أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

استنفار في البيت الأبيض استعدادا لزيارة العاهل السعودي : " الملك القوي يضع أمريكا جانباً "

- النهار اللبنانية
 
الملك سلمان في واشنطن بعد 165 يوماً فقط من تولي دفّة الحكم في البيت السعودي إذ وضعت قيادته المنطقة بأكملها أمام واقع جديد بصرامة وجدية قولاً وفعلاً.
البيت الأبيض يستنفر للتحضير لزيارة من دون أخطاء وليعيد الدفء إلى العلاقات، بينما أصدقاء السعودية في #الكونغرس اللاعبون الأهم في المسرح السياسي يعرفون كيف يتعاطون مع الزائر الكبير.
 
الحيرة الأميركية في التعامل مع السعودية بدأت من اليوم الأول للملك سلمان، عندما كلف الرئيس أوباما نائبه استقراء الأجواء السعودية.
 
"جي بي"، وهو الاسم المختصر لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن، والشائع بين أهل السياسة والدبلوماسية في واشنطن دي سي، التي كانت مجازاً تسمى عاصمة صناعة القرار العالمي حتى وقت قريب.
 
المهم في الأمر أن السيد JB قبل أكثر من خمسة أشهر تلقى وكبار رجال #البيت_ الأبيض خبر الانتقال السلس للسلطة في #السعودية بالسؤال البديهي: ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع أصدقائنا السعوديين بعد أعوام من فتور العلاقة؟ وما هي أولوليات حليفنا المهم في الشرق الأوسط؟
 
سأل السيد جي بي المحيطين به حتى أشار عليه أحدهم بأن يلتقي شخصية #سعودية وطيدة العلاقة ببيوت الدراسات والبحوث المهتمة بالشأن العربي الأميركي، وقريبة من بيت الحكم السعودي.
 
تعاقبت الأحداث بعد ذلك وأطلق الملك سلمان بن عبد العزيز، وفي أجواء سياسية لا تقبل إلا شجاعة القرار وثبات الموقف، عاصفة الحزم فإعادة الأمل، وحتى السهم الذهبي لتتضح الصورة لدى أعضاء الإدارة الأميركية التي تبيع محلات الهدايا عند البيت لعبة لعدّ الأيام الباقية لهم.
الرسالة كانت واضحة على الرغم من أن الصديق الأميركي عرف متأخراً، بتحالف خليجي شجع أقوياء العرب للانضمام إليه من دون تردد، وقالتها مجلة "التايم" في مقال للكاتب مارك ثمسون "أميركا على الجانب"، ثم أتى تصريح داهية الكونغرس جون ماكين ليقولها بكل وضوح :"السعودية اتخذت القرار الصحيح، وتفعل الصواب".
 
ووسط مراقبة البيت الأبيض، لم تهدأ العاصمة الرياض من استقبال رؤساء دول، رؤساء حكومات، وزراء دفاع وقادة جيوش، ملبين دعوة التحالف التي اكتفت الولايات المتحدة بدعمهم استخبارياً ومعلوماتياً، وربما على استحياء.
ومن الرياض إلى نيويورك أحاطت السعودية شرعيتها العربية بأخرى دولية ليخرج القرار التاريخي ٢٢١٦ بتأييد ما ذهبت إليه المملكة، وثقة بالحكمة السعودية على العكس من الطيش الإيراني الصفيق... وما زال الصديق #الأميركي يتأمل الموقف.
 
في ذلك الوقت، كان وزير الخارجية السعودي عادل #الجبير (سفير المملكة في واشنطن آنذاك) يؤكد لوسائل الإعلام الأميركية أن لا مجال لإيران في أي مفاوضات بشأن #اليمن، وكتب براين بنات لـ"لوس أنجلوس تايمز"، على لسان محللين أن السعودية ماضية من دون تردد، عقب أشهر من تمويل #إيران للحوثيين بأطنان من الأسلحة.
تحولت السعودية من عاصفة الحزم لتطلق عملية إعادة الأمل، ثم تكشف واحد من أخطر المخططات التي كانت تستهدف أمن السعودية، وأخيراً تعلن عن ولي عهد جديد وصفه البرنامج الشهير"٦٠ دقيقة" بالرجل القوي، وجنرال الحرب على الإرهاب، الأمير محمد بن نايف.
 
وأعلن كذلك ولي ولي عهد شاب أدهش العالم بأدائه حتى وصفت "النيويورك تايمس" في الأسبوع الأول من أيار/مايو الماضي، تعيينه ومبايعته بـ"القرار المذهل"، وهو الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع، إذ أكد ذلك بتحركاته الدولية منذ اللحظة الأولى من تسميته.
وعلى الرغم من محاولة التظاهر الأميركية بالحرص على أمن المنطقة والوفاء مع "الأصدقاء الحقيقيين" ولكن من دون تدوين أو تصريح من الكونغرس، غاب الملك سلمان عن حضور قمة كامب ديفيد لترى الإدارة الأميركية في ذلك أقسى المؤشرات عقب أن أعلنت رسمياً زيارة الملك للبيت الأبيض.
 
لم تتجه #السعودية إلى سياسة التصريحات، بل إلى الأفعال بتوسعة خريطة تحالفاتها، من فرنسا الصادقة الواضحة، وحتى روسيا القوية. لتبقى أميركا الصديق المتردد حتى إشعار آخر وسط اخفاقات متواصلة توقع المقربون من صناعة القرار السعودي استمرارها في الملف الإيراني.
هلّلت الإدارة الأميركية لاتفاقها مع من كانت تصفهم بـ"قوى الشر"، وخرج أوباما على شعبه مزهواً باتفاقه الذي ما زال وسيبقى بعيداً من ثقة السياسي والناخب الذين عرفوا أن ما فعل مجرد مناورة لدعم حزبه في الانتخابات المقبلة.
 
المسرحية قرأتها باكراً مجلة "#التايم" عبر كاتبها فريدريك ويري في الـ١٧ من نيسان/إبريل الماضي، والذي قال صراحة: "التوزان الذي يدعيه أوباما عبر هذا الاتفاق غير ممكن".
 
الملك سلمان الذي سيحل ضيْفاً على الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، ليس الضيف الذي كان مقبلاً مع بداية عهده، بل أتى عقب ما يقارب الستة الأشهر من المنجزات الكبيرة على الساحتين العربية والدولية قادها من دون تردد وأجبرت العالم بأسره على احترامها، كل المؤشرات تقول إنه سيذكره العابرون عبر تلة العاصمة عند مدخل الكونغرس.
 
أما البيت الأبيض و"الأوباميون" المغادرون ستكون آخر محاولتهم لإثبات صدقية أفعالهم لأن السياسة لا تعترف بالنيات، فالخريف السعودي مليء بالمفاجآت الحرّاقة للأميركيين وغيرهم.
 
* هادي الفقيه - كاتب وصحافي سعودي
 
 نقلا عن النهار اللبنانية
 
 

Total time: 0.043