تناقلت بعض المواقع الاخبارية ان الدكتور احمد عبيد بن دغر قدم رؤية لحل القضية الجنوبية تعتمد خيار اقليمين (شمالي وجنوبي) خلال المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي اليمني، 2005 عندما كان عضوا في المكتب السياسي للحزب ورئيسا لدائرة الثقافة والإعلام، وهو ما يعد ادعاء ومحض افتراء غير صحيح، تكذبه مضامين الرؤية ذاتها، والمرفقة بهذا، فلطالما اعتبر الدكتور بن دغر قيام دولة اتحادية من اقليمين خطوة نهائية نحو الانفصال، متبنيا ما جاء في وثيقة العهد والاتفاق، ومؤكدا على خيار الفيدرالية من اربعه اقاليم الى سبعة اقاليم لتأطير شكل الدولة.
ونحن اذ نرفق لكم بهذا نص تلك الرؤية التي قدمها الدكتور بن دغر آنذاك؛ لنرى قبل ذلك انه من الاهمية بمكان الوقوف على ظروف ومنطلقات تقديم تلك الرؤية، التي لا تزال حتى اليوم ثابته في فكر وتقدير صاحبها، وتبيان مدى صحتها وصلاحيتها وارتباطها الوثيق بواقعنا السياسي الراهن، وهو ما يتضح من خلال الآتي :
قبل عشر سنوات كان هنالك ازمة رؤية في الحزب الاشتراكي، وكان هناك انقسام داخل الحزب بين قيادات من الشمال واخرين من الجنوب .
فقد تبنى عدد من قيادات الجنوب فكرة اعادة تصحيح مسار الوحدة دون ان يقدموا رؤية واضحة يقتنع بها ابن الجنوب وابن الشمال وابن اليمن عموما. وقد لاحظ حينها الدكتور بن دغر ان الصراع يتفاقم، ويخرج احيانا للعلن. والانقسامات داخل هيئات الحزب الاشتراكي تنمو في كل اتجاه. .
حاول الدكتور بن دغر آنذاك وبقدر المستطاع التوفيق بين الخصوم من منطلق حزبي، وعلى اثر المناقشات التي جرت ادرك ان الازمة في الحزب هي ازمة فكرية، ازمة غياب الرؤية الاستراتيجية للوضع المتفاقم. وكانت العلاقة بين الحزب والاحزاب الوطنية الاخرى تتأرجح بين بين، مع احتقان واضح مع السلطة التي كان يمثلها حينها الرئيس على عبدالله صالح. .
كان الامر الاكثر ايلاما يتمثل في ازدياد وتنامي حالات الدعوة للانفصال في الحزب وبين أنصاره. وقد كان اصحاب تلك الدعوة قلة قليلة آنذاك، في حين كان يرى الدكتور بن دغر ان الوحدة تعد مكسبا وطنيا نادرا وعظيما، وكان يدرك ان الاشكالية في بلادنا انما تكمن في عدم قدرتنا على اختيار النظام السياسي الملائم للبلاد. نظام يستوعب التناقضات السياسية والاجتماعية والثقافية، نظام يعترف بالتنوع في اطار الوحدة، ويعلي من قيمها. دون ان يلغي ذلك التنوع. .
وبناء عليه قدم الدكتور بن دغر حينها رؤية شاملة للمكتب السياسي للحزب، تم استعراضها في المكتب السياسي، كما نشرت في صحيفة الثوري، وصحيفة الايام. وقد قامت هذه الرؤية على اساس ان اليمن يملك من عناصر الوحدة ما يمنح دولة الوحدة القدرة على البقاء، ويملك في نفس الوقت من التنوع ما لا يهدد الوحدة اذا احسن اليمنيون حل التناقضات القائمة، وحل معضلة الوحدة ذاتها، وحل مشكلة النظام السياسي برمته، ذلك ان النظام السياسي كان وسيظل مفتاحا لحل ازمات المجتمع اليمني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، وهي الرؤية التي للأسف أهمل المكتب السياسي للحزب مناقشتها ولم يمنحها حقها من الاهتمام. .
في تلك الرؤية تبنى الدكتور بن دغر رؤية وثيقة العهد والاتفاق فيما يتعلق بشكل الدولة من اربعة الى سبعة اقاليم، وليس فيها على الاطلاق ما يوحي بدولة اتحادية من اقليمين، في حين كانت فكرة الدولة الاتحادية من اقليمين هي رؤية بعض قيادات واعضاء المكتب السياسي للحزب آنذاك، والذين لا زالوا على قيد الحياة ولا زالت رؤيتهم كما هي حتى اليوم، كما احتفظ الدكتور بن دغر برؤيته الثابتة حتى اليوم. .
ومع تقادم الايام جاءت ازمة 2011 وتداعياتها، وتلاها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فاذا بالقوى الوطنية تعود مرة اخرى لذات الرؤية التي قدمها الدكتور بن دغر، ولكن بعد خسائر فادحة في النسيج الاجتماعي والوعي الوطني. ولعل ما يدعو للفخر والاعتزاز ان رؤية الدكتور بن دغر تحولت الى رؤية وطنية تبناها مؤتمر الحوار الوطني، ومثلت ما يشبه الاجماع عليها بين الغالبية العظمى من ابناء اليمن. ولطالما اكد الدكتور بن دغر في اكثر من مناسبة ان قيام دولة اتحادية من اقليمين انما يمثل الخطوة الخطيرة والاخيرة نحو الانفصال، الذي سيكون – ان حدث لا قدر الله – كارثة على الشعب اليمني، وعودة غير حميدة الى العهود المظلمة في تأريخه. .
وللتأكيد على ما سبق، ولمزيد من الايضاح والتفصيل، نرفق لكم نص تلك الرؤية التي تبدو للمتأمل الحصيف كما لو أنها كتبت اليوم، أو أنها ما نفعله اليوم من معالجة سياسية لواقعنا، أو ما تقوم به اللجنة الدستورية على وجه التحديد .
وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير .
مكتب الدكتور احمد عبيد بن دغر
نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام
بن دغر: فدرالية الاقليمين خطوة خطيرة واخيرة نحو الانفصال
اخبار الساعة - صنعاء