الاسم: محمد
السن: 12 سنة
الجنسية: مصرى
فى عيد ميلاد محمد ال 12
والده
اشتراله كمبيوتر هدية زى ما وعده.. بعد ما الح محمد كتير إنه نفسه يتعرف
على عالم الانترنت.. علشان كل اصحابه عندهم اكونت على الفيس بوك وعندهم
ايميلات وهو حتى معندوش كمبيوتر.. وكان دايما بيشتكى لوالدته انهم فى
المدرسة بيتريقوا عليه ويقولوله انت مُتأخر وجاهل
وبرغم ان والدته كانت معارضة فكرة دخول الانترنت البيت.. لكن لما فكرت شوية حسيت إنهم فعلا فى زمن التكنولوجيا وماينفعش إنها تفكر بالطريقة دى ومهما كانت بتخاف عليه لازم تحترم رغباته طالما إنها رغبات مقبولة.. ف مينفعش تقف قدام أحلامه الصغيرة
وفعلا يوم عيد ميلاده فاجئه والده بكمبيوتر هدية.. محمد ماكنش مصدق نفسه من الفرحة.. حضن والده ووالدته وقالهم (بحبكم قوووووى يا أحلى حاجة فى دنيتى)
بدأ محمد يتعرف لوحده ازاى يتعامل مع صديقه الجديد.. وبمساعدة أصحابه قدر فى فترة صغيرة يبقى له ايميل وحساب على الفيس بوك وكمان بقى عنده اصحاب كتير على النت
وبرغم اعتراض والديه على قعاده اللى بيدوم فترات طويلة قدام شاشة الكمبيوتر.. لكن لإنهم واثقين فيه ماكنوش بيمنعوه غير فى فترات المذاكرة..
الأب صديق حميم لمحمد.. فكان محمد دايما بيقعد مع والده يحكي له على دنيا الانترنت وازاى فعلا هو كان جاهل ومُتأخر وان أصدقائه كان عندهم حق.. كان والده يسمع له فى تركيز تام، سعيد بإبنه اللى خلاه يحب النت واحداثه السريعة.. واللى بقى يشوف ويعرف كل الأخبار سواء الشبابية أو السياسية بعيون ابنه
- فى يوم جرى محمد على والده وقاله: الحق يا بابا.. اوعى تروح الشغل بكرة
- اتخض الوالد: ليه يابنى؟ فى حاجة؟
- محمد بجدية: ايوة يا بابا بعد اللى حصل فى تونس.. الشباب بقى عندهم أمل فى بكرة.. ف عاملين مظاهرة
- الوالد بسخرية: ههههه، يعنى خضتنى بس كدة على الفاضى.. هتلاقيهم شوية ناس فاضية هما اللى نازلين.. ماتكبرش الموضوع
- محمد بإصرار: لا يا بابا انا شفت الجروب بنفسى ده عليه اكتر من مليون عضو.. حتى لو نصهم اللى نزل برضه الدنيا هتبقى زحمة
- الوالد من غير اهتمام: ماتقلقش، الجيل ده كله شباب خايب.. آخرهم ينزلوا يهللوا للكرة.. إلا قولى هو الكلام ده قريته برضه على الفيس بوك اللى خوتنى بيه؟
- محمد: ايوة، ده جروب عليه.. بجد يا بابا انا حاسس انها هتكون حاجة مختلفة
- والده: صعب أصدق.. يعنى هما افتكروا دلوقتى بس بعد اللى حصل فى تونس انهم مظلومين وعايشين ومش عايشين!! كانوا فين من زمان يعنى؟ آخركم تتظاهروا بالكيبورد على الفيس بوك..
فقد محمد الأمل إنه يقنع والده بإن المرة دى غير كل مرة.. قلبه كان حاسس بكدة.. وهو دايما بيصدق قلبه
نام محمد وهو بيحلم ببكرة.. بيحلم ينزل المظاهرات ويشارك الناس حلمها.. ولكن والدته رفضت وقالت له إنه لسه صغير وممكن يتداس فى الرجلين
صحى محمد يوم 25 يناير من الصبح بدرى قعد يتابع الأحداث كلها على الانترنت.. ولما لقى العدد فاق كل التصورات.. اتصل بوالده فى شغله يؤكد له ان احساسه كان صادق.. ماقدرش الأب من الذهول اللى شايفه قدامه فى شاشة التلفزيون (مباشر) غير انه يقوله:
- عندك حق يابنى.. ماكنتش متخيل ان الناس هاتنزل بالأعداد المهولة دى
- ممكن انزل أشارك يا بابا؟
- ..............
- أرجوووووك، أنا حاسس إنى متكتف وأنا قاعد كدة فى البيت
- طيب يابنى انزل.. بس خلى بالك من نفسك.. ربنا معاكم
رجع محمد يومها بليل وهو فى قمة السعادة والفرحة.. جريت عليه والدته تحضنه وتتطمن عليه إنه كويس.. وقالت له:
- حرام عليك اللى بتعمله فيا ده.. أنا كنت هموت من القلق عليك
- ابنك راجل يا ماما.. ماتقلقيش عليه
- يقطع النت على الفيس بوك فى يوم واحد.. كان مالنا احنا بس ومال الحاجات دى!
- ماتقوليش كدة يا ماما.. على فكرة بقى مش كل الناس اللى هناك من اللى بيدخلوا على النت.. فى ناس كتييييييير جايين يطلبوا بحقوقهم لكن لا ليهم فى النت ولا يعرفوا عنه حاجة
- انت مش هاتنزل تانى على فكرة.. انســــــــــــــى
- لأأأأأأأأ، أنا هانزل كل يوم يا ماما بعد إذنك.. أنا بجد فخور إنى بعمل حاجة مفيدة لبلدى.. حتى لو بانت حاجة صغيرة وحتى لو اتريق عليها ناس كتير.. بس بكرة يعرفوا إن احنا اللى هانغير بلدنا بإيدينا واحنا اللى هانضفها ونخليها احسن بينا ولينا
- إنت بتجيب الكلام ده منين؟ انت كلك على بعضك كام سنة؟
- من الشباب المثقف الواعى اللى قعدت معاهم يا ماما.. كان نفسى بجد تشوفيهم وتشوفى أملهم فى بكرة اللى مش بيفارق عينيهم وحماسهم اللى بيحركهم
- بابا هاتيجى معاية بكرة؟
- ايوة يابنى هاجى.. بعد كل اللى انت قلته ده والحماس والإصرار اللى أنا شايفه فى عينيك.. كبرت فى نظرى وفعلا أنا فخور بيك وبشباب مصر.. وكمان غيرت منك.. هو يعنى أنا مش وطنى ومش بحب بلدى زيك!! لأ أنا كمان بحب مصر وهاشارك عشان خاطر مصر
- الأم: عليه العوض ومنه العوض.. يعنى أنا قادرة على ابنك لما هاقدر عليك؟
- الأب يهون عليها الأمر: احنا كدة خلاص اغلبية.. ومابقاش فيه حد بيخاف.. لازم تبقى فخورة بإبنك.. ادعيلنا انتى بس
- الأم تحبس الدموع فى عينيها: ربنا يحفظكم انتوا وكل اللى زيكوا وينصركم يارب
كانت دموع الأم مش بتقف وهى عمالة تقلب فى قنوات التلفزيون علشان تتابع كل القنوات الإخبارية فى وقت واحد.. وفى نفس الوقت كانت بتتصل بمحمد ووالده تقريبا كل نص ساعة عشان تتطمن إنهم بخير.. وكل ما تشوف ضرب على شاشات التلفزيون تجرى على التليفون وتتصل
- الو، يا محمد انت كويس؟ بابا كويس؟
- ايوة يا ماما احنا رجالة ماتخفيش علينا
- أمال فين بابا؟
- بابا؟ مش عارف.. الدنيا زحمة قوى يا ماما.. أنا هادور عليه وبعدين اكلمك اطمنك.. ادعيلنا يا ماما.. ادعى ان ربنا ينصر مصرنا الجميلة.. بنحبك يا مصر.. لا اله إلا الله
- محمد رسول الله.. بدعيلكم يابنى.. بدعيلكم من قلبى.. ربنا ينصركم ويحفظكم
ودى كانت آخر مكالمة تسمع فيها الأم صوت إبنها.. حاولت الإتصال بيه كتير بعد كدة ولكن فشلت إنها توصله.. كانت هاتتجنن ومش عارفة تعمل إيه.. لحد ما دخل عليها الأب ولوحده
- محمد فين يا ابو محمد؟
- الأب راسه فى الأرض ومش شايف من كتر العياط والدم اللى مغرق وشه: ...........
