إلى أطرافها بناء على جهود الوساطة، مشيراً إلى أن انسحاب المسلحين الحوثيين تزامن مع انسحاب مسلحي الإخوان وكذلك انسحاب قوات الجيش من بعض المناطق التي كانت تتمركز فيها .
في وقت تعيش العاصمة اليمنية صنعاء ومعظم المحافظات في ظلام دامس لليوم الرابع على التوالي، جراء استهداف خطوط نقل الطاقة الكهربائية في مناطق المواجهاتئالدائرة بين قوات الجيش والمسلحين الحوثيين بمحافظة الجوف شمالي البلاد .
على صعيد المباحثات بين الدولة وجماعة الحوثي أكد جمال بن عمر مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن أن المشاورات مع عبدالملك الحوثي ستتواصل في صعدة، في حين نقل الناطق الرسمي للجماعة قول عبدالملك الحوثي إن النشاط الثوري والشعبي لن يتوقف وسيظل مستمرا، في وقت أعلن مصدر حكومي يمني أن هناك توقعات بإبرام اتفاق بين السلطات الرسمية وجماعة الحوثي لإنهاء الأزمة الراهنة في البلاد .
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي إن ما أسماه "النشاط الثوري والشعبي" لن يتوقف وسيظل مستمراً، معتبراً أن الشعب اليمني أكثر وعياً وبصيرة وتمسكا بحقوقه العادلة والمحقة ولن يجد السلطة رهاناتها على عدم وعي الشعب أو محاولاتها بالالتفاف على ثورته بأهدافها النبيلة التي هي نتيجة معاناة لا يستشعرها أصحاب الفساد وناهبي المال العام .