أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

التغيرات في الجيش المصري هل إجراءات طبيعية أم استعداد لحــرب اليمن البرية .

أطاح الرئيس المصري بعد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، بعدد من شركائه في الانقلاب من داخل الجيش بشكل مفاجئ، بعد إجراء تغييرات طالت قيادة المخابرات الحربية، والقوات البحرية والجيش الثاني الميداني، وسط غموض حول أسباب التغييرات، وهل هي للتخلص من قيادات في الجيش أم محاولة ترميم الخسائر التي يلقاها الجيش في سيناء، أم الاستعداد لحرب اليمن البرية؟

حيث صدّق وزير الدفاع المصري صدقي صبحي، على قرار تعيين اللواء أركان حرب محمد فرج الشحات مديرًا للمخابرات الحربية والاستطلاع، خلفا للواء صلاح البدري الذي تم تعيينه مساعدا لوزير الدفاع، وأصدر قرارا بتعيين اللواء بحري أسامة منير ربيع قائدا للقوات البحرية، خلفا للفريق أسامة الجندي، بينما تم تعيين اللواء أركان حرب ناصر العاصي قائدا للجيش الثاني الميداني، خلفا للواء محمد الشحات.

ويعد الفريق أسامة الجندي قائد القوات البحرية السابق، أحد أبرز قيادات المجلس العسكري التي شاركت بشكل واضح في ترتيبات ما بعد الانقلاب.

وكان الجندي واحدا ممن ظهرت أصواتهم في تسريبات مكتب السيسي التي أذاعتها قناة “مكملين” الفضائية، خلال حديثه مع اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري، والفريق محمود حجازي رئيس الأركان، لتزوير مقر الاحتجاز القسري للرئيس السابق محمد مرسي عقب الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو، وتحويل جزء من قاعدة “أبوقير” البحرية إلى سجن مزور تابع لوزارة الداخلية.

والفريق أسامة الجندي قائد القوات البحرية السابق، يعد من أبرز قيادات المجلس العسكري التي شاركت بشكل واضح في المجازر والجرائم التي شهدتها مصر بعد الانقلاب، بدءا من المذابح التي ارتكبت في محافظة الإسكندرية على أيدي قوات الصاعقة البحرية، يوم التفويض بميدان القائد إبراهيم، إلى مجزرة سموحة.

وربط عدد من المراقبين بين هذه التغييرات وما يحدث في سيناء من هجوم متكرر من العناصر الجهادية “ولاية سيناء” على قوات الجيش المصري، وآخرها تفجير مدرعة اليوم الأحد وقتل 6 بينهم ضابط، وانشقاق عدد من الضباط والجنود وانضمامهم لتنظيم “ولاية سيناء”، فضلا عن الاستعدادات لاحتمال مشاركة مصر في الحرب البرية باليمن.

إلا أن مصدرا عسكريا أكد أن حركة التنقلات الاستثنائية، التي اعتمدها القائد العام للجيش المصري الفريق أول صدقي صبحي، الأحد، “طبيعية وليست مرتبطة بأحداث“، ولكنه ألمح ضمنا لأنها “للتأسيس لمرحلة جديدة من العمليات الميدانية على كافة الحدود والاتجاهات الاستراتيجية” في إشارة محتملة لحرب اليمن.

وأوضح المصدر، في تصريح لجريدة “اليوم السابع” المؤيدة للسلطة، أنّ حركة التغييرات الاستثنائية لعدد من كبار قادة القوات المسلحة، “تأتي في إطار جهود مكافحة الإرهاب وحصار الجماعات المتطرفة في شمال سيناء خلال الوقت الراهن، وضرورة ضخ دماء جديدة في صفوف كبار القادة، والتأسيس لمرحلة جديدة من العمليات الميدانية على كافة الحدود والاتجاهات الاستراتيجية تعتمد بشكل أساسي على المعلومات“.

 

وقال مراقبون إنّ هذه التغييرات تعد الأولى والتي يجريها صبحي، منذ توليه القيادة العام للقوات المسلحة خلفا للسيسي، وربما كانت خطوة منه للتخلص من رجال السيسي تدريجيا الذين عينهم قبل تركه للجيش وتوليه الرئاسة، إلا أن مراقبين آخرين قالوا إن التغييرات لا تتم إلا بعلم القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الرئيس السيسي.

الخليفة الثالث للسيسي

ويعتبر اللواء محمد الشحات هو الخليفة الثالث للرئيس عبد الفتاح السيسي في المخابرات الحربية، حيث تولى السيسي ادارة المخابرات الحربية في الفترة منذ عام 2010 وحتى 2012، رُقي بعدها إلى رتبة فريق أول من قبل الرئيس السابق محمد مرسي وشغل منصب وزير الدفاع عقب الإطاحة بكل من وزير دفاع مبارك محمد طنطاوي ورئيس أركانه، قبل أن ينقلب السيسي على مرسي ويحظى برتبة مشير، ثم يخوض السيسي انتخابات رئاسة الجمهورية ويتولى المنصب في يونيو 2014.

اللواء محمد الشحات

وقد خلفه في المخابرات الحربية، الفريق محمود حجازي، صهر السيسي، في الفترة من 2012 وحتى 2014، ثم رُقي بعدها إلى رتبة فريق ويشغل حاليا منصب رئيس أركان القوات المسلحة، ثم تبعه في إدارة المخابرات الحربية، اللواء أركان حرب صلاح البدري منذ عام 2014، قبل الإطاحة به وتعيينه في منصب شرفي هو مساعد لوزير الدفاع، وتعيين اللواء محمد الشحات كثالث مرشح للمنصب بعد السيسي.

وتولى الشحات قيادة اللواء 12 مشاة ميكانيكي، ثم ملحقًا للدفاع في المملكة العربية السعودية، ثم قائدًا للفرقة 16 مشاة بالجيش الثاني الميداني، ثم تمت ترقيته إلى رتبة اللواء، وعمل مساعدًا لمدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، ثم رئيسًا لأركان الجيش الثاني الميداني، ثم قائدًا له خلفًا للواء أركان حرب أحمد وصفي.

وتقول منظمات حقوقية ونشطاء في سيناء إن “الشحات” يتحمل مسؤولية الكثير من الجرائم التي حدثت في سيناء خلال العاميين الماضيين، ففي عهده، نفذت ولاية سيناء هجوم كرم القواديس، الذي راح ضحيته 31 مجندا، في شهر أكتوبر الماضي، هذا إلى جانب المرحلة الأولى من تهجير رفح ثم تفجيرات العريش والشيخ ورفح المتزامنة في يناير 2015، ومع هذا تمت ترقيته.

أما اللواء ناصر العاصي، قائد الجيش الثاني الجديد، فيعد من أبرز قادة العمليات الميدانية في شمال سيناء خلال الفترة الماضية، ويحمله النشطاء -مع الشحات- ما يسمونه “الجرائم التي ارتكبها بحق أهالي سيناء“، كما يتحمل المسؤولية عما يتعرض له الجنود في سيناء من خطف وقتل على يد عناصر “ولاية سيناء”، وذلك من خلال توليه مسؤولية رئاسة أركان الجيش الثاني الميداني.

فيما يصف آخرون بأنه “صائد الإرهاب في سيناء“، وأنه سبب تعيينه قائدًا للجيش الثاني هو استمرار العمليات الإرهابية في سيناء والرغبة في الاستفادة منه في قمع هذه العمليات، حيث يعد «العاصي»، من أبرز قادة العمليات في سيناء، وقاد العديد من الخطط للعمليات في سيناء، ضد “البؤر الإرهابية والتكفيريين“، بحسب صحف مصرية.

 

أقصر مدير مخابرات حربية

وشغل اللواء أركان حرب صلاح البدري منصب مدير المخابرات الحربية، قبل تعيينه خلفا للواء محمود حجازي رئيس أركان القوات المسلحة الحالي، لمدة قصير للغاية هي عام واحد.

وأرجع مصدر عسكري سبب رحيل البدري من المخابرات الحربية الذي تولى المنصب شهر أبريل 2014، هو توليه مهام المنصب “بالنيابة”، موضحا أنه أحيانا تلجأ القيادة العامة للقوات المسلحة بتعيين قيادة في منصب بأحد أسلحة الجيش لفترة معينة قد تمتد من عدة شهور إلى عدة سنوات، لحين الاستقرار على قيادة بعينها لتولي مهمة المنصب الذي يتولاه زميله “بالنيابة”، وذلك وفق مصلحة العمل ومقتضيات الظروف العامة له.

