اخبار الساعة - متابعة
(المشهد اليمني ضبابي حد القتامة) مختصرٌ لما يلمسه المتابع للشأن اليمني، ضبابية متعمدة من اللاعبين الرئيسيين على الساحة وهما الحوثيين وهادي واللذان تخدمهما الضبابية لأنها تمنحهما الفرصة للمناورات السياسية التي تخدم المشروع الخاص بكلٍ منهما. لا يستطيع أي محلل سياسي للمشهد اليمني أن يجيب بوضوح حين يسأله الغير عن رؤيته لما يحدث أو قد يحدث في اليمن، يقف عاجزاً لإن اليمن بلد غريب عجيب حتي إبليس يحتار أمام أفعال صناع القرار فيه، أغلب التحليلات لا تجد لها الكثير من التطابق مع الواقع إلا نادراً وبالذات حين تعتمد على معلومات من وكالة أنباء (قالوا) ولإن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره فإن أغلب التحليلات تخطيء. وضع عناوين عريضة لسيناريوهات قد تحدث هو ما سيحاول المقال كتابته، مجرد توقعات للخطوط العريضة للمشاهد التراجيدية القادمة في يمن 2015م.
ففيما يتعلق بهادي فأهم سيناريو سيسعى إليه هو تمديد فترة بقاءه على العرش الذي يحصد فيه باليومية مبلغاً وقدره، سيلعب الرجل على ورقة البديل عنه، سيلعب على ورقة أن يظل أقل الخيارات سوء للعالم الخارجي وبالذات الإقليم، وكذا لقادة أحزاب المشترك الذين صاروا مستشارين موظفين لديه يركبون سيارات مصفحة منحهم إياها، وكذا لمبتزي الجنوب الذين استطاعوا في عهده التوسع بعد التقوقع، يعلم الرجل أنه أفضل من يقدم الخدمات المجانية للحوثيين ويشرعن أفعالهم وتوسعاتهم وإدارتهم المليشياوية ويعلم أنهم يعتبرونه ( أحسن حبه في الكرتون) ولذا سيستثمر في الوقت وسيحاول إيهام الجميع أنه يسير نحو الاستفتاء على دستور جديد ولكن الصعوبات بسبب الأطراف السياسية تعرقله وبالتالي سيكسب شهوراً في السلطة أكثر ويجمع غنائم مالية أكثر وفي الأخير اليمن ليست بالنسبة له سوى مكينة صرف مال.
الحوثيين اللاعب الأبرز في الساحة اليمنية سيحاولون التوسع أكثر وسيركزون على التغلغل في الدولة واختراقها وإنشاء دولتهم العميقة الخاصة بهم والتي من خلالها يمهدون للهدف الاستراتيجي وهو (الحكم منفردين) وعلى طريقة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، سيستعجل الحوثيين كثيراً في 2015 لعلمهم أن إيران تعاني من أزمة اقتصادية بسبب أسعار النفط وحرصاً على عدم لملمة الخصوم لقواهم وعدم تحالفهم ضدهم، سيكرر الحوثيون كثيراً من أخطاء نوري المالكي وغرور شيعة العراق فالمخرج والمنتج واحد وهي إيران.
أحزاب المشترك وبالذات الإصلاح سيستمر أصحاب القرار النهائي في رئاسة الحزب في إقناع أفراده أن ما يقومون به من مهادنة لهادي يحافظ على الحزب وأنه يمنع تكرار سيناريو إخوان مصر وأن الحكمة التي منحهم إياها الرب هي التي تسير كل أفعالهم، سيحرص المعتقون في الحزب على رفض نصائح الجيل الجديد من الشباب الذي يريد تغيير السياسة التي ينتهجها الخرفون بشرعنة أفعال هادي، قد يشهد الحزب انقسامات لكنها لن تكون علنية وإنما على طريقة (كاتمي الغيظ) وبالتالي سيشهد الحزب خسراناً جماهيرياً أكثر وسيكتفي بموقف المتلقي للضربات من الحوثيين ومن هادي وسيقترب الحزب أكثر وأكثر من عبارة الاعتراف المتأخرة التي قالها الإخوان في مصر بعد سقوط مرسي (ارتكبنا أخطاء لكن ..) سيستمر الحزب في رفض المصالحة مع المؤتمر بعذر (لا أمان للمؤتمريين ولا عهد لهم) سينتهي عام 2015 والإصلاح شبيه بحالة الاشتراكي بعد 1990م.
حزب المؤتمر أكثر الأطراف التي تطمح لرسم مشهد جديد خاص ومستقل، يبحث الحزب عن ضوء في النفق يخرج من خلاله ويستعيد السلطة وبقوة أكبر مما كان، سيلعب الحزب على ورقة تعرية الحوثيين بعد أن تقاطعت مصالحه معهم بشكل أو بأخر سابقاً، سيسعى لتقديم نفسه كحزب وسطي يتقن مسك العصا من المنتصف، سيبحث عن الانتخابات باعتبارها الوسيلة القوية التي ستعيد له السلطة وبشكل شرعي، أكثر ما سيعانيه المؤتمر هو قلة الإمكانات المادية وانفراط عقد أفراده الذين تحولوا بسبب فقر الحزب إلى حوثيين. القاعدة ستوسع نشاطها وستتحالف مع الضباط المقصيين سواءً على محسن أو من كانوا في الفرقة ستسعى القاعدة للتحالف مع القبائل في البيضاء ومأرب وإنشاء محافظة أنبار عراقية تنطلق منها مع الضباط الذين أقصاهم الحوثيين إلى بقية المحافظات وبالذات العاصمة في سيناريو طبق الأصل لتفجيرات بغداد القادمة من الأنبار. دول الإقليم وبالذات اللاعب الأبرز السعودية ستظل في حيرة من أمرها فهي لا تجد في وسط كل هذه التناقضات من يتولى القيام بمهمة إعادة الأمور إلى مرحلة معقولة من الاستقرار في اليمن، كل ما ستتمكن من فعله هو قطع الدعم الاقتصادي عن اليمن الوسيلة الأقوى للضغط على الأطراف المعادية لها ولمحاولة خلق حلفاء جدد يتولون الدفاع عن مصالحها. كل ما ذكر اختصار لعناوين سيناريوهات قد تحدث في اليمن خلال عام 2015، يجمعها ويختصرها عبارة واحدة (بدأت مرحلة الفوضى الشاملة في اليمن).