اشتعلت الخلافات بين التيارات الإسلامية ورجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، على خلفية نشر الأخير رسوماً كاريكاتيرية، على صفحته في موقع تويتر، تصور ميكي ماوس في هيئة إمرأة منتقبة، وميني ماوس على هيئة رجل ملتحٍ، ما اعتبره الإسلاميون سخرية من الدين. واشتعلت حرب البلاغات للنائب العام بين الجانبين، بعد أن اتهم الملياردير المصري رئيس حزب تابع للإخوان بـ"تهديد حياته".
القاهرة: شنت التيارات الإسلامية ولا سيما السلفيين والإخوان حملة ضارية ضد الملياردير المصري نجيب ساويرس وشركاته، داعين المصريين إلى مقاطعة جميع منتجاته، وأهمها شركة موبينيل للمحمول.
وتبنت بعض الجماعات على فايسبوك ما وصفوه ب"حملة الإعدام الجماعي لموبينيل"، بالإضافة إلى حملات أخرى لمقاطعة قناته "أون تي في"، وجريدة "المصري اليوم"، وشركات أوراسكوم للمقاولات، ويبدو أن تلك الحملة قد أتت ثمارها خلال فترة وجيزة، إذ سارع ساويرس بتقديم اعتذار عن نشر تلك الرسوم، مشيراً إلى أنه نشرها من قبل المزاح، و قدم الإعتذار رغم أنه معروف بعناده وانتقاده الدائم لتيارات الإسلام السياسي في مصر، وخاصة الإخوان المسلمين.
لم تقف الحملة عند هذا الحد، بل وصلت إلى حد اختصام ساويرس جنائياً، حيث قدم ممدوح إسماعيل محامي الجماعة الإسلامية بلاغاً للنائب العام ضد الملياردير المصري، يتهمه فيه بازدراء الدين الإسلامي والحض على الكراهية، وورد في البلاغ "نشر ساويرس رسمًا كاريكاتيرياً، به صورتان لشخصية ميكي ماوس الكاريكاتيرية، ورسم على إحداهما نقابا لإمرأة، وعلى الأخرى لحية وجلابية لرجل، يهدف من ورائهما إلى الاستهزاء بأمر من الدين الإسلامي، كما أن الخلاف على فرضية النقاب لا يعني إنكار أنه من دين الإسلام".
وتقدم مدرس يدعى أشرف يحيى ببلاغ ثان لنيابة العمرانية في محافظة الجيزة، متهماً ساويرس ب"التحريض على الفتنة وازدراء الأديان".
كما تقدمت محاميتان من شمال سيناء ببلاغ ثالث ضد ساويرس، وقالت المحاميتان سميرة هجرس منصور وكيل مجلس نقابة المحامين في شمال سيناء ومها أبوبكر في بلاغهما، إن "رجل الأعمال نجيب ساويرس فاجأنا بوضع صورة كاريكاتيرية مسيئة للمرأة المسلمة المنتقبة والرجل المسلم الملتحي على صفحته الشخصية في موقع تويتر وهذا التصرف يقع تحت طائلة الجرائم التي يعاقب عليها القانون وفقا لنص المادة 171 من قانون العقوبات".
ووفقاً لوجهة نظر المحاميتين فإن "أول إنجازات حزب ساويرس المسمى "حزب المصريين الأحرار"هو إزدراء الأديان"، لأن "الصورة التي وضعت كانت تحمل نظرة استهزاء ودونية للمرأة المنقبة والمسلم الملتحي ، وأن ساويرس عمد إلى نشر الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط وأساء إلى الدين الإسلامي الحنيف"، على حد نص البلاغ المقدم للمحامي العام لشمال سيناء.
