أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

رئيس قسم العلوم السياسية – جامعة الملك سعود: جماعة الحوثي..أحد عملاء إيران في الوطن العربي

- خاص

قال أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية – جامعة الملك سعود الدكتورابراهيم بن محمود النحاس، إن جماعة الحوثي في اليمن أحد عملاء إيران في الوطن العربي، وأنها تتبع سياستها بدرجة تصل لمرحلة التطابق الكامل.

وأضاف في مقالة له على صحيفة الرياض السعودية، كثر الحديث عن مدى تبعية وارتباط جماعة الحوثي بالدولة الإيرانية. ففي الوقت الذي يقول المنتمون لهذه الجماعة بأنهم يمثلون الشعب اليمني ويعبرون عن مصالحه ويدافعون عن الشرعية اليمينة ضد التدخلات الخارجية، يخالفهم آخرون ويرون بأن جماعة الحوثي جماعة تابعة للدولة الإيرانية. وفي الوقت الذي يرفع كل طرف صوته مدافعاً عن وجهة نظره، نحاول أن نقرأ قراءة سياسية الخطاب الرسمي لجماعة الحوثي الذي يعبر بالضرورة عن التوجهات السياسية ويظهر العقيدة الأيديولوجية التي تؤمن بها هذه الجماعة بشكل مباشر لكي نتعرف على التوجهات السياسية والأيديولوجية لهذه الجماعة وإمكانية تصنيفها عملياً وليس قولياً.

ففي المحور الأول نحاول استعراض الخطابات السياسية التي ألقاها زعيم جماعة الحوثي بشكل عام، وخطابه السياسي يوم 20 يناير 2015م بشكل خاص كونه يأتي في ليلة الانقلاب على السلطة الشرعية في الدولة اليمنية، سنجد أن اللغة التي استخدمها تعبر بشكل مباشر عن مدى عمق الولاء والتبعية للدولة الإيرانية وايديولوجيتها التي تتبناها في سياستها الخارجية. فعلى سبيل المثال، سننظر فقط لثلاث كلمات رئيسية جاءت في خطابه ومدى ارتباطها بالسياسة الإيرانية الرسمية.

أولاً: استخدامه كلمة المستكبرين، فجاء ما نصه "هذا ما يجب أن تعيه أمتنا وهي تمر بمرحلة مهمة تمر وتعصف بها حالة أو موجة من الاستهداف الكبير الشامل على كل المستويات. ولقد لوحظ ضمن ما حدث في الأحداث الأخيرة أن هناك أيضاً نوعا من التآمر الموجه خصيصاً... إلى بلدنا... وعلى شعبنا... حيث في ظل المؤامرة التي تتحرك بها قوى الاستكبار التي تستهدف منطقتنا ككل وبلدنا أيضاً على وجه الخصوص". نلاحظ أن زعيم جماعة الحوثي استخدم كلمة "الاستكبار" التي دائماً ما تستخدم من قبل قيادات الدولة الإيرانية. ولكن الأهم من ذلك أن هذه الكلمة جاءت نصياً في الدستور الإيراني عدة مرات وفي عدة مواقع. فعلى سبيل المثال: 1) جاء في ديباجته ما نصه "ومع الالتفات لمحتوى الثورة الإسلامية في إيران – التي كانت حركة تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين – فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها"؛ 2) جاء في ديباجته ما نصه "على أمل أن يكون هذا القرن قرن تحقق الحكومة العالمية للمستضعفين وهزيمة المستكبرين كافة"؛ 3) جاء في المادة (154) بأن الدولة الإيرانية "... تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم ...".

