ما زال عشرات المواطنين الأمريكيين عالقين في اليمن في ظروف صعبة على الرغم من انتهاء عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية في هذا البلد.
فرغم تواجدها القوي في المنطقة، ترفض واشنطن، منذ بدء التصعيد الأخير للأزمة اليمنية، إجراء أية عملية لإجلاء مواطنيها من منطقة النزاع، ما يدفع هؤلاء إلى استجداء دولة أخرى، تصنفها واشنطن اليوم كأحد أبرز الأخطار على الأمن الدولي، وهي روسيا التي قامت حتى الآن بإجلاء أكثر من ألف شخص من رعاياها ومواطني دول أخرى، بينهم أمريكيون.
وقام مجموعة من النشطاء الحقوقيين في الولايات المتحدة بإنشاء موقع خاص يمكن للأمريكيين العالقين في اليمن إرسال بياناتهم الشخصية ونداءاتهم عبره (الرابط هنا).
وأكدت الناطقة باسم مجلس العلاقات الاسلامية – الأمريكية زهرة بيلو في مقابلة مع RT في 6 أبريل/نيسان أن الموقع تلقى أكثر من مئتي شكوى من مواطنين أمريكيين عالقين في اليمن، وأوضحت أن كثيرين منهم وجدوا أنفسهم تحت غارات جوية دون أية إمكانية للخروج من اليمن.
أما عابد أيوب، وهو المدير القانوني للجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية (ADC)، فوصف وضع المواطنين الأمريكيين في اليمن بأنه مروع، متهما واشنطن لأنها لا تفي بالتزاماتها بحماية المواطنين.
لا خطط أمريكية لإجلاء المواطنين من اليمن
يشدد موقع "Stuck In Yemen" على حق مواطن أية دولة في العالم في الحصول على الحماية من جانب حكومته، مشيرا إلى أن الحكومة الأمريكية تخلت عن الأمريكيين في اليمن بدءا من فبراير/شباط الماضي.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية في 3 أبريل/نيسان: "تحذر وزارة الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين من الخطر الأمني الكبير في اليمن، نظرا لأعمال الإرهابيين والاضطرابات الاجتماعية. وفي 11 فبراير/شباط عام 2015، علقت وزارة الخارجية عمل السفارة الأمريكية في صنعاء نظرا لتدهور الوضع الأمني في المدينة، إذ تم نقل العاملين في السفارة إلى خارج الدولة. كما تم تعليق كافة الخدمات، القنصلية الدورية منها والطارئة حتى إشعار آخر".
وبعد إشارتها إلى هذه القرارات، دعت الخارجية المواطنين الأمريكيين إلى تأجيل زياراتهم إلى اليمن، أما المواطنون المتواجدون في اليمن، فدعتهم واشنطن إلى المغادرة عندما تتاح لهم فرصة آمنة للقيام بذلك.
وتابع البيان:
"لا توجد في الوقت الراهن أية خطط لعمليات إجلاء المواطنين الأمريكيين بتنسيق حكومي. إننا ندعو جميع المواطنين الأمريكيين للجوء إلى مناطق آمنة، حتى يكون بإمكانهم المغادرة بسلامة".
وأضاف: "بالإضافة إلى ذلك، قد تنظم بعض الحكومات الأجنبية عمليات إجلاء مواطنيها (من اليمن)، وقد توافق تلك الحكومات على مساعدة مواطنين آخرين. ولكن ليس هناك ما يضمن أن حكومات أجنبية ستساعد المواطنين الأمريكيين في مغادرة اليمن".
وعلى الرغم من نداءات النشطاء الحقوقيين، أصرت واشنطن على رفضها تنظيم حملة لإجلاء الأمريكيين في اليمن. وأكدت على هذا الموقف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف، قائلة: "نحن نوزع تحذيرات منذ 10 سنوات، ونحث فيها الأمريكيين بإلحاح على عدم السفر إلى اليمن. ولا يمكن للولايات المتحدة إلا على تقديم مساعدة محدودة لأولئك الذين توجهوا هناك رغم التحذيرات، نظرا لإغلاق سفارتنا في اليمن".
