أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

اليمن والخليج في ظل الحوثيين.. أوراق سياسية محترقة

- متابعات

تتفاقم خطورة الوضع الأمني في اليمن يوماً بعد آخر في ظل غياب الخطوات الجادة على طريق تنفيذ الاتفاقات المتتالية التي تشرف عليها الأمم المتحدة ودول الخليج، وتوقع عليها المكونات السياسية اليمنية، والتي كان آخرها الاتفاق على تفويض رئيس الجهورية ورئيس الوزراء بتشكيل حكومة كفاءات وطنية السبت الماضي.

 

فبالأمس، تحديداً بصنعاء، اغتالت جهة مجهولة الرئيس السابق لأحزاب اللقاء المشترك الدكتور محمد عبد الملك المتوكل بالقرب من منزله، في الوقت الذي تستمر فيه اشتباكات الحوثيين مع مسلحي القبائل المتحالفين مع القاعدة في أنحاء أخرى من البلاد.

 

ودفع الكثيرون بمسؤولية اغتيال المتوكل على جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي سيطرت على العاصمة غداة دخول مليشياتها في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، وسط تراجع أمني رسمي، خاصة أن اغتيال المتوكل، بحسب مصادر محلية، كان بالقرب من ثلاث نقاط أمنية لما يسمى باللجان الشعبية التي تتبع الجماعة، هذا بالإضافة إلى العلامات التي تشير إلى تأزم الوضع في عدد من المناطق التي وصلتها قوات الحوثيين في البيضاء وإب والحديدة.

 

هذا الوضع رسخ خوفاً عند الناس من دخول الحوثيين إلى مناطق أخرى في البلاد لم يصلوها بعد، وإن كانت تشهد وجوداً لأنصارهم فيها، ما جعل السكان يجددون دعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى إعادة بسط سيطرة الدولة على البلاد، في ظل المخاوف من تطور النزاع المسلح في اليمن إلى حرب طائفية تقضي على آمال البسطاء بالاستقرار والوطن المزدهر.

 

وبهذا الصدد، كرر الرئيس هادي تصريحاته المُدينة للحوثيين، والتي استنكر فيها مناهضتهم لسلطة الدولة رغم الاتفاقيات المبرمة معهم عن طريق أعمالهم المسلحة التي يقومون بها، خاصة بعدما أكد أن القوات المسلحة هي وحدها المخولة بمحاربة الإرهاب والتصدي له، وتشديده على ألّا حق لأي جهة أن تنوب عنها تحت أي ذريعة من الذرائع، ودعوته لجميع الأطراف اليمنية إلى الوقوف مع رئيس الوزراء المكلف خالد بحاح للإسراع بتشكيل حكومة الكفاءات.

 

والمتابع للوضع السياسي اليمني يعلم أن هذه المهمة لن تنجح دون الرعاية الأممية والإقليمية لها، خاصة دعم دول الخليج التي سبق لها تقديم المبادرة الخليجية للخروج من تأزم الوضع في البلاد عام 2011، على أن دورها هذه الأيام أصبح محط تشكيك كثير من الأطراف، مع ظنون تضع دول الخليج في دور المتواطئ مع المد الحوثي للسيطرة على اليمن.

 

وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين الخليجيين المستمرة حول جماعة الحوثي واستنكارهم الدور الإيراني المتعاظم في اليمن، إلا أن كثيراً من السياسيين والمراقبين يشككون بقيمة هذا الكلام؛ إذ لا يرتبط بخطوات عملية جادة تشير إلى حقيقة وعي الخليجيين بحساسية الوضع بالنسبة لهم ولليمنيين الذين تجمعهم بهم علاقة الجوار والمصير المشترك.

 

اليمن المستقر يعني الخليج المزدهر

 

وفي هذا السياق، وصف عضو مجلس النواب اليمني عبد العزيز جباري علاقة اليمن بدول الخليج بعلاقة ردود الأفعال واتخاذ القرارات الآنية لمعالجة قضايا معينة، تعتمد أساساً على مصلحة الحاكم في الخليج وفي اليمن، لا على أساس مصلحة الشعوب هنا وهناك، وانتقد عدم وجود استراتيجية طويلة المدى تعتمد عليها هذه العلاقة، إذ من المفترض بناؤها على الأخوة وحق الجوار والمصالح المشتركة، داعياً دول الخليج إلى امتلاك قناعة أبدية بأن اليمن المستقر لا يمكن أن يسبب لها المشاكل في يوم من الأيام.

 

وشدد جباري في أثناء حديثه لـ"الخليج أونلاين" على أن العلاقة بين اليمن ودولة الخليج تأتي بحسب رغبة خليجية قبل أن تكون رغبة يمنية، وقدر أن دول الخليج تعتمد شراء ولاءات شيوخ القبائل بالمرتبات والمعونات الشهرية كي تضغط على الحكومة، وهذا برأيه منطق خاطئ لأسباب ثلاثة؛ أولها يتعلق ببيع شيوخ القبائل لولاءاتهم طبقاً لمصلحتهم لا لمصلحة البلد؛ وثانيها عائد إلى سرعة تغيير هذه الشخصيات القبلية لولاءاتها؛ وثالثها نسبه إلى عدم استفادة اليمن من تلك المعونات.

 

وبذلك حمّل جباري الدول الخليجية نصيب الأسد من المسؤولية عن ما جرى لليمن خلال الأيام الماضية، سواء لاعتمادها على ولاءات القبائل، أو لما سماها: وجهة نظر خليجية تهدف لتقليص دور الإخوان المسلمين في العالم عموماً، واليمن خصوصاً.

 

وادّعى جباري، وهو أمين عام حزب العدالة والبناء، أن تدخل الخليجيين، وبشكل سافر، ومحاولتهم لخلط الأوراق، لم تنفع لا الخليج ولا اليمن، وطالبهم بعدم الخوف من النظام الديمقراطي بما هو نظام داخلي يصعب تصديره لدول الجوار نظراً لخصوصياتها، مشيراً إلى أن اليمن عانى على الصعيد الأمني من بعض الأفكار الدخيلة على مجتمعه والآتية من الجوار، محذراً إياهم من مغبة مضي اليمن باتجاه التحالف مع دول تناوئهم.

 

وانتقد جباري ما أسماه السياسة البطيئة والروتينية التي تتحرك بها دول الخليج تجاه مصالحها، واستدرك قائلاً إذا استمر هذا البطء فإن بعض الأطراف المحلية التي تفضل إقامة علاقة جيدة مع الخليج قد تضطر إلى التعامل مع الأمر الواقع؛ أي النفوذ الإيراني، فتوطد علاقة مع إيران، وتصبح عدواً لدول الخليج، بعد أن تركتها الأخيرة فريسة لأطماع دول إقليمية، بحسب تعبير جباري.

 

المظلة الدولية تحجب المظلة الخليجية

 

من جهته، اتهم القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ياسر اليماني الرئيس عبد ربه منصور هادي بإجهاض مشروع المبادرة الخليجية بعد تسويفه في تنفيذها، وسعيه لتدويل القضية وانتزاع قرار من مجلس الأمن الدولي، وذلك لسحب البساط من الدول الخليجية التي قدمت مبادرة أعطته سلطة كان على أعتابها طيلة سبعة عشر عاماً.

 

وكان سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية قد أصدروا بيانات متعلقة بالاتفاقات السياسية التي وقعت في اليمن؛ بدءاً من اعتبارهم التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية استكمالاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، انتهاءً ببيان نشرته الجمعة ترحب فيه بتعيين بحاح رئيساً للوزراء وتدعم الاتفاق على تشكيل حكومة يحمل أعضاؤها صفات الكفاءة والنزاهة والحياد.

 

واستبعد اليماني – في أثناء اتصال هاتفي أجراه الخليج أونلاين معه- أن تغير الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية تحالفاتها في اليمن، خاصة مع المؤتمر الشعبي العام، نظراً لما أسماه إدراكاً منها لمكانة المؤتمر وقواعده في جميع أنحاء اليمن وبما هو نقطة توازن سياسي كبير بحسب تعبير القيادي المقيم في سويسرا.

 

واعتبر اليماني أن تغير لهجة خطاب بعض وسائل الإعلام السعودية تجاه الرئيس السابق على عبد الله صالح لا يمثل وجهة نظر المملكة الرسمية، التي لن "تخسر الرئيس صالح الذي ذهب معها لترسيم الحدود ومكافحة الإرهاب"، معتبراً ذلك التغير محاولة للـ"التفكيك السياسي" لا أكثر ولا أقل، ناصحاً دول الخليج في الوقت نفسه إلى عدم تكرار ما حدث في العراق من اجتثاث لحزب البعث وقياداته؛ لأن ذلك سيجعل اليمن ساحة صراع دولي وإقليمي.

 

يأتي ذلك بغضون تصعيد إعلامي سعودي تقوم به قناة العربية وعدد من الصحف المحسوبة على المملكة ضد الرئيس السابق صالح، الأمر الذي فسره محللون باستمرار دعمه للحوثيين الذين يتوسعون في البلاد بغطاء محاربة القاعدة، وبالاستفادة من معسكرات تابعة لما كان يعرف بالحرس الجمهوري المعروف بولائه لصالح، الأمر الذي تخوفت منه السعودية باعتبار الحوثيين موالين متشددين لنظام الملالي في إيران، ما يضع الرئيس السابق في خندق الراضين عن المشروع الإيراني.

 

ونفى اليماني وجود أي جهود إماراتية للدفع بنجل الرئيس السابق علي عبد الله صالح والسفير اليمني فيها، أحمد، لتولي الرئاسة في اليمن، لكنه أكد وجود علاقات "طيبة" بين أحمد، قائد الحرس الجمهوري سابقاً، وبين الدول الخليجية كلها باستثناء قطر، التي ناصبت الرئيس السابق العداء منذ ثورة 2011 وإلى الآن بحسب كلام اليماني.

 

الحوثي يريد معادلة جديدة

 

ولفهم معادلة علاقة الخليج باليمن بشكل أكبر، نُذَكِّرُ بأن القيادي الحوثي علي العماد قد صرح سابقاً "للخليج أونلاين" بأن دول الخليج عولت على الحوثيين للعب دور "السيسي" في اليمن، نافياً، في الوقت نفسه، وجود دعم خليجي عند دخول الحوثيين لصنعاء في 21 سبتمبر / أيلول الماضي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكنه اعترف بحدوث تواطؤ إعلامي حينها.

 

وكان العماد قد أوضح، وبشكل وصفه بالحاسم، أن زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي رفض أي دور دولي أو إقليمي في اليمن لا يحترم إرادة الدولة ولا استقلاليتها ويعمل على إفشالها، سواء أكان ذلك الدور خليجياً أو إيرانياً أو أمريكياً، بما أنها دول لها مشاريعها المستقلة عن خيارات الشعوب بحسب تعبير العماد.

المصدر : الخليج اون لاين

Total time: 0.0414