اخبار الساعة - صنعاء
يبدو أن تداعيات موجة الاضطرابات التي اندلعت في العديد من الدول العربية قبل أكثر من ثلاث سنوات، ضمن ما يُعرف بـ"الربيع العربي"، لن تكون لها نهاية وشيكة في اليمن، بل تهدد بسقوط الدولة اليمنية في دائرة لا نهاية لها من العنف.
وتشهد الدولة العربية معارك عنيفة هي "الأسوأ"، من نوعها منذ بدء التحركات في الشارع اليمني ضد نظام الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، الذي اضطر إلى التخلي عن السلطة بصالح نائبه عبدربه منصور هادي، بعد ضغوط دولية وخليجية كبيرة.
هذه الموجة الجديدة من المواجهات التي تشهدها اليمن، محركها هذه المرة ليس المطالبة بالديمقراطية، وإنما صراع على النفوذ بين مسلحي جماعة "القاعدة"، وبعض الجماعات السُنية الأخرى، من جانب، ومسلحين شيعة من جماعة "الحوثيين" من جانب آخر.
وبعد أن كان الحوثيون يتمركزون في محافظة "صعدة" شمال اليمن، بالقرب من الحدود مع السعودية، لم تجد الجماعة الشيعية صعوبة في السيطرة على العاصمة صنعاء، الشهر الماضي، قبل أن يتمدد نفوذهم إلى مدينة "الحديدة"، على ساحل البحر الأحمر.
والآن يحاول مسلحو جماعة "أنصار الله"، التي يتزعمها عبدالملك الحوثي، منازعة جماعة "أنصار الشريعة"، التابعة لتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" مناطق نفوذهم في وسط اليمن، ومؤخراً، دفع الحوثيون بمئات المسلحين إلى محافظتي "إب" و"البيضاء."
ولكن الجماعة الشيعية دفعت ثمناً باهظاً في هذا الصراع على النفوذ، حيث أكد مسؤولون بوزارة الداخلية لـCNN مقتل عدد كبير من الحوثيين بسبب الألغام الأرضية والعبوات الناسفة، التي زرعها مسلحو القاعدة على جوانب الطرق في مناطق الصراع.
وفي تعليق له على المعارك بين الجانبين، قال رئيس مركز "أبعاد" للدراسات الاستراتيجية في صنعاء، عبدالسلام محمد: "الحوثيون معتادون على المواجهات العسكرية، بينما مسلحو القاعدة يتبعون أساليب حرب الشوارع ضد أعدائهم."
وبحسب تقديرات مسؤولين في الحكومة اليمنية، فإن 75 قتيلاً على الأقل سقطوا خلال المعارك بين الجانبين خلال هذا الأسبوع، غالبيتهم من الحوثيين، بينهم 22 قتيلاً سقطوا نتيجة انفجار عبوة ناسفة بمدينة "رداع"، كبرى مدن محافظة البيضاء، الاثنين الماضي.
في المقابل، سيطر مسلحون من جماعة "أنصار الشريعة"، التابعة لتنظيم القاعدة، على منطقة "حزم العُدين" بمحافظة "إب"، قبل أسبوع، بعد معارك دامية مع القوات الحكومية، في خطوة يُعتقد أنها تأتي لمواجهة تمدد جماعة "أنصار الله" الشيعية، في المحافظة.
وبينما تبدو الحكومة المركزية في صنعاء غير قادرة على الإمساك بزمام الأمور، خاصةً بعد سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين"، أشارت عدة بيانات لتنظيم القاعدة إلى أن عدداً من القبائل السُنية بدأت في الانضمام إليه، في مواجهة ما وصفه بـ"الغزو الحوثي."
وفي مقال لها بموقع "المونيتور"، كتبت ميساء شجاع الدين، أن تنظيم القاعدة بدأ "مرحلة التحالف السياسي مع القبائل التي ترى في الحوثي عدواً طائفياً"، واعتبرت أن تنظيم القاعدة امتد إلى مناطق لم يكن فيها، كـ"رد فعل" على سيطرة الحوثيين على مناطق أخرى من اليمن.