سرد شاب سعودي قصة وصوله إلى سوريا، للالتحاق بتنظيم الدولة، في رحلة استمرت تسعة شهور، "كابد فيها عناء السفر عبر ثلاث قارات، متنقلا بين خمس دول"، حتى وصل إلى سوريا، وفق قوله.
ويروي "مصعب المهاجر"، وهو من الوجوه البارزة للتنظيم في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بداية قصته بالقول إن مجموعة من الشباب السعوديين مكونة من 14 شخصا، كانوا معه منذ أول يوم للانطلاق من الأراضي السعودية.
و"المهاجر"، يقول بأن "المنع من السفر"، من سلطات بلاده، كان السبب الرئيسي في المعاناة التي عاشوها، حيث إن عدة شبان من المجموعة التي كان فيها، هم معتقلون سابقون، وبالتي صادر بحقهم قرار منع من السفر.
وعن نفسه، يتحدث "مصعب المهاجر": "كنت أسيرا في سجون الطواغيت مرتين الأولى في عام 1425، بتهمه نية الجهاد في العراق، وأمضيت في السجن سنة ونصف"، ويضيف: "أمضيت خارج السجن ستة أشهر، وتم القبض علي للمره الثانية عام 1427 بنية الجهاد في العراق أيضا، أمضيتها في سجني الحائر قرب الرياض، والطرفية في القصيم".
وقبل أن يشرع "مصعب المهاجر"، في الحديث عن قصة سفره، تحدث عما عاناه في سجون بلاده، قائلا: "أمضيت بالسجن سبع سنوات متواصلة، وخرجت بعدها بعد سنين من الظلم والقهر من جلاوزة السجن، رأت عيني في سجونهم مالم تره حقا، إنه قهر الرجال بمعنى الكلمة، وأمضيت بعدها عشرة أشهر ثم بدأت قصة نفيري للجهاد من جزيرة العرب".
كما توعّد "المهاجر"، حكومة ومباحث بلاده بأن يرد لهم "المذلة"، على يديه.
وعن بداية رحلته الشاقة، يقول "المهاجر": "خرجنا متجهين إلى قرب الحدود اليمنية، فقال لنا المهرب إن هذه الليلة سوف ندخل"، ويتابع: "بدأنا المشي عند الساعة 11 ليلا، وكان الطريق موحشا جدا، وكنا نؤنس أنفسنا بالدعاء، في أثناء مسيرنا، بين الأودية، والأشجار، والحفر، والأحجار".
ويضيف: "ظلام دامس، وعدو متربص، مترصد، كنا ثمانية إخوة فقط، فقد سبقنا إخواننا الستة الآخرون، ووصلوا الأراضي اليمنية قبلنا بيوم"، ويتابع: "بدأنا نمشي ونسرع، وأحيانا نخفف السرعة، فلما قاربنا الحد اليمني إذا بالعساكر يحركون سيارتهم تجاهنا، فرجعنا للخلف نجري بسرعة هائلة، حيث وقع منا من وقع، وجرح من جرح، والعدو خلفنا بسياراته يبحث عنا وينادي أن سلموا أنفسكم".
وتحدث "المهاجر"، عن كيفية نجاتهم من قبضة حرس الحدود السعودي، قائلا: "جرى الإخوة جريا سريعا، وقال المهرب تعالوا هنا تحت الشجرة، الشجرة وما أدراكم ما الشجرة، رحمة الله حين تتجلى ولطفه سبحانه، جرينا جميعا واختبأنا تحت هذه الشجرة الكبيرة التي كانت لها عدة مداخل على طرف الوادي".
وتابع حديثه: "الساعة الآن 12.30 بعد منتصف الليل، معنا إخوة أصيبوا جراء الجري بالظلام بين فك بالقدم، ورضوض قوية، ما استدعى مني مناداة الأمير بهمس، فلم يرد علي، ولم يجبني أحد، وإذا بالإخوة جميعهم ورب الكعبة نائمون، وبعضهم أسمع شخيره، وصوت الجنود قريب جدا جدا، والله يا إخوة إنني لم أحتمل نفسي غلب علي النعاس حتى نمت معهم".
وأوضح "المهاجر"، أنهم أفاقوا على صلاة الفجر، وأدوا الصلاة إيماءا خوفا من كشف أمرهم من حرس الحدود السعودي، مضيفا: "الإخوة يدعون الله كثيرا، وكل يدعو بصالح عمله، بكاء، ودعاء، إلى حين التفات الأمير علينا، حيث طلب منا الإدلاء برأينا"، وأضاف: "كل أدلى برأيه، وكان الإجماع أن نعود قليلا لجهة الحد السعودي حتى تهدأ الأمور".
وعن المحاولة الثانية التي تكلّلت بالنجاح، يقول "مصعب المهاجر": "أتى المهرب فجرا، وقال هذه الليلة بإذن الله سوف ندخل لليمن، فتجهزنا، وجلسنا بين الشجر حتى قبيل المغرب، ومشينا بعدها 18 كم جريا، وهرولة، فلما غابت الشمس وأظلم الليل عبرنا الحد السعودي اليمني وإذا بالجنود السعوديين يطلقون النار علينا".
وتابع: "ووالله إن الطلقات بيننا ولكن رحمة الله أوسع لنا، فلم تكتب لنا شهادة، أكملنا المسير لدولة العز دولة الإسلام وقطعنا الحد ووصلنا، فكانت فرحة غامرة جدا بين الأحبة تيجان الرأس وكبروا، وقالوها يا بلاد الوحي صبرا، والله لم نتركك وأنت أحب البلاد ولكننا عائدون يا بلاد الحرمين".
وبحسب "مصعب المهاجر"، فإنهم وبعد وصولهم إلى اليمن، مرّوا من حواجز الجيش اليمني، وحواجز أخرى للحوثيين، وثالثة للقبائل، ولم يتعرض لهم أحد، وفق قوله.
وأضاف: "أمضينا في اليمن أسبوعين، ولا تسأل عن الطيب، والكرم، والجود، والنصرة، وأتينا إلى الساحل حيث موعدنا مع السفينة التي تقلنا عبر البحر إلى السودان، في هذه المرحلة الصعبة وفي رحلة عبر البحر الهائج استغرقت أربعة أيام رعبا، وخوفا حقيقيا".
وأكمل: "مخاطرة أي مخاطرة، بداية مضينا بقارب صغير يحيطه الماء من كل اتجاه مضى بنا يشق عباب البحر، والأمواج متلاطمة، والليل دامس والكل يذكر الله، كدنا نغرق مرارا، ليلة كاملة ونحن بالقارب حتى الفجر، فجأه انطفأ المحرك قبل إحدى الجزر، وبدأ الماء يملأ القارب، والإخوة يخرجوه للخارج ننتظر المساعدة، يارب، يارب، فلما تجلى الليل وجاء الصبح إذا بأحد الصيادين يأتي لنا ويعطينا قليلا من البنزين للمحرك حتى نصل للجزيرة القريبة منا ولله الحمد وصلنا لها".
وواصل "المهاجر"، سرد قصته قائلا: "حقا رغم الرعب والخوف الجبلي اللذين يمتلكان قلوبنا، إلاّ أن السعادة والفرح تلاعب مشاعرنا، بين تلك الأمواج، والدلافين بجانبنا، وأسماك القرش وتسمع حكيم المدني تقبله الله وهو ينشد، (لا تحسبي يمه إني نسيتك يوم، والله يا يمه إنك في قلبي دوم) والإخوة يرددون معه فرحين".
يشار إلى أن "حكيم المدني"، أو "أبو حكيم الجزراوي"، قُتل في مدينة برقة الليبية، على يد قوات خليفة حفتر في كانون أول: يناير الماضي.
ويتابع "مصعب المهاجر"، حديثه عن رحلة البحر، قائلا: "لا زال أصحاب السفينة ماضون في دربهم، يدعون ربهم أن يوصلهم لإخوانهم آساد الخلافة الإسلامية، وطائر النورس فوق رؤوسهم بأهازيجه الجميله الرائعة".
ويكمل: "مضى اليوم الأول في البحر الهائج، وغابت شمس ذلك اليوم، حقيقة كان النهار لنا أجمل رغم الرعب، والخوف، من الغرق لشدة الأمواج، فما بالكم بالليل الدامس، في الليل الدامس أخذ أبو معاذ الحربي تقبله الله ينشد يسلي الإخوة قائلا، (يالله إني طالبك ياذا الجلال.. ضربة تذبح وزير الداخلية).
