أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ماهو الهدف الاستراتيجي للعدوان على اليمن؟

- وضاح حسين المودَّع
ما فتئ اليمن يخرج من نكبه حتى يدخله عبدربه في نكبة أكبر، وأخر نكبات الرجل أنه طلب من السعودية أن تدمره لأجل مايسميه شرعيته!! شرعيته التي هتكها حين مدد لنفسه ثم هل بعد طلبه قتل اليمنين يبقى له أي شرعية!!!.
 
يتحمس بعض اليمنيين لتدمير بلدهم، يتناسون التاريخ القريب جداً في العراق وسوريا وليبيا حين تدخل الخارج، يتكرر سيناريو الفرح بالتدخل الأمريكي الممول بأموال السعودية في العراق عام 2003 بمبرر اسقاط رئيس والذى دمر بسببه، ترك العالم وبالذات السعودية العراق يتدمر لم يقبل السعوديون حتى باستضافة حارث الضاري السني، في الأخير لا يهم هذه الدول سوى مصالحها ولايعنيها مصلحة الدولة التي تدخلت فيها، وبعد كل تدمير لدولة يبرر النفط الخليجي فشله بلوم إيران، لتصبح ايران المستفيد الوحيد في كل دوله تتدخل فيه السعودية، حتى لبنان الذي قيل أن السعودية أنقذته باتفاقية الطائف من أتون الحرب الأهلية لم يكبر فيه سوى نفوذ إيران وإلى اليوم وهو غير مستقر!!.
 
 نسي اليمنيون أيضاً تدخل السعودية لفرض البدر إماماً في الستينات وإدخالهم اليمن بحرب أهلية لسنين، فشل السعوديون يومها في خيار فرض حاكم على اليمنين بالقوة، يختلف اليمنيون كثيراً لكنهم في بغض اعتداء الأجنبي على بلدهم يتفقون، هذه المرة وبسبب الإعلام المضلل يحاول المعتدين إظهار أن مؤيديهم من اليمنيين هم الغالبية أو هم فئة كبيرة.
 
يختلف مؤيدو الاعتداء في أسباب تأييدهم فمن عمالة واضحة وبيع ذمة للمال السعودي إلى فرحة وشماته وبغض لجماعة الحوثي، إلى تصديق أن الضربات ستخدم اليمن في الختام عبر إضعاف الطرف الأقوى أي الحوثيين وتجعله متساوياً مع الأطراف الأخرى وبالتالي سيسهل الحل السياسي، وهنا في هذه النقطة بالذات سأحاول مناقشة أًصحاب هذا التبرير.
 
المسلم به أن العمل العسكري الذي لايحدد فيه الهدف الاستراتيجي فاشل، فهل بالفعل يوجد هدف استراتيجي لضربات العدوان السعودي، ونفس الشيء يفهم أي سياسي أن عدم تحديد هدف لما يتخذه من موقف هو قمة الغباء، فهل هناك هدف سياسي يمكن بالفعل تحقيقه بعد هذا العدوان؟؟!!.
 
 لم أجد من مؤيدي الاعتداء سوى ردود فضفاضة كإجابة لما طرحته من سؤال وأول الإجابات القول أن القصف والعدوان سيعيد عبدربه إلى الحكم، وبمناقشة هذا القول يثبت لكل ذي عقل أنه لم يعد من الممكن عودة شخص صار مشكلة المشاكل لليمن ثم أين سيحكم أصلاً وهو فرَّ من صنعاء ثم من عدن كما وقد فقدت ميلشياته السيطرة على أهم معقل لها وهي مدينة عدن وماجاورها، ثم من سيضمن الحماية للرجل وقد عجز عن حماية نفسه قبل أسابيع فما بالك وقد صار محملاً بوزر الضربات العدوانية الحالية والتي صنعت له ثارات شخصية مع كثير من اليمنين.
 
الإجابة الأخرى هي القول أن القصف سيضعف الحوثيين وسيكسر شوكتهم وبالتالي ستكون المحصلة النهائية هي أن الفصائل السياسية المعارضة للحوثي ستتساوى معه ولن يكون له عليها أفضلية، وبمناقشة هذا القول يتضح أن مروجيه أعمتهم الخصومة عن النظر في الواقع، فالواقع أن الحوثيين لم يكن لديهم الرغبة بالسيطرة على اليمن بطريقة مباشرة أي بتولي مسئولية الدولة إدارياً بل كانوا يعمدون إلى عدم تحمل كامل المسئولية لعلمهم بصعوبة إدارة اليمن في هذه المرحلة، ولذا عجزوا عن تطبيق الإعلان الدستوري الذي أعلنوه لعلمهم أن اليمن لايحكم إلا بالشراكة، كما وينسى هؤلاء أن الحوثيين لم يسيطروا على الأسلحة ويبقونها في أمكانها بل كانوا ينقلونها من المعسكرات مايؤكد عدم رغبتهم بتولي مسئولية الدولة وخوفهم من مألات الأمور، كما أن طبيعة الجماعة وخبرتها السابقة جعلتها توزع مقاتليها وأسلحتها في أماكن كثيرة، فكيف يمكن إذاً أن تضعف الجماعة وهي لاتتسم بأي تشكيلات جمعية يمكن انهائها بسهولة!!؟؟.
 
إن الملموس تماماً لكل من يبتعد في تفكيره عن العواطف ويشاهد مايحصل على الأرض من ضربات على مدى أيام، هو أن الضربات لاتستهدف سوى البنى التحتية لليمن وبقايا جيشها الذي انهاه عبدربه وجعله هيكلاً عظمياً، إن ضرب مباني فارغة للجيش وصالات ركاب مطارات مدنية وهناجر صيانة وعنابر جنود الخ، لايمكن أبداً أن تثبت سوى أن الهدف الاستراتيجي الوحيد الذي سينتج عن هذا العدوان هو تدمير اليمن وزيادة نفوذ المليشيات وتكرار السيناريو العراقي والليبي بنسخة ثالثة أكثر قبحاً، وحينها سيتخلى السعوديون عنكم يامن أيدتم العدوان على بلدكم لأنكم لم تكونوا بالنسبة لهم سوى مرتزقة، لن يسامحكم اليمنيون أيضاً ولن يسامحكم التاريخ مهما حاولتم تحسين قبح فعلتكم وتذكروا أن الجزاء من جنس العمل.

Total time: 0.0511