اخبار الساعة - همدان العليي
تحتفظ عدن، جنوبي اليمن، بأولوياتها الخاصة وسط التطورات السياسية العنيفة التي تمر بالبلاد، حيث تشهد المدينة، التي انتقل إليها الرئيس اليمني وأعلنها مقراً مؤقتاً لإدارة البلاد، عصياناً مدنياً شاملاً لعدة ساعات من صباح يوم الإثنين من كل أسبوع، وذلك تنفيذاً لما سمي بالبرنامج التصعيدي الثوري الميداني التابع للحراك الجنوبي السلمي، المطالب بفك الارتباط والانفصال عن الشمال.
وتتوقف مظاهر الحياة في الشوارع والأحياء والأسواق في عدد من مديريات المحافظة، بعد إغلاق أغلب المحال التجارية أبوابها وامتناع الموظفين عن الذهاب إلى أعمالهم، بما فيها الشركات والمصارف الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى عدم ذهاب الطلاب إلى المدارس والكليات.
ويحرق بعض الشباب الإطارات ويقطعون الطرقات ضمن برنامج تصعيدي يسعى لتسليط الضوء على مطالبهم وحقوقهم في إطار ما تسمى بالقضية الجنوبية.
وعن أهداف العصيان المدني، يقول غازي العلوي، وهو إعلامي من سكان عدن، إن الحراك الجنوبي يسعى إلى إيصال رسالته للداخل والخارج، ولفت نظر المجتمع الدولي إلى معاناة شعب الجنوب وقضيته ومطالبه المشروعة، والمتمثلة في استعادة دولته التي كانت قائمة حتى عام 1990، بحسب قوله.
ويضيف العلوي هدفاً آخر متعلقاً "بتعطيل مصالح من يصفه بـ"الاحتلال اليمني"، من خلال إيقاف المرافق الخدمية والإنتاجية والمطارات وشركات إنتاج النفط". مشيراً إلى أن العصيان المدني حقق جزءاً من "أهدافه المرجوة، خاصة في ما يتعلق بلفت نظر المجتمع الدولي وإرباك السلطات الحاكمة التي أُجبرت على الإذعان لتنفيذ العصيان وتعطيل بعض من مصالحها".
ويؤكد في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" أن العصيان اليوم يُنفذ طواعية، خلافاً لما كان قبل أشهر حين كان يتم إجبار بعض التجار والباعة، خاصة من أبناء المحافظات الشمالية، على الاستجابة لتنفيذ العصيان بقوة السلاح، وبالطبع حدث ذلك في بعض المدن والبلدات الجنوبية مثل لحج وحضرموت وعدن". مشيراً إلى أن استجابة الناس لنداءات العصيان المدني اليوم تفوق الـ 80 بالمائة.
العصيان إجباري
أما عمر السقاف فيعبر عن استيائه من استمرار فرض العصيان المدني منذ سنوات حتى اليوم دونما نتيجة تُذكر، مؤكداً أن العصيان المدني وتعطيل حياة سكان المدن الجنوبية لا يصب في مصلحة الجنوبيين، ولكنه يضر بالبسطاء ويحارب الناس في أرزاقهم، بحسب قوله.
وأشار السقاف إلى أن كثيراً من المصالح اليومية للناس تتأجل بسبب استمرار العصيان، خاصة مع قيام بعض المجموعات الشبابية بإحراق الإطارت وقطع الشوارع أمام المارة وإجبار أصحاب المحلات على الإغلاق لساعات.
مشيراً إلى ضرورة إيجاد بدائل قادرة على إيصال أصوات الجنوبيين من دون المساس بحياة المواطن.
وبدأ أنصار الحراك الجنوبي السلمي في استخدام العصيان المدني للضغط من أجل تحقيق مطالبهم في إعادة دولة جنوب اليمن منذ عام 2011، حيث تبدأ ساعات العصيان المدني في عدن وسائر المدن الجنوبية منذ الساعة السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة من كل يوم يوم إثنين.
ويتركز العصيان في أحياء دار سعد وكريتر والمعلا والمنصورة والشيخ عثمان وخور مكسر، بينما يكون أقل وطأة في المديريات والأحياء الأخرى.
تضرر العملية الدراسية
واشتدت المخاوف مؤخراً في محافظة عدن من انهيار العملية التعليمية نتيجة توقف الدراسة في المدارس بسبب العصيان المدني، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار مؤقت من قبل مكتب التربية والتعليم بعدن، قضى بجعل يوم السبت الذي يعد إجازة رسمية أسبوعية إلى جانب الجمعة منذ نحو عامين، يوماً دراسياً بدلاً عن يوم الإثنين الذي ينفذ فيه الاعتصام.
وقال مدير مكتب التربية بمدينة عدن سالم مغلس، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" إن مكتب التربية "اضطر إلى استبدال عطلة السبت بيوم الاثنين وجعل يوم السبت دراسة"، مشيراً إلى أن العصيان المستمر "تسبب في عدم قدرة كثير من المدارس على تدريس المناهج الدراسية كاملة".
وأكد مغلس أن هذا القرار أتى بعد لقاءات موسعة مع مديري المناطق التعليمية ومديري المدارس وتربويين. حيث تم الاتفاق على هذا القرار وجعله مؤقتاً إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى ذلك.