ألقى السيد الرئيس بشار الأسد ظهر أمس كلمة على مدرج جامعة دمشق تناول فيها الاوضاع الراهنة قال فيها:
السلام عليكم وعلى سورية وعلى كل من يحمي هذا الوطن الغالي.. السلام على الشعب والجيش وقوى الامن وكل من سهر ويسهر على منع الفتنة ووأدها في جحورها الكريهة.. السلام على كل أم فقدت عزيزا وكل طفل فقد والداً وكل عائلة فقدت فلذة.. السلام على أرواح شهدائنا الذين أنبتت دماؤهم أقحوانا في الربيع والصيف عندما استبدلت فصول الازهار والاثمار بفصول المؤامرة والقتل.. لكن حتى فصول المؤامرة تزهر في سورية.. انها تزهر عزة ومناعة.
وأضاف الرئيس الأسد.. أخاطب اليوم عبركم كل مواطن سوري على امتداد الوطن.. وأردت أن يكون لقائي معكم مباشرا ترسيخا للتفاعل والعفوية اللذين ميزا العلاقة بيننا وكنت أتمنى أن ألتقي كل مواطن سوري ولكن يقيني بأن اللقاء مع البعض منكم في أي مناسبة يجعلني أشعر بأني أتواصل معكم جميعا.
وأرسل عبركم التحية إلى كل مواطن ومواطنة.. إلى كل أخ وأخت.. إلى كل شاب وشابة.. إلى كل أب وأم وهم يعبرون عن تعلقهم بوحدة وطنهم ويعملون من أجل سلامته ويقدمون الغالي والرخيص كي يبقى قوياً.
وإن تأخرت عليكم بالكلام رغم إلحاح البعض علي ممن التقيت بهم للحديث إلى المواطنين فذلك لاني لا أريد منبرا دعائيا فلم أشأ الحديث عما سننجزه وانما عما تم انجازه أو في طريقه إلى الانجاز وليكون جوهر ومضمون حديثي مبنيا على ما سمعته ولمسته من المواطنين خلال الاسابيع الماضية.. فالمصداقية التي شكلت أساس العلاقة بيني وبين الشعب والتي بنيت على الفعل لا القول.. على المضمون لا الشكل هي التي بنت الثقة التي شعرت بكبرها وأهميتها خلال اللقاءات الشعبية التي عقدتها مؤخراً والتي وان كانت مع مجموعات قليلة العدد قياسا إلى مجمل الشعب السوري الكبير الا أنها جسدت بشكل واضح عظمة هذا الشعب الذي ينضح وعيا وطنيا وطيبة وذكاء واباء.
وقال الرئيس الأسد.. تأخري في الحديث حتى اليوم فسح المجال للكثير من الشائعات في البلد.. انا سمعتها وانتم سمعتموها.. الشائعات ليست مهمة الأهم بالنسبة لي الزمن الذي كان ضرورياً.. فكل يوم كانت الاحداث تأتي بمعلومات جديدة وكل لقاء بيني وبين المواطنين مع الوفود الشعبية الكثيرة والعديدة التي التقيت بها كان يأتي بمزيد من المعلومات.
وأضاف الرئيس الأسد.. بالنسبة للاشاعات كان الكثير من الوفود عندما يدخل كي يطمئن على عدم صحة الاشاعة او ليطمئن عني أنا شخصيا أريد ان أقول ان كل ماسمعتموه عن اشاعات متعلقة بالرئيس وعائلته وعمله ليس لها اساس وكلها خاطئة وغير صحيحة سواء كانت مغرضة أم بريئة.
وقال الرئيس الأسد.. نلتقي اليوم في لحظة فاصلة في تاريخ بلدنا.. لحظة نريدها بارادتنا وتصميمنا أن تكون فاصلة بين أمس مثقل بالاضطراب والالم سالت فيه دماء بريئة أدمت قلب كل سوري وغد مفعم بالامل في أن تعود لوطننا أجمل صور الالفة والسكينة التي طالما نعم بها على أرضية مكينة من الحرية والتكافل والمشاركة.. أيام صعبة مرت علينا دفعنا فيها ثمنا كبيرا من أمننا واستقرارنا من خلال محنة غير مألوفة خيمت على بلدنا أدت إلى حالات من الاضطراب والخيبة بفعل حوادث شغب وأعمال قتل وترويع للمواطنين وتخريب للممتلكات العامة والخاصة تخللت الاحتجاجات الشعبية سقط خلالها أعداد من الشهداء سواء من المواطنين أم من رجال الامن والشرطة والقوات المسلحة وجرحت أعداد كبيرة أخرى وكانت خسارة كبيرة لأهلهم وذويهم وخسارة كبرى للوطن.. ولي شخصيا كانت خسارة ثقيلة واني اذ أرجو من الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة لجميع الشهداء فإني أتقدم بالتعزية القلبية لأسرهم وذويهم.
وتابع الرئيس الأسد.. بالقدر الذي تعز علينا خسارتهم وما تحمله من ألم وحسرة بالقدر الذي تدفعنا لتأمل هذه التجربة العميقة والمهمة بجانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالارواح والممتلكات والارزاق في المستوى المادي والمعنوي وبجانبها الايجابي وما يحمله من اختبارات مهمة لنا جميعا اكتشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه.
وبما أن الزمن لا يعود للوراء فخيارنا الوحيد هو التطلع إلى المستقبل وهذا الخيار نمتلكه عندما نقرر أن نصنع المستقبل بدلاً من أن تصنعه الاحداث.. عندما نسيطر عليها بدلاً من أن تسيطر علينا.. نقودها بدلاً من أن تقودنا.. وهذا يعني أن نقوم بالبناء على تجربة غنية أشارت إلى نقاط الخلل وعلى تحليل عميق استخلص العبر بحيث نحول الخسائر إلى أرباح فترتاح أرواح شهدائنا التي لن تكون حينئذ مجرد دماء مهدورة بل دماء ضحى بها أصحابها من أجل أن تزداد قوة ومناعة وطنهم0 وقال الرئيس الأسد .. في كل ذلك نحن ننظر للامام.. ورؤية المستقبل تتطلب حتما قراءة عميقة للماضي وفهما دقيقا للحاضر.. ومن البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم ما الذي يحصل.. ولماذا.. وهل هي مؤامرة ومن يقف خلفها.. أم هي خلل فينا فما هو هذا الخلل... وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف.
وأضاف الرئيس الأسد.. لا أعتقد أن سورية مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفا لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الاستقلال لاسباب عديدة بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية المهمة لسورية والبعض الاخر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها.. فالمؤامرات كالجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان .. لا يمكن ابادتها وانما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها.. فما رأيناه من مواقف سياسية واعلامية ليس بحاجة للكثير من التحليل ليؤكد وجودها.. ومواجهتها لا تكون بإضاعة الوقت بالحديث عنها أو بالخوف منها بل تكون بالبحث عن نقاط الضعف الداخلية التي يمكن أن تنفذ منها وترميمها.. وعندها لا يكون من الاهمية بمكان الحديث عن مخطط رسم في الخارج ونفذ لاحقا في الداخل.. أم ان ظهور الخلل هو الذي شجع الاخرين على محاولات التدخل لان الحل هو في معالجة مشاكلنا بأيدينا وتلافي التراكمات التي تضعف مناعتنا الوطنية.
وقال الرئيس الأسد.. الجراثيم تتواجد في كل مكان على الجلد وداخل الاحشاء ولم يفكر العلماء عبر تاريخ التطور العلمي بأن يقوموا بابادة الجراثيم وانما فكروا دائما كيف نقوي مناعة أجسادنا وهذا ما علينا أن نفكر به أهم من التحليل بالنسبة للمؤامرة لانه لا أعتقد أن المعطيات ستظهر قريبا كل التفاصيل وربما لن تظهر خلال سنوات ولكن البعض يقول انه لا توجد مؤامرة وهذا الكلام غير موضوعي ليس بالنسبة للأزمة وانما بالنسبة للظروف والتاريخ أو السياق التاريخي لسورية.. فماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية الفاقعة بضغطها على سورية وبمحاولات التدخل في الشأن الداخلي ليس حرصا على المواطن السوري وانما من اجل الوصول إلى ثمن معروف مسبقا.. تنازلوا عن كل ما تتمسكون به من مبادئ وحقوق ومصالح وسياسات وغيرها.. وماذا نقول عن هذه المواقف السياسية وماذا نقول عن الضغط الاعلامي وماذا نقول عن الهواتف المتطورة التي بدأنا نجدها في سورية تنتشر بين أيدي المخربين وماذا نقول عن التزوير الذي شاهدناه جميعا لا يمكن أن نقول عنه عملا خيريا وهو بكل تأكيد مؤامرة ولكن لن نضيع وقتنا وقلت هذا الكلام أمام مجلس الوزراء وقلته في خطاب مجلس الشعب وأؤكد عليه دائما وعلينا أن نركز على الوضع الداخلي وفي هذا الخطاب لن أتحدث سوى في الوضع الداخلي ولن أعير الاهتمام لاي شيء خارجي لا سلبا ولا ايجابا.
وأضاف الرئيس الأسد.. ان ما يحصل في الشارع السوري الان له ثلاثة مكونات الاول هو صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له ولقد تحدثت سابقا عن المطالب المحقة فهذا واجب من واجبات الدولة تجاه مواطنيها عليها العمل من دون كلل لتحقيقها ضمن امكانياتها وعلينا جميعا في مواقع المسؤولية أن نستمع اليهم ونحاورهم ونساعدهم تحت سقف النظام العام.. فلا سعي الدولة لتطبيق القانون وفرض النظام يبرر اهمال مطالب الناس .. ولا الحاجات الملحة للبعض تبرر مطلقا السعي لنشر الفوضى أو خرق القانون أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة.
بالنسبة لهذا المكون التقيت بالعديد منهم وعندما أقول هذا المكون أصحاب الحاجات فلا يعني المتظاهرين تحديدا وانما يعني كل من هو صاحب حاجة البعض منهم خرج للتظاهر والقسم الاكبر لم يخرج للتظاهر لكن هو صاحب حاجة فعلينا أن نتعامل معه.. أنا التقيت بوفود عديدة البعض منها من المتظاهرين والبعض منها من غيرهم من كل المناطق والاطياف وأستطيع أن أقول أول شيء علينا أن نميز بين هؤلاء وبين المخربين.
وأضاف الرئيس الأسد.. المخربون هم مجموعة قليلة فئة صغيرة مؤثرة حاولت استغلال الاخرين وحاولت استغلال الاكثرية الطيبة من الشعب السوري من أجل تنفيذ مآرب عديدة.. فالتمييز بين الفئة الاولى والثانية هام جدا.. هذا المكون مكون وطني كل المطالب التي سمعتها او التي طرحت، طرحت تحت سقف الوطن لا يوجد أجندات خارجية ولا ارتباطات خارجية وهم ضد أي تدخل خارجي تحت أي عنوان.. هم يريدون المشاركة وعدم التهميش والعدالة.. هناك نقاط كثيرة طرحت.. على سبيل المثال هناك أشياء متراكمة منذ 3 عقود منذ مرحلة الصدام مع الاخوان المسلمين تلك المرحلة السوداء في الثمانينيات ما زال البعض أجيال جديدة تدفع ثمن تلك المرحلة.. عدم توظيف وعدم اعطاء موافقات أمنية لقضايا مختلفة يعني عمليا حمّلنا نفساً وزر أخرى وهذا الشيء غير صحيح وبدأنا بحل هذا النوع من المشاكل وسمعت هذه النقاط تحديدا من أكثر من وفدين وأذكر منهم ادلب وحماة على وجه التحديد وبدأنا بحل هذه المشكلة وسنقوم بحلها نهائيا لا يجوز أن نبقى نعيش بعد 3 عقود في مرحلة سوداء.. هذه القضايا تتعلق بالعدالة والظلم ويشعر بها كل مواطن.
وقال الرئيس الأسد.. هناك قضايا أخرى لها علاقة بموضوع مثلا جوازات السفر بالرغم من أننا منذ نحو سنتين أعطينا توجيهات لكل السفراء بالخارج أن يبدؤوا باعطاء جوازات السفر حتى للمطلوبين سواء كانوا فارين أو غير فارين لكن يعتقدون أنهم مطلوبون في سورية.. عدد كبير من هؤلاء كان يشعر بالخوف ولم يذهب للسفارات لاستلام جواز السفر.. حتى بعد العفو الاخير لم يقوموا باستلام جوازاتهم مازال هناك نوع من الخوف يمنع الناس من المبادرة تجاه مؤسسات الدولة وهذا الخوف يشعرهم بوجود الظلم أحيانا.
وأضاف الرئيس الأسد.. بما أننا مررنا على موضوع العفو ففي لقاءاتي الاخيرة شعرت أن هذا العفو لم يكن مرضيا للكثيرين والحقيقة أن هذا العفو هو أشمل عفو صدر منذ نحو 23 عاما وأعتقد أن العفو المماثل كان في عام 1988 ومع ذلك هناك رغبة بأن يكون هذا العفو أشمل، وعادة نحن لا ندخل بالاسماء بل بالمعايير ونقول نعفو عن الجميع ما عدا مثلا المخدرات والارهاب والتمرد المسلح والقضايا الاخلاقية وما شابه ومع ذلك في هذه الظروف واعتمادا على ما سمعته من عدد من الاشخاص ووردني من أشخاص اخرين لم التق بهم فسأطلب من وزارة العدل أن تقوم بدراسة ما هو الهامش الذي يمكن أن نتوسع به في العفو ولو بمرسوم اخر بشكل يشمل اخرين دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة من جانب وبنفس الوقت مصالح المواطنين المعنية بالحقوق الخاصة للمواطنين أصحاب الدم على سبيل المثال.
وقال الرئيس الأسد.. اما المكون الثاني فيمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة وجدوا في مؤسسات الدولة خصما وهدفا لانها عقبة في وجه مصالحهم غير المشروعة ولانهم مطاردون من قبل أجهزتها.. فالفوضى بالنسبة لهؤلاء فرصة ذهبية لا بد من اقتناصها من أجل بقائهم طلقاء وتعزيز أعمالهم غير القانونية.. واذا كان من البديهي أن نسعى لتطبيق القانون على الجميع فهذا لا يعفينا من البحث عن حلول ذات أبعاد اجتماعية من شأنها أن تبعد هؤلاء عن سلوك الطريق الخاطئ وتدفعهم ليكونوا مواطنين صالحين مندمجين بمجتمعهم.
وتابع الرئيس الأسد.. قد يكون السؤال ما هو عدد هؤلاء.. أنا شخصيا فوجئت بهذا العدد كنت اعتقد أنه بضعة الاف في السابق، العدد في بداية الازمة 64 الفا وأربعمئة وكسور تخيلوا هذا الرقم من المطلوبين لقضايا مختلفة تصل أحكامهم من بضعة أشهر حتى الاعدام وهم فارون من وجه العدالة.. 24 الفا من هؤلاء حكمه من ثلاث سنوات فما فوق وطبعا منذ أيام تراجع هذا العدد قليلا أقل من 63 الفا لان البعض منهم سلم نفسه للسلطات المختصة والعدد 64 الفا أكثر أو أقل يعادل بالمعنى العسكري تقريبا خمس فرق عسكرية.. أي تقريبا جيشاً كاملاً.. لو أراد بضعة الاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالدولة.
وأضاف الرئيس الأسد.. اما المكون الثالث فهو الاكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري.. هذا الفكر الذي اختبرناه وعرفناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سورية واستطاعت أن تتخلص منه بوعي شعبها وحكمته.
واليوم لا نرى هذا الفكر مختلفا عما رأينا منذ عقود فهو نفسه وما تغير هو الادوات والاساليب والوجوه.. فهو يقبع في الزوايا المعتمة ولا يلبث أن يظهر كلما سنحت له الفرصة وكلما وجد قناعا يلبسه فهو يقتل باسم الدين ويخرب تحت عنوان الاصلاح وينشر الفوضى باسم الحرية.
وقال الرئيس الأسد.. من المحزن أن يكون في أي مجتمع في العالم مجموعات تنتمي لعصور أخرى عصور غابرة.. تنتمي إلى فترة لا نعيشها ولا ننتمي اليها وهي في الحقيقة العقبة الاكبر في عملية الاصلاح لان التطوير يبدأ بالانسان لا يبدأ بالكمبيوتر ولا يبدأ بالالة ولا يبدأ بالتشريعات ولا يبدأ بشيء بل يبدأ بالانسان.. فإذن علينا تطويق هذا الفكر اذا أردنا فعلا أن نتطور.. وهناك مكونات أخرى وأنا لم أتحدث عن المكون الخارجي ودوره في الأزمة ولم أتحدث عن المكونات التي نعرفها جميعا فهناك أشخاص تدفع لهم أموال ليقوموا بعمليات التصوير والتعامل مع الاعلام والبعض تدفع له أموال ليشارك في مظاهرات لمدة دقائق ويتم تصويرها وهي مكونات لا تهمنا كثيرا لذلك وبمراقبة المسار والاحداث كان التصعيد والفوضى هما المرادف لكل خطوة اصلاحية أعلن عنها أو تم انجازها وعندما فقدت المبررات كليا كان استخدام السلاح هو الخيار الوحيد أمامهم لتنفيذ المخطط.. ففي بعض الاحيان استخدمت المسيرات السلمية كغطاء يختبئ تحته المسلحون.. وفي أحيان أخرى كانوا يقومون بالاعتداء على المدنيين والشرطة والعسكريين عبر الهجوم على المواقع والنقاط العسكرية أو عبر عمليات الاغتيال.. أغلقت المدارس والمحلات في الاسواق والطرق العامة بقوة السلاح.. تعرضت الممتلكات العامة للتخريب والنهب والحرق المقصود.. فصلت المدن عن بعضها من خلال قطع الطرق الرئيسية التي تصل بينها.. وما يعنيه ذلك من تهديد مباشر لنسف الحياة اليومية للمواطنين لأمنهم وتعليمهم واقتصادهم وللتواصل مع عائلاتهم.
وأضاف الرئيس الأسد.. شوهوا صورة الوطن خارجيا وفتحوا الابواب بل دعوا إلى التدخل الخارجي.. وحاولوا بذلك اضعاف الموقف السياسي الوطني المتمسك بعودة الحقوق الوطنية كاملة.
عملوا على استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي الينا ولا ننتمي اليه ولا نرى فيه سوى التعبير عن فكر قبيح.. حاشى ديننا وتاريخنا وتقاليدنا أن تربط به أو تقربه.. وحاشى انتماؤنا الوطني والقومي والاخلاقي أن يدنس به.
وقال الرئيس الأسد.. طبعاً في كل هذه الامور ما عدا المكون الاول أنا أتحدث عن قلة قليلة لا تمثل سوى جزء بسيط جدا من الشعب السوري لذا الموضوع ليس مقلقا لكن أقول مرة أخرى لا بد من معالجته.. فعندما فشلوا في المرحلة الاولى عندما حاولوا استغلال المكون الاول وهو أصحاب المطالب انتقلوا للصدام المسلح والاعمال المسلحة وعندما فشلوا في هذه المرحلة انتقلوا إلى نوع جديد من العمل بدؤوا به في جسر الشغور عندما ارتكبوا المجازر الشنيعة التي رأينا صورها في الاعلام.. قتلوا رجال الامن ودمروا مراكز البريد التي هي ملك الشعب والمدينة التي يعيشون فيها هي التي تستخدمها.. هناك حقد كبير.. المهم أنهم كانوا يمتلكون أسلحة متطورة لم تكن موجودة في السابق وأجهزة اتصالات متطورة وانتقلوا لعمل اخر حاولوا بالقرب من معرة النعمان أن يستولوا على مخازن استراتيجية للوقود وتمكنوا من احتلالها واضطرت القوات المسلحة للتدخل من أجل استعادتها وفوجئنا بأنهم يملكون سيارات رباعية حديثة ركبت عليها أسلحة متطورة للتعامل حتى مع الحوامات وأيضا أجهزة اتصال.
وأضاف الرئيس الأسد.. وحاولوا أن يرتكبوا مجزرة أخرى في معرة النعمان أيضا بحق مفرزة أمنية وكادوا ينجحون لولا تدخل أهل المدينة الذين حموا المفرزة في بيوتهم والبعض دفع الثمن عندما عذب وضرب وكسرت عظامه وغيرها.. وأنا أوجه التحية لهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف الوطني وأتمنى أن التقي بهم قريباً.
وقال الرئيس الأسد.. هناك أشخاص كثر حاولوا أن يقوموا بأعمال مشابهة.. منع الفتنة في أماكن مختلفة من سورية والكثير منهم نجح والبعض حتى الان لم ينجح ولو لم يكن هناك هذا الشعور الوطني لدى الكثيرين لكان الوضع في سورية أسوأ بكثير من الان.. لكن الرد أتى من قبل الشعب السوري الذي هب بمجمله ليثبت مرة أخرى وعيه الوطني الذي فاق التوقعات في ظل هجمة افتراضية غير مسبوقة لم يكن من السهل خلالها التمييز بين الحقيقي منها والوهمي وبين الاصلي والمزور.. لكن الحس الوطني والحدس التاريخي اللذين يمتلكهما شعبنا والمبنيين على تراكمات من الخبرة عبر الاجيال كانا أقوى بما لا يقاس.. وأهمية هذه التجربة اذ أنها أظهرت مدى الوعي الوطني الذي يشكل الضمانة الاهم لنجاح عملية التطوير التي نقوم بها والتي ترتكز على ثلاثة أسس هي الوعي والاخلاق والمؤسسات.. وغياب أي منها سيؤدي حتما لانحراف العملية عن أهدافها وسيؤدي إلى فشلها وما يعنيه ذلك من اثار خطيرة على مجتمعنا وعلى مستقبلنا.
وأضاف الرئيس الأسد.. ما يحصل اليوم من قبل البعض ليس له علاقة بالتطوير أو بالاصلاح.. ما يحصل هو عبارة عن تخريب وكلما حصل المزيد من التخريب كلما ابتعدنا عن أهدافنا التطويرية وعن طموحاتنا.. وأنا هنا لا أقصد التخريب المادي فقط فهذا اصلاحه قد يكون أكثر سهولة.. لكنني أقصد بالدرجة الاولى التخريب النفسي والاخلاقي والسلوكي الذي يصعب اصلاحه مع الوقت والذي نرى البعض يعمل على تكريسه.. ويكرس معه تدريجيا عدم احترام المؤسسات وما ترمز اليه وطنيا وبالتالي تراجع الحالة الوطنية التي تشكل وتؤسس وتحمي الوطن وهذا بالضبط ما يريد أعداؤنا أن نقوم به وأن نصل اليه.
وقال الرئيس الأسد.. اليوم لدينا جيل من الأطفال تربى بهذه الأحداث أو تعلم الفوضى.. عدم احترام المؤسسات.. عدم احترام القانون.. كره الدولة.. هذا الشيء لا نشعر بنتائجه اليوم سنشعر بنتائجه لاحقا وسيكون الثمن غاليا.. وأريد أن أسال هنا هل أوجدت الفوضى مزيدا من فرص العمل للباحثين عنها.. هل حسنت الاوضاع العامة.. هل حسنت الامن الذي كنا ننعم بوجوده ونفاخر به.. فلا تطوير دون استقرار.. ولا اصلاح عبر التخريب ولا عبر الفوضى.. والقوانين والقرارات وحدها لن تكون كافية لتحقيق أي تقدم بمعزل عن البيئة السليمة التي يجب أن تحيط بها.
وأضاف الرئيس الأسد.. اذاً علينا أن نصلح ما تخرب ونصلح المخربين أو نعزلهم وعندها نستطيع الاستمرار بالتطوير.. كل ما سبق يتصل بالمبادئ والتشخيص أما في الممارسة فنبدأ من الواقع والواقع يبدأ من الناس.. لذلك بدأت بسلسلة طويلة من اللقاءات التي شملت مختلف الشرائح والفئات من مختلف المناطق والمحافظات في سورية بهدف فهم ورؤية هذا الواقع كما هو أو بأقرب ما يمكن إلى حقيقته من الزوايا المختلفة التي ينظر منها المواطنون السوريون.. بالشكل الذي يساعدنا على ترتيب أولويات مؤسسات الدولة بما يتوافق مع أولويات المواطنين.
وقال الرئيس الأسد.. أردت أن أفهم التفاصيل المباشرة من المواطنين بعيدا عن أي أقنية قد تقوم بعملية تصفية أو فلترة للمعلومات.. ربما تنقل المعلومة كاملة ولكن لا تنقل المشاعر والعلاقة بين الناس هي ليست فقط علاقة معلومات وحقائق وانما أيضا مشاعر.
وأضاف الرئيس الأسد.. أردت أن ابني كل ما سأقوله في المستقبل على هذه اللقاءات.. عمليا جوهر هذا الكلام وهذا الخطاب وهذا الحديث مبني على تلك الحوارات التي تمت بيني وبينهم أردت أن أكون على الارض وكما قلت التقيت بكل أنواع الناس وبكل الاطياف متظاهرين وغير متظاهرين والحقيقة أنا اعتبر أن أهم عمل قمت به خلال وجودي في موقع المسؤولية هو هذه اللقاءات بالرغم من صعوبة الظروف وبالرغم من الآلام والاحباطات الموجودة في الاجواء العامة المحيطة بها الا أنني استطيع أن أقول ان الفائدة منها كانت مذهلة والمحبة والحب الذي لمسته من أولئك الاشخاص الذين يعبرون عن معظم الشعب السوري محبة لم اشعر بها في أي مرحلة من مراحل حياتي وأتمنى بكل تأكيد أن أبادل هذه المحبة اولئك الاشخاص وأبادل هذه المحبة لكل مواطن سوري لاأعرفه ولكن أتمنى أن التقي به في لقاءات مشابهة ولكن أتمنى أكثر أن أتمكن من تحويل هذه المحبة إلى عمل.. وهذا الشيء يمكن أن يتم بمساعدتكم.
