اخبار الساعة - رويترز
م يكد يطرأ أي تحول على الخطوط الأمامية في الحرب الأهلية في اليمن بعد الغارات الجوية السعودية المتواصلة على مدى أسابيع والقتال الدائر بين الفصائل المتناحرة.
غير أن ثمة بوادر خافتة وراء الكواليس على تحولات قد تؤدي إلى تغيير الموازين على الارض.
والخطر يحدق هنا بالاستقرار والمستقبل السياسي لبلد به أنشط فروع تنظيم القاعدة على مستوى العالم وأصبح مسرحا للتنافس بين أكبر قوتين اقليميتين السعودية وايران ويسيطر على طرق رئيسية للشحن البحري.
غير أنه مع استمرار الصراع وتزايد أبعاد الكارثة الانسانية في اليمن الفقير فإن اليمنيين يحذرون من أنه كلما طال القتال تعذر استعادة السيطرة على الدولة.
وكتبت الناشطة السياسية بشرى المقطري في جريدة العربي الجديد يوم الأحد الماضي تقول "بقراءة خارطة المعارك والمواجهات العسكرية في اليمن منذ بدء العاصفة ونتائج الصراع اليمني على مستويين مازالت المعركة العسكرية على الوتيرة نفسها التي بدأت بها ولم تستطع أي من القوى المتصارعة حسم المعركة.
"لم تنجح قوات التحالف بقيادة السعودية في تغيير معطيات المعركة على الارض لمصلحة جبهة الرئيس عبد ربه منصور هادي ولا تمكنت حتى الآن من تحقيق توازن يهييء لهادي العودة إلى العاصمة صنعاء أو إلى عدن."
ومازال مقاتلو الحوثيين ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح والمتحالفة معهم تسيطر على مناطق في الوسط والجنوب كانت قد سيطرت عليها في أواخر مارس آذار الماضي وأوائل ابريل نيسان الجاري لكنهم أخفقوا في إخماد مقاومة القوات المؤيدة للحكومة المنفية.
من ناحية أخرى أبدت عدة قبائل ووحدات بالجيش على مدى الاسبوع الماضي تأييدها للرئيس هادي الذي يعمل الآن من الرياض بعد أن كانت تتجنب الانحياز لطرف على حساب الآخر لكن يبدو أنها لم تحقق أي تقدم يذكر في تحويل دفة الصراع.
وقال أحد شيوخ القبائل في محافظة مأرب الصحراوية بوسط البلاد "الحوثيون يهاجمون ورجال القبائل يتصدون لهم. ويسيطر أحد الطرفين على موقع لكن في اليوم التالي يسترده الطرف الثاني."
وقالت كل الفصائل والقوى الخارجية إنها تريد إجراء محادثات للوصول إلى حل سياسي غير أنه في ضوء استقرار التوازن العسكري بين الطرفين فلا يبدو أن أيا منهما على استعداد لتقديم التنازلات اللازمة لبدء الحوار.
وتربط الحوثيين علاقات وثيقة مع ايران وتخشى الرياض أن تسعى ايران لاستخدام جماعة الحوثي في فرض سطوتها فيما تعتبره المملكة الفناء الخلفي لها بما يهدد أمنها.
* ضربات وجمود
ويقاتل الحوثيون وصالح من أجل الإبقاء على جمود الوضع إدراكا منهم أن التأييد الدولي لحكومة هادي في الرياض وللضربات الجوية السعودية سيتلاشى مع تفكك اليمن وتحوله إلى دولة فاشلة.
ويقول محللون إن الحوثيين وصالح يعتقدون فيما يبدو أن السعوديين وهادي سيتعرضون حينئذ لضغوط متزايدة لتقليص خسائرهم والسعي لإبرام اتفاق يعترفون فيه بأن للحوثيين كلمة في اختيار قيادة البلاد والسماح لصالح بالاحتفاظ بنفوذه.
وعلى الجانب الآخر يعتقد السعوديون إن استراتيجيتهم بدأت تؤتي ثمارها تدريجيا.
فقد فرضت الغارات الجوية ضغوطا على الموالين لصالح في الجيش ودمرت جانبا كبيرا من عتادهم الحربي وقطعت عنهم وعن الحوثيين الدعم الخارجي.
ويهدف السعوديون لاستغلال هذا الضغط إلى جانب القنوات السياسية الخلفية مع القيادات القبلية ومع الساسة وكبار ضباط الجيش إلى عزل صالح وإقناع أنصاره بتحويل ولائهم إلى هادي ما يؤدي إلى انكشاف الحوثيين عسكريا بما يتجاوز قدراتهم.
وقال سياسي يمني ينتقد الحوثيين وطلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية "قبل ذلك كانوا (الحوثيون) يتشدقون بفكرة اقتسام السلطة. أما الآن وقد أدركوا أنه ليس بوسعهم الفوز في ساحة المعركة فسيتعين عليهم تقديم المزيد."
* تغيير الولاء
تركز القتال الأخير على أربع جبهات رئيسية.
في ميناء عدن الجنوبي يقاتل الحوثيون ووحدات من الجيش موالية لصالح فصائل محلية تدعمها الضربات الجوية السعودية. وفي تعز ثالث أكبر المدن اليمنية يشتبك الحوثيون في معارك بالشوارع مع مقاتلين من الاسلاميين السنة.
وفي الوقت نفسه يقاتل الحوثيون وقوات صالح قبائل واسلاميين وفصائل محلية في محافظة مأرب الواقعة إلى الشرق من العاصمة صنعاء وكذلك في شبوة إلى الشمال الشرقي من عدن.
ولدى القبائل والمقاتلين المحليين أسلحة خفيفة ولا يملكون سبيلا للحصول على إمدادات خارجية باستثناء ما تسقطه جوا الطائرات الحربية السعودية.
ويستفيد خصومهم من العلاقات الوثيقة التي تربطهم بالجيش النظامي ولهم خطوط إمداد واضحة رغم تشابكها من خلال المحافظات التي تتم السيطرة عليها.
وقال جمال العولقي المقاتل القبلي الذي يحارب الحوثيين في شبوة "الحوثيون يحصلون على إمداداتهم من مخازن قوات الجيش في هذه المحافظة وغيرها ولديهم إمدادات غذائية تكفيهم شهورا."
وفي الوقت الراهن يبدو من المرجح أن تغييرات جذرية على الأرض ستحدث عن طريق القنوات الخلفية لا عن طريق أي تحول مفاجيء في المعادلة العسكرية. وشهد الأسبوع الماضي تحول عدة وحدات من الجيش إلى تأييد هادي ما أشار إلى جهد سعودي للفوز بتأييدها.
ولم تعلن أي تحولات أخرى في الولاء علانية وأدلى صالح الأسبوع الماضي بتصريح اتسم بالتحدي قال فيه إنه سيبقى في اليمن ولن يهرب للخارج.
وربما تكون أفضل ورقة تلعبها السعودية للفوز في حملتها في اليمن هي إقناع كبار الضباط المؤيدين لصالح بالعكس سواء بالرشوة أو التهديد أو بالتملق.