التكتل الوطني للتصحيح يقدم مشروعه الوطني لبناء ( الدولة الاتحادية )
على امتداد تاريخ اليمن القديم والحديث كثيرة هي المشاريع الوطنية التي تقدمت بها قوى ومكونات وطنية ، وهدف كل المشاريع هو بناء دولة النظام والقانون وهو الحلم الذي لم يتحقق على امتداد سنوات الثورة ، والوضع الذي تعيشه الجمهورية اليمنية اليوم يتطلب من التكتل الوطني للتصحيح أن يشارك برؤيته ومشروعه الوطني عله يساعد في حلحلة الأوضاع المحدقة والخطيرة والتخفيف من حدتها وتفاقمها ، فالوضع الذي تعيشه اليمن اليوم هو مقدمة لكارثة لن يفلت منها أحداً ، ولذا على الجميع أن يتدارك أهمية وخطورة ما نحن قادمون عليه ، والتكتل هنا لا يكشف أو يضيف جديداً في القول بأن المرحلة الحالية غاية في الصعوبة والتعقيد وتكاد تقترب من حافة الانهيار بسبب ما تواجهه اليمن من أخطار وتحديات داخلية وإقليمية ودولية ، وعلى كافة المستويات والاتجاهات الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
ومما يزيد من خطورة الوضع وصعوبته غياب الدولة الحاضنة للشعب والراعية لمصالحه والملبية لمتطلبات حياته العادلة بين أبنائه والحارسة لأمنه من ناحية ، فضلاً عن التدخلات الخارجية في الشأن اليمني التي وجدت مناخاً مناسباً للعبث في ظل هذا الغياب من ناحية أخرى .
ومعلوم أن أزمة الحكم في اليمن قد نتج عنها قيام الثورة الشبابية السلمية في فبراير 2011م التي أدت إلى مرحلة جديدة نتج عنها المبادرة الخليجية المزمنة وآلياتها التنفيذية بموافقة الحكومة والمعارضة ممثلةً بأحزاب اللقاء المشترك واعتبرها الجميع مخرجاً آمناً للأزمة ، وعلى امتداد الثلاث السنوات الماضية (2012 _ 2014 ) فإن العملية السياسية لم تنجز بالشكل المطلوب ، كما أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل لم ينفذ منها ما كان الشعب يطمح إليه حتى جاء أنصار الله ودخولهم العاصمة صنعاء وتمكنوا من الأشراف على مؤسسات الدولة الدفاعية والأمنية والإعلامية وتمكنوا من كشف آلة الفساد التي عاثت بمكتسبات وثروات الشعب مسلحين باتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع عليه في 21 سبتمبر 2014م من كافة المكونات السياسية براعية فخامة الأخ/ رئس الجمهورية ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص والذي باركه المجتمع الدولي .
وعليه فإن مسألة بناء الدولة اليمنية المدنية العادلة والمستقلة تعد من أولى موجبات الاستحقاق الوطني الذي يجب الإضطلاع به وإنجازه بروح وطنية عادلة بعيداً عن المناكفات والمكايدات السياسية والحزبية والرؤى الضيقة والعصبيات الجاهلة ، وإن أولى خطوات هذا البناء أن لا تسمح المكونات السياسية بمختلف مسمياتها بأن تتحول اليمن أكثر فأكثر إلى ساحة تجاذبات وصراعات واقتتال إقليمي ودولي بالنيابة ، كما هو الحال في دول الربيع العربي والعراق ، وهو ما تشير إليه التحركات المريبة الأخيرة لبعض الدوائر الإقليمية والدولية .
ونحمد الله أن اليمن لازالت بعيدة مما يراد لها أن تكون وبفصيح العبارة حتى لا تنتقل عدوى دول الربيع العربي بسمومها وأسلحتها الفتاكة إلى اليمن ، وليس ذلك ببعيد إذا لم نحكم أنفسنا ونغلب السلم على الحرب الأهلية وسلامة الوطن وأمنه واستقراره على كافة المصالح والأهواء أياً كانت ومهما كانت
الدولة اليمنية المدنية الحديثة والعادلة : المفهوم والمضمون :-
إن حلم قيام الدولة اليمنية المدنية الحديثة العادلة والمستقلة كان ولازال في مقدمة نضالات أبناء شعبنا وبرامج حركاته الوطنية على امتداد تاريخه المعاصر وآخرها مشروع الرئيس الشهيد / إبراهيم الحمدي ووثيقة العهد والاتفاق الموقع عليها بالعاصمة الأردنية عمان عام 1994م ، وإن مفهوم ومضمون هذه الدولة كان وما يزال واضحاً بأنها دولة المؤسسات والتي أساسها النظام والقانون، ودولة العدالة والمواطنة المتساوية ، ودولة الحريات العامة والخاصة، وحقوق الإنسان،هذه الدولة لن تتأتى لها الحياة إلا بالقضاء على الفساد ومخلفاته ،وجعل المال العام بعيد عن الفاسدين ، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على الجميع دون تمييز ومشاركة الشباب والمرآة في مختلف مناحي الحياة ، والدولة اليمنية بهذا المفهوم والمضمون تتناقض كلياً مع الدولة العسكرية والقبلية والدينية والمذهبية باعتبار دولة النظام والقانون هي دولة الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في الثروة والسلطة .
التكتل الوطني للتصحيح مع الدولة الاتحادية الفيدرالية :- _
لقد شارك التكتل الوطني ضمن المكونات والأحزاب السياسية في أعمال مؤتمر الحوار الوطني وقدم رؤيته إسوة بغيره بأن تكون الدولة الاتحادية أساسها قيام الدولة اليمنية العادلة المبنية أساساً على النظام والقانون والمواطنة المتساوية وإتباع نظام الأقاليم القائم على اللامركزية في توزيع السلطة والثروة ، والقضاء على مكامن الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة وأملاكها المختلفة والمتنوعة ، بحيث يتم توفير مناخ الأمن والاستقرار لأجل تنمية وتطوير البلاد على كافة الأصعدة ، ولأن شيئاً من هذا لم يتم منذ الانتهاء من مؤتمر الحوار وحتى الساعة ، فإن التكتل يؤكد على قيام الدولة الاتحادية الفيدرالية المكونة من ستة أقاليم ،الدولة الضامنة والحاضنة للتوزيع العادل للسلطة والثروة ، وأن الأخذ بها يعتبر التجسيد الحقيقي في الحفاظ على الوحدة اليمنية المباركة التي أنجزت يوم 22 مايو 1990 م التي تعتبر الشمعة المضيئة في تاريخ يمننا الحبيب والأمة العربية قاطبة ،وأي خيار آخر لن يزيد الوضع إلا وبالاً وتعقيداً بين أفراد الأسرة اليمنية الواحدة .
ومن جديد فإن التكتل يسجل في هذه الورقة تأكيده على الخيار الوطني المجمع عليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهو خيار الدولة الاتحادية الفيدرالية والكاملة المبنية على الإرادة الشعبية والذي ورد ذكره في البند الخاص بحل القضية الجنوبية والذي أكدت عليه فرق العمل وخاصةً فريق القضية الجنوبية وفريق صعدة بناءً على الضمانات الواردة في الـ 31 نقطة، وفي الصفحة 38 من وثيقة الحوار الوطني (نلتزم جميعاً حلاً شاملاً وعادلاً للقضية الجنوبية يرسي أسس دولة يمنية جديدة ذات صيغة مدنية مبنية على الإرادة الشعبية وضمان حرية جميع أبناء وبنات شعبها ورفاههم ) وهي الدولة التي تقوم على الإرادة الشعبية وحقوق الإنسان ، كما جاء في البند الأول من مبادئ حل القضية الجنوبية
ولقد جاء هذا المعنى كذلك في البند الخاص بحل قضية صعدة في الصفحة 50 من الوثيقة حيث نصت الفقرة 2 على أن تعزز الدولة وجودها في كل مناطق اليمن وعلى كل الأصعدة ، وفي الفقرة 21 من الوثيقة التي نصت على بناء الدولة اللامركزية على أسس وطنية بما يعزز مبادئ الحكم الرشيد ، والشراكة الوطنية ، والعدل والمساواة، وسيادة القانون، وحيادية المؤسسة العسكرية والأمنية، والفصل بين السلطات وضمان استقلالها وضمان الحقوق والحريات .
وفي النصوص الواردة في مخرجات بناء الدولة والحكم الرشيد ، فقد تم التأكيد على أن شكل الدولة هي الصيغة الاتحادية كما وردت في النص الخاص بحل القضية الجنوبية وأن النظام الإداري يجب أن يكون نظاماً لامركزياً ،وإذا كان التكتل الوطني للتصحيح قد قدم رؤية متكاملة لأسس بناء الدولة الاتحادية الفيدرالية إلى مؤتمر الحوار أثناء انعقاده ، وأكد على ذلك في برنامجه السياسي الصادر عن اللقاء الموسع الذي عقد يوم 3/5/2014م فإنه يؤكد من جديد حول هذه القضية المفصلية على الآتي :
يؤكد التكتل على ضرورة تنفيذ كافة مخرجات الحوار الوطني الشامل والجامع
يؤكد التكتل على ن الدولة الاتحادية الفيدرالية المكونة من ستة أقاليم هي الخيار الوطني الذي أجمع عليه الشعب سواءً في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، أو في المكونات السياسية والمدنية على امتداد الساحة اليمنية .
يؤكد التكتل على أهمية قيام هذه الدولة على التعدد الفكري والتنوع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
يؤكد التكتل على أهمية أن تكون هذه الدولة مدنية حديثة عادلة مستقلة ، وتقوم على الإرادة الشعبية والحريات العامة والخاصة وكافة حقوق الإنسان ، وتكافؤ الفرص بين أبنائها .
أن تقوم هذه الدولة على العلم والمعرفة والديمقراطية وحقوق الإنسان والموطنة المتساوية دون تمييز بين أبنائها والابتعاد التام عن الصراعات الحزبية والمذهبية والمناطقية .
يدعو التكتل إلى ضرورة اجتثاث الفساد ونشر ثقافة الإصلاح المالي والإداري في كافة مؤسسات الدولة الاتحادية .
الدولة الاتحادية وحدها هي صاحبة السيادة المطلقة على البلاد وحدودها ومنافذها البرية والجوية والبحرية وهي وحدها التي تملك الشخصية الدولية الواحدة في علاقاتها الخارجية ، وهي وحدها التي تنظم قوات الدفاع عن الدولة وتسهر على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها .
إن شكل النظام السياسي وطبيعته للدولة الاتحادية يقوم على الديمقراطية المباشرة وعلى التداول السلمي للسلطة وفق نظام برلماني ويتكون من غرفتين أو مجلسين شورى ونواب .
الدولة الاتحادية اليمنية وفق ثوابتها الوطنية والقومية والإنسانية هي وحدها التي تملك وتنظم أفضل العلاقات الدبلوماسية مع مختلف دول العالم وفي مقدمتها الدول العربية الشقيقة على أساس من الندية والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية ، وعلى أساس احترام السيادة الوطنية وعدم استخدام القوة أو التهديد في استخدامها في العلاقات ما بين الدول , وأن تعمل الدولة الاتحادية من أجل الأمن والسلام الإقليمي والدولي وفقاً لمواثيق الجامعة العربية والأمم المتحدة ومقاومة الإرهاب اياً كان شكله ومصدره ومضمونه.
إن التكتل الوطني للتصحيح الذي أعلن فور تأسيسه أنه رديف لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، إذ يؤكد على رؤيته ومواقفه السابقة بشأن بناء الدولة الاتحادية وأسس بنائها ، يحدوه الأمل أن تتضافر كافة الجهود الوطنية الخيرة والارتفاع إلى مستوى المخاطر المحدقة بوطننا الغالي وتغليب المصالح الوطنية العلياء على بقية المصالح الآنية والزائفة مهما كانت طبيعتها وشكلها ، فقد تحمل شعبنا الكثير من ويلات الصراعات والحروب على امتداد سنوات الاستعمار العثماني والبريطاني ومخلفات التشطير بما فيه الكفاية ، ونعتقد جازمين أن اليمن قد عانى أكثر من غيره وحان وقت السلم والبناء وصولاً إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية باعتبارهما المرجعية المجمع والمتفق عليهما محلياً ودولياً ، وما على الجميع إلا تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بصدق وإخلاص وأمانة ، وإن أي تجاوز لهما تحت أي مسمى أو ذريعة أو مبادرة داخلية أو خارجية يعد بمثابة خروج على الإجماع الوطني يصل إلى درجة التآمر والخيانة العظمى للشعب والوطن .ذلك في نظر التكتل هو المخرج الهادف إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة والعادلة .
والله من وراء القصد ، ، ،
اللواء / حـيدر بــن صـالـــح الهبيـلـــي
رئيس التكتل الوطني للتصحيح
صنعاء في 12 /12 /2014م