أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

أوراق الخليج لمواجهة التمدد الإيراني وإسقاط الحوثيين في اليمن

- الخليج أونلاين

لم تعد إيران معنية كثيراً بممارسة «التقية» السياسية في عالم اليوم، فنفوذها وسطوتها التي امتدت من بغداد إلى لبنان، مروراً بسوريا ووصولاً إلى خاصرة الخليج العربي الجنوبية، اليمن، باتت تسمح لها بالحديث بصوت مرتفع، وتعلن، بلا أدنى مواربة، عن وجودها في هذه العاصمة أو تلك، بل الأكثر من ذلك، أن إيران- وبفعل قوة نفوذها- باتت تتحدث عما تعتبره حقها في المنطقة، تاريخياً، فراح “علي يونسي”، مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات؛ يتحدث صراحة عن بغداد كعاصمة لإمبراطورية إيران.

إزاء هذا، تبدو خيارات دول الخليج العربي قليلة جداً لمواجهة النفوذ الإيراني المتغلغل يميناً وشمالاً، بل الأكثر من ذلك- كما يرى مراقبون- أن النية الجمعية للدول الخليجية هي ذاتها غير متوافرة، لا بسبب خلافات بينية؛ بل في ظل غياب المشروع الجامع الذي يمكن من خلاله مواجهة التمدد الإيراني.

اليمن…الخاصرة الرخوة

على الرغم من التوسع الإيراني في العراق، الذي بدأ عقب غزو العراق عام 2003، وما شكله من خطر داهم على الدول الخليجية، فإن الأمر بقي بالنسبة إلى تلك الدول قابلاً للسيطرة، خاصة في ظل وجود مقاومة عراقية، بدأت مع مطلع الغزو الأمريكي، وما زالت تقاوم بأشكال شتى، الوجود الإيراني.

بالإضافة إلى تلك المقاومة، كانت الدول الخليجية أكثر استرخاءً حيال ما يجري في العراق، لأن الوجود الأمريكي شكل بالنسبة إلى البعض، ضمانة إزاء التمدد الإيراني، قبل أن يكتشفوا أن أمريكا ذاتها ما عاد لها موطئ قدم في العراق، خاصة في أعقاب انسحابها عام 2011، وما أعقب ذلك من تفرد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بالسلطة، وسماحه للنفوذ الإيراني بالتغلغل بشكل أكثر من مفضوح، قبل أن تبدأ أمريكا مساعيها للعودة إلى العراق، عبر بوابة تنظيم الدولة، وهو ما شكل حالة اطمئنان بالنسبة إلى بعض الدول الخليجية، التي دعمت تلك الخطوة؛ في محاولة منها لإعادة النفوذ الأمريكي إلى العراق؛ لمواجهة التمدد الإيراني.

ناقوس الخطر.. يدق

أدى التمدد الإيراني في اليمن في أعقاب سيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور بالعاصمة صنعاء، قبل نحو شهرين؛ إلى دق ناقوس الخطر لدى دول المنظومة الخليجية، فسارعت دول مجلس التعاون الخليجي في 21 يناير/كانون الثاني من هذا العام إلى عقد اجتماع استثنائي في الرياض لوزراء خارجيتها، أعلنت خلاله أنها ستتخذ الإجراءات المطلوبة لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها الحيوية في اليمن، وأعلنت إدانتها للتمرد الحوثي.

دول الخليج أكدت أيضاً في بيانها آنذاك أن أمن اليمن “هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون، وأن استقرار اليمن ووحدته يشكل أولوية قصوى لدول المجلس”.

لماذا الخوف من اليمن؟

تدرك دول الخليج أن اليمن، خاصرتَها الجنوبية، يختلف فيه الحال عن العراق أو عن سوريا، ففي اليمن الخلافات الداخلية تعصف بالجميع منذ نجاح المبادرة الخليجية في إجبار علي عبد الله صالح، الرئيس السابق، على التنحي، وأيضاً التمدد اليمني الديمغرافي في السعودية، حيث يعيش ما يقارب نصف مليون يمني، فضلاً عن القوة الحوثية التي باتت تضرب بقوة في مختلف أرجاء اليمن؛ بفعل السلاح الذي استولت عليه من معسكرات الجيش اليمني، أو بفعل الإمدادات الإيرانية التي باتت تصل إلى موانئ اليمن، البحرية والجوية، بلا خوف أو وجل.