ثانياً: استخداماته المتكررة لكلمة الثورة ومحاولة إظهارها بأنها ضد التطرف، مثل: "ولقد حقق التصعيد الثوري"، وقوله هناك "تواطؤ واضح مع القاعدة توفير للإمكانات.. حتى تكون هي رأس حربة لمواجهة الثورة الشعبية والتصدي للثورة الشعبية"؛ وقوله بأنهم "يمارسون الضغوط على معسكرات في مأرب بهدف إقناعها بأن تسلم المزيد من العتاد الحرب للقاعدة وحلفائها من حزب الإصلاح إذا هم اتجهوا في مسار آخر فتح جبهات جديدة تحريك القاعدة وتحريك اتجاهات متعددة أولا ضد الثورة الشعبية هم يستهدفون الثورة الشعبية وهم يستهدفون تلك الاستحقاقات المهمة يستهدفون اتفاقية السلم والشراكة يستهدفون وثيقة الحوار الوطني يستهدفون الأمن والاستقرار تركيزهم على إثارة مشاكل في مأرب هو بهدف إلحاق أكبر ضرر بهذا البلد هي من جانب عملية ابتزاز سياسي ضد هذا الشعب وضد الثورة الشعبية ومن جانب اخر عملية إلحاق الضرر بالشعب اليمني". ففي الوقت الذي نجده استخدم كلمة الثورة بمختلف تصاريفها اللغوية، استخدم اسلوب الدستور الإيراني في طريقة عرضها والتي تقوم على ربط الثورة بحقوق المظلومين وبأنها ضد المستكبرين. فعلى سبيل المثال: 1) فقد جاء في ديباجته "إن الميزة الأساسية لهذه الثورة بالنسبة إلى سائر النهضات التي قامت في إيران خلال القرن الأخير إنما هي عقائدية الثورة وإسلاميتها"؛ 2) وأيضاً جاء في ديباجته ما نصه، "نشر النظام البائد مقالة أهان فيها علماء الإسلام وخصوصاً الإمام الخميني، مما أدى إلى تعجيل الحركة وإثارة غضب الشعب في جميع أرجاء البلاد، فحاول النظام - من أجل السيطرة على بركان الغضب الشعبي الثائر - أن يقمع هذه المعارضة عن طريق سفك الدماء، ولكن هذا العمل بالذات زاد من غليان الدماء في عروق الثورة، فانطلقت الجماهير المسلمة تنتفض بصورة متوالية خلال كل أسبوع أو أربعين يوماً تمر على استشهاد شهداء الثورة"؛ 3) جاء في المادة (150) ما نصه "تبقى قوات حرس الثورة الإسلامية التي تأسست في الأيام الأولى لانتصار هذه الثورة راسخة ثابتة من أجل أداء دورها في حراسة الثورة، ومكاسبها". نلاحظ بأن هناك ربط مباشر بين كلمة الثورة والاسلام الذي يعبر عن نصرة المظلوم وتحقيق العدل والمساواة ويقف ضد الظلم والجور والتطرف والارهاب.

ثالثاً: استخداماته المتكررة لكلمة المؤامرة وتوظيفها توظيفاً عاطفياً للحصول على أكبر قدر من التعاطف الشعبي داخلياً وخارجياً. فعلى سبيل المثال: جاء في قوله "وأن لا يكون أبدا بأي حال من الأحوال أداة بيد أي طرف يتآمر على هذا البلد"، وكذلك قوله "هناك مشاريع واضحة للتآمر على اتفاقية السلم والشراكة"، وأيضاً قوله "وكلما ماطلوا وتعنتوا وحاولوا أن ينقلبوا وأن يتعاملوا بالأسلوب التآمري"، وقوله "أما إذا كان الانزعاج أن هناك شعبا يأبى التآمر عليه". هذه الاستخدامات المتعددة لكلمة المؤامرة بهذا الأسلوب نجد أنها جاءت في ديباجة الدستور الإيراني على النحو الآتي: "لقد كانت المؤامرة الأمريكية المسماة ب (الثورة البيضاء) خطوة نحو تثبيت قواعد النظام الدكتاتوري، وتركيز تبعية إيران السياسية والثقافية والاقتصادية للإمبريالية العالمية، ومن هنا فإن المعارضة الشديدة التي أبداها الإمام الخميني ضد هذه المؤامرة كانت حافزاً لحركة الشعب الشاملة، وتبعاً لذلك انطلقت الثورة الدامية العظمى". فإذا ما تتبعنا التعبير اللغوي وربطها بالعاطفة نجد أن زعيم جماعة الحوثي كرر اسلوب الدستور والسياسة الإيرانية بمختلف أوجه الكلمة.

وبعد استعراض ثلاث كلمات وطريقة عرضها واسلوب استخدمها، نستطيع القول بأن زعيم جماعة الحوثي يتبع للسياسة الإيرانية بدرجة تصل لمرحلة التطابق الكامل سياسياً وايديولوجياً. هذا التطابق لا يمكن أن يصل لهذه المرحلة إلا بعد أن آمن إيماناً كاملاً بالسياسة والأيديولوجية الإيرانية وفي المقابل تثبت قدرة الإيرانيون على التغلغل في عقلية جماعة الحوثي بشكل جعلهم ينفذوا كل ما يصدر من أقول وافعال وافكار إيرانية في الداخل اليمني.

