أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

آفاق محتملة للحرب العالمية القائمة

- عباس عواد موسى
آفاق محتملة للحرب العالمية القائمة
عباس عواد موسى
 
مناورات عسكرية في الشرق والغرب
 
  (( خبراء الأمن يرون في هذه التدريبات أنها رسائل تحذير وتهديد من كل طرف للآخر . ويقول هؤلاء إن جنرالات الصف الأول في واشنطن وبروكسل و موسكو سيواصلون إقامة المناورات . ويؤكدون إن الأوضاع الأمنية تزداد سوءاً من دقيقة إلى أخرى )) .
 
سيناريو ما بعد هذه المناورات والتدريبات
فمنذ مطلع العام الجاري على وجه التحديد والمتابع لسباق التسلح والإستعراض الجاري بين الناتو وموسكو يعرف تماماً أن الطرفين تجاوزا حدود كل منهما إلى حدود الطرف الآخر . وبالتالي فإن الخصومة تحتاج حرباً لحل المعضلة القائمة . 
وهنا شرارتان هما أوكرانيا والشرق الأوسط . لكن الحسابات تظل معلقة بانتظار لهيب البلقان القادم . الذي بات منطقة صراع للنفوذين الغربي والروسي . ولا يرى الخبراء نهاية لهذا الصراع القائم .
 
أين تدرب الكرملين ؟
يقيم الجيش الروسي آلاف التمرينات والتدريبات والمناورات العسكرية بشكل دائم . وفي السنة الماضية فقط أقام الجيش الروسي 1500 تمريناً ومناورة عسكرية في حين ستتجاوز العام الحالي ال 4000 مناورة . 
وكنا قد شاهدنا موسكو تنظم أكبر مناورة عسكرية منذ انحلال الإتحاد السوفييتي في أيلول الماضي . تلك المناورة التي أطلق عليها إسم " فوستوك 2014 " وتمت في المنطقة العسكرية الشرقية وشارك فيها 100 ألف جندي , 1500 دبابة , 120 طائرة , 5000 قطعة مدفعية و 70 سفينة . 
وقد جرت هذه المناورة الضخمة بعد شهرين من مناورة أجرتها في البحر الأسود وشاركت فيها 20 قطعة بحرية عسكرية وعشرات الطائرات المتنوعة . وبعد شهر فقط على مناورة جرت في وسط البلاد وغربها أي بالقرب من الحدود الأوكرانية بمشاركة أكثر من 100 طائرة .
كما وشاهدنا التدريبات التي جرت في كالينينغراد في ديسمبر الماضي والتي شارك فيها 9000 عسكري , 642 مركبة عسكرية وناقلات جنود , 250 دبابة , أكثر من 100 قطعة مدفعية , 55 سفينة عسكرية و " إسكندر " نظام الصواريخ الباليستية .
ألمناورات الروسية – الصينية البحرية المشتركة جاءت تهديداً صينياً لواشنطن التي تتباهى بتفوق بحريتها مقارنة بالبحرية الصينية , كما وأجرت موسكو تدريبين أو مناورتين قصيرتين مع الأصراب في نوفمبر الماضي إحداهما في العاصمة بلغراد والثانية على الحدود مع كوسوفو .
وفي هذه السنة رصدت أكثر من 30 مناورة أجراها الروس من كالينينغراد إلى الشرق الأقصى . ومن بحر بارينتس إلى بحر قزوين والبحر الأسود . 
كما وشهدت منطقة القطب الشمالي مناورات عسكرية في آذار من العام الجاري شارك فيها 38000 جندي و3800 قطعة مدفعية و55 سفينة وغواصة بحرية و110 طائرة حربية . وفي البحر الأسود جرت مناورات شارك فيها 8000 جندي و1500 قطعة مدفعية وأسلحة أخرى .
ولعل المرعب القادم هو قرار القيادة العامة العسكرية الروسية العليا التي تنوي إجراء مناورات " الضربة الإدرياتيكية 2015 " بالقرب من سلوفينيا . فهي تعتبر تجاوزاً على اتفاق فيينا المبرم بين موسكو وعدد من البلدان الأوروبية عام 2011 وهي بذلك تتدرب داخل حدود الناتو الداخلية . ويقول الروس إنها ستجري بعد تهيئة الظروف الملائمة فيما يقول الناتو إنها تعدم الثقة بين الطرفين .
وحسب وسائل الإعلام الروسية فإن عدداً من الخبراء الأمنيين زاروا الجزء الجنوبي الشرقي من الأراضي السلوفينية في الأول والثاني من الشهر الجاري لوضع خطة إجراء المناورات المرتقبة . وصرح روسلان شيشين نائب مدير مركز السيطرة على السلاح النووي إن الخبراء وضعوا بياناتهم الأولية . ونقل البعض قولهم إن المناورات ستجري على 12000 هكتار وستشمل 60 بالمئة من أرض سلوفينيا وهو أكبر تحد لموسكو تجاه حلف الناتو .
 
حلف الناتو لا يهدأ أبدا
 
وفي الوقت الذي كان فيه الخبراء الروس في سلوفينيا فإننا شهدنا 6000 جندي أمريكي تساندهم طائرات ب- 42 ودبابات أبرامس يجرون مناورات مع بولندا وبلدان البلطيق على الحدود مع روسيا يوم الإثنين . ليتزامن ذلك مع ازدياد سعير الحرب الأوكرانية .
مناورات سوبر سترايك 2015 يشارك فيها 13 بلداً من بلدان الناتو وستستمر حتى التاسع عشر من حزيران الجاري وهي تحت القيادة الأمريكية . ومن خارج الناتو تشارك فيها صربيا ومونتينيغرو ومن الناتو تشارك بلدان بلغاريا , ألبانيا , كرواتيا , التشيك , الدانمارك , إيطاليا , ليتوانيا , رومانيا وسلوفينيا .
وتراقب الصين وروسيا عن كثب ما سيجري في مناورات الولايات المتحدة والناتو القادمتين " الحل المشترك 6 " والسيوف المتقاطعة 16 " . 
وكان الشمال السويدي قد شهد مناورات للناتو شاركت فيها البلدان الإسكندنافية وصفت بمناورات التحدي واستمرت من الخامس والعشرين من الشهر الماضي وحتى الرابع من الشهر الجاري . وشاركت فيها 100 طائرة .
وقبلها كانت الولايات المتحدة قد قادت مناورات فوق بحر البلطيق بمشاركة بولندا , إستونيا وليتوانيا . وآخر تدريب كان اسمه " مراقبة الشرطي " . وفي نهاية العام السابق أرسلت الولايات المتحدة ست طائرات إضافية من نوع إف 15 إلى هناك للإنضمام إلى سرب طائراتها الذي كان يضم أربع طائرات فقط من نفس النوع .
كما وأجرت الولايات المتحدة تدريبات مع لاتفيا تمت فيها تدريبات على تنفيذ العمليات الخاصة . 
وفي ليتوانيا أجريت مناورات ضربة القناص بمشاركة بلدان البلطيق حيث تم فيها التدريب على العمليات البرية .
وبالإضافة إلى مناورات الحلف التي نظمها مع بولندا , بريطانيا , رومانيا وألمانيا فقد تمت مناوراته أيضاً فوق بحري البلطيق والأسود .
وشارك 400 مندوب من 16 دولة في تدريبات الدرع النهائي 2015 التي جرت في استونيا الشهر الماضي . هذه المناورة التي لاقت دعماً من الحكومة الكندية وصفت بأنها الأكثر حداثة وتكنولوجيا فهي هدفت إلى حماية الشبكات خلال الحرب . 
ولم تنسى قيادة الناتو العسكرية في بروكسل البلقان فقد شهدت المياه الرومانية تدريبات في الفترة الواقعة بين 25 و28 من أيار الماضي شارك فيها 1500 جندي ومدمرة أمريكية وسفينة بلغارية .
رومانيا , غروزيا وكرواتيا شاركت في تدريبات " القيادة والأركان " التي جرت في بلوفديف البلغارية في الفترة الواقعة بين 10 و 15 من نوفمبر الماضي .
 
