هاجم القيادي السابق في جماعة الحوثي علي البخيتي جماعة الحوثي مجدداً متهما إياها بتدمير الجهاز الإداري المدني والعسكري للدولة.
وفيما يلي نص مقالته:
الجهاز الإداري المدني والعسكري للدولة يستغيث: لجنة أنصار الله "الثورية" تدمره 2 يوليو 2015م
علي البخيتي/ 2 يوليو 2015 م.
هل المطلوب استيعاب أنصار الله "الحوثيين" في مؤسسات الدولة؟، أم استيعاب الدولة ومؤسساتها في مؤسسات أنصار الله البدائية والتي تُعبر عن حالة ما قبل الدولة؟، هذا السؤال يُلخص ما يحدث منذ أشهر والذي سألقي عليه بعض الضوء في السطور التالية.
لن يثنينا تأييدنا لأنصار الله –ومشاركتهم بما نستطيع- في مواجهة العدوان السعودي على اليمن سواء بمرابطتهم بجانب أبطال القوات المسلحة والأمن والرجال الشرفاء على الحدود، أو في بعض الجبهات الداخلية ـ أستثني الجبهات المشتعلة قبل العدوان ـ التي ولدت من رحم العدوان السعودي...لن يثنينا ذلك...عن مواجهة الكوارث والأخطاء التي يرتكبونها في الداخل.
***
سأتحدث اليوم عن كارثة أخطر وأعمق، قد تؤدي الى تدمير الجهاز الإداري للدولة، المدني والعسكري، وسيقتصر مقالي هذا عن الجهاز الإداري المدني، على أن اتناول الجهاز العسكري في مقال لاحق.
***
وقبل الدخول في صلب الموضوع لا بد ذكر بعض النقاط حتى لا تبقى مطرقة مسلطة على رؤوسنا:
- لن نقبل بأن نصمت عن تلك التجاوزات بذريعة وحدة الجبهة الداخلية ومواجهة العدوان السعودي.
- لن نسمح بأن تضيع دماء الآلاف من "المرابطين" في جبهات الشرف عبر استغلالها من قبل "المتربصين" بالمناصب والوظائف الحكومية والساعين لاستغلال الانفلات الحاصل لتمرير مصالحهم الضيقة.
- لن نصمت عن تدمير النسيج الاجتماعي للمجتمع عبر السماح بعودة ظاهرة "الهاشمية السياسية".
- لن نخاف من التهم التي قد توجه لنا، فمن يمارسون تلك الأعمال هم من يدعمون العدوان السعودي ويفككون الجبهة الداخلية عبر استغلال الأوضاع لتمرير مصالح ضيقة.
***
الانقلاب على السلطة –أي سلطة- يهدف الى تغيير رأس السلطة ورموزها، لا الى تقويض الدولة ومؤسساتها، ولو اقتصر انقلاب أنصار الله على السلطة لكان بالإمكان تسوية المف أو التعايش معه ولو جبراً، لكن انقلابهم تجاوز السلطة وبدأ يطال مؤسسات الدولة، الانقلاب على السلطة يؤدي الى تغييرها، لكن الانقلاب على مؤسسات الدولة يؤدي الى تدميرها، وهناك فرق شاسع بين التغيير وبين التدمير.
لكن كارثة ما ينوي الحوثيون ممارسته –وقد بدأوا بالفعل- أكبر وأعمق، ليس بسبب أنهم أسوأ من الإخوان، بل لأن الظروف التي تهيأت لهم أكثر، حيث أنهم الفاعل الوحيد في السلطة، وليس "الرئيس" كما كان عليه حال الإخوان، إضافة الى أن الانفلات الحاصل الناتج عن العدوان السعودي والضجة المرافقة له ستسهل للحوثيين الاستيلاء على وظائف الدولة الرئيسة دون أي مقاومة أو صخب، وبالأخص بعد غياب وتغييب وسائل إعلامية كثيرة، وصحف اضطرت للامتناع عن الصدور بسبب العدوان، أو بسبب قمع الحوثيين لبعضها.
