قال مستشار وزير التربية والتعليم ـ ورئيس النقابة الوطنية لتعليم العام بديوان الوزارة الأستاذ عبدالرحمن الصباري: إن إعلان عام 2015م عاماً مفتوحاً للتعليم بحاجة إلى إرادة سياسية والعمل على توفير الإمكانيات المادية لتنفيذها.
داعياً في حوار أجرته معه "الثورة" إلى توفير المناخ الأمني الكفيل بإنجاح خطة التعليم وتمكين المؤسسة التعليمية من تجاوز التحديات الكثيرة التي تواجه العملية التعليمية، متطرقاً إلى جملة القضايا ذات الصلة بضرورات ومتطلبات إنجاح عام التعليم، ومشكلات الأجور والاستحقاقات الخاصة بالكادر التربوي والتعليمي وغيرها من القضايا.. فإلى التفاصيل.
حاوره/ نورالدين القعاري
نجاح عام التعليم يتطلب إرادة سياسية وإدارية صادقة وإمكانيات مادية كافية.
التأمين الصحي وبدل طبيعة العمل حُلم يراود الكادر التربوي والتعليمي منذ أمد طويل.
إشراك النقابات في تشخيص المشاكل والاختلالات وإيجاد الحلول خطوة جادة للارتقاء بالتعليم.
- حقيقة قيادة الوزارة أعدت العديد من المحاور والخطط من أجل تنفيذ إستراتيجية عام التعليم 2015م من خلال إعداد مصفوفة للأولويات التي يتوجب على الوزارة عملها، ابتداءً من تحسين مستوى المعلمين وتدريبهم وإعداد المناهج وفق أسس علمية وتربوية دقيقة وطباعتها وتوزيعها والاهتمام بالتوجيه والتقويم, وفي سبيل ذلك تم تشكيل عدد من اللجان لحل بعض الاختلالات والمشاكل المعروضة وإيجاد الحلول والبدائل لمعالجة مشكلة المعلمين المنقطعين وإعادة التوزيع حسب الاحتياج ,ووضع خطط جادة لترميم عدد من المدارس وبناء وتشييد البعض منها وغيرها.
ودعنا نتحدث بصراحة، تلك الخطط بحاجة إلى إرادة سياسية والعمل على توفير الإمكانيات المادية لتنفيذها, وهذا يتطلب توفير المناخ الأمني حتى يكتب لها النجاح لأن الظروف الحالية لم تخدم العملية التعليمية, وأعتقد أن عام التعليم غير موفق نظرا للظروف التي تعاني منها البلاد.
عدالة ومسؤولية
• هل هناك رضى لدى الكادر التربوي من ناحية العدالة في الاستحقاق وبما يعينهم على أداء مهمتهم التعليمية والتربوية خصوصاً ونحن نسمع الكثير من المشكلات.. ؟!
- بالنسبة للكادر التربوي وبشكل خاص في ديوان الوزارة فهم يعانون الأمرَّين في كل الاحتياجات لاسيما غياب عدالة التوزيع بالحقوق وحرمان البعض منها، وبالذات عدم منحهم طبيعة العمل أسوة بزملائهم داخل الديوان, وهناك اختلالات كبيرة في استراتيجية الأجور والمرتبات بسبب التمييز بين الإداريين والمعلمين, بالإضافة إلى ضرورة إعادة توزيع بدل الانتقال لكافة الموظفين بالعدل انطلاقا من المسئولية الوطنية في قطاع التعليم وكذلك تسكينهم وفق القواعد التربوية المماثلة ببعض الإدارات داخل الديوان وكذلك الحصول على التامين الصحي مثلهم مثل زملائهم في الوحدات الأخرى، ونؤكد للجميع أن مطالب الموظفين حقوقية بامتياز وتنفيذا للعدالة والتساوي بالحقوق والواجبات مع العلم أن هناك تذمراً من بعض موظفي الديوان بسبب نقل معلمين من الميدان إلى الديوان رغم الاحتياج لهم لكونهم يحملون تخصصات تربوية وتم منحهم حقوقاً بعد نقلهم مباشرة وهناك الكثير من الموظفين لا يحصلون على أي حقوق رغم قيامهم بكل ما يوكل إليهم وهم يعملون في الديوان منذ سنوات طويلة.
مصفوفة مطالب
• ماذا عن دوركم كنقابة في ذلك ؟
- طبعا دورنا في النقابة الوطنية للتعليم العام قدمنا مصفوفة المطالب لمعالي الوزير وقام الأخ الأستاذ عادل الوهباني رئيس النقابة رئيس المكتب التنفيذي بتقديم هذه المصفوفة وتم مناقشتها مع قيادة الوزارة, ونؤكد للجميع أننا سنستمر في تلك المطالبة حتى يتم تحقيق الحق والعدل للجميع بين موظفي الديوان العام بالوزارة.
• الاهتمام بأوضاع التربويين من أهم الأولويات .. أين هم من ذلك... ؟!
- كما نؤكد أن التربويين يمثلون حجر الزاوية للارتقاء بالعملية التعليمية, والاهتمام بأوضاعهم وتحسينها ضرورة حتمية ورعايتهم والعمل على إطلاق تسوياتهم المستحقة وفق قانون الأجور والمرتبات وعلاواتهم السنوية المستحقة ومنحهم مزايا وحقوق مثل إيجاد التأمين الصحي وإقرار بدل مناطق نائية بالأرياف وحمايتهم من الاعتداءات التي تطالهم مع الأسف الشديد وبما يمكنهم من أداء واجبهم على أكمل وجه وبالمستوى المطلوب.
• من خلال ما أعلنته الحكومة في الفترة السابقة ما الذي تبنته لتنفيذ وإنجاح عام التعليم؟
- بالتأكيد الحكومة أخذت في عين الاعتبار هذه المشاكل, ولكن هناك إشكالية بحاجة إلى اهتمام الحكومة والمتمثلة بترميم المدارس, لأن الكثير منها بحاجة للترميم وتأهيلها وبناء عدد منها في المناطق الأكثر ازدحاما وإيجاد معالجات في .. ذلك, وهذا يتطلب إمكانيات مالية كبيرة من الحكومة لمواجهة هذه المشاكل,ولكن للأسف الشديد الوضع الراهن للبلد، الأمني والسياسي والاقتصادي لا يسمح للقائم بأدنى تلك المعالجات,في ظل عزوف كثير من الدول المانحة في المجال التربوي الوفاء بتلك الالتزامات وتعهداتهم.
• كيف ستتمكن وزارة التربية والتعليم من معالجة ذلك بمفردها وأين دور الشراكة المحلية لدعم التعليم؟
- بالفعل هذا ما أخذت به قيادة وزارة التربية والتعليم لإيجاد البدائل عن طريق إيجاد الدعم المحلي كضرورة وطنية للارتقاء بالعملية التعليمية في بلادنا وبما ينعكس إيجاباً على تنمية البلد, وبالفعل تم التواصل مع العديد من رؤوس الأموال في الداخل وتم الاتفاق مع البعض من أجل الإسهام في تنفيذ وترميم عدد من المدارس ودعمها بالوسائل والاحتياجات المطلوبة بحسب خطة الوزارة.
والاتجاه لهذا الجانب بحاجة إلى إبراز والتعريف بدور القطاع المحلي من أجل التنافس وتوسعة هذا المفهوم وبما ينعكس إيجابيا على تنمية وتطوير التعليم في البلد، باعتبار أن التعليم البوابة الرئيسية من أجل الولوج للمستقبل باعتبار أن الاهتمام بالتعليم سيمثل حلولاً جذرية لكل المشاكل والقضايا التي يعاني منها الوطن.
تجريد التعليم من الانتماءات
• تحييد التعليم عن الصراعات السياسية وغيرها أثر على مواهب الطلاب وإبداعاتهم المختلفة.. لماذا غابت تلك المفاهيم ؟
- بما يمثله التعليم فريضة شرعية أصبح تحييد التعليم عن الصراعات والمماحكات السياسية وغيرها مهمة .. وطنية, ولهذا يجب أن يكون التعليم مجرداً من العديد من الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى إضعاف التعليم وتمثل ضربة موجهة نحو مستقبل الوطن, لأنه من المفترض أن توجه كل العقول لبناء البلد واستثمار المبدعين من الشباب للبناء وليس لتوسيع الهوة بين أبناء البلد وبما ينعكس على الأداء التربوي والتعليمي, لأنه وبكل بساطة بالتعليم نستطيع أن نصنع القادة والزعماء والعظماء والعلماء والمبدعين في شتى ومختلف المجالات.
وهنا تبرز أهمية تحييد التعليم من أجل أن نتمكن جميعا وخصوصا الطلاب هم من سيرسمون المستقبل وبما يمكنهم من خدمة الوطن والشعب بعيداً عن التعصبات والأحقاد وبعيد عن ثقافة الكراهية, إلا أن هناك من يحاول إقحام المؤسسات التعليمية بمفاهيم سياسيه ومذهبيه خاطئة وهذا لن يكون وستفشل كل تلك التآمرات لأن الوعي بهذا المجال كبير ولن يتمكنوا من استهداف التعليم.
تدخلات متعددة
• بصراحة ..ما أبرز الاختلالات والمشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم في بلادنا؟
- بالتأكيد المشاكل أمام التعليم باتت واضحة أمام الجميع والكثير يدرك المشاكل وبدون تستر, إلا أن ما نؤكده أن التعليم في بلادنا بحاجة إلى ثورة حقيقية في الفكر ثورة شاملة وحقيقية في الاهتمام والارتقاء بالتعليم في أوساط كافة شرائح المجتمع لاسيما النخب السياسية وغيرها, وعليهم أن يدركوا أن كل الأوضاع التي وصل إليه التعليم هو نتاج لتلك السياسة التي أضرت واقتحمت القطاع التربوي وهذا هو انعكاس لتلك السياسات الخاطئة والمتراكمة منذ فترة طويلة, والتي تمثلت بعدم استخدام الإمكانيات المتوفرة الاستخدام الصحيح وتم التعامل مع القضايا التعليمية والتربوية بطرق عشوائية ومزاجية وحكمتها التدخلات السياسية والاجتماعية والقبلية وغيرها أدى ذلك إلى تدني التعليم بشكل عام.
