ينتظر اليمنيون عودة الرئيس علي عبدالله صالح من مشفاه في العاصمة السعودية غداً الأحد بعد رحلة علاج تجاوزت ستة أسابيع، وسط مشاعر قلق تسود الشارع اليمني من مآلات هذه العودة، التي رأى البعض أنها ستكون محطة فاصلة في مسار الأزمة اليمنية غير بعيدة عن خيار العنف المسلح الذي صار اليوم من أكثر الخيارات حضورا على مسرح الأزمة .
وتتوافق عودة صالح، على ما أعلن مقربون منه، مع الذكرى ال 33 لتوليه الحكم في 17 يوليو/ تموز ،1978 وهو التاريخ الذي طالما حرص النظام على أن يكون مناسبة وطنية يعلن فيها أهم قراراته ورؤاه السياسية والاقتصادية، ما أشاع سيلاً من التكهنات بشأن ما سيعلنه الرئيس بعد عودته إلى اليمن، بعد ثماني جراحات ناجحة خضع لها في الرياض، وطوى فيها صفحة اغتيال فاشلة طاولته وأركان نظامه في معقله بالقصر الجمهوري .
لكن صالح سيعود إلى اليمن وقت تشتعل في الساحة اليمنية حروب ومواجهات تخوضها قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجله الأكبر العميد أحمد، في جبهات عدة من صنعاء إلى تعز ولحج والضالع وليس آخرها محافظة أبين، حيث يخوض الجيش مواجهات عنيفة مع عناصر تنظيم القاعدة فيما الأوضاع الميدانية على الأرض في شمالي العاصمة تؤكد أن تجدد المعارك بين الجيش ومسلحي الشيخ صادق الأحمر زعيم قبائل حاشد ليست سوى مسألة وقت لا أكثر .
وطبقا لمعارضين فقد عاد صالح بخطبة تلفزيونية مرحباً بشراكة سياسية مع خصومه طالما فقدها اليمنيون مدى 33 سنة، واكتفى بالحديث عن دستور طالما انتهكه بتعديلات سدت آفاق التغيير، بل وجعلت منه المتاح الوحيد، مطمئناً خصومه بشراكة سياسية طالما ادخرها للأزمات .
لكن مؤيدوه أكدوا أن صالح الذي يصعب اختزاله في أزمة وإنهاء مستقبله السياسي بمؤامرة، عائد لمزاولة مهامه رئيساً للجمهورية، في مواجهة شارع محتقن يطالب برحيله وأركان نظامه .
ويخشى اليمنيون من عمليات انتقامية رداً على عملية الاغتيال التي استهدفت الرئيس صالح وأركان نظامه في جامع دار الرئاسة، قد تجر اليمن إلى مهاوي الحرب الأهلية، خصوصاً بعدما أخفقت الجهود المحلية والدولية في حلحلة أزمة نقل السلطة، والتي راوحت مكانها بانتظار مرحلة ثانية، تشير أكثر التوقعات إلى أنها ستكون عاصفة بالنظر إلى حال التدهور الأمني الخطر التي تعيشه اليمني وحال الاحتقان الذي خلفته أزمات الوقود والكهرباء والغذاء .
ونجح الرئيس صالح في إدارة الأزمة حاضراً وغائباً، إذ لم تحرز حركة الاحتجاجات المناهضة لنظامه تقدماً خلال خمسة أشهر من الاحتجاجات، فيما شل الجمود العملية السياسية منذ مغادرته وأركان حكمه، للعلاج في الرياض عقب عملية اغتيال جماعية، فيما بقت المواقف السياسية تراوح مكانها سواء لدى الحركات الشعبية المناهضة لنظامه أم في موقفه وأركان حكمه من الأزمة .
وفشلت المبادرات التي تبنتها المعارضة في تأليف مجلس انتقالي يطوي صفحة حكم الرئيس صالح .
ومع ظهوره الأول عبر شاشة التلفزيون اليمني خابت آمال كثير من الحلفاء والخصوم الذين توقعوا أن يعلن الرئيس تنحيه عن الحكم خصوصاً بعد الآثار الصحية التي طاولته نتيجة عملية الاغتيال، ما عزز من قناعات هؤلاء بأن الطريق لا يزال ملبدا بغيوم أزمات وأزمات .
ورغم أن التدخل الأمريكي في خط الأزمة ومحاولة البيت الأبيض إقناع صالح وأركان حكمه تنفيذ المبادرة الخليجية وضمان رحيل سلمي وآمن له وأركان حكمه، إلا أن صالح قرر أن يعود إلى اليمن لاعباً دوراً سياسياً مؤثراً في معادلة غيرتها هتافات شعبه الصادح بكلمة “ارحل” .
هو التحدي إذاً مفتتحا لعودة قد تضع اليمن في طريق المجهول، فرحيله الفاجع من البلاد جريحاً من عملية اغتيال طاولته وأركان نظامه في معقله بالقصر الجمهوري، لم تكن بعد نهاية المطاف بل بداية لمرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات .