أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

أطالب بكذب أكثر جودة

- علي مغازي

الكذب في نشرات الأخبار التلفزيونية لا يعني سوى أن يعلق صحفي في قناة عربية عن تلك السيارة الضخمة التي دهست أعدادا من المتظاهرين، في أحد شوارع القاهرة، فيقول: .. ربما هذا بسبب الخوف من المتظاهرين أن يؤذوا هذه السيارة..

طبعا هذا ليس مجرد مثال افتراضي. لقد سمعت هذا التعليق بأم كليتي الجمعة، 04 فبراير 2011، من صحفي محترف في قناة تلفزيونية تحاول افتكاك الريادة من ضرتها المعروفة بحماس صحفييها وهم ينقلون تقارير عن فضائح الحكام والمسؤولين العرب.

الكذب موجود في كل تلفزيونات العالم، لكن، بأساليب مختلفة. الفرق يكمن في مدى احترافية هذا الصحفي أو ذاك. ثمة صحفيون يكذبون وثمة آخرون  يقولون ما تيسر من الحقيقة بطريقتهم الخاصة.

بعض التلفزيونات مختلفة تماما عن كل تلفزيونات العالم. إن صحفييها لا يكذبون ولا يقولون الحقيقة. إنهم فقط... وعلى سبيل المثال، يجلبون شخصا يدعو إلى الشفقة، ما إن تراه حتى تعتقد أنه خارج للتو من إضراب عن الطعام. وتدفعك الحَمية المواطناتية لمساندته، لكنك تتراجع بعد أن تراه وتسمعه يتكلم عن (الغذاء الصحي) ويعلم الجماهير كيف يعتنون بأنفسهم ليتمتعوا بلياقة جيدة تمكنهم من حمل الأثقال. يعلمهم ذلك بينما يده ترتعش من ثقل الميكروفون.

بعض التلفزيونات مختلفة تماما. إن صحفييها... إنهم فقط... على سبيل المثال. يجعلون صحفيا ثخينا ينطق تلك العبارة الثخينة: معنا الـبروفيسور.. برو ووووو... فيسور...سورسورسورررر..

وهكذا تعتقد أن هذا الضيف سيقول كلاما مهما وعليك الاقتناع به، وقبل أن تقتنع تماما، يقوم الصحفي الثخين بمقاطعة ذكية للضيف، على اعتبار أن الحجز في الأقمار الصناعية لا يسمح، ويتوجه لضيفه الثاني. ووواوووو.. يا الهي، إنه آرنولد غريب أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن.. طن طن طنننننن... إنه يتقدم إلى دائرة الضوء ويستعرض أفكاره المفتولة.

للكذب التلفزيوني أصول، فهل من مؤسسة تعلم بعض الصحفيين ذلك، حتى تكون الخدمة الإعلامية التي نتلقاها تستحق ما ندفعه من ضريبة؟

إنني أطالب بكذب أكثر جودة وهذا ما يمكن أن يدخل في إطار الإصلاحات الجارية.

بقلم: علي مغازي - شاعر وكاتب

Total time: 0.0456