وقال الرئيس الأسد.. كانت لقاءاتي مفيدة وصريحة وعميقة وشاملة تطرقت لكل المواضيع المطروحة من دون استثناء بعضها محلي على مستوى المدينة والمحافظة وبعضها شامل للقطر وكانت الاولويات بالنسبة لي هي المواضيع التي تمس الشرائح الاوسع من الشعب قبل القضايا المحلية على أهميتها.
عبر المواطنون في تلك اللقاءات عن غضبهم الممزوج بالمحبة وعن عتبهم المصقول بالوفاء لشعورهم بأن دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات أم ببعض الممارسات.. ولمست معاناة مرتبطة بجوانب عدة.. بعضها مرتبط بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق بالمساس بكرامة المواطن أو بتجاهل ارائه أو اقصائه عن المشاركة في مسيرة البناء التي يعتبر هو غايتها وجوهرها.. لكني لمست أيضا حب هذا الشعب الذي طالما مدني بصدقه ووقفاته الابية.. بالقوة والاستمرار في خطنا السياسي ونهجنا المقاوم.. أما الفساد فلمست الرغبة العارمة باجتثاثه كسبب رئيسي من أسباب عدم تكافؤ الفرص وافتقاد العدالة.. وما يولده من شعور بالغبن والظلم والقهر.. عدا عن تداعياته الاخلاقية الخطيرة على المجتمع.
وقال الرئيس الأسد.. والاخطر من كل ذلك هو ما أوجده الفساد في بعض الحالات من تفرقة وتمييز غير عادل بين بعض المواطنين على أسس ضيقة بغيضة.. وهذا بحد ذاته كاف لتقويض أشد الاوطان مناعة.
فالفساد هو النتيجة لانحدار الاخلاق وتفشي المحسوبيات وغياب المؤسسات والتي بغيابها يغيب الضامن والحامي للحالة الوطنية لتحل محلها الانتماءات الضيقة.. لا بد اذاً من العمل فورا لتعزيز المؤسسات بالتشريعات المتطورة وبالمسؤولين الذين يحملون المسؤولية بدلا من أن يحملهم المنصب أو الكرسي.. ولن يكون هناك أي تساهل بشأن من هو غير قادر على حملها.. لكن النجاح في ذلك لن يتم الا من خلال ايجاد الاقنية التي يمكن للمواطن من خلالها المشاركة والمراقبة والاشارة إلى الخطأ.
وأضاف الرئيس الأسد.. أنا قلت لكثير من الوفود تستطيع الدولة أن تتعامل أو أن تكافح أو أن تقلل من الفساد في المستويات العليا أما في المستويات الادنى فلا بد من ايجاد أقنية وهذا من مهام هيئة مكافحة الفساد التي انتهت اللجنة من دراسة آلياتها مؤخراً.
أنا لا أقصد الفساد عندما نتحدث.. يعني كيف سنقوم بالعمل.. يقال كلام جميل كيف سنطبقه وليس مديحا.. هذا كلام جميل لكن كيف السبيل اليه... فمن السهل أن نقول يجب علينا ولكن التنفيذ يبقى هو الفيصل.. كما قلت منذ قليل فان هدفي من اللقاءات كان معرفة الواقع بصورة أعمق.. لكنني وجدت نفسي في قلب حوار وطني حقيقي.. والحوار الوطني لا يعني نخبا محددة.. ولا حوار المعارضة مع الموالاة أو السلطة.. وليس محصورا بالسياسة فقط.. بل هو حوار كل أطياف الشعب حول كل شؤون الوطن.
وقال الرئيس الأسد.. فاذا افترضنا أن حجم السلطة بمقياس معين وحجم المعارضة بمقياس معين ففي كل الدول وفي كل المجتمعات القسم الاكبر من الشعب هو الذي لا ينتمي لا للطرف الأول ولا للطرف الثاني فلا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني وتخطيط لمستقبل أو رسم مستقبل سورية لاجيال وعقود باهمال القسم الاكبر من الشعب وهنا برزت فكرة الحوار الوطني بالشكل الذي بدأنا به مؤخرا.
وأضاف الرئيس الأسد.. واذا كنت بلا شك جزءاً من حوار وطني فلا استطيع الادعاء بأني انجزته.. فأنا بنهاية الامر فرد ومن التقيت بهم هم مئات أو الاف بينما الوطن يضم عشرات الملايين.
من هنا انطلقت الفكرة الاساسية حول اطلاق حوار وطني تشارك فيه أوسع الشرائح الاجتماعية والفكرية والسياسية في القطر بشكل مؤسسي وتم لهذه الغاية تشكيل هيئة حوار وطني تكون مهمتها وضع الأسس والآليات الكفيلة بقيام حوار شامل لمختلف القضايا التي تهم جميع أبناء الوطن.. يسمح من جانب بمناقشة مسودات القوانين المطروحة في هذه المرحلة.. ويفسح المجال من جانب اخر للمساهمة في صياغة مستقبل سورية بمعناه الشامل للعقود والاجيال المقبلة ويساعدنا جميعا على انضاج رؤية واضحة لهذا المستقبل.. ويدفع الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي في وطننا ريثما تأخذ الاحزاب دوراً أوسع في الحياة العامة بعد اقرار قانون جديد للاحزاب.. وقد برز الكثير من الاراء حول الصيغ الممكنة للحوار وسيكون من أولى مهام هيئة الحوار الوطني التشاور مع مختلف الفعاليات من أجل الوصول للصيغة الأفضل التي تمكننا من تحقيق مشروعنا الاصلاحي ضمن برامج محددة.. وآجال محدودة.
