أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

الهاجس التركي الأكبر… أمريكا وحلف «الناتو» لن يقفا بجانبها لو اندلعت الحرب مