ررت المحكمة الابتدائية في ولاية سيدي بوزيد التونسية مقاضاة الشرطية فايدة حمدي المعتدية بالضرب على الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه احتجاجا على الظلم الذي لحق به.
وذكرت صحيفة "الصحافة" التونسية في عددها أمس الأحد أن فايدة ستتم مقاضاتها بتهمة اعتداء موظف على مواطن بالعنف وذلك حسب مقتضيات الفصل 101 من المجلة الجزائية ويصل أقصى عقاب فيها إلى خمس سنوات سجنا، واتهامها بالقذف وعقوبته تصل إلى ستة أشهر سجنا مع الغرامة المالية.
ووفقا للصحيفة فإن محامي القائمين بالحق الشخصي لـ"ورثة البوعزيزي"، قدم طلبات بالتعويض للمتضررين بمبالغ مالية مهمة.
وبحسب رواية صحيفة واشنطن بوست، اعترض أفراد من الشرطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي طريق البوعزيزي وهو بائع فاكهة متجول وحاولوا مصادرة بضاعته، فتدخل عمه عبر اتصال بمأمور الشرطة ليتركوه وشأنه.
واستجاب المأمور إلا أن الشرطية فادية استشاطت غضبا لاتصال عم البوعزيزي بالمأمور، وذهبت في وقت لاحق إلى السوق، وبدأت مصادرة بضاعة البوعزيزي ووضعت أول سلة فاكهة في سيارتها وعندما شرعت في حمل السلة الثانية اعترضها البوعزيزي فدفعته وضربته بهراوتها.
ثم حاولت أن تأخذ ميزان البوعزيزي، وحاول مرة أخرى منعها، فدفعته هي ورفيقاها وأوقعوه أرضا وأخذوا الميزان، ثم وجهت له صفعة على وجهه أمام حوالي خمسين شاهدا. عندها عزّت على البوعزيزي نفسه وانفجر يبكي من شدة الخجل.
وبحسب الباعة وباقي الشهود الذين كانوا في موقع الحدث، صاح البوعزيزي بالشرطية قائلا "لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل".
بعد الصفعة، ذهب البوعزيزي إلى بهو المدينة وطلب أن يلتقي أحد المسؤولين، فقال له الموظف كلا وطلب منه الذهاب إلى البيت وأن ينسى الموضوع. عاد إلى السوق وأخبر زملاءه الباعة بأنه سوف يُعلِم العالم كله بالحيف الذي وقع عليه والفساد المستشري في النظام، وأنه سيشعل النار في نفسه.
بعد ذلك، تناهت إلى سمع باعة السوق أصوات صراخ تتعالى من مكان قريب حيث وقف محمد البوعزيزي، وبدون أن يقول أي شيء، أمام مبنى البلدية وسكب على نفسه مخفف الأصباغ (ثنر) وأشعل النار في نفسه.
اشتعلت النيران، وأسرع الناس لمحاولة إنقاذه بواسطة طفايات الحريق لكنها كانت فارغة. اتصلوا بالشرطة، لكن لم يأت أحد، ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزي النار في نفسه، ليتوفى بعد ذلك على سرير في مستشفى "بن عروس" متأثرا بجروحه.
وينسب للبوعزيزي فضل التغييرات السياسية في تونس وفي عدد من الدول العربية حيث أشعلت النيران التي احترق بها شرارة احتجاجات عارمة انطلقت من مدينته سيدي بوزيد وانتشرت في باقي المدن التونسية وأدت إلى فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني إلى المملكة العربية السعودية.
وتلت الإطاحة ببن علي موجة من الانتفاضات في مختلف أنحاء العالم العربي، بما في ذلك مصر التي أدت الثورة فيها إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك