اخبار الساعة - روسيا اليوم
أظهر مسار محادثات السلام اليمنية في سويسرا بوضوح أن الطرفين لم يعد بمقدورهما مواصلة الحرب، لكن التحالف الذي تقوده السعودية يحتاج إلى أي انتصار قبل أن يتم الاتفاق على الحل السياسي.
بعد مضي أسبوع على بدء المحادثات وانطلاق هدنة هشة، تمكنت القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المدعومة من التحالف، من تحقيق انتصارات جيدة في مناطق الشمال، وهذ، وفق متابعين، ربما فتح شهية السعودية التي تقود التحالف لتحقيق مزيد من الانتصارات قبل الإقرار بالحل السياسي.. وبناء على ذلك، رحلت المحادثات إلى منتصف الشهر القادم .
مع بداية الجلسات، اتضح أن هناك محاولات من الجانبين لتحقيق انتصار سياسي بعد العجز عن تحقيق ذلك في الميدان، ولهذا أراد الطرف الحكومي أن تنصب النقاشات على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، مطالبا ببدء الإفراج عن المعتقلين، وبشكل خاص عن البارزين منهم.. ومن ثم وضع آلية لكيفية الانسحاب من المدن، قبل وضع آلية لتسليم الأسلحة التي أخذت من مخازن الجيش قبل الدخول في مناقشات الحل السياسي .
على الجانب الآخر، وبالرغم من الاتفاق المسبق على جدول أعمال المحادثات، أكد ممثلو الوفد الحكومي اليمني أن الحوثيين جاؤوا محملين بملف آخر، إذ رفضوا وذهبوا إلى المطالبة بالتوصل الى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، على أن يعقب ذلك الإفراج عن المعتقلين كنتيجة طبيعية لوقف القتال، واقترحوا تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مهمة إدارة البلاد واستلام المدن بعد انسحاب جميع المجاميع المسلحة منها بما فيها تلك الموالية للرئيس هادي.
بشهادة كثيرين، برع الحوثيون في استخدام ورقة المعتقلين والوضع في تعز في مواجهة المطالب الحكومية، فقد مضى أسبوع من دون أن تتقدم المحادثات خطوة واحدة، لأن هدفهم هو وقف الغارات التي يشنها التحالف، والتي ألحقت أضرارا كبيرة بالقطاعين المدني والعسكري في اليمن ورفع الحصارين البحري والجوي.
وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها الدول الراعية للتسوية والاتصالات التي أجراهاالمبعوث الدولي على مدى شهرين من الزمن، فإن النتائج التي خرجت بها المحادثات كانت متواضعة جداً ولا يمكن الركون إليها في تحقيق سلام قريب في اليمن.. فالاتفاق على تشكيل لجنة للتهدئة ومحاولات تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني أن هذا الامر ممكن التحقيق، فاللجنة ستحتاج إلى وقت لتشكيلها ووقت إضافي لكي تبدأ عملها.. علماً بأنه ليكون بمقدورها الانتشار في كافة جبهات القتال للتثبت من عدم وجود خروق للهدنة.
وبالمثل، فإن الاتفاق على تشكيل لجنة أخرى للجوانب الإنسانية وإيصال المساعدات لن يؤدي إلى رفع الحصار عن عشرات الآلاف من المدنيين في مدينة تعز، ولكن لأن الغريق يتعلق بقشة، كما يقال، فإن اليمنيين الذين دمرت الحرب كلَّ مقومات الحياة في بلادهم يأملون بأن تكون هذه بداية لطريق سلام يبدو شاقا وطويلا.
سيلتقي الفرقاء اليمنيون بعد أقل من شهر من الآن، لكن على الأرض يبدو أن القتال سيستمر وسيسعى التحالف إلى تحقيق انتصار يعيد له الاعتبار، ويساعد على القبول بحل سياسي، وبالمثل، فالحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح سيستميتون في سبيل الحفاظ على المكاسب التي حققوها على الأرض وسيعملون على تصعيد الهجمات على الأراضي السعودية لتقوية موقفهم التفاوضي بعد أن ظهر أن أطرافاً عديدة في التحالف باستثناء المملكة أصبحت على قناعة كاملة بأن الحل عسكري في اليمن.
الحوثيون الذين باتوا على إدراك تام بأن الهجوم على الأراضي السعودية سيقوي من موقعهم التفاوضي أعلنوا أنهم حددوا ثلاثمئة هدف عسكري، ومنشأة حيوية سعودية، ضمن أهداف قوة الإسناد الصاروخية وبرروا ذلك بأنه رد على "خروقات السعودية" للهدنة.
الناطق باسم القوات التابعة للحوثيين وصالح قال إنه ما يزال الكثير من السلاح الفعال من إنتاج وتطوير التصنيع الحربي لم يستخدم بعد، وإن القدرات العسكرية المطورة قادرة على تغيير معادلة الحرب.
محمد الأحمد