وقال الرئيس الأسد.. وكما قلت أنا أمام مجلس الوزراء كل شيء يجب أن يكون مرتبطا بزمن واعتقد أن مطلبكم جميعا هو كل شيء نتحدث عنه.. ما هو جدول الزمن... ونستطيع القول اذاً ان الحوار الوطني بات عنوان المرحلة الحالية وعندما بدأنا بهذه الفكرة فكرنا بأن يكون هناك حوار على مستوى المحافظات.. فما لاحظته أنا من خلال لقاءاتي مع المواطنين من مختلف المحافظات بأن القضايا نفسها لا ترى بنفس الزاوية والسبب هو التنوع الاجتماعي الكبير الموجود في سورية ولو كان هناك تقاطعات كبيرة، ولكن هناك اختلاف إلى حد ما.. ففكرنا في البداية أن نقوم بحوار على مستوى المحافظات كمرحلة أولى لينتقل لاحقا إلى حوار مركزي ليبنى هذا الحوار المركزي بمواضيعه على ما تم الاتفاق عليه أو على القضايا التي نرى حولها اجماعا في حوار المحافظات ولاحقا بعد تشكيل هيئة الحوار.. ونتيجة الرغبة باختصار الزمن والظروف الحالية التي تمر بها سورية رأوا أن يبدؤوا مباشرة بعملية الحوار المركزي.
وتابع الرئيس الأسد.. كان هناك تساؤلات الان أصبحت من مهام الهيئة.. اذا أردنا أن نبدأ الحوار من يشارك بالحوار... وما هي المعايير.... كيف نضع المحاور... ومن يشارك في كل محور من المحاور... وغيرها من التفاصيل التقنية وهناك خلط حتى هذه اللحظة مع أن هذا الموضوع تم شرحه في التلفزيون حول دور الهيئة فالهيئة لا تحاور وهي تشرف على الحوار.. فقط تضع الاليات والجدول الزمني وبعد أن ينتهي الحوار.. ما يتم الاتفاق عليه يرفع إلى الهيئة فاذا كانت قوانين تصدر من الرئيس واذا كان هناك مواضيع أخرى بحاجة إلى اجراءات معينة تقوم الدولة بمتابعتها.. وعلى كل الاحوال فإن الهيئة لم تشأ أن تحتكر لنفسها موضوع المعايير فقررت أن تقوم باجتماع تشاوري، اعتقد خلال الايام المقبلة تدعو إليه أكثر من مئة شخصية من مختلف الاطياف وتتشاور معهم حول المعايير والآليات وبعدها يبدأ الحوار مباشرة وتحدد جدولا زمنيا تقول ان مدة الحوار شهر أو شهران حسب ما يرى المشاركون في الجلسة التشاورية.
وأضاف الرئيس الأسد.. ان هذا الحوار عملية مهمة جدا ويجب أن نعطيه فرصة لان كل مستقبل سورية اذا أردناه أن ينجح فيجب أن يبنى على هذا الحوار الذي يشارك فيه مختلف الاطياف الموجودة على الساحة السورية ولا نستطيع أن نتوقع دائما رؤية تظهر من الدولة والحكومة.. فبضع عشرات من الاشخاص لا يمكن أن يخططوا لعشرات الملايين من الاشخاص وهنا تكمن أهمية هذا الحوار.
وتابع الرئيس الأسد.. أما المطالب الملحة للشعب فقد بوشر بتنفيذها قبل بدء الحوار فقمنا برفع حالة الطوارئ والغاء محكمة أمن الدولة والذي من شأنه أن ينظم عمل الاجهزة المختصة بالشكل الذي يعزز كرامة المواطن من دون المساس بأمن الوطن.. وأصدرنا قانون تنظيم حق التظاهر السلمي الذي يعزز امكانية التعبير عن الاراء والمواقف بشكل حر وسلمي ومنظم.. كحالة صحية تساعد الدولة على تصحيح الخلل وعلى تصويب الاتجاه.
وقال الرئيس الأسد.. كان لدى البعض تساؤلات حول موضوع التوقيف الذي استمر بعد رفع حالة الطوارئ وأعتقد أن معظم الناس سواء في الدولة.. في الاجهزة المختصة أو خارجها لم يفهموا معنى حالة الطوارئ وماذا يعني رفعها ولكن أكدنا مضمونها.. المضمون هو أن أي عملية اعتقال تتم من خلال إذن من النائب العام هناك مدة محددة للتحقيق.. اذا أرادوا أن يمددوا هذه المدة فيكون بإذن من النائب العام أو من القضاء ولكن هناك سقف محدد أما بالجرم المشهود فلا يكون هناك اذن ويلقى القبض على الشخص وتتابع الاجراءات نفسها باذن من النائب العام.. ولكن رفع حالة الطوارئ لا يعني خرق القانون وهذه النقطة التي يجب أن نعرفها.. رفع حالة الطوارئ لا يتعلق بالعقوبات ومضمون العقوبات.
وأضاف الرئيس الأسد.. ويقيناً منا بضرورة الوصول إلى تمثيل أفضل للمواطنين في المؤسسات المنتخبة وفي مقدمها مجلس الشعب ومجالس الادارة المحلية تم تشكيل لجنة لاعداد مسودة لقانون جديد للانتخابات.. وهذا يعزز دور تلك المؤسسات لأجل المصالح العامة وتكون أكثر فعالية وأوسع مشاركة.. الامر الذي يرسخ مفاهيم العدالة والمساواة والنزاهة والشفافية.. ان المساواة والعدالة والشفافية والنزاهة هي عناوين المستقبل الذي ننشده لبلادنا.
وقال الرئيس الأسد.. النزاهة هي عناوين المستقبل الذي ننشده لبلادنا.. هذا الموضوع الان هو قيد النقاش العام.. انتهت اللجنة من اعداد المشروع واعتقد أنه سيكون قانونا هاما لان أغلب الانتقادات التي سمعتها من المواطنين هي حول ممثليهم في المجالس المختلفة.. هذا القانون سيعطي فرصة للمواطنين لانتخاب الممثلين الذين يمثلونهم ويمثلون مصالحهم.
وتابع الرئيس الأسد.. كما شكلت لجنة أخرى لاعداد التشريعات والاليات الضرورية من أجل مكافحة الفساد بهدف الحد منه وتطويقه.. وتحويله إلى حالة شاذة بدلا من أن يكرس كظاهرة عامة أو كأمر واقع لا مفر منه.. حيث سيكون للمواطن دور واسع في المراقبة والمشاركة في هذه العملية.. ولا يمكن النجاح كليا في استئصال هذه الافة دون المساهمة الفعلية لكل المواطنين.. والاعلام هنا يلعب دورا مركزيا.. سيكون عين وصوت المواطن.. وقال الرئيس الأسد .. لقد بدأنا ورشة كبيرة لتحديث وعصرنة الاعلام وتوسيع نطاق حريته وتعزيز مسؤوليته بحيث يصبح قناة تواصل شفافة بين الدولة والمواطن.. وسيطرح القانون على النقاش العام للآخذ بالملاحظات قبل اصداره.. وأعطيت اللجنة مهلة حتى 24 تموز.