أما في المحور الثاني، فمن الممكن الاستشهاد بعمالة جماعة الحوثي وارتهانهم للدولة الإيرانية أربعة شواهد ظاهرة للجميع.

الشاهد الأول يتضح من تصريح نائب طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني الذي أشار "بأن العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران... وبأن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية... وبأنها امتداد طبيعي للثورة الإيرانية". فعندما يأتي هذا القول من ممثل طهران في البرلمان الإيراني هو حتماً يعبر عن توجهات مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي لأن كل من يلتحق بالسياسة الإيرانية وعضويتها يجب أن يكون مؤمناً إيماناً تاماً بمرشد الثورة وأهليته كولي للفقيه وكل ما يتبعها من شروط.

الشاهد الثاني فيأتي من داخل إيران نفسها والمتمثلة في احتفال السياسة الإيرانية بزعيم جماعة الحوثي الذي انقلب على السلطة الشرعية وذلك بتعليق صورة في الشوارع الرئيسية للعاصمة الإيرانية طهران. فالاحتفال الإيراني بزعيم جماعة الحوثي تجاوز احتفالهم ببقاء النظام البعثي في سوريا ورئيسة بشار الأسد وكذلك تجاوز احتفالهم بزعيم الحزب الإيراني في لبنان حسن نصرالله. لذلك يصح التساؤل هل الدافع وراء تعليق صور زعيم جماعة الحوثي في شوارع طهران دليل على أنه قدم وسيقدم ما لم تقدمه أدوات إيران في العراق وسوريا ولبنان؟

الشاهد الثالث يتمثل في تطابق الشعارات السياسية والشعبية التي ترفعها الدولة الإيرانية وجماعة الحوثي في اليمن والتي تتمثل في "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصرة للإسلام". فهذه الكلمات مضافاً لها الألوان التي رُسمت بها تدل دلالة قاطعة أنها وضعت وطبعت في إيران وعلقت من قبل جماعة الحوثي في اليمن. وإذا كانت هذه الكلمات تبدو أنها تعبر عن نصرة الإسلام والمسلمين، إلا أن الهدف الحقيقي وراءها فقط استعطاف الشعب اليمني المحب للإسلام والمسلمين لكي تتمكن جماعة الحوثي من السيطرة على السلطة وممارسة أنواع الاستبداد لفرض الأمر الواقع باسم الاسلام.

الشاهد الرابع يتمثل في سرعة توقيع اتفاقية في مجال الطيران المدني بين جماعة الحوثي وهيئة الطيران الإيرانية مما يفتح جسراً جوياً بين طهران وصنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي. فسرعة توقيع هذه الاتفاقية تعني أنها وُضعت من طرف واحد هو الدولة الإيرانية بحكم خبرتها كدولة في التعاملات الدولية؛ وثانياً يطرح تساؤل ما هي الفوائد الاقتصادية والتجارية التي يمكن أن تجنيها الدولة الإيرانية من مثل هذه الاتفاقية خاصة وأن اليمن يعاني تدهوراً اقتصادياً وضعفاً كبيراً في المجال التجاري؟ فإذا ما استبعدنا المجالات الاقتصادية والتجارية، لم يتبق إلا المجالات العسكرية والمخابراتية التي تريد إيران استغلالها لزيادة تواجدها داخل اليمن من خلال طرف يمني صوري يعطي نوع من المشروعية الشكلية للدولة الإيرانية للدخول في اليمن.

وأخيراً، في الوقت الذي استعرضنا بعض الأقوال والشواهد التي تثبت عمالة جماعة الحوثي لدولة الإيرانية، أعتقد أن هناك الكثير من الشواهد التي يمكن الاستدلال بها لمعرفة مدى عمالة وتبعية جماعة الحوثي للدولة الإيرانية. وإذا كانت هذه العمالة ظاهرة، فإن الأمر يتطلب العمل مع السلطة الشرعية في اليمن وبشكل سريع لاحتواء الأزمة اليمنية ومنع تزايد قوة عملاء ايران في الداخل اليمني.

 

Total time: 0.046