اخبار الساعة - صنعاء
على الرغم من أنه طبيب في وسط منطقة حرب، إلا أن حمود الجحافي قضى وقتاً قليلاً جداً في علاج المرضى خلال الأيام القليلة الماضية. فقد كان الجحافي، وهو مدير مستشفى يريم العام في مدينة إب التي تقع في وسط اليمن، يعمل جاهداً توفير الوقود للمستشفى وظلت هذه المشكلة تشغل تفكيره لدرجة أنه لم يجد وقتاً لعلاج المصابين.
"ليست لدينا كهرباء في المستشفى منذ عدة أيام، وشركة النفط الحكومية اليمنية تقول أنها لا تستطيع أن توفر لنا وقوداً قبل يومين على الأقل،" كما أوضح، مضيفاً: "إنني أبحث عن وقود الديزل [للثلاجات] في كل مكان. لدينا جثث موتى في الثلاجات [بدأت تزداد سخونة]".
وأشار أيضاً إلى أن الأطباء يعملون في الظلام والمستشفى يفتقر إلى اللوازم الطبية الحيوية.
وتجدر الإشارة إلى أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يقصف اليمن منذ ستة أسابيع في محاولة لإجبار ميليشيا الحوثي الموالية لإيران على التخلي عن السلطة. كما فرض التحالف قيوداً صارمة على الواردات، بما في ذلك الوقود.
وقد أعلنت الحكومة السعودية يوم الاثنين الماضي أنها تدرس وقف الضربات الجوية لأسباب إنسانية، ولكن تم الإعلان أيضاً أن السنغال سترسل أكثر من 2,000 جندي لدعم غزو بري تم التهديد به كثيراً.
وكانت نتيجة حملة القصف والحصار التجاري تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
وفي الأسابيع الأخيرة، وفرت شركة الكهرباء الحكومية بضع ساعات فقط من الكهرباء يومياً في العاصمة صنعاء، ووقتاً أقل في غيرها من المدن. ومن المتوقع أن تتوقف شبكة الاتصالات في اليمن عن العمل خلال الأسبوع المقبل أو نحو ذلك نتيجة لنقص الوقود.
وقد أغلقت العديد من المستشفيات الخاصة أبوابها لأنها لم تتمكن من الحصول على وقود الديزل للمولدات، في حين قالت المستشفيات الحكومية وبقية المستشفيات الخاصة التي تحدثت إليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنها ستضطر لإغلاق أبوابها خلال أسبوعين، إذا لم يتم السماح بدخول المزيد من الوقود.
زار محمد النهمي البالغ من العمر 35 عاماً ثلاثة مستشفيات بحثاً عن واحد به ما يكفي من الوقود لعمل أشعة مقطعية لابنته أمل: "قالوا لي في أول مستشفيين أنهم لا يستطيعون تشغيل أكثر من مولدين، ولذلك لا يمكنهم تشغيل جميع الأجهزة".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود في بيان مشترك يوم الإثنين أن النظام الطبي في اليمن يعتمد على العقاقير التي يجري حالياً حظر دخولها إلى البلاد.
وأكد سيدريك شفايتزر، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن أن "القيود القاسية المفروضة على الواردات من قبل قوات التحالف خلال الأسابيع الستة الماضية، إضافة إلى النقص الشديد في الوقود، جعلت الحياة اليومية لليمنيين لا تطاق ومعاناتهم هائلة".
وفي العاصمة صنعاء، لا تزال بعض المستشفيات قادرة على العمل في الوقت الراهن. وفي حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال نصر القدسي، رئيس مجلس إدارة المستشفى الجمهوري - وهو واحد من عدد قليل من المستشفيات العامة التي تخدم المدينة التي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة - أنه إذا لم توفر الدولة المزيد من الوقود في الأيام القادمة، فلن يتمكن المستشفى من تقديم الرعاية لآلاف المرضى.
"إن شركة النفط الحكومية توفر لنا الكميات المطلوبة، ولكن بصعوبة. وإذا لم يتم حل أزمة الوقود في غضون الأيام القليلة المقبلة، فإن المستشفى سيغلق أبوابه،" كما أفاد القدسي، مضيفاً: "إننا نستقبل عشرات المصابين يومياً بسبب الضربات الجوية، ليس فقط من صنعاء، ولكن من العديد من المحافظات كذلك، وسوف تكون هناك كارثة صحية وشيكة".
وأشار القدسي إلى أن لديهم 45 شخصاً يحتاجون إلى غسيل الكلى يومياً، ولكن المستشفى لن تكون قادرة على الاستمرار في علاجهم، كما أن هناك حاجة إلى توفير الوقود لوحدات العناية المركزة والعمليات الجراحية والحضانات وثلاجات المستشفى.
وفي السياق نفسه، قال أسامة الثور، المدير الفني في المستشفى الألماني الحديث، وهو مستشفى خاص، أنهم يعتمدون على مولداتهم الخاصة لتوفير الطاقة، ولكن هذه ليست سوى نصف المشكلة لأنه "من الصعب جداً الحصول على الوقود من شركة النفط اليمنية بأي وسيلة بسبب الفساد والتسويف. ولذلك، فإننا نلجأ إلى السوق السوداء للحصول على الوقود بثلاثة أضعاف سعره من أجل الاستمرار في تقديم خدمات الرعاية الصحية".
وأضاف أن "شركة النفط اليمنية ترفض أن تعطينا حصتنا بحجة أنه لا توجد مصادر خارجية للوقود في اليمن. وإذا منحوه، فإنهم يعطوننا 1,000 لتر لمدة شهر واحد، في حين أن المستشفى يستهلك 800 لتر يومياً".
كما ذكر الثور أن سبعة مستشفيات خاصة في الحي الذي يقيم به أغلقت أبوابها بسبب نقص الوقود.
وتعاني المنظمات الإنسانية أيضاً من نقص الوقود. فقد ذكرت منظمة العمل ضد الجوع (ACF) أن الوقود المتبقي لدى الفرق التابعة لها يكفي لمدة أسبوع واحد تقريباً وأنهم لا يعرفون كيف سينقلون الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها بعد ذلك.
وقال هاجر معلم المدير القطري لمنظمة العمل ضد الجوع: "يؤثر نقص الوقود تأثيراً مباشراً على برامجنا ويحد من حركة وأنشطة الفرق التابعة لنا".