سباق المناورات ألهب البلقان
مناورات الناتو المنتظمة والمتكررة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وبالأحرى جبهات القتال الأوكرانية بعد فشل خمد بذور الصراع لها دلالاتها فهي مناورات تميزت بضخامتها المدهشة . والدلالة الأبرز :
- أنها تأتي رداً على وحشية الأسلوب الروسي القتالية . والتأكيد على أن بلدان البلطيق ليست وحيدة كما قرر الحلف في ويلز عندما تناقلت وسائل الإعلام أنها لقمة مستساغة للفم الروسي الكبير .
وتمثلت الدلالة المضادة في قيام روسيا والصين بمناورات في البحر الأبيض المتوسط على تخوم الناتو . كما وأجرت روسيا مناورات في البلقان أبرزها مع حليفتها صربيا وها هي تعزم على إجرائها داخل الناتو في العمق السلوفيني . فاختلط الوضع الجيو إستراتيجي على دول البلقان المنشقة داخلياً بين هنا وهناك .
 
ومن المهم هو معرفة أن المناورات البلطيقية هي مناورات عدائية يهدف كل طرف إيصال رسالة سياسية وأخرى عسكرية للطرف الآخر مفادها جهوزيته للحرب . ولا يختلف المحللون الأمنيون في أن هذه المناورات ستستمر حتى اندلاع المعركة التي يأمل كل من الطرفين حسمها لصالحه .
ولا يسود شك في أن الناتو يشهد حرباً سرية في البلقان مع روسيا التي تحاول تدميره من غرب البلقان حيث تستعرض فيه عضلاتها عبر استخباراتها القوية .
مما سبق يتبين لنا بوضوح إن المنافسة ما هي إلا نوايا سيئة تنذر بسوء القادم ولعله قريباً بين من هم بأسهم بينهم شديد .
 
ألفضاء الإليكتروني – جبهة جديدة
 
يلتهب الصراع الجيوسياسي بين حلف الناتو من جهة وروسيا وحليفاتها من الجهة الأخرى . 
لكن عضلات الناتو وخصمه مريضة ويحاول كل طرف منع العلاج اللازم لعضلات خصمه . فمثلما اقترب الناتو من الحدود الروسية اقتربت روسيا من حدوده كما شهدنا في البلدان الإسكندنافية وبريطانيا وحتى أليانسكا الأمريكية . والصراع الجيوسياسي ليس بمعزل عن الصراع الإقتصادي حيث يتهاوى اقتصاد الجميع بلا استثناء في شتى أرجاء المعمورة .
وهنا يبرز دور وسطاء الحرب . فقد عرفنا عشرات البؤر الملتهبة تجولها أقدام وسطاء الحروب لإشعال الحروب الأهلية داخلها كي يتأجج الصراع . فيقوم الطرف القوي بفحص قوة خصمه ومكامن ضعفه .
لا شيء جديد . سوى أن الحرب القائمة تختلف عن حروب نابليون باستخدامها التكنولوجيا الحديثة التي بسببها سنشهد مئات لا عشرات الملايين من القتلى . فأجهزة التحكم قد تفقد السيطرة في لحظة ما .
رسائل الجهاديين والإنفجار القادم
 
سأترك هذه الفقرة فيكفي تأريخ عملياتهم النوعية في المرحلة الراهنة . وتقبل الله شهدائهم في شبه جزيرة القرم .
 
المصدر : عباس عواد موسى

Total time: 0.0774