الحوثيون نظموا مظاهرة اليوم أمام السفارة السعودية بصنعاء، الشعارات واللعنات وُجهت للولايات المتحدة وإسرائيل من أمام السفارة السعودية، مع أن السفارة الأمريكية كما قال أحد الزملاء، موجودة بصنعاء، ويمكنهم الذهاب إليها الرسالة التي حملوها في هذه المظاهرة كعادة رسائلهم مراوغة ومخادعة، حيث طالبوا بتنفيذ اتفاقية جدة، وهي اتفاقية دولية، بغض النظر عن عدالتها، لكن حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي كان رئيساً لليمن آنذاك، هو الذي أشرف على توقيعها وصارت نافذة.
في هذه التظاهرة اللافتة للنظر رفع الحوثيون شعاراً مثيراً آخر وهو إطلاق سراح اليمنيين في السجون السعودية، في وقت أمر الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز بإطلاق نسبة كبيرة منهم، كما تذكر الأنباء.
حسناً.. هم يرددون الشعارات المراوغة ذاتها هنا في اليمن.. فهم يطالبون القوى السياسية التي لا تأثير لها والدولة التي أضعفوها وأجبروا رموزها على الاستقالة، بالالتزام باتفاق السلم والشراكة، وهم من يخترقه ويتصرف ضده تماماً..وهم اليوم من يمتلك عدداً لا يحصى من المعتقلات في كل المدن التي يفرضون نفوذهم عليها، في استعادة للماضي البغيض من الاعتقالات والتعذيب والانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
إن هذه المظاهرة تؤشر إلى طبيعة المأزق الذي وضع الحوثيون نفسهم فيه، بعد أن تصرفوا بعنجهية وبحقد التاريخ كله ضد كل شركائهم في الوطن بغية السيطرة على الدولة واستعادة النفوذ الفئوي عليها. هذا واضح وضوح الشمس، ولكن الأمية والجهل والتخلف كانت وما تزال تمثل ذخيرة مهمة بيد هذه القوة الغاشمة، تحرك من خلالها قطعان من البشر وتدفعهم إلى الفوضى والقتل وتحرضهم على العصبية وعلى كل ما يمزق النسيج الاجتماعي والوحدوي لهذا الشعب.
هاهم إذاً يوجهون رسالة إلى القيادة السعودية الجديدة مفادها إن لدينا من الغوغاء ما يكفي لكي نثير القضايا التي يمكن تصدع رؤوسكم، ولكن هذا النوع من الخداع لم يعد له غطاء اليوم، لم يعد ينطلي على أحد.
ذلك أن الحوثيين هم بكل تأكيد رأس حربة لمشروع إقليمي مذهبي وعنصري، تمثله إيران وهو مشروع تدميري واستئصالي، ملامحه لا تكاد تخفى على عاقل في سورية والعراق ولبنان، ولقد عملوا على خط مشابه على تكريس صورة خصومهم السياسيين باعتبارهم متعصبين وضد حقوق الإنسان والمرأة، ويعملون على أسلمة الدولة، وكان هناك من ينساق وراء شعاراتهم ويروجها من الكتاب والناشطين، للأسف الشديد، حتى أظهروا الصورة الحقيقية لواحدة من أقبح مظاهر التعصب في عصرنا الحديث.
عندما كان الحوثيون في الساحات إلى جانب ثوار الـ11 من فبراير 2011، لم يكونوا جزءاً من المشروع الذي حملته تلك الثورة، ومع ذلك استطاعوا إلى حد ما التمويه عن الدور الذي كانوا يؤدوه في ذلك الوقت، حيث كانوا ينسجون تحالفاً قوياً مع رأس النظام الذي أسقطته الثورة فيما بعد، وكانوا قد حددوا الأداة التي يعمقون من خلالها هذا التحالف وينفذون بها مشروع الثورة المضادة، إنه الحرس الجمهوري، وقوات الأمن الخاصة والشرطة العسكرية، وتلك القوات جرى تنقيحها وغربلتها مذهبيا ومناطقياً لتقوم بهذه المهمة وقد كان لهم ما أرادوا.
وفي ذلك الوقت أيضاً كانت الجيهانات الإيرانية(نسبة إلى سفينة جيهان) تصل تباعاً إلى سواحل اليمن الغربية محملة بالأسلحة من مختلف الأنواع، وكلها تؤسس لدور خطير ستقوم به هذه العصابة المسلحة، قريباً وقد كان، هذا بالطبع إلى جانب الأسلحة التي كانت تصل إليهم تباعاً من رأس النظم المخلوع.....
وهذه العصابة التي تتسع لتشمل النظام السابق أيضاً هي التي تلقفت المؤامرة الخارجية الخبيثة على اليمن وتكفلت بإنجاز الثورة المضادة وبالقيام بمهمة استئصال القوى الوطنية، في حرب كان يراد لها أن تكون أهلية طويلة الأمد، ولكن ثمة من فوت هذه الفرصة، ليتحول مشروع هذه القوى الجهوية والمذهبية المتطرفة إلى تدمير كامل لبنيان الدولة اليمنية، حينما قاموا بإسقاط مؤسساتها باستعراض لا لزوم له ولا داعي في 21 سبتمبر/ أيلول2014، في وقت كان فيه رؤساء وممثلو الأحزاب ينتظرون بدار الرئاسة ممثلي الجماعة الحوثية المسلحة للحضور من أجل التوقيع على ما أسمي بـ: "اتفاق السلم والشراكة الوطنية".....
أيها اليمنيون لا تنخدعوا بالشعارات التي يرفعها الحوثيون، الخصم الراهن ليس المملكة العربية السعودية، إنهم يدركون أن وجعهم سيأتي من هناك، بعد أن استطاعوا إسكات خصومهم هنا، لا مصلحة لكم في إثارة العداوات مع الأشقاء والجيران، لأن هذا النهج الطائش لن يمثل سوى إسناد للمشروع الحوثي التدميري في هذا البلد.
حما الله اليمن