وقال الرئيس الأسد.. أما قانون الادارة المحلية فلقد تم اعداده كمشروع وهو قيد النقاش.. وباعتقادي فانه من أهم الخطوات التي سيتم اتخاذها سواء من حيث منعكساته التنموية أو من ناحية التشاركية في ادارة الشؤون المحلية.. وسيسهم في معالجة العديد من الاشكالات التي لا يمكن حلها بالمركزية الادارية الحالية.. ومن شأنه أن ينظم الصلاحيات والعلاقات بين مستويات الادارة المحلية المتعددة وينعكس ايجابا على الاداء العام لها وبالتالي على المواطن.
وأضاف الرئيس الأسد.. وكذلك تم اعطاء الجنسية السورية للمواطنين الاكراد المسجلين في سجلات الاجانب والذي من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية وخلق المزيد من الاستقرار على المدى البعيد.. وعدد الطلبات المقدمة حتى اليوم 36 الف طلب وكسور.. وعدد الهويات التي أعطيت حتى الان 6700 هوية أيضا وكسور.
وكان تشكيل لجنة لدراسة قانون جديد للاحزاب خطوة أساسية في مجال التطوير السياسي وتوسيع الحياة الديمقراطية.. وان قانونا جديدا للاحزاب يغني التعددية الحزبية ويفسح المجال أمام مشاركة أوسع للتيارات المختلفة في الحياة السياسية.
وقال الرئيس الأسد.. ان من شأن هذه القوانين وهذه الحزمة السياسية التي ذكرتها أن تخلق واقعا سياسيا جديدا في سورية من خلال توسيع المشاركة الشعبية في ادارة الدولة.. وجعل المواطن مسؤولا يساهم في اتخاذ القرار والمراقبة والمحاسبة.. كما ستقود إلى تحولات عميقة على مستوى الحراك السياسي والنشاط الجماهيري.. الامر الذي سيؤدي إلى اعادة النظر بالكثير من قواعد العمل السياسي في البلاد ويستدعي بالتالي اجراء مراجعة للدستور سواء لتعديل بعض مواده.. أو لإقرار دستور جديد يواكب المتغيرات التي شهدتها البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في سورية والتي حصلت خلال العقود الاربعة الماضية التي تلت اقراره.
وقال الرئيس الأسد.. كل هذه الحزمة سوف تعرض على الحوار الوطني وطبعا هناك عدد من النقاط المفيد ذكرها بشأن هذه الحزمة.. البعض يعتقد أن هناك مماطلة من قبل الدولة في موضوع الاصلاح السياسي بمعنى لا يوجد جدية من قبل الدولة للقيام بهذا الاصلاح وأنا أريد أن أؤكد أن عملية الاصلاح بالنسبة لنا هي قناعة كاملة ومطلقة لانها تمثل مصلحة الوطن ولانها تعبر عن رغبة الشعب ولا يمكن لانسان عاقل أن يقف ضد مصلحة الوطن أو ضد الشعب.
وأضاف الرئيس الأسد.. الأهم من ذلك لا يوجد من يعارض الاصلاح.. وهذا السؤال سُئِلْته.. أنا شخصيا لم التق بشخص في الدولة يعارض الاصلاح والكل متحمس للاصلاح.. المشكلة هي أي اصلاح نريد.. ما هي التفاصيل.. حزمة القوانين أو مجموعة القوانين التي ذكرتها هي قوانين بالمعنى العام لكن ما هي التفصيلات التي نريدها ونعتقد أنها مفيدة.. البعض يريد أو يتوقع بأن القانون يصدر والرئيس يوقع هذا القانون القضية سهلة.. هل ممكن أن يحصل هذا الشيء، طبعا.. هل يؤدي هذا الشيء لنتائج ايجابية ويحقق المصلحة العامة ربما.. وعندما أقول ربما يعني الاحتمالات واردة.. لا نستطيع أن نقوم بعمل مفصلي وبعملية اصلاح كاملة بعد خمسين عاما من شكل سياسي معين أن ننتقل من خلال قفزة في المجهول.. لا بد من أن نعرف إلى أين نسير وأن نتوقع للامام.. ما نقوم به الان هو صناعة المستقبل وصناعة المستقبل ستكون في المستقبل عبارة عن تاريخ.. هذا التاريخ أو المستقبل الذي نصنعه الان سيؤثر على العقود أو الاجيال المقبلة لعقود قادمة.. حتى لو قاموا بتعديلات تتناسب مع ظروفهم في المستقبل فما نقوم به الان هو أهم مفصل سيؤثر على سورية في المستقبل.. فلذلك لابد من أوسع مشاركات وهنا تكمن أهمية الحوار الوطني.. أوسع مشاركة لكي نرى بزاوية أوسع وأكبر وبشكل أبعد باتجاه المستقبل فأن يقول البعض بأنه على الرئيس أن يقود عملية الاصلاح فلا يعني أن يقوم الرئيس باستبدال الشعب ويقوم وحده بعملية الاصلاح.. والقيادة لا تعني أن يقف الانسان لوحده وانما أن يكون في المقدمة فاذا هو يسير في الامام والناس تسير معه وهذه القيادة عملية تشاور وتفاعل.. هنا أعود وأؤكد أهمية الحوار الوطني.
وقال الرئيس الأسد.. ما هي الاشياء التي نتحاور حولها.. نتحدث عن قانون انتخابات.. ما هو قانون الانتخابات الذي يحقق المصلحة العامة في سورية هل نريد مثلا دائرة صغرى... هل نريد دائرة متوسطة.. هل نريد دائرة كبرى... كل واحدة من هذه الدوائر فيها ايجابيات وفيها سلبيات.. ايجابيات كبيرة وسلبيات كبيرة ما هو قانون الانتخابات الذي يحقق اندماج المجتمع السوري ولا يحقق تفكك المجتمع السوري ما هو قانون الانتخابات الذي يتماشى مع قانون الاحزاب الجديد الذي نريده وما هو قانون الاحزاب الذي أيضا يؤدي إلى اندماج سورية من جانب المجتمع.. يحافظ على وحدة سورية وفي الوقت نفسه الوقت يمنع أن تتحول سورية إلى كرة ويلعب بها كما كان الوضع منذ عقود خلت عندما كانت سورية كرة ولم تكن لاعبا.. هناك الكثير من الاسئلة التي يجب أن نسألها.
وأضاف الرئيس الأسد.. قانون الانتخابات هل نريد أن ننتخب شخصا أم برنامجا.. هناك أسئلة لا يوجد لدينا جواب لها حتى لو كان لدينا جواب لا يجوز أن نقول هذا هو الجواب الصحيح ونسير للامام ونحمل كل السلبيات للاجيال المقبلة لا بد من أن نتحمل المسؤولية سوية ولدينا شعب واع والقضية قضية نقاش.. فاذاً لا بد من الاجابة عن هذه الاسئلة التي هي نماذج من أسئلة كثيرة.. هناك أسئلة أخرى هل نصدر قوانين الاحزاب والانتخابات قبل انتخابات مجلس الشعب المقبل.. الغالبية تقول نعم.. البعض يريد أن يفصل قانون الانتخابات عن قانون الاحزاب ويريد للمجلس الجديد أن يصدر قانون الاحزاب.. هل نريد أن نؤجل مجلس الشعب ثلاثة أشهر كما يطرح البعض أم لا نؤجله.. بالنسبة لنا معظم هذه الاسئلة لا نريد أن نتبنى جوابا لها وقد نكون حياديين كدولة والمهم هو الاجماع الشعبي فان لم يكن هناك اجماع حول هذه النقاط وغيرها فسيكون لدينا مشكلة كبيرة في سورية.
وقال الرئيس الأسد.. الدستور.. طبعا الدستور وضعه منفصل قليلا.. هل نبدل بضع مواد من الدستور بما فيها المادة الثامنة أم نبدل كل الدستور على اعتبار أنه مضى على عمر هذا الدستور حوالي الاربعين عاما وربما يكون الافضل تبديله كاملا لكن البعض يطرح أن نقوم بخطوات معينة الان وتعديل بعض المواد.. ولاحقا ننتقل لمراجعة شاملة للدستور.. واذا كان هناك تعديل لبعض المواد فلا بد من مجلس شعب.. واذا كان المطلوب تغيير الدستور كاملا فهو بحاجة لاستفتاء شعبي.. هناك أسئلة كثيرة ولكن يبقى السؤال في اطار هذه الاسئلة.. وأنا أستطيع أن أطرحها ولا أعطي جدولا زمنيا لكن الافضل أن أعطي جدولا زمنيا حتى في ظل وجود هذه الاسئلة.
وأضاف الرئيس الأسد.. الان معظم اللجان انتهت من أعمالها ما عدا لجنة الاعلام حتى شهر تموز.. ولكن لجنة قانون الاحزاب تنتهي خلال الايام المقبلة واذا انهينا قانون الاحزاب والانتخابات أهم قانونين في الاصلاح السياسي نستطيع أن نبدأ مباشرة الحوار الوطني وتناقش كل هذه القوانين والتي تصدر لاحقا.
وقال الرئيس الأسد.. الحوار الوطني.. أنا لا أريد أن أحدد نيابة عنهم زمنا لهذا الحوار لكن البعض منهم يطرح شهرا والبعض يطرح شهرين.. على كل الاحوال انتخابات مجلس الشعب ان لم تؤجل فستكون في شهر آب وسيكون لدينا مجلس شعب جديد في شهر اب بشكل عام.. ونستطيع أن نقول اننا قادرون على انجاز هذه الحزمة حتى نهاية شهر اب لنقل أول أيلول تكون هذه الحزمة منتهية.. أما الدستور فالموضوع مختلف لانه بحاجة لمجلس شعب فاذا انتخب مجلس الشعب الجديد في شهر اب فيستطيع أن يبدأ مباشرة بدراسة التعديلات بالنسبة للدستور واذا تم تأجيله بحسب قرار الحوار الوطني لاشهر.. ثلاثة أشهر.. كل هذه الحزمة تنتهي قبل نهاية العام أي خلال خمسة أشهر.. أما اذا كنا نريد مراجعة كل الدستور ووضع دستور جديد فالعملية مختلفة تماما عندها يكون هناك هيئة تأسيسية وتقوم بطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي لكن ما سنقوم به الان مباشرة هو تشكيل لجنة لاعداد دراسة بكل الاحوال لموضوع الدستور يعني أن نختصر الزمن وتبدأ اللجنة خلال الايام المقبلة بالدراسة نعطيها مهلة شهر وأعتقد أنه يكفي وتطرح الدراسة على الحوار الوطني وعندها يكون الجدول الزمني واضحا بشكل دقيق ثلاثة أشهر اذا افترضنا لاول أيلول أو خمسة أشهر اذا افترضنا حتى نهاية العام يعني هذا هو الهامش ولكن نحن مستمرون بكل القوانين وبدراسة الدستور التي ستكون المرحلة الأخيرة.
وقال الرئيس الأسد.. طبعاً قيل الكثير عن موضوع تأخر الاصلاح الشيء الذي تحدثت به أمام مجلس الشعب عندما قلت تأخرنا البعض بدأ يتساءل لماذا تأخروا.. لم يكن هناك مبرر أنا قلت تأخرنا ولم أقل توقفنا بمعنى أن قانون رفع حالة الطوارئ كان جاهزا منذ نحو عام ونصف تقريبا ومسودة قانون الاحزاب موجودة أيضا منذ عام تقريبا والادارة المحلية بدأنا بها منذ حوالي أقل من عام والسبب لماذا أجلنا ولم نصدر الاول والثاني.. لاننا اعتقدنا أن قانون الادارة المحلية وهو الاهم في عملية الاصلاح فيه جانبان جانب الانتخابات وجانب المشاركة.. والدخول في موضوع قانون الادارة المحلية كان يتطلب بكل الاحوال تعديل قانون الانتخابات فنحن دخلنا في موضوع الاولويات حقيقة ولكن لم نكن مهملين لباقي القوانين وانما كنا ننظر لاولوية مختلفة عن التي ننظر اليها الآن.
وأضاف الرئيس الأسد.. لم ننس في خضم هذه الورشة الكبيرة من الاصلاحات والقوانين والحوار أن الهموم المعيشية الانية للمواطن السوري تبقى الاكثر الحاحا.. فقد أصدرت الحكومة قرارات عدة تصب في تحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين.. وكان في مقدمتها قرارها بتخفيض أسعار المازوت والذي كان الطلب الاكثر ورودا لدى كل الوفود التي التقيتها دون استثناء.. ونأمل أن تظهر منعكساته المعيشية في المدى القريب وخاصة بالنسبة للشرائح الشعبية في سورية.
وتابع الرئيس الأسد.. تم العمل على تخفيض تكاليف البناء من خلال اعادة دراسة الرسوم المتعلقة بذلك بالتعاون مع نقابة المهندسين بغية تخفيف الاعباء المالية عن المواطنين بالمقدار الذي تسمح به الامكانيات