أصدرت لجنة أنصار الله الثورية عدد من القرارات اقصوا بموجبها الكثير من وكلاء الوزارات وغيرهم من من يشغلون الكثير من المواقع المهمة في الدولة، وعينوا مقربين منهم في تلك الوظائف، دون منافسة أو معايير واضحة، سوى معيار الولاء السياسي، وبحسب المعلومات التي وردتني والمعززة بالأرقام والأسماء فاللجنة الثورية دخلت في صراع شديد مع أغلب مؤسسات الدولة ووزاراتها، حيث أن هناك محاولة لتمرير مئات القرارات الجديدة بتوجيهات من اللجنة الثورية، ويتم تهديد –البعض- من يمتنع عن التنفيذ –ولو على سبيل المزاح- بأخذهم الى المواقع المستهدفة بشكل دائم، مثل جبل نقم وعطان، مع أنه لم يؤخذ أحد حتى الآن، لكن مجرد التهديد مرفوض ولو غُلف بالمزاح.
لا أدافع عن فاسدين في تلك المؤسسات، ومع تغيير الكثير منهم، وبالأخص الذين شاع فسادهم، أو الذي حان وقت تغييرهم من باب التدوير الوظيفي، وضخ دماء جديدة وشابة، لكن لا يجب أن تمر تلك التعيينات خارج النظام والقانون، فمكافحة الفساد لا تتم بفساد أكبر وأبشع، إضافة الى أن أغلب تلك التعيينات والترشيحات تظهر عودة "الهاشمية السياسية" عبر استيلاء شريحة معينة على أغلب وأهم المناصب الحساسة، وقد حذرت من ذلك الوباء في مقال بعنوان "الهاشمية السياسية وخطرها على أنصار الله وعلى اليمن"، نشر في صحيفة الأولى في منتصف فبراير 2015م، وقلت أن ذلك الوباء سيضرب النسيج الاجتماعي في الصميم، ويعيد الى الأذهان بعض الممارسات التي كانت سائدة ما قبل عام 62م، ولست وحدي من تحدث عن تلك الظاهرة، فقد تحدث عنها بالأمس 1 يوليو 2015م محمد المقالح عضو اللجنة الثورية في صفحته على الفيس بوك حيث قال وبالنص: "أن تُدمج اللجان الشعبية في أجهزة الجيش والأمن فهذا أمر ضروري ووطني، ولكن أن تُسرق الوظيفة العامة لتوظيف ما يسمى بـ"اللجان الثورية" و"الهاشمية السياسية" فهذه جريمة وعمل من أعمال الفساد الإخواني، الذي أثار غضب الشعب وقرر عزل الإخوان، بعد أن عزلوا أنفسهم عن المجتمع، واستحوذوا على الوظيفة العامة، ولم يثقوا لا بالدولة ولا بالجيش ولا بالأمن....".
هناك حقوق أقرها مؤتمر الحوار لأنصار الله –ولغيرهم- والتيار السياسي الذي يمثلونه، تعويضات، توظيف، دمج، وغيرها، لكن يجب أن تكون هناك آليات لتنفيذها لا تؤثر على مؤسسات الدولة ولا تتجاوز الحد الأدنى من الشروط الضرورية.
اللجنة الثورية تتجاوز كل القوانين واللوائح، وإذا استمرت على هذا النحو فستنتهي مؤسسات الدولة، وسيضرب جهازها الإداري في الصميم، فهناك تذمر واسع في الكثير من المؤسسات، ومقاومة لرغبات اللجنة الثورية، ولكل الثورجيين الذين يسعون لاستغلال الأحداث لتمرير مصالحهم الخاصة، والكثير من الموظفين والمسؤولين يتهربون من الدوام حتى لا يشتركون في الكارثة.
تلك الأعمال تتنافى مع التضحيات التي يقدمها "المرابطون" من أنصار الله وغيرهم في مختلف الجبهات، فـ "المتربصون" بالوظيفة العامة والمصالح الشخصية يشوهون التضحيات التي يقدمها هذا التيار، وعلينا أن لا نخضع للانتهازيين والنفعيين والوصوليين تحت ضغط المحافظة على الجبهة الداخلية من التصدع، فالهجوم عليهم وفضحهم ووقفهم عند حدهم هو ما يعزز الجبهة الداخلية ويحترم تضحيات "المرابطين" الأبطال، والصمت عن "المتربصين" النفعيين سيؤدي الى كارثة خلال أشهر قليلة.
تحية لـ "المرابطين" الشرفاء من أنصار الله وغيرهم –جيش وأمن ولجان شعبية- في مختلف جبهات الدفاع عن الوطن، الميدانية والسياسية والإعلامية وغيرها، وسحقاً لـ "المتربصين" الوصوليين الذين يستغلون ظروف البلد ووضعه السيئ لتمرير مصالحهم ومنافعهم الشخصية الضيقة.