أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

اغتصاب النساء فى مصر: "الشرطة" متهم بريء ولو ثبتت إدانته

- مصر
عندما تصبح الشرطة التي ترفع  شعار "في خدمة الشعب "، سارقة لأعراض بناته، فأي بلد ينتظر أبنائها العدل إذًا، وبخاصة إذا أصبحت الشرطة مع القضاء المسيس هما الخصم والحكم، وذلك مع صمت الشارع المصري عن حوادث الاغتصاب التي تشهدها البلاد والتي يُتهم فيها –حسب تقارير دولية – الشرطة المصرية.
في الطريق تقف سيارة وبالاقتراب قليلا تجد شابًا وفتاة بداخلها، الأمر قد يثير الريبة لرجال الشرطة الذين تولوا مهمة الحفاظ على الآداب العامة، ولذا قرر أمينا الشرطة أن يأخذا الفتاة لتوصيلها لمنزلها وأمرا الشاب بمغادرة المكان، حتى الآن تبدو القصة طبيعية، ولكن ما حدث بعد ذلك قلب الموازين رأسًا على عقب .
شرطة مصر تحت حكم العسكر ليست مهمتها الحفاظ على الأعراض بل انتهاكها، وستجد قضاءً يحميها، فقد أمرت النيابة بحبس أمين وفرد شرطة خمسة عشر يومًا، وأحالتهما للمحاكمة بتهمة اغتصاب الفتاة في منطقة الساحل شمالي القاهرة يوم 21 ديسمبر الماضي، لكن المحكمة أطلقت سراحهما في الجلسة الأولى. 
 
واعتمدت المحكمة في قرارها على تقرير الطب الشرعي الذي أكد أن نتائج الفحص الطبي للعينات التي تم أخذها من الفتاة، أثبتت وجود سوائل منوية على ملابسها، كما ثبت تطابق هذه السوائل مع العينات المأخوذة من أميني الشرطة.
 
وقال المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي الدكتور هشام عبد الحميد في بيان صحفي عقب الحادثة مباشرة: "إنه بعد توقيع الكشف الطبي على الفتاة، تبين تعرضها لمحاولة اعتداء جنسي من أميني الشرطة"، مؤكدًا أن "هذه المحاولة لم تصل إلى مرحلة الاغتصاب الكامل، وأن الفتاة لم تفقد عذريتها ولا زالت بكرًا".
 
وأوضح عبد الحميد أن "الواقعة لم تشهد عملية جنسية مكتملة، ولم يحدث إيلاج في الفرج، وأن ما حدث هو استمناء أميني الشرطة على ملابس الفتاة"، مضيفًا أن "الكشف على جسد المجني عليها كشف عدم وجود آثار عنف أو مقاومة منها".
 
سلسلة لحوادث اغتصاب أدينت فيها "الشرطة"
 
هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها في مصر بعد الانقلاب، ولن تكون الأخيرة حسبما يعتقد الأخصائيون الاجتماعيون لأن المتهم في النهاية يفلت من العقاب، وخاصة في ظل غياب الأصوات المدافعة عن حقوق المرأة.
ففي يونيو الماضي تعرضت تسع نساء على الأقل  -ممن كن يحتفلن بتنصيب قائد الانقلاب - للاعتداء الجنسي والضرب بعنف.
وأثارت تلك الهجمات انتقاداتٍ واسعة من جماعات حقوق الإنسان التي استنكرت تقاعس الدولة عن الحد من تلك المشكلة المتنامية.
 
كما تم تجريد امرأة تبلغ من العمر 42 عامًا في ميدان التحرير وابنتها من ملابسهما بعنف، وتركت غارقة في الدماء والكدمات، بالإضافة لإصابتها بجروح في الأعضاء التناسلية وحروق شملت 40٪ من جسدها جراء سكب الماء الساخن عليها. وقد أدى الهجوم الذي سجل بالفيديو، وتم تحميله على موقع يوتيوب إلى هزة في المجتمع.
 
وكان هذا فقط هو الحادث الأحدث بين سلسلة من الحوادث الموثقة للاعتداءات الجنسية في ميدان التحرير؛ حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 90 اعتداءً في الأسبوع الذي تلا 30 يونيو 2013 وحده، عندما احتشد الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير لإجبار الرئيس محمد مرسي على الاستقالة.
 
وفي يوم 25 يناير 2013، تعرضت 25 امرأة على الأقل للاعتداء الجنسي من قبل الغوغاء في ميدان التحرير، كما تعرضت امرأة للاغتصاب بسكين، كما كانت هناك العديد من الحوادث المماثلة التي تم توثيقها في عامي 2011 و2012 وما قبلهما.
 
وفى أول يوليو الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يفيد بحملة اعتقاﻻت عشوائية وتعذيب خلال العام الماضي، شملت شهادات من معتقلين زعموا تعرضهم للاغتصاب في المعتقلات.
 
كما اعترف مواطنان أنهما تعرضا ﻻغتصاب من قبل عناصر في ملابس مدنية داخل قسمي شرطة، وفقًا لصحيفة ذا جارديان البريطانية. كما تم توثيق حاﻻت اغتصاب في سجون عسكرية داخل مصر.
 
ويشير تقرير أصدره التحالف الدولي للمصريين في الخارج أن 1585 امرأة معتقلة بين يوليو 2013 ويونيو 2014 وهو ما يسلط الضوء على مزاعم اﻻغتصاب والتهديد باﻻغتصاب.
 
