تستمر المعارك الدامية في محافظة إب بوسط اليمن بين رجال القبائل والمسلحين، في الوقت الذي جددت الولايات المتحدة دعمها الكامل لليمن والرئيس عبد ربه منصور هادي، في حين اغتال مسلحون يعتقد بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة قائد اللجان الشعبية في محافظة لحج.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 8 من المسلحين الحوثيين قتلوا في مواجهات عنيفة وجرح العشرات واعتقل آخرون، بينهم قائد ميداني، في ظل مساعي الحوثيين للسيطرة على هذه المحافظة التي تقع في وسط البلاد، ذكرت المصادر أن مدير أمن محافظة إب استقال من منصبة احتجاجا على التسهيلات التي سمحت بدخول المتمردين الحوثيين إلى المحافظة دون مقاومة تذكر، وحتى اللحظة لم يستطع الحوثيون السيطرة على إب في ظل وجود مقاومة شعبية لتمدد الحوثيين الشيعة في مناطقهم.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية يمنية مطلعة أن هناك مفاوضات سرية تجري بين جماعة الحوثي والسلطات العليا في اليمن من أجل التهدئة، وأشارت المصادر إلى أن السلطات لمحت إلى عدم مسؤوليتها في حال تصعيد الحوثيين «لأن المواطنين مسلحون في مختلف مناطق البلاد ولا يمكن السيطرة عليهم في حال قاموا بالدفاع عن أنفسهم تجاه أي عدوان من قبل أي طرف من الأطراف». ويذكر أن في اليمن نحو 60 مليون قطعة سلاح، بمعدل ثلاث قطع لكل مواطن.
على صعيد آخر، اغتال مسلحون مجهولون يعتقد بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة الشيخ هبوب الصبيحي، قائد اللجان الشعبية التي تحارب تنظيم القاعدة وعناصره في مديرية العند بمحافظة لحج الجنوبية المتاخمة لمحافظة عدن، وكان الصبيحي يحظى بدعم كبير من الدولة من أجل الوقوف في التنظيم المتشدد الذي كثف نشاطه، في الآونة الأخيرة، في محافظات جنوب اليمن، وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن محاولة الحوثيين التمدد في الجنوب سيدخل البلاد في مرحلة جديدة من الصراع المسلح، بسبب انتشار متشددي «القاعدة» في مناطق الجنوب، وستتحول البلاد إلى مرحلة صراع طائفي ومذهبي هي في غنى عنه.
من ناحيتها، جددت الولايات المتحدة الأميركية تأكيدها الوقوف إلى جانب اليمن، ودعا الرئيس الأميركي «كل الأطراف والمكونات والقوى السياسية إلى العمل معا على سرعة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية»، في اتصال هاتفي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مشيرا إلى أن «ذلك يصب في مصلحة اليمن والمنطقة والعالم باعتبار أمن واستقرار اليمن جزء لا يتجزأ من الأمن الإقليمي والعالمي»، وأضاف أن «الولايات المتحدة الأميركية تتابع باهتمام كبير ما يجري في اليمن، وخصوصا عقب مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه كل مكونات المجتمع اليمني وقواه السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة، والذي اتفق الجميع على مخرجاته التي تمثل خارطة طريق لبناء مستقبل اليمن ودولته الحديثة».. لافتا إلى أهمية أن يعمل الجميع على تنفيذ هذه المخرجات، بما في ذلك اتفاق السلم والشراكة الوطنية ليسهموا جميعا في إخراج اليمن إلى بر الأمان.
ويواصل المسلحون الحوثيون الاستيلاء على منازل السياسيين المعارضين لتوجهاتهم التوسعية في عموم محافظات البلاد، وتشير المعلومات إلى أنهم يتلقون دعما كبيرا من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن منازل معظم السياسيين ومقرات أحزابهم تتعرض للمداهمة اليومية، وآخر هذه المداهمات الاستيلاء على مقر الموقع الإلكتروني للحزب الاشتراكي اليمني «الاشتراكي نت»، ونهبه واعتقال أحد محرريه، في الوقت الذي ما زال الحوثيون يسيطرون على مقر التلفزيون اليمني وعدد من قنوات التلفزة اليمنية الخاصة والعامة.
تسود الشارع اليمني هذه الأيام تكهنات على نطاق واسع حول حقيقة ما يجري من توسعات حوثية غير مسبوقة وتصاعدات للأحداث ومدى علاقتها بالمؤتمر الشعبي الحاكم سابقا بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لا سيما بعد أن برزت إلى السطح مؤشرات على ضلوع فصائل من الحرس الجمهوري المنحل في هذه المعارك، وهو الذراع العسكرية الضاربة التي كان يقودها نجله أحمد، السفير حاليا لدى الإمارات، قبل أن يجري حل قواته وتذويبها في التشكيلة الجديدة للجيش اليمني ضمن ما سمي بمشروع هيكلة الجيش الذي أعاد توزيع المؤسسة العسكرية قبل نحو عامين.
ولوحظ تحفظ شديد على هذه العلاقة التي حاولت «الشرق الأوسط» طرحها على مقربين من حزب صالح ينفون ذلك، غير أن مراقبين يؤكدون على وجود علاقة مباشرة بين الطرفين، مدللين على ذلك بتلميحات جديدة لوحظت مؤخرا في تصريحات بعض قيادات المؤتمر عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. فأحمد الحبيشي رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر الشعبي المقرب من الرئيس صالح اعترف علانية قبل أيام بمشاركة فاعلة لأعضاء من المؤتمر الشعبي في مظاهرات شارع المطار التي نظمها الحوثيون لإسقاط جرعة المشتقات والحكومة السابقة.
وقال في برنامجه عبر قناة «أزال» الناطقة باسم المؤتمر: «لماذا نخجل من هذه المشاركة؟ نعم، شارك المؤتمريون في هذه المظاهرات».
كما وجه في لقاء آخر رسالة لقائد المنطقة السادسة اللواء الصبيحي ينصحه بعدم مواجهة الحوثيين في تقدمهم لمحافظة تعز لمكافحة «القاعدة»، وذلك في تعليقه على الموقف الصلب للصبيحي من إسقاط تعز وتهديده بمواجهة الحوثيين.
من جهته أيد حسين حازب القيادي المقرب من صالح وصرح هو الآخر عبر صفحته على مواقع التواصل بما يشبه التلميح إلى هذه العلاقة عندما قال بأن «ما حدث من سيطرة الحوثي على اليمن هو عقوبة إلهية نتيجة الأفعال التي مارسها حزب الإصلاح الإخواني في عام 2011م ضد الرئيس السابق والمؤتمر الشعبي». جاء ذلك في معرض رده على النائب الإصلاحي شوقي القاضي الذي نصح الحوثيين بالتوقف عن زحفهم نحو إسقاط مؤسسات الدولة، فرد بقوله: «أنتم أحوج إلى النصيحة، أين كنتم يوم كانت تستحل ميليشياتكم دماء أفراد الجيش والأمن في كل مكان؟».
صالح نفسه يعبر عن سخطه من خصومه الإصلاحيين والعسكريين في كل لقاءاته الإعلامية، وأكد غير مرة أنهم يستحقون كل ما يجري لهم.
وعلى مستوى الشارع المؤتمري العادي، لا يخفي أنصار صالح في كل تجمعاتهم مفاخرتهم بوجود علاقة مباشرة لجناح صالح في حسم معارك الحوثي. رغم نفي قيادات حوثية لذلك في كل تصريحاتهم. وعدم وجود تصريح رسمي بذلك علانية.