من الجدير بالذكر أن السيسي أطاح مسبقا بقيادات مهمّة كان أبرزها وزير الداخلية محمد إبراهيم، ورئيس المخابرات العامة محمد فريد التهامي، لأسباب غير معلومة.

انضمام ضباط لولاية سيناء

وزعم موقع” ميدل نيوز” الإسرائيلي في تقرير نشره 9 أبريل الجاري أن “الاستخبارات العسكرية المصرية كشفت أن عددا من الضباط والجنود تبنوا أفكارا متطرفة وانضموا للتنظيمات الإرهابية بسيناء“، وقال: “إذا كانت التنظيمات المتشددة في شبه جزيرة سيناء تمثل حتى الآن مصدر تهديد كبير للجيش المصري، فإن هذه المخاوف قد تزايدت خلال الفترة الماضية، مع تقارير تتحدث عن انضمام عناصر عسكرية لصفوف هذه التنظيمات“.

وقال التقرير الإسرائيلي: “انضمام عناصر الجيش المصري لصفوف التنظيمات الإرهابية بسيناء يعقد كثيرا جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في التصدي للمتشددين هناك، حيث يعتبرهم تهديدا وجوديا على الدولة“.

وأضاف: “يخشى النظام المصري أن تقوم عناصر الجيش التي انضمت للتنظيمات الإرهابية بتزويدها بمعلومات عن الجيش المصري، الذي يعد أكبر جيش في العالم العربي، ويتولون عملية تدريب عناصرها“.

واستشهد” ميدل نيوز” بما قاله خليل العناني الخبير في الحركات الإسلامية المتشددة أنه منذ الإطاحة بمرسي انضم عدد من الضباط السابقين لصفوف تنظيم أنصار بيت المقدس، وشاركوا في عمليات التخطيط وكذلك تنفيذ هجمات ضد الجيش والمؤسسات الحكومية، خاصة بسيناء.

ويدرك السيسي الذي كان قائدا للجيش ورئيسا للاستخبارات العسكرية المصرية -بحسب الموقع الإسرائيلي- “إمكانية تبني عناصر عسكرية أفكار متطرفة، الأمر الذي أسفر عن قتل الرئيس السابق أنور السادات، لكن في الجيش المصري يصرون على أن الانشقاق والانضمام صفوف التنظيم المتطرف ليس ظاهرة حقيقية، وإنه يمكن إحصاء تلك الحالات على أصابع اليد الواحدة“.

وكانت صحيفة “العرب” اللندنية التي تمولها الإمارات قد نقلت عن مصدر عسكري مصري قوله: “نعم، هناك أفراد من أعضاء القوات المسلحة نكتشف أن لديهم أفكارا دينية متطرفة؛ لكن أعدادهم قليلة جدا. ربما يكون عددهم اثنين أو ثلاثة في دفعة من 2000 فرد“.

ورغم هذا العدد القليل، يقول الموقع الإسرائيلي، إن مستوى التدريب العالي لهؤﻻء الضباط الذين انضموا لـ”ولاية سينا “يساعد بشكل كبير في تنفيذ هجمات مخطط لها جيدا تستهدف القوات المصرية بسيناء.

وختم بالقول: “مؤخرا، تم نشر اسم ضابط بالقوات الخاصة المصرية يدعي هاشم العشماوي، تبنى مبادئ جهادية، وأقام خلية إرهابية تابعة لتنظيم أنصار بيت المقدس، وهو التنظيم الذي بايع الدولة الإسلامية ( داعش)، ويشرف العشماوي مع ضابط آخر خدم بالجيش المصري على برنامج التدريب العسكري التابع للتنظيم الإرهابي”.

وكان الإعلامي أحمد منصور، المذيع بقناة الجزيرة الإخبارية، قد كشف عن انشقاق 3 ضباط من الجيش وانضمامهم لـ “ولاية سيناء”، في شهر فبراير الماضي، وهؤلاء الضباط هم: مقدم الصاعقة “هشام عشماوى”، وهو قائد عمليات التنظيم في وادي النيل، وكلا من الضابط “عماد عبد الحليم”، والضابط “أحمد عامر”.

وقال منصور، على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “السيسى وعصابته يتكتمون على السر الحقيقي لفشلهم في سيناء أمام تنظيم الدولة، وهو انضمام كثير من ضباط الجيش للتنظيم وقيادتهم العمليات ضد جيش السيسي“.

