اخبار الساعة - همدان العليي - العربي الجديد
عاش اليمنيون عاماً مليئاً بالأحداث الساخنة على مختلف المستويات والأصعدة، الأمر الذي يجعل كثيراً من المتابعين، يصفون سنة 2014 بالأسوأ منذ عقود.
وذلك لأسباب عدة، كان أهمها المواجهات المسلحة التي حدثت في مدن يمنية مختلفة، وبين أطراف متعددة، خلّفت ضحايا مدنيين وسببت نزوحاً ودماراً وتراجعاً في منسوب السعادة ومنظومة القيم.
أستاذ القانون الجنائي في جامعة الحديدة الدكتور مطهر أنقع، يؤكد بأن عام 2014 أسوأ عام مر به اليمن خلال السنوات الخمسين التي عاشها في حياته. يقول "2014 السنة الأسوأ في جيلنا، ففي هذا العام سقطت الدولة وأصبح المجتمع اليمني يعيش مرحلة ما قبل الدولة، فالناس اليوم يتحركون بقوة العادة وليس على أساس نظام الدولة".
ويضيف أنقع لـ"العربي الجديد": "لم يحدث أن نُسفت المنازل والمساجد خلال الخمسين السنة الماضية، ولم يحدث أن يترك الناس مؤسسة القضاء ويلجأون للوسائل التقليدية للفصل في قضاياهم ومشاكلهم".
ويؤكد أنقع أن المذهبية وصلت لأعلى مستوياتها خلال العام 2014، بعدما كان اليمن نموذجاً راقياً للتعايش والقبول بالآخر.
مشيراً إلى وجود تراجع في القيم والعادات والتقاليد الإيجابية، التي توارثها اليمنيون على مر عصور، حيث أصبح الخصوم السياسيون "يعتدون على حرمة المنازل بما فيها من نساء وأطفال".
موضحاً بأن اليمنيين لن يتخلصوا من الآثار السلبية لهذه الانتكاسة القيمية إلا بعد سنوات طويلة.
عام الانتهاكات
وكان تقرير حقوقي أوروبي قد كشف عن 4500 انتهاك لحقوق الإنسان خلال أقل من شهر واحد من سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء، نجم عنها 733 قتيلاً.
وذكر تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن اليمن شهد ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قبل وحدات الجيش، ومن قبل ميليشيات الحوثيين خلال الفترة من 16 سبتمبر/أيلول وحتى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
"
4500 انتهاك لحقوق الإنسان خلال أقل من شهر واحد من سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة
"
وقال إن الانتهاكات تنوعت بين أعمال قتل واختطاف وتضييق على الحريات السياسية والإعلامية والمجتمع المدني، وانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية.
كذلك هو الحال في محافظات يمنية مختلفة، حيث ارتكبت العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
رئيس مؤسسة وثاق العاملة في مجال حقوق الإنسان نجيب السعدي، يصف عام 2014 بعام الانتهاكات ضد حقوق الإنسان اليمني حسب وصفه.
يقول "ارتكب عدد هائل من الانتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن خلال العام 2014، حدث ذلك في صعدة وعمران وأرحب وبني مطر وذمار وإب وأبين وحضرموت". مؤكداً بأنه لم يحدث بأن مورست هذه الانتهاكات في مراحل سابقة.
وتسببت المواجهات المسلحة خلال عام 2014 في نزوح أكثر من 80 ألف شخص، عاد معظمهم إلى ديارهم بعد فترة قصيرة من انتهاء تلك الصراعات. لكن العديد منهم واجه الكثير من المشاكل والتحديات في مناطقهم الأصلية، نظراً لتعطل سبل كسب العيش هناك وانهيار البنى التحتية، وانتشار الألغام الفردية ومتبقيات الذخائر والحروب غير المنفجرة، بالإضافة إلى انعدام سيادة سلطة القانون.
وكانت الصراعات المتكررة في أكثر من منطقة سبباً في تفاقم الانفلات الأمني وزيادة وتيرة العنف وضعف سيادة القانون في جميع أنحاء البلاد، بالرغم من أن جميعها ظواهر كانت قائمة بدرجة أقل قبل الصراعات الأخيرة.
في السياق، قام مسلحون بـ 73 اعتداء على أبراج نقل الكهرباء، أفضت جهود إصلاحها إلى خسارة البلاد 33 مليون دولار، الأمر الذي انعكس سلباً على حياة المواطنين على مختلف المستويات.
علي السياغي (موظف في القطاع الخاص)، أكد أن الشركة التي يعمل بها لم تحقق الأهداف التي حددتها بداية العام، والسبب الأساسي هو التغيب المتكرر، إما بسبب المواجهات المتكررة أو بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.
يقول السياغي: "في 2014 عشنا أشهر بأكلمها بلا كهرباء ولا مشتقات نفطية، وهذا انعكس سلباً على أدائنا في وظائفنا، لأننا لم نستطع أن ننجز ما كنا قد خططنا له". مشيراً إلى أن ادارة الشركة تفهمت هذا الوضع وهذا الفشل.
من جانبه، أشار محمد القدسي (صاحب محل حدادة) إلى أن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي سببت خسارة كبيرة له هذا العام، الأمر الذي جعله يستغني عن عدد من العاملين معه.
ضعف المساعدات
"
14.6 مليون مواطن يمني يحتاجون إلى نوع أو أكثر من المساعدات الإنسانية
"
وتصف الأمم المتحدة اليمن بأنه يحوي "إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم". حيث عانى من تزايد الصراعات الداخلية وانكماش الفرص الاقتصادية بشكل مضطرد، بالإضافة إلى مواجهته مشاكل بيئية وديمغرافية متنامية.
وفي العام، 2014، أصدرت 105 منظمة إنسانية وإغاثية دولية ومحلية عاملة في اليمن دراسة احتياج مشتركة، بينت وجود 14.6 مليون مواطن يمني (56 في المائة من إجمالي عدد السكان) يحتاجون إلى نوع أو أكثر من المساعدات الإنسانية.
غير أنه في نهاية هذا العام، لم تتمكن هذه المنظمات من جمع كامل المبالغ المطلوبة لأعمال الإغاثة في المجتمعات التي تتطلب إغاثة عاجلة، قد تصل في بعضها إلى الوفاة إن لم تصل الإعانات إليها.
وحسب معلومات حصرية حصلت عليها "العربي الجديد"، فقد بلغ إجمالي التمويل المطلوب لتلك المنظمات 596 مليون دولار، لمساعدة 7.8 ملايين يمني فقير فقط من إجمالي المحتاجين للمساعدات الإنسانية، حيث تم جمع مبلغ 325 مليون دولار فقط حتى نهاية ديسمبر، بما نسبته 55 في المائة من المبلغ المطلوب.