يذكر أن "أبو معاذ الحربي"، هو المواطن السعودي سلطان سفر الحربي، الذي قٌتل في قطاع غزة في العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث كان يقاتل في صفوف "جيش الإسلام" السلفي، عقب تركه تنظيم الدولة في سوريا.
وقال شقيق الحربي في إحدى المقابلات التلفزيونية، إن شقيقه انتقل من السعودية إلى اليمن، وتنقل بعدها في عدة دول منها ليبيا، وسوريا، قبل أن يصل إلى قطاع غزة، عن طريق صحراء سيناء.
وتطرق "مصعب المهاجر"، في سرد قصته إلى "حادثة البارجة اليهودية"، قائلا: "في صباح اليوم الثاني من رحلة أصحاب السفينة، مرت من جانبنا بارجة يهودية، يرفرف عليها علم اليهود!، فقال المهرب لا تتحركوا أخشى أن تقصفنا الخبيثة، فأطفأنا المحرك، واقتربنا من إحدى الجزر، وجلسنا بها نرتاح قليلا، والإخوة ما بين من يقرأ القرآن، ومن يصلي الضحى، ومن يدعو الله، نحسبهم والله حسيبهم".
وأضاف: "توكلنا على الله، وأكملنا، طبعا الإخوة في السفينة يصلون جالسين لخطورة الوضع، وتلاطم الأمواج، وهيجان البحر، وغالب الغذاء عبارة عن بسكويت، وماء فقط!".
وعن مشاعرهم وهم في خطر في أثناء رحلة "السفينة"، يقول "المهاجر": "مضينا وأعيننا على دولة الإسلام، كل منا له حلم، وأمنية، أخذنا نتسلى بذلك وكل يحكي لنا أمنيته، واتفقنا جميعا على ألا نلين ولانستكين حتى نلقى الله".
وحول اليوم الثالث، ما قبل الأخير، قال "المهاجر": "جاء الفجر لليوم الثالث آاااه 4 أيام كل ساعة منها بسنة حقيقة، الدلافين يمنة، ويسرة، والأسماك بكثرة، والطيور أنواع وأشكال، لانعرف النوم أبدا، وجوه شاحبة من التعب، تحمل آلاما علاجها الآمال التي بجوفها، التقينا بمهاجرين من إفريقيا بالطريق، وأخذوا بعض الطعام لحاجتهم، أكملنا المسير للسودان، فلما غابت آخر شمس لنا في البحر، قال لنا المهرب: فجرا نكون وصلنا بإذن الله، فكبرت وكبر الإخوة، وارتفعت المعنويات ولله الحمد".
وتابع: "فرحنا كثيرا أننا سوف نصل إلى اليابسة، وجاء الفجر ونحن نرى أضواء مدينة في السودان، انتظرنا حتى يأتي المهرب، ثم قال هيا ننزل نزلنا للشاطئ، وذهبنا مع المهرب لبيته، ثم ذهبنا مع إخوة التوحيد جزاهم الله عنا خير الجزاء حقا، لن ننسى معروفكما يا "مقداد السوداني" ويا "طلحة السوداني" تقبلكما ربي (قتلا في بنغازي بليبيا)".
وأضاف: "مضينا إلى الخرطوم، ومكثنا فيها شهرين تقريبا، ثم جاءت الرحلة عبر الصحراء الكبرى إلى ولاية ليبيا حيث قصة أصحاب الكهف وقصة مبكية جدا، رحلة الصحراء، أمضينا فيها 13 يوما بين الجوع، والبرد، والحر، والألم، والاضطهاد، والتهديد، والوعيد"، ويتابع: "متنا فيها غير أننا أحياء! على متن هذه السيارة شددنا الرحال ونحن 16 أخا جميعهم جزراوية (سعوديون) عدا طلحة ومقداد من السودان تقبلهما الله".
وأكمل: "مشينا نشق الصحراء، وجميعنا في الخلف، وأرجلنا خارج السيارة لأنها لا تكفي مع الأغراض في حوض السيارة، كان غذاؤنا بسكويتة واحدة، وعلبة ماء صغيرة فقط! في الليل برد شديد جدا، وفي النهار حر شديد جدا، لا ننام الليل من البرد، وإذا أتى النهار لابد أن نكمل رغم الآلام، إلاّ أن صبر الإخوة كان آية من آيات الله".
وقال: "أمضينا ثمانية أيام نمشي بالنهار، ونتوقف بالليل، حتى بقينا بين جبال مع المهربين الذين حاولوا ابتزازنا بالمال، وهم لا يعلمون من نحن، فجاء اتصال بالثريا للمهرب وقال (من معي)، قالوا (معك المجاهدون في ليبيا، إن تأخرت بإخواننا تعرف مصيرك ما يكون)، فارتجف، وارتبك، وتعرق، واختبص، لله دركم يا أبطال ليبيا".
"مصعب المهاجر"، قال إنه ومجموعته قاموا بحفر خندق بين الجبال، ليقيهم من البرد في الليل، مضيفا: "لكنه لا يفي بالغرض، فأسناننا تتصكصك، ترقب، وجوع، وعطش، ودعاء، وصلاة، ولجوء إلى الله".
ويواصل "المهاجر"، قصته، قائلا: "بعد 12 يوما في الصحراء، اتفقنا مع إخواننا أن نلتقيهم في مكان محدد، مضى المهرب لهذا المكان، فلما اقتربنا لم نجد أحدا من الإخوة، فنمنا هناك، وكان اليوم الأخير. فرحة عارمة لا تنتهي مع صباح ذلك اليوم، وإذ برايات الخلافة الإسلامية ترفرف فوق سيارات المجاهدين، والإخوة، لا تعليق، منهم من يبكي، ومنهم من هو ساجد شكرا لله، ومنهم من يكبر بصوت ملأ الفضاء"، ويضيف: "ما أجمل رؤية الإخوة المجاهدين، حقيقة كم فرحنا وفرحوا برؤيتنا وسلامتنا".
وفي استمرار للمسلسل الدرامي، المثير الذي عايشه، يقول "المهاجر"، ذهبنا مع إخواننا، وفي الطريق انقلبت بنا إحدى السيارات، وأنجى الله الإخوة، فنزلنا، وعدلناها بأيدينا، وأكلنا من الذبائح والطعام، فيا رب لك الحمد".
ويستمر "المهاجر"، في الحديث عن الجزء ما قبل الأخير من حكايته، حيث يقول: "أكملنا طريقنا لبنغازي الأبية، ولاية برقة العصية، فلله الحمد وحده أن وصلنا سالمين غانمين بين إخواننا في ولاية ليبيا، حيث أمضينا بها شهرين".
ويكشف "مصعب المهاجر"، تعرضه للاعتقال من قوات حفتر، موضحا: "وعندما أردنا الذهاب للشام، وكنا ستة من الإخوة الـ14 أُسرنا من كلاب الطاغوت حفتر، أزلام القذافي وتم تعذيب الإخوة في سجونهم لمدة سبعة أيام، والاعتقال لمدة 44، وبقينا في ليبيا لمدة خمسة أشهر بعدها، حتى يسر الله ووصلنا لأرض الشام المباركة ولله الحمد والمنة".
ولم يكشف "مصعب المهاجر"، كيفية وصوله إلى سوريا، إلّا أن عادة الجهاديين الليبيين في الذهاب إلى سوريا، هي مرورهم بجوازات سفر مزورة إلى تركيا، ومنها إلى سوريا.
وفي نهاية روايته لقصة سفره عبر عدة دول، نصح "مصعب المهاجر"، جميع الشبان في السعودية بالالتحاق في "ركب الخلافة"، داعيا إياهم للانضمام إلى "أقرب ولاية عندهم، حتى يتسنى لهم فتح جزيرة العرب"، وفق قوله.
وتعد قصة "مصعب المهاجر"، واحدة من عشرات القصص المثيرة لعناصر عرب، وأوروبيين التحقوا بتنظيم الدولة، رغم التشديدات الأمنية الكبيرة في بلدانهم.
سعودي يروي تفاصيل قصته المثيرة بالالتحاق بـ "الدولة"
اخبار الساعة - صنعاء