بالتزامن مع المذابح الوحشية التي شهدتها العاصمة صنعاء، الجمعة، أعدم مسلحون، يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة، قرابة 29 جندياً من حراسة مبنى محافظة لحج، ومبنى فرع الأمن السياسي، وقوات الأمن الخاصة، بعد سيطرتهم على مدينة الحوطة، عاصمة المحافظة (وهي بوابة عدن والتي تبعد نحو 18 كم مربع منها).
ونقلت صحيفة "الشارع" الصادر السبت، عن مصدر محلي من سكان الحوطة قوله: "إن مسلحي "أنصار الشريعة" ومواطنين بدؤوا، بعد ظهر الجمعة، باقتحام معسكر قوات الأمن الخاصة، وذبحوا 3 جنود كانوا متواجدين في المعسكر بعد مغادرة زملائهم قبل الاقتحام لأسباب غير معروفة، كما قام المسلحون بنهب الأسلحة والذخائر والأطقم والمعدات.
وأضاف: "غادر الجنود المعسكر وتركوه لأنصار الشريعة، ونحن نعتقد أن هناك مؤامرة لتسليم المدينة للقاعدة".
وأوضح المصدر أن "مسلحي القاعدة اتجهوا بعد ذلك إلى مبنى ديوان عام محافظة لحج، وإلى مبنى فرع الأمن السياسي، ومبنى الأمن العام، ونهبوا المكاتب والأثاث بالكامل".
وقال المصدر: "تم قتل جميع أفراد حراسة مبنى المحافظة، وعدد من حراسة فرع الأمن السياسي، فيما تم نقل عدد من الجنود إلى مقبرة الحوطة، وهناك تم إعدامهم بالرصاص، فيما جندي واحد تم ذبحه بواسطة آلة حادة".
وأفاد المصدر بأن اشتباكات درات عصر الجمعة، أمام مبنى فرع إدارة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بين مسلحين يعتقد أنهم من اللجان الشعبية، ومسلحين آخرين من "أنصار الشريعة"، أسفر عنها مقتل 3 مسلحين وإصابة رابع".
وتحدث المصدر أن جثث القتلى كانت، حتى بعد عصر الجمعة، لا تزال مرمية في الشارع؛ إلا أنه لم يتمكن من معرفة ما إذا كانت هذه جثث قتلى القاعدة أم اللجان الشعبية.
وعن أعداد الشهداء من الجنود في المدينة، أكد المصدر المحلي، أن عددهم 29 جندياً من حراسة مبنى ديوان المحافظة والأمن السياسي، بينهم 3 من قوات الأمن الخاصة. غير أن مصدراً في منزل محافظ لحج، قال إن المعلومات الأولية تشير إلى أن أعداد الشهداء 25، ينتمون إلى الشرطة العسكرية والأمن والنجدة.
وأوضح هذا المصدر أنه تم نهب جميع المكاتب الحكومية التي تم اقتحامها من قبل المسلحين، وأن المحافظة تشهد انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، بعد مغادرة جنود قوات الأمن الخاصة معسكرهم والمواقع التي كانوا يتمركزون فيها داخل المدينة.
ورفض المصدر الإدلاء بأي معلومات أخرى، واعتذر عن عدم قدرته السماح للصحيفة بالحديث مع محافظ لحج، كونه منشغلاً في اجتماع مع أعضاء السلطة المحلية وعدد من مسؤولي المحافظة لمناقشة تداعيات الوضع في مدينة الحوطة.
من جانبها، قالت صحيفة "الأولى" المحلية الصادرة السبت، نقلاً عن مصادر أمنية: "إن مسلحي تنظيم القاعدة أعدموا 29 جندياً وضابطاً ذبحاً بعد اقتحامهم مقر الأمن السياسي ومبنى المحافظة، منوهة إلى أنه تم الإفراج عن سجناء كانوا محتجزين في الأمن السياسي.
وأوضحت المصادر أن عملية ذبح الجنود والضباط جاءت بعد استيلاء المسلحين على مبنى الأمن السياسي ومبنى المحافظة، مشيرة إلى أنه تم تقييد الجنود والضباط بالحبال ومن ثم الشروع في ذبحهم.
وبحسب الصحيفة ذاتها، فقد سقطت، الجمعة، جميع معسكرات قوات الأمن الخاصة، والمقرات الحكومية في مدينة الحوطة بمحافظة لحج، في أيدي مسلحين من تنظيم القاعدة واللجان الشعبية، ومواطنين، وتم نهب كافة محتوياتها.
وأضافت الصحيفة، أن مقر قيادة قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً)، ومعسكر شرطة النجدة، والأمن العام، والمنشآت الحكومية في مدينة الحوطة عاصمة المحافظة، أصبحت تحت سيطرة المسلحين، منذ بعد ظهر الجمعة، حيث شهدت المدينة مواجهات بين قوات الجيش والأمن، والمهاجمين، خلفت عشرات القتلى والجرحى.
وأضافت المصادر أن مسحلين من تنظيم القاعدة ومن اللجان الشعبية، ومواطنين محليين، حاصروا بعد صلاة الجمعة، مقر قيادة قوات الأمن الخاصة، ودارت اشتباكات بين الطرفين لمدة قصيرة، سلم على إثرها جنود قوات الأمن الخاصة المعسكر للمسلحين، بعد عدم تجاوب قيادة المعسكر، والجهات العسكرية والأمنية التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة.
وأكدت أن المسلحين نهبوا دبابات وأطقماً عسكرية، وجميع محتويات المعسكر من الأسلحة والذخائر، وتوجهوا بجزء من الأطقم العسكرية والأسلحة باتجاه إدارة شرطة المحافظة، وبعد سيطرتهم عليها اتجهوا على إدارة شرطة المرور ومبنى الأمن السياسي، ونهبوا جميع محتوياتهما.
