فستان أنثوي ناعم وأحمر شفاه وكحل أسود وآلاف المعجبين والمتابعين” لفتيات لم تتجاوز أعمارهن الـ10 سنوات؛ في ظاهرة غزت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترات الأخيرة من خلال استعراض الأطفال بالتصوير أو الرقص لزيادة أعداد المتابعين وبحثًا عن الشهرة.

بدأت الظاهرة تزداد بشكل مخيف، وما فتح باب النقاش فيها هي مسابقة أطلقها حساب على “انستجرام” لأحسن رقص لفتاة صغيرة على أنغام أنشودة “يا طويرات”، ومن ثم انتشار فيديو لفتاة ترقص برفقة مجموعة من الفتيان في مهرجان التسوق بمدينة بلقرن، مما أثار ردود فعل كبيرة عبر مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.

التعود يجعل الطفل أكثر تمرداً

بداية أعرب الدكتور هاني الغامدي، المحلل النفسي والمتخصص في الدراسات والبحوث للقضايا الأسرية والمجتمعية لـ”عين اليوم” عن أسفه تجاه ما يحدث من قبل بعض الأشخاص الذين يشجعون أطفالهم على الرقص في أماكن لا تليق بذلك أو يستعرضون بالأطفال من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لجلب الشهرة وزيادة عدد المتابعين، واعتبر أنهم ليس لديهم أية مبادئ سلوكية وأخلاقية.

وقال: إذا كان الهدف الأساسي من نشر المقاطع والصور هو الاستعراض فهذا أمر محرم، حتى لو كان على مستوى الطفولة؛ لأن هناك الكثير من المتلذذين بالأطفال صغار السن على المستوى الجنسي، وهذا أمر معروف ضمن ما يعرف بالشروحات النفسية الخاصة بهذا الجانب؛ أما إذا كان الأمر بهدف زيادة المتابعة فهذا أمر سيئ يدل على فراغ فكر هؤلاء، مشيراً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، ومشيرًا لوجوب استحضار الخوف من الله في الأمانة التي وضعها بين يدي الوالدين والأمهات خاصة.

وعن تأثير هذا الفعل على الأطفال، ذكر الغامدي أن اعتياد الفتاة الصغيرة على الجرأة بالرقص أمام الناس قد يفقدها حياءها عندما تكبر ويجعلها أكثر ميلاً للتمرد عند سن المراهقة، وتابع: إذا كان الأمر فيها جلب للضحك فبالتأكيد قد تترك بصمات سلبية في عقلية وذهن الطفل مستقبلاً.

القانون ومحاولة استغلال الأطفال

أما الشيخ خالد إبراهيم الصقعبي فقد أكد عبر تويتر أن دفع الفتاة للرقص أمام القاصي والداني سقم في العقل ودناءة في الهمة وعدم إدراك للعواقب، ووجه الصقعبي العتب الأكبر على أولياء الأمور متسائلاً: أين والد الصغيرة من هذا العبث الذي يتحمل بالدرجة الأولى هو مسؤوليته بحكم قوامته؟

وكشف المحامي سالم الرديعان لـ”عين اليوم” أنه في قانون السعودية يحق لأي شخص أن يرفع قضية ضد من قام بتصوير أطفاله دون علمه، كما يحق لأحد الأبوين إذا كانا على خلاف وقام الآخر بنشر مقطع للطفل دون علم الطرف الثاني أن يقاضيه.

وتابع: إن استغلال الأطفال في مثل هذه المجالات أمر يعاقب عليه القانون ويعتبر انتهاكًا لحقوق الطفل ويندرج تحت الإيذاء الجسدي، بحسب القانون المتعارف عليه في بعض الدول وفق المادة 36 من اتفاقية حقوق الطفل؛ والتي تنص على أن (تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب رفاه الطفل)، علمًا بأن الطفل هو من لم يبلغ الـ18 عامًا.

فيما ذكر المحامي أحمد المحيميد المستشار القانوني وعضو برنامج الأمان الأسري أن هيئة التحقيق والادعاء العام تختص بمباشرة مثل هذه الدعاوى وتحيلها للمحكمة المختصة بإصدار العقوبات اللازمة وتشدد العقوبات حال كان الجاني من ذوي الضحية، مع الأخذ بالاعتبار ما ورد في أحكام الشريعة الإسلامية من حماية الأطفال وكذلك الاتفاقيات الدولية، علمًا بأن وزارة الشؤون الاجتماعية ألزمت بالتبليغ عن كافة أنواع الإيذاء الذي يتعرض له الطفل أو المرأة عبر الهاتف المجاني 1919.

ليس من حق الوالدين الاستعراض بأطفالهم إلكترونياً

من جهته يرى محمد عبدالعزيز الشريم الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود أن هناك طاقات إبداعية هائلة لدى الأمهات ولدى البنات الصغيرات والشابات، ولكنها بحاجة إلى ميدان إيجابي ونافع حتى يستفدن منها.

ونوه الشريم إلى أن تعويد الصغيرات على الاستعراض أمر فيه شيء من انتهاك حقوق الأطفال، فليس من حق الوالدين الاستعراض بهم، وخاصة إلكترونيًا.. وعلق الشريم: مما يهوّن الأمر على بعض الأسر؛ زعمهم أن الفتاة صغيرة ولا يجب عليها الحجاب، لكنها تكبر وتقارب البلوغ وما زالت بنظرهم صغيرة، وحذّر الشريم من انخراط الفتيات الصغيرات وإقحامهن في عالم النجومية والشهرة لأنه يؤدي بهن إلى الغرور من الصغر، فيتعالين على غيرهن بشكل سلبي.

واستطرد الشريم: تفقد الفتاة الصغيرة براءتها وتحرم طفولتها حينما تصبح نجمة استعراض، تأتيها العروض، ويتابعها المعجبون في الأماكن العامة، مضيفًا أن الإغراق في توظيف الأطفال للعمل تحت الأضواء له أحيانًا نتائج كارثية، ليس في بلاد المسلمين فقط، بل حتى في الدول الغربية.

فتاة مهرجان مدينة بلقرن

إلى ذلك وجّه الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير بالتحقيق فيما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي حول ظهور طفلة في مقطع فيديو في مهرجان محافظة بلقرن للتسوق مؤخرًا، وأكد سموه أن جميع الأنشطة والفعاليات التي تقام في منطقة عسير ترتكز على احترام التعاليم الإسلامية وتراعي خصوصية المجتمع السعودي.

كما أوضح المتحدث الرسمي والمشرف على الشؤون الإعلامية بإمارة عسير سعد آل ثابت أنه تم تحويل القضية إلى الجهات ذات العلاقة للتحقيق فيما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإيضاح حقيقة الأمر.