وقبل ذلك بقليل خلال عام 2012، وثق مركز النديم حالة تعرض ربة منزل تبلغ من العمر 30 عامًا للاغتصاب داخل مركز شرطة المطرية، كما واصل توثيق حوادث الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب التي ترتكب ضد الرجال والنساء المحتجزات من قبل ضباط شرطة يرتدون الزي الرسمي وأعوانهم الذين يرتدون ملابس مدنية بين عامي 2012 و 2013.
 
وفي سبتمبر، أحيل شرطي إلى المحاكمة الجنائية بتهمة اغتصاب امرأة مريضة عقليًا في مركز للشرطة بالقاهرة. وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا في ذلك الوقت جاء فيه “إنها لا تتستر على أي حادث منسوب إلى رجال الشرطة؛ حيث يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في تلك الحوادث بدقة، واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المتورطين بارتكابها”.
 
شهادات لنساء اغتصبن من الشرطة
 
قصت ناشطة سياسية مأساة صحفية بريطانية من أصل مصري تدعى سارة كار، مشيرة إلى أن عناصر اﻷمن تعقبتها في ديسمبر من العام الماضي، وتعرضت للتحرش من عناصر أمنية ترتدي ملابس مدنية، قبل أن تغتصب في حي غير سكني بوسط القاهرة.
 
وروت ندى أشرف الطالبة في جامعة اﻷزهر لقناة الجزيرة، أنها كانت تساعد طالبة تتعرض للتحرش من جانب رجل شرطة، لكنها وقعت فريسة في أيديهم واقتادوها إلى حافلة شرطية واغتصبوها.
وخلال الصيف الماضي، قالت سيدة أعمال بريطانية في الأربعينيات من عمرها إنها تعرضت للاغتصاب من قبل حارس أمن في فندق خمس نجوم بمنتجع شرم الشيخ.
 
كما اعترفت سائحة ألمانية في نفس الوقت أن ضابط شرطة مصري اغتصبها وأمها في منتجع الغردقة. وألقت السلطات القبض على الضابط، لكنها أطلقت سراحه بعدما تنازلت السائحة عن شكواها، وفقًا لما ذكرته بوابة اﻷهرام اﻹلكترونية.
وفي سبتمبر، أحيل شرطي إلى محكمة الجنايات بتهمة اغتصاب امرأة مختلة عقليًا في أحد أقسام الشرطة بالقاهرة.
 
وسائل الإعلام تتجاهل لتجميل وجه النظام
 
وتعليقًا على هذه الواقعة، قال الناشط الحقوقي جمال عيد: "إن وسائل الإعلام الموالية للنظام تعمدت تجاهل الحادثة، التي تظهر بوضوح الوجه القبيح للشرطة في مصر".
 
وأضاف عيد عبر "تويتر" "عتمت الصحافة النزيهة الطاهرة على قضية اغتصاب أميني الشرطة لفتاة داخل سيارة النجدة، فيما كان المجلس القومي لحقوق الإنسان منشغلاً بمناقشة الديكورات الجديدة لمكتب مدير المجلس".
 
وكتب الصحفي أحمد شاكر عبر حسابه على "فيس بوك" معلقًا على الواقعة بقوله: "في مصر إذا تظاهرت ستسجن، أما إذا اغتصبت فتاة فسيتم إخلاء سبيلك، حتى ولو تبين أن السائل المنوي الموجود على جسدها متطابق معك.. قرف"
 
تصريحات رسمية: انتهاكات المرأة "وهم"
 
وجاءت التصريحات الرسمية للمجلس القومى للمراة عن تلك الحوادث مثيرًا للجدل فقد نفت السفيرة ميرفت تلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة ما أسمته "الشائعات المتداولة بشأن ممارسات العنف ضد المرأة والاغتصاب في السجون" ، وقالت في تصريحات لصحفي سألها: "دة (الانتهاكات) وهم عندكم انتوا" !.
وأكدت تلاوي - في تصريح لها خلال مؤتمر المجلس لإطلاق الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة - أنه "لا يمكن لمؤسسة شبه عسكرية (الشرطة) أن تقوم بمثل هذه الممارسات داخل السجون"، واصفة تلك الشائعات بأنها حملة منظمة وموجهة ضد مصر وصورتها في العالم الخارجي لإفشال ثورة 30 يونيو على حد قولها.
وزعمت التلاوي أنها ستكون أول من يقف ضد الداخلية وجهاز الشرطة "لو ثبت وجود تعذيب داخل السجون، لكن هذا الأمر غير حادث على الإطلاق "، وزعمت أن المجلس القومي دائمًا ما يقوم بجولات للسجون للوقوف على حال السجينات .
وأشارت إلى أنه "يتم استخدام المرأة لاتهام مصر بانتهاك حقوق الإنسان مثلما كان يتم استخدامها في السابق".
وزعم اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان فى تصريح سابق له ، إنه «لا يوجد معتقل سياسي واحد داخل السجون، والسجون المصرية مفتوحة لأي منظمة حقوقية تريد التأكد من عدم وجود معتقلين أو حالات تعذيب أو إساءة معاملة».
وفي مارس الماضي دشن نشطاء دوليون حملة إلكترونية للتضامن مع المرأة المصرية ومعاناتها خاصة خلال الفترة التي أعقبت الانقلاب العسكري ودشنوا هاشتاج "أنقذوا كليوباترا" وأبرزوا فيه عددًا من الانتهاكات وحالات الاغتصاب التي تخطت الخمسين حالة داخل سجون العسكر –حسبما ذكر المغردون - .
اغتصاب النساء.. ليس في المعتقلات فقط، وإنما تعدى كل الحواجز.. ألا يوجد قانون يأتي بحق كل تلك الفتيات، وإلى متى سيستمر الأمر؟.

Total time: 0.048