في رحلتنا للوصول إلى صعدة مع مجموعة من الصحفيين ومراسلي القنوات الفضائية وبعض الوكالات العربية والأجنبية أدهشنا منذ بداية النقاط الأولى من الطريق المؤدية لمدينة السلام صعدة ادهشنا التغيير المتميز الذي طرأ عليها في غضون الثلاثة الأشهر الماضية والقدر اليسير من الوقت الذي حولها إلى صانعة المعجزات.. هناك على الرغم من نزوح بعض سكانها في عمران وصنعاء وحجة والحديدة ممن استطاع الفرار بحياته إلا أن الأمن والاستقرار أصبح حليفاً لها سيما أن دعاوي مكرر من قبل قيادة المحافظة بالعودة للمساهمة في صنع مستقبل صعدة الجديد لأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقد آن الأوان لتوديع حياة اليأس والنزوح وعيش كل حالات الطقس تحت الأشجار والخيام الهفة بالإضافة إلى الجوع والعطش وتردي الظروف المعيشية التي أجبرتهم على أن يتوزعوا في القرى والوديان والصحاري، بحثاً عن ستر الحال والأمن والسلامة وفراراً مما لاقوه ضدهم التي أنتهت بنجاح الثورة في صعدة وسقوط النظام
أوقات مرعبة كانت تشهدها أسر النازحين في المحافظات المجاورة سطرتها حرب صعدة السادسة التي أثمرت الخوف الذي طالما كان يسيطر على قلوب تستصرخ الأمن والأمان والاستقرار فلا تجده.
في هذه التناولة تفاصيل رحلتنا التي يمكن وصفها بـ"المغامرة" للأرض التي احتضنت ست حروب متتالية ولقت الكثير من الدمار، وتلمسنا عن قرب معالم هذه الأوضاع التي تغييرت تماماً عما كانت في السابق وسرعان ما تغير مسمى رحلتنا بالمغامرة إلى رحلة أمنة جداً ، فمن هناك استطعنا من مسافة بعيدة رؤية التغيير الملحوظ التي كانت بعناية الله ثم تكاتف جهود أبنائها
العديد من نقاط التفتيش والكثير من المطبات وطريق نالت منها سلاسل الدبابات العابرة فيها ذهاباً وإياباً تعدينا كل هذه الصعاب وصولاً إلى محافظة صعدة وعلى الطريق بين صنعاء وما قبل حرف سفيان هناك تنتشر نقاط عسكرية وأخرى تابعة للجيش الشعبي توصف بـ"بالقطاعات والبشمركة "، لكن الغريب أن الأولى لم تكن كعادتها تمارس التفتيش العنيف الأمر الذي جعلنا نشعر أن صعدة تغيرت كثيراً في عهد الثورة و في نفس الطريق لم يكن أمامنا سوى بضعة كيلو مترات فقط من تلك النقاط حتى استوقفنا مجموعة من المسلحين يطلبون إثبات الهوية، كنا مضطرين لإطلاعهم على بطائقنا الشخصية، رغم أن ذلك يحز في النفس، لأن هؤلاء في الأصل مواطنون خارجون عن القانون وليس من حقهم التفتيش عن هويات الناس، لكن الحكمة كانت تقتضي عدم إغضابهم، طالما وأنه لا مانع لدى الدولة من توزيع حصتها من السيادة على ذوي النفوذ هنا وهناك كان ذلك بالتزامن مع المشاكل التي وقعت في صنعاء بين حرس الأحمر وجنود من وزارة الداخلية.
الغرض كان هو الوصول إلى صعدة لنشاركهم الحفل الذي أقيم بمناسبة عيد الوحدة المجيد الذي تحتفل به لأول مرة بعد استقرارها وكذلك للتوثيق السياسي والإقتصادي وقبل ذلك صادف نظرنا نقاط جماعة الشباب المؤمن (جماعة الحوثي ) الذين طالما كنا نخاف منهم بسبب ما نسمعه عنهم في الإعلام الرسمي حتى أننا كنا نتخيل أن لهم أشكال مخالفة لشكل الإنسان بالطابع البشري لكننا رأينا العكس تماماً فقد كانت نقاطهم مزينة بالورود وكانت الابتسامة لا تفارق شفتاهم والترحيب الحار هو بداية كلامهم دون أن تفارق الابتسامة تلك الوجوه وبدون تفتيش كنا نمر من كل نقطة تابعة لهم ،الأمر الذي زاد اندهاشنا وجعلنا نتساءل هل هؤلاء هم الحوثيون ومن نقطة إلى نقطة والتي انعدم فيها النقاط العسكرية وصلنا محافظة صعدة محافظة السلام بالمعنى والحقيقة وكان في استقبالنا الأستاذ عيسى عاطف مدير مكتب الإعلام بالمحافظة والأستاذ ابراهيم راشد لنصل إلى قاعة الحفل التي وصلها قبلنا الكثير من الجماهير المحبة للوحدة من كل أطراف الجمهورية وكل أبناء محافظة صعدة وشخصيات جنوبية وأجنبية هامة لتشارك في أكبر حفل خطابي وفني عرفته صعدة في عهد محافظها الجديد الشيخ /فارس مناع وذلك ابتهاجاً وترحيباً بالذكرى الواحد والعشرين للوحدة اليمنية الـ22من مايو المجيد الذي أقيم صباح الأحد الماضي الموافق 22مايو 2011 الذي نظمته محافظة صعدة بالصالة الرياضية وذلك برعاية كريمة من الشيخ / فارس مناع محافظ المحافظة الذي يهدف لتعزيز وتخليد الذكرى الغالية على قلب كل يمني ويهدف أيضا إلى مدى حرص أبناء محافظة صعدة بأهمية هذه المناسبة الغالية والتي تهم كل يمني وتعني له العزة والفخر في كل الأحوال وتهم كافة القطاعات بكل مستوياتها بلا استثناء وهي أيضاً مناسبة ظهور التنمية وما تعنيها على الساحة اليمنية وهي الكلمة التي أرادها الشعب بكل معانيها الوطنية .
وخلال الحفل تعهد الشيخ فارس مناع في كلمته التي ألقاها وسط حشد جماهيري واسع تعهد بمكافحة الفساد الذي خلفه النظام الدكتاتوري الفاسد في المحافظة داعياً كل المواطنيين بالتعاون معهم وطي صفحة الماضي والعودة لمسقط رأسهم لصنع المستقبل المنتظر .
وأضاف مناع " سنموت وسنضحي بالغالي والرخيص من اجل الوحدة, لأنها إرادة وكلمة أرادها الشعب وهي ليست ملك لشخص وإنما مللك للشعب
كما دعا الشيخ فارس مناع محافظ صعدة الجميع الى التسامح وطي الماضي وتناسي المأسي و ما كان في الماضي وفتح صفحة جديدة من الاخاء والتسامح,
ودعا مناع في رسالة قصيره أرسلها لشباب الثورة في كل ساحات التغيير والحرية دعاهم للثبوت والأيمان بكل الثوابت الوطنية والصمود حتى ينتهي الفساد
وقال مناع "عقب نجاح الثورة الشعبية في هذه المحافظة, عد هذا الاحتفال تعبيراً عن مدى وحدوية ابناء صعدة", داعين من كل أبناء المحافظة التي أبعدتهم دوامة الصراع إلى العودة في صنع مستقبل المحافظة.
كما توالت كلمات بعض الشخصيات الهامة وأتفقت كلها على أن أهمية التغيير الحتمي لإعادة صياغة النظام وترجمة الحلول المناسبة لرحيل النظام الفاسد مع المشترك لأنه كان شريكه في الحكم وظل ساكتاً عليه حتى ثار الشعب والعمل على نظام خال من الفساد وطاهر طهر أرض اليمن لتشهد استقرار معيشي واقتصادي آمن يرتضيه كل الشعب
كما تلألأت سماء صعدة برمتها مساء السبت بأضواء زاهية لونتها الألعاب النارية التي أستمرت نحو ساعة كاملة وكأن النجوم تساقطت على أرضها التي زينت ليلها الزاهي والهادئ بعد أن تثقب بالرصاص والصواريخ والقنابل حلت بدلاً من أضواء الأنفجارات التي عاشتها صعدة على مدى الفصول الست الماضية لتعلن بداية البهجة والاستعداد للاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة التي تعتبرها محافظة صعدة محطة تاريخية هامة تزامنت مع نجاح ثورتها والقضاء على الفساد نهائياً
وكانت صعدة قد عاشت ست حروب داقت خلالها كل أنواع المعاناة المرة وتكبدت الدولة خسائر طائلة لمجرد خلافات شخصية أو بالأصح مزاجية وجلب الدعم الخارجي والتي لم تجني إلا الدماء والقتل والدمار فقد كانت زاد حجم المقابر في محافظة صعدة بمنظر مخيف علها الأكبر في اليمن والتي تواجدت أمام حديقة الشهيد حليس التي ظهر عليها هي الآخرى الدمار فأصبح الأطفال يلعبون ويلهون فيها بلعب محطمة لم تم استبدالها بالجديد علها تمسح عن ذاكرت الأطفال الصغيرة أصوات القوارح والعويل والصياح وأبواهم وأخوانهم ومنازلهم المدمرة ليكون الطفل الصعدي مختلف تماماً عن أي طفل في باقي المحافظات طفل يعلن أنهاء فترة الطفولة مبكراً ولا نستبعد الظواهر النفسية التي قد تظهر عليه جراء ما حدث .. لكن صعدة اليوم مستقرة ومظهرها مختلف فليست صعدة الأمس تشبه صعدة اليوم فقد شهدت ازدهارا نسبياً بعد الاستقرار الذي لقته ربما بعد السادس والعشرين من مارس الماضي الذي مسك فيه الشيخ فارس مناع زمام الأمور بالتعاون مع أبناء صعدة .