كل ذلك يجعل من اليمن أكبر مهدد لدول الخليج العربي، وخاصة السعودية، وأن تكون نافذة لتوغل إيراني، قد لا يكون على شاكلة ما يجري في بعض دول المنطقة، ولكنه وجود ضغط ستمارسه صنعاء الحوثية على السعودية.

الخليج…قادر وغير قادر

يختلف المراقبون في تقييم طبيعة الأوراق التي تمتلكها دول الخليج حيال التهديد الإيراني، الذي وصل خاصرتها الجنوبية، فبعضهم يعتقد أن بإمكان الدول الخليجية وقف التوغل الإيراني، خاصة أن تلك الدول لديها العديد من الأوراق في داخل اليمن وخارجه، إلا أن مراقبين آخرين يرون أن الوقت قد فات، وأنه آن أوان القطف الإيراني لثمار توغلها في العالم العربي.

أول أوراق الخليج لمواجهة إيران، وخاصة في اليمن، هو الاقتصاد، فالدول الخليجية قادرة على أن تسقط حكم الحوثيين اقتصادياً؛ من خلال جملة من القرارات التي قد تقيد حركة الحوثيين، وإن كان البعض يعتقد أن إيران سوف تعمل على ملء الفراغ المالي الذي قد يحدثه أي حصار خليجي على اليمن، إلا أن ذلك أيضاً لا يبدو أنه بمتناول يد إيران؛ بسبب الوضع الاقتصادي الذي تعانيه.

وربما يمكن لدول الخليج أيضاً أن تعمل على زيادة الدعم المالي والإعلامي للرئيس عبد ربه منصور هادي؛ للوقوف بوجه التمدد الحوثي، إلا أن هذا الأمر يبقى بحاجة إلى قرار جماعي خليجي، ربما كان مطروحاً خلال لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مع كبار المسؤولين الخليجيين، الذي عقد مؤخراً.

هل يمكن أن يتدخل الخليج عسكرياً في اليمن؟

يبدو خياراً صعباً، أو أخيراً، إن صح التعبير؛ فالدول الخليجية عامة لا تفضل مثل هذه الخيارات، خاصة أن مثل هذا التدخل سيكون مستقبله غامضاً، فالقوة الموجودة على الأرض، الحوثيون، باتت لا يستهان بها، سواء من حيث سلاحها الذي استولت عليه من الجيش اليمني، أو من خلال الشحنات الإيرانية التي باتت تصل إلى صنعاء.

كما أن قراراً بالتدخل العسكري قد لا يحظى بإجماع خليجي؛ نظراً لاختلاف وجهات النظر في التعاطي مع هذا الملف الشائك.

إلا أن سابقة سعودية في البحرين، دفعت بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن الرياض قد تخطو خطوة مشابهة لما قامت به في البحرين عام 2011، يوم أن ضربت بعُرض الحائط التحذيرات الأمريكية والإيرانية من التدخل بالبحرين، حيث فوجئ الجميع بقوات درع الجزيرة، التي تسيطر عليها السعودية، بعبور جسر الملك فهد إلى المنامة، معلنة عن وجود سعودي مسلح وبقوة في البحرين؛ حماية لها من التدخل الإيراني، الذي كاد أن يبتلع المملكة المجاورة للسعودية.

وتبقى هناك خيارات، ربما مؤجلة، تتمثل بدعم الدول الخليجية للأقليات الإيرانية، ومبارزة إيران في عقر دارها، وبالسلاح ذاته الذي تغلغلت من خلاله إلى الدول العربية، إلا أنه- على ما يبدو- خيار غير مطروح حالياً؛ لما له من تداعيات خطيرة على الدول الخليجية، أبرزها تحريك إيران لخلاياها النائمة.

وبعيداً عن أوراق الضغط التي تملكها دول الخليج لمواجهة التمدد الإيراني في اليمن، يبقى الأهم توافر الرغبة الخليجية لمواجهة التمدد الإيراني، وبغير ذلك تبقى أوراق الضغط الخليجية معطلة، دون فائدة.

 

Total time: 0.03