كما تقدم الصحافي والبرلماني السابق مصطفي بكري ببلاغ ثالث ضد ساويرس ورئيس الحكومة الأسبق كمال الجنزوري ومسؤولين آخرين، يتهمهم بإهدار المال العام، وذلك على خلفية صفقة "موبينيل" التي تمت في منتصف تسعينات القرن الماضي. وقال بكري الذي تربطه خلافات حادة مع ساويرس منذ سنوات، في بلاغه إن "الحكومة في ذلك التوقيت استثنت الشركة المصرية لخدمات التلفون المحمول "موبينيل" من شرط القيد في البورصة بعد نشر ميزانيتين متتاليتين، حيث قامت الشركة باستكمال الرأسمال، محققة من ذلك أرباحًا ورقية قدرها 42 مليون سهم بمعدل أرباح 2 مليار و940 مليون جنيه يضاف إليها الربح السابق وقدره 347 مليون جنيه بالإضافة إلى 315 مليون جنيه الدفعة الثانية ويكون الإجمالي 3 مليارات و602 مليون جنيه تحققت كأرباح دون أي مجهود". وأشار إلى أن ذلك يعد تسهيلا لساويرس بالإستيلاء على المال العام.
الداعية الإسلامي الدكتور صفوت حجازي أحد متزعمي حملات محاسبة و مقاطعة ساويرس، قال لـ"إيلاف" إن الحملة ليست وراءها أهداف طائفية، بل هو مبدأ يتم التعامل به مع أي إنسان يرتكب الجرم نفسه، مشيراً إلى أن العلماء أتخذوا الموقف نفسه من رسام الكاريكاتير مصطفى حسين عندما قدم رسوماً مشابهة، معتبراً أن إعتذاره ليس كافياً، بل يجب محاسبته.
ساويرس يرد بالطريقة نفسها
وفي محاولة منه لصد الهجوم، إستخدم ساويرس الأسلوب نفسه، حيث تقدم مؤخراً ببلاغ ضد الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذي أسسته جماعة الإخوان، متهماً إياه ب"السب والقذف، والإضرار بالإقتصاد الوطني، وتهديد حياته".
وقال نجيب جبرائيل محامي ساويرس لـ"إيلاف" إن البلاغ جاء على خلفية توجيه مرسي إتهامات خطرة لساويرس في مؤتمر جماهيري حضره نحو 25 ألف شخص في محافظة الدقهلية، وأوضح جبرائيل أنه استند في بلاغه إلى ما ورد في جريدة " ميدان التحرير" عدد 4 يوليو الجاري، حيث إن مرسي وصف ساويرس رئيس حزب المصريين الاحرار بأنه "من بقايا النظام الفاسد ولن نتركه"، وانه "ينفق الكثير على حزبه، وإن هناك من تلقى ـ على حد زعمه ـ الرشاوى من أجل توقيع توكيلات لحزبه. مشيراً إلى أن مرسي دعا إلى مقاطعة كافة شركات ساويرس، بسبب ما اعتبره "موقفه المضاد للإسلام والمسلمين".
واعتبر جبرائيل أن عبارة " إنه ـ أي ساويرس ـ أهان الإسلام، و لن نتركه"، تمثل تهديدا وتحريضاً على حياة رجل الأعمال، لافتاً إلى أن مزاعم رئيس حزب الحرية والعدالة حول منح ساويرس رشاوى للإنضمام إلى حزب المصريين الأحرار تمثل سباً وقذفاً بطريقة علانية. وحسب وجهة نظر جبرائيل فإن دعوة مرسي المصريين لمقاطعة منتجات شركات ساويرس تمثل إضراراً بالإقتصاد الوطني.
ونبه جبرائيل إلى أن استمرار تلك الحملة التحريضية ضد ساويرس الذي يعتبر واحدا من الرموز الوطنية أمر غير مقبول، لاسيما أنه قدم إعتذاراً واضحاً، داعياً المصريين إلى عدم الإنسياق وراء تلك الحملات التحريضية التي تهدم ولا تبني، وتفرق ولا توحد.
ومن جانبه، يرفض ساويرس التعاطي إعلامياً مع القضية عندما اتصلت به "إيلاف"، ورد معرباً عن "عدم رغبته في الحديث في ذلك الأمر".