ولفتت المصادر إلى أن "المسلحين سمحوا للجنود المرابطين في المقرات العسكرية والأمنية المذكورة، والمنتمين للمحافظات الجنوبية، بمغادرة أماكنهم بأسلحتهم الشخصية، بينما المنتمون للمحافظات الشمالية غادروا بدون أسلحة، وبعضهم تعرض للقتل من قبل عناصر تنظيم القاعدة".
وذكرت أن 5 جنود من المحافظات الشمالية كانوا غادروا معسكر قوات الأمن الخاصة، على متن طقم عسكري، وبأسلحتهم الشخصية؛ إلا أنه تم إيقافهم في نقطة يتمركز فيها مسلحون من تنظيم القاعدة في منطقة الدباء، وطلب منهم المسلحون تسليم سلاحهم، فباشروا بتسليمها، وبعد ذلك تم إطلاق النار عليهم واحداً تلو الآخر.
وتابعت: "أحد الجنود كان يترجى المسلحين، ويسقط عند أقدامهم كي لا يطلقوا عليه النار، وبعد أن عرض عليهم ملابس جديدة لأطفاله، طلب منه المسلحون مغادرة المكان، وبعد مغادرته المكان مترجلاً، أطلقوا عليه النار من الخلف ليسقط أرضاً".
وقال لصحيفة "الأولى" شهود عيان أنه بعد سيطرة المسلحين على معسكر قوات الأمن الخاصة والأمن العام وشرطة المرور في الجهة الغربية لمدينة الحوطة، توجهوا بالأسلحة نحو المقرات الحكومية في الجهة الغربية للمدينة، وأحكموا السيطرة على المؤسسة الاقتصادية وجهاز الأمن السياسي ومبنى السلطة المحلية والمالية والإسكان والخدمة المدنية، في الساعة الـ7 من مساء الجمعة، وخلفت هذه العملية مقتل 3 مسلحين ، وإصابة مواطن كان في طريقه للنهب، فيما قتل عدد من جنود حراسة المقرات المذكورة، نتيجة رفضهم التسليم".
وأضاف الشهود أن جميع المقرات العسكرية والحكومية تعرضت لعمليات نهب واسعة لكل محتوياتها، من قبل مسلحي تنظيم القاعدة ومسلحي اللجان الشعبية ومواطنين.
ولفتوا إلى أن مدرعة نقلت 8 جنود من الصبيحة كانوا يقومون بحراسة مكتبي المالية والإسكان، وغادرت قبل وصول المسلحين إلى المبنى، في الوقت الذي قالوا فيه إن حوالي 7 جنود في حراسة مكتب السلطة المحلية، رفضوا التسليم، واشتبكوا مع المسلحين بمختلف الأسلحة.
من جهتها، ذكرت صحيفة "اليمن اليوم" الصادرة السبت، أن اللجان الشعبية التابعة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، مسنودة بمقاتلي جماعة أنصار الشريعة (الفرع المحلي للقاعدة في اليمن) اقتحمت، المرافق الأمنية والمقرات الحكومية بمحافظة لحج بعد ساعات من سيطرة تلك الجماعات على معسكرات قوات الأمن الخاصة في عدن ونهب محتوياتها.
وبحسب شهود عيان، فإن اللجان والقاعدة نهبوا كافة الأسلحة والذخائر والعتاد والمستلزمات الموجودة في المعسكر وشوهدت بعض العناصر وهي تتجول ببعض الأطقم التابعة لقوات الأمن الخاصة في شوارع الحوطة، كما قامت تلك العناصر بمهاجمة مبنى قيادة الأمن العام بالمحافظة، وسيطرت عليه، ونهبت كل ما بداخله بعد أن جرى تسليم المبنى لها دون أي مقاومة".
وبحسب المصادر، فإن العناصر الإرهابية من القاعدة واللجان أعدموا جماعياً 25 من أفراد النجدة والأمن السياسي، بينهم قائد شرطة النجدة فهد فيصل سيف، ذبحاً بالسكاكين ورمياً بالرصاص".
وتزامن الهجوم على النجدة مع هجوم على معسكر قوات الأمن العام والسيطرة عليه ونهب آليالته، فيما استشهد جنديان وأصيب مدير البحث الجنائي.
كما اقتحمت لجان هادي والقاعدة مبنى المحافظة ومنزل المحافظ ونهبت محتوياتهما، فيما استشهد 3 جنود وأعطب طقمان أمنيان، ومقتل 4 من المهاجمين وإصابة 6 آخرين.
من جانبه، اتهم القائم بأعمال مدير عام الشرطة وقائد اللجان الشعبية العميد عبد النبي هادي العناصر الإرهابية، نافياً مشاركة اللجان في الهجوم على المباني والمقار الأمنية والحكومية.
وقال في تصريح نشرته صحيفة "اليمن اليوم" بأن قيادة الأمن فوجئت بتلك العناصر تنتشر وبكثافة في مدينة الحوطة وقيامها بمهاجمة قوات الأمن الخاصة ثم انتقلت لمبنى الأمن العام.
وعبر عبد النبي عن استنكاره الشديد لتلك الأعمال والممارسات وعمليات النهب التي طالت كل شئ في تلك المرافق في مؤشر قال بأنه خطير ينبغي أن تتحرك كل القوى الخيرة والوطنية لإيقافه ووقف مسلسل الدماء والانهيار المتسارع للمنظومة الأمنية والحكومية برمتها.