هذا الى جانب المعوقات من القطاع التربوي نفسه ومنها عدم الاهتمام بالتدريب وتأهيل الكادر التربوي وتزويده بالمعارف الحديثة وعدم الاهتمام وغياب الكتاب المدرسي من المدارس وغيرها من المشاكل العديدة في التعليم والأهم هو أن المحيط الخاص بالتعليم غير مشجع للتعليم في كل الأحوال.
استراتيجية لمحو الأمية
• ولكن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني أكدت على الاهتمام بالتعليم..إلى أين يتجه التعليم في ظل تلك الأوضاع؟
- طبعا مخرجات الحوار الوطني كانت واضحة وأكدت بضرورة إصدار تشريعات بأن يكون التعليم الأساسي إلزامياً لأنه في ظل غياب تلك السياسة التعليمية سيؤدي إلى انتشار وزيادة نسبة الأمية في المجتمع وسينعكس على التنمية مستقبلا,فالملاحظ أنه وخلال الأعوام الأخيرة ارتفعت نسبة الأمية والجهل بين أوساط الشباب والشابات وهذا الخطر القادم والقاتل, لهذا يجب وضع خطط وإستراتيجية مزمنة لمحو الأمية والقضاء عليها وخطط ملبية لسوق العمل والتنمية حتى يكتب لها النجاح,ومن الضروري أن يتم الربط بين التعليم والتنمية والأهم من ذالك يجب أن تتضمن المناهج الدراسية مبادئ وقيم وثقافة التسامح وحقوق الإنسان والقبول بالآخر حتى نخرج من النفق المظلم والأزمة الراهنة حتى لا تقودنا تطورات الأوضاع الى المستقبل المجهول لا سمح الله.
• هناك جوانب متعددة ابتداءً من الأسرة وكل شرائح المجتمع..ما الدور الذي يسهم به المجتمع كشريك فاعل في تطوير وارتقاء الوضع التربوي والتعليمي؟
- الجميع شركاء في تحمل مسئولية صنع المستقبل ونحن من الآن نحدد ذلك التوجه بما الذي قدمناه في ذلك باعتبار التعليم الأساس والقاعدة التي يقوم عليها المستقبل, ما يوجب أن تكون هناك أدوار مضاعفة في التعليم والإسهام بايجابية في نجاح التعليم في بلادنا.
وهكذا لنتحدث بصراحة تامة إذا لم تسهم وتتفاعل كل المكونات السياسية والتجارية والاجتماعية وغيرها من فئات المجتمع في إنجاح التعليم كون المسؤولية هي مشتركة من المجتمع بشكل عام,ولكن للأسف الثقافة المجتمعية مفهومها قاصر وإلى حد كبير في الجانب التعليمي.
نحن بحاجة إلى حملات توعوية ميدانية تصل للشارع وللأسرة ولكل أفراد المجتمع من أجل أن يكون الجميع مدركا لأهمية العلم والتعليم ودور الأجيال من الشباب في صنع المستقبل,وللسير نحو المستقبل علينا الانطلاق من الحاضر وتحديدا الاهتمام بالتعليم بشكل عام.
مشاكل مترابطة
• هل تتوقع الارتقاء بالعملية التعليمة مستقبلاً في ظل تردي الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية؟
- أعتقد أنه إذا استمرت الأوضاع السيئة لن تتمكن بلادنا من وضع الحلول اللازمة للعديد من المشاكل الأمنية والاقتصادية والسياسية وكذا التعليمية, فالمشاكل مترابطة ومتشابكة في بلادنا ولا تكمن في قطاع معين حتى تستطيع أن تعالجها بشكل جذري, حيث يبرز التعليم ويحتاج إلى الإمكانيات الكبيرة المادية من أجل تحقيق التطور والبناء والتقدم في كافة المجالات المختلفة, وعلينا أن ندرك أنه بدون التعليم سنظل في أدنى الدرجات وفي أسوأ الحالات, وهذا يدعو للقلق من عدم نجاح عام التعليم في ظل الظروف الراهنة التي لا تبشر بخير.
ولهذا يبقى التعليم الناجح ووفق خطط وإستراتيجية واضحة ودقيقة, لكن أمنيتي أن نحافظ على الأخلاق التربوية والتعليمة, ونؤكد أن نجاح التعليم يتطلب جهود الجميع والعمل كفريق واحد لإنقاذ التعليم.