أمريكيون يرفعون دعوى ضد الحكومة الأمريكية بسبب رفضها إجلاءهم من اليمن
رفع أكثر من 40 مواطنا أمريكيا من العالقين في اليمن دعوى قضائية ضد وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، مطالبين بتنظيم عملية لإجلائهم من المناطق الخطيرة.
ورُفعت الدعوى لدى محكمة دائرة واشنطن الفدرالية، وهي تؤكد أنه "على الرغم من وجود خطر جلي يهدد الأمريكيين في اليمن، ومقتل واحد منهم على الأقل، لم تتخذ إدارة أوباما حتى الآن أية خطوات ملموسة من أجل مساعدة المواطنين والأشخاص المقيمين في الولايات المتحدة في الانتقال إلى مناطق آمنة".
مقتل أمريكي ومعاناة مئات العائلات الأمريكية في اليمن
هذا ولقي مواطن الأمريكي واحد على الأقل مصرعه في اليمن، وهو جمال اللبني الذي توجه إلى عدن من ولاية كاليفورنيا ليصطحب معه ابنته الصغيرة وزوجته الحامل اللتين مازالتا عالقتين باليمن.
وقال قريب للقتيل يدعى محمد العزاني، في تصريح لـ RT إن اللبني بقي عالقا في عدن لأسابيع، موضحا أنه لقي حتفه عندما كان عائدا من المسجد بعد أن اخترقت ظهره شظايا من قذائف هاون.
بدورها قالت سمر ناصر، الناشطة والصحفية من نيويورك، والتي وجدت نفسها عالقة في ضواحي عدن عندما وصلت إلى اليمن لتساعد أقاربها في الانتقال إلى مكان آمن، إن هناك مئات الأسر الأمريكية بحاجة إلى المساعدة، وهي تتلقى منهم نداءات استغاثة يوميا. وأضافت أن هؤلاء يضطرون للاعتماد على دول أخرى للخروج من منطقة النزاع.
روسيا تجلي أمريكيين من اليمن
في 11 أبريل/نيسان قامت السفينة "بري آزوفيه" التابعة للأسطول الحربي الروسي بإجلاء 308 أشخاص من سواحل اليمن، بينهم 18 أمريكيا.
كما تمكن أمريكيون آخرون من مغادرة صنعاء على متن الطائرات التي أرسلتها وزارة الطوارئ الروسية لإجلاء مواطنين روس ومدنيين من دول أخرى من العاصمة اليمنية التي تعرضت لضربات جوية مكثفة.
وقال أحد هؤلاء في مقابلة مع مراسلRT إنه اتصل بالعديد من السفارات الأمريكية في المنطقة، لكن كلها اعتذرت وأكدت أن واشنطن ستساعد الأمريكيين العالقين في اليمن قريبا، لكن المساعدة المرجوة لم تأت. وتابع أن الأمريكيين من أصول يمنية يشعرون أن الحكومة تعاملهم كأنهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وشكرت وزارة الخارجية الأمريكية موسكو على جهودها لإجلاء الأمريكيين من اليمن، لكنها ذكرت، على لسان المتحدثة ماري هارف، أنها ليست على علم بالتفاصيل وبوجود إمكانيات أخرى متاحة للأمريكيين لمغادرة البلاد على متن سفن أو طائرات تابعة لروسيا أو دول أخرى.
مساهمة RT
خلال الأسابيع الماضية أجرت قناة RT عشرات الاتصالات بأمريكيين عالقين في اليمن، وسلمت نداءاتهم إلى السفارة الروسية في صنعاء التي واصلت العمل على الرغم من الأوضاع المتأزمة.
وبحلول 22 أبريل/نيسان، نظمت قناتنا بالتعاون مع السفارة الروسية عملية إجلاء لمجموعة من نحو 20 مواطنا أمريكيا، غادروا اليمن على متن طائرتين روسيتين إلى جيبوتي.
الخارجية الروسية تقدم الشكر لـ"RT"
بهذا الصدد، قدم الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ألكساندر لوكاشيفيتش الشكر لقناة "RT" لمساعدتها في إجلاء 20 مواطنا أمريكيا من اليمن.
وقال لوكاشيفيتش: "بصدد إجلاء المواطنين الأمريكيين نود أن نتوجه بالشكر لقناة "RT" لما قامت به من المساعدة التقنية النشطة على إجراء هذه العملية وتغطيتها إعلاميا".
المصدر: RT