حالة من الهلع والتوتر يعيشها أهالي العاصمة اليمنية صنعاء ومدن رئيسية أخرى، عقب العمليات العسكرية الجوية المفاجئة التي شنتها السعودية وحلفاؤها على مواقع تسيطر عليها جماعة الحوثيين، والتي سمّتها "عاصفة الحزم"، منذ فجر أمس، الأمر الذي أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين بينهم نساء وأطفال.
ومع ساعات الصباح الأولى التي أعقبت الضربة، حاول اليمنيون اتخاذ عدد من الإجراءات للتعامل مع الأزمة والتحسّب لاحتمال طول أمدها.
وأقدمت عشرات الأسر التي تسكن في حي الجراف والروضة، شمال العاصمة، وهي المنطقة التي يتمركز فيها الحوثيون، على النزوح من المنطقة إلى مناطق أخرى في العاصمة أو خارجها. وأشار خالد المحبشي، وهو أحد سكان العاصمة، إلى إمكانية سفره وأسرته إلى ريف محافظة حجة، شمال اليمن، في حال استمر القصف على صنعاء، معتبراً أن الريف في هذه الحالة سيكون أكثر أمناً من العاصمة.
وأضاف المحبشي، الذي يقع منزله وراء قاعدة الديلمي الجوية التي تم استهدافها بالقصف من قبل الطيران السعودي، بأن أطفاله "عاشوا طوال ليلة أمس حالة من الرعب والخوف بسبب أصوات الانفجارات وإطلاق النار من المضاد للطائرات".
وكانت الطائرات السعودية قد قصفت قاعدة الديلمي الجوية وبعض المواقع التي يسيطر عليها الحوثيون، الأمر الذي أدى إلى سقوط بعض القذائف على أحياء سكنية في منطقة "بني حوات"، خلف مطار صنعاء، والقاعدة الجوية العسكرية شمالاً، بالإضافة إلى أحياء سكنية في محيط معسكر صرف شرقاً. وهو الأمر الذي أدى إلى تهدم ستة منازل بشكل كلي و10 منازل أخرى بشكل جزئي، حسب إحصائيات رسمية.
التزوّد بالمؤن كان هدفاً رئيسياً لسكان العاصمة، أمس، فهرعوا إلى محلات بيع غاز الطهي المنزلي. كما بدأت طوابير السيارات تقف أمام محطات بيع المحروقات، بالاضافة إلى اندفاع الناس لشراء بعض السلع، مثل الأرز والقمح والدقيق والحليب وبعض البقوليات والمعلبات، تحسباً لحرب طويلة الأمد. وهو الأمر الذي أدى إلى قيام بعض التجار بإغلاق محلاتهم، ما تسبب في انعدام بعض السلع من الأسواق.
وعبّر المواطن علي الأحمدي (38 عاماً)، عن مخاوفه من استمرار الحرب التي ستؤدي إلى انعدام المواد الغذائية، مشيراً إلى أن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها وأن أضرارها ستكون أوسع وأشمل. وقال الأحمدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحرب تتسبب دائماً في انعدام المواد الغذائية والمحروقات والكهرباء، وجميع الناس يذهبون لشراء وتخزين المواد الغذائية، كما أن كثيراً من التجار يمتنعون عن بيع كثير من السلع بهدف احتكار بيعها في ما بعد بأسعار مضاعفة".
ولفت الأحمدي إلى غياب الرقابة الحكومية في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنه اضطر للتغيّب عن عمله الحكومي، أمس، لكنه خرج فقط إلى السوق بهدف شراء وتأمين عدد من السلع لمواجهة الأيام المقبلة في حال استمرت الحرب.
وفي السياق، سارع الكثيرون ممّن يملكون أرصدة مصرفية إلى سحب بعض مدخراتهم عبر المصارف الآلية لتأمين مبالغ تمكنهم من مواجهة احتياجاتهم خلال الأيام المقبلة.
وخلت شوارع صنعاء، صباح أمس، من الطلاب والطالبات، إذ منع كثير من الآباء أبناءهم من الذهاب إلى المدارس. عقب ذلك، أعلنت وزارة التربية والتعليم في وقت لاحق عن تعليق الدراسة في جميع مدارس العاصمة، ابتداءً من أمس الخميس، حتى "إشعار آخر".
وقال مدير عام مكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة، محمد الفضلي، إن وزارة التربية والتعليم ارتأت تعليق الدراسة حتى إشعار آخر "حرصاً على سلامة الطلاب والمعلمين". كما قامت مجموعة من المؤسسات الحكومية والخاصة بإغلاق أبوابها لتجنب أي أضرار متوقعة.
كذلك هو الأمر بالنسبة لعدد من المنظمات الدولية، إذ أغلقت كافة مكاتب منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن. من جهة ثانية، بدأت المنظمات الإغاثية الدولية بتطبيق نظام العمليات الطارئة والذي يهتم بتأمين أماكن إقامة عمال الإغاثة ودعم أعمال الإغاثة عبر المنظمات المحلية. ويشمل النظام جميع المناطق التي تتعرض للهجوم.
واتخذت بعض مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في المحافظات الجنوبية إجراءات فورية بإخلاء موظفيها الدوليين إلى دول مجاورة لإدارة مهامهم من هناك، ولا سيما بعد قيام مسلحين مجهولين باقتحام ونهب مكتب منظمة رعاية الأطفال السويدية في منطقة تبن، بمحافظة لحج، والاستيلاء على سيارة لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين بالمحافظة، بالإضافة إلى نهب واقتحام منظمة مكافحة الفقر الفرنسية في عدن. كما قامت منظمة أطباء بلا حدود بإخلاء أطبائها وموظفيها العاملين في مستشفى الصداقة في مدينة عدن ومستشفى النصر بمدينة الضالع.