- الأم بتحاول تتماسك: محمد فين؟ انت سيبته فى المظاهرات صح؟ مارضاش يجي مش كدة؟ أنا عارفة ابنى.. دماغه ناشفه.. هو هناك؟ انت سيبته وجيت؟ رد عليا
- الأب ينهار على أول كرسى يقابله: محمد أُستشهد يا أم محمد.. إبنك فعلا راجل.. وقف يدافع عن بلده بكل شجاعة وصمد كتير قوى.. لكن ربنا إختاره إنه يكون شهيد.... شهيد الحرية
ماقدرتش الأم تستوعب كلام أبو محمد.. وقبل حتى ما تفكر تستوعب كان أُغم عليها.. وكل ما تفوق تسأل عن محمد ولما تفتكر آخر كلام ليها مع ابوه تفقد وعيها تانى.. لحد ما فى ليلة حلمت بيه
- جريت عليه بلهفه واخدته فى حضنها: محمد انت فين؟ أنا برضه ماصدقتش اللى أبوك قاله.. يا حبيبى يابنى
- محمد بوجه مبتسم صافى: أنا كويس.. وحشتنيى يا ماما.. ماتقلقيش عليا.. أنا هنا فى دار الحق.. ومبسوط قوى مع اخواتى اللى استشهدوا.. وكلنا راضيين باللى حصلنا.. وكله يهون عشان بلدنا
- دار الحق؟ هو انت.. انت... هو أنا مش هشوفك تانى فى الدنيا يابنى؟
- يا ماما أنا مبسوط وفخور ومش ندمان على أى حاجة عملتها.. أنا كنت مؤمن بكل اللى بعمله.. المهم مصر عاملة إيه؟ طمنينى.. أخدتوا حقنا من اللى عملوا فينا كدة؟؟ أوعوا يا أمى تسيبوا دمنا يروح هدر.. أوعوا تنسونى أنا واخواتى الشهداء.. احنا مش عايزين نبقى جروب على الفيس بوك بعنوان (مش هاننساكم).. احنا عايزين حقنا.. مش هانرتاح ولا هانفرح غير لما تسقطوا النظام يا ماما ومن جدوره.. اوعوا يضحكوا عليكم بشوية مُسكنات وتصدقوهم.. أوعوا يا أمى.. قولى لبابا خد حق محمد وحق اخواته.. اوعوا تنسونا يا ماما
صحيت الأم مش شايفة قدامها من كتر دموع اللى مش قادرة تمسكها.. وقبل ما تنادى على ابو محمد، سمعته يهلل ويعيط ويضحك وبيصرخ ويقول:
- الله أكبر، الله أكبر.. دمك مارحش هدر يابنى.. دمك مارحش هدر يا محمد.. دلوقتى أقدر أخد عزاك.. النهاردة يوم فرحك يابنى.. ومصر هى عروستك ولابسة الطرحة.. إطمن يابنى.. ف الجنة ان شاء الله يا محمد انت وكل اللى اُستشهدوا
وسمعت المذيع فى التلفزيون بيقول: مبروك لمصر فقد تنحى الريس والشعب أسقط النظام.. تحيا مصر