ذنبي في رقبة السيسي

وبث تنظيم “ولاية سيناء” عبر حسابه الرسمي على تويتر  مرئيا جديدا به مشاهد لقتل جندي قال التنظيم أنه اختطفه من أحد كمائن الجيش في سيناء وبه يعترف الجندي بما قال إنه استيلاؤهم على دبابتين وأسلحة وينصح زملاءه الجنود بالهرب، ويقول: “ذنبي وذنب كل الجنود في رقبة السيسي“.

ولم تعلن السلطات المصرية عن اختطاف أي جنود على أيدي تنظيم ولاية سيناء، ما أثار تساؤلات حول إخفاء ذلك لعدم إضعاف معنويات الجنود أم عدم العلم بخطفه أن أنه غير صحيح ومجرد دعاية للتنظيم ضد الجيش المصري.

وتضمن الفيديو صورا لأشلاء وجثث من يقول التنظيم إن الجيش قتلهم من أهالي سيناء، ويظهر به الجندي المصري أحمد أبو الفتوح من محافظة الدقهلية الذي بدا منهارا، وقال في حديثه بنبرة تظهر “الرعب” الذي يعيشه، إن مقاتلي التنظيم تمكنوا من اقتحام كتيبة 37 وقتلوا جميع زملائه، فيما تم أسره مع زميل آخر له.

 

وروى الجندي المصري أحمد أبو الفتوح في الإصدار المسمى “رسالة”، طريقة أسره من مقاتلي التنظيم، حيث قال أبو الفتوح إن الجيش المصري رغم درايته بوقوع جنوده في كمين لتنظيم “ولاية سيناء”، إلا أنه لم يرسل لهم أي تعزيزات، مبينا أن الضابط المسؤول عنهم أمَّن طريقا للهروب، ونجا بنفسه وتركهم بين قتيل وأسير.

وفي حديث بدأ أنه يملي علي الجندي أو أنه يسعى به لاستعطاف أعضاء التنظيم قبل قلته، ضمن إصدارات ولاية سيناء، قام الجندي المصري بإظهار ندمه على الالتحاق بالجيش، داعيا جميع جنود وضباط الجيش إلى الانشقاق، والانضمام إلى “ولاية سيناء”، قائلا إنه “لا أحد لا يستطيع الانشقاق مهما صعبت ظروفه”.

وكذّب أبو الفتوح قيادات الجيش الذين كانوا يقولون للجنود إن “ولاية سيناء” جماعة تكفيرية، مضيفا: “ولاية سيناء مش تكفيريين، وهم عايزين يحرروا بيت المقدس، لكن العساكر اللي زينا بيمنعوهم“.

وتابع وهو يحتبس دموعه: “أنا ذنبي في رقبة السيسي، وذنب كل الجنود اللي انقتلوا في رقبة السيسي، وأوصي والدتي بمنع شقيقي إبراهيم من الذهاب مجددا للجيش حتى لا يُذبح مثلي، وأوصي كل أمهات الجنود المصريين بمنع أبنائهن من الذهاب، وأؤكد لكم أن مجندي الجيش لا تتجاوز قيمتهم سوى كونهم أرقاما“.

وختم أحمد أبو الفتوح حديثه قائلا: “لازم أي منتسب للجيش المصري يعرف إنه إذا صمم على محاربة ولاية سيناء، وركب دماغه، ولم يتعظ بزملائه الذين تم ذبحهم وأسرهم، سيلاقي المصير الذي ينتظرني بعد قليل“.

وقام أحد عناصر تنظيم “ولاية سيناء” بذبح أحد الأشخاص لم تعرف هويته، أو التهمة الموجهة إليه، فيما تلا ذلك إعدام الجندي أحمد أبو الفتوح رميا بالرصاص.

وفي نهاية الإصدار هدد زعيم “ولاية سيناء” عبد الفتاح السيسي بالمزيد من العمليات، قائلا: “نقول للسيسي لا ترسل تعزيزات إلى سيناء، بل أرسل جيشك كله ليهلك في صحرائها، فإن أرض المناجاة قادرة على إهلاك عشرة جيوش مثل جيشك“.

 

المصدر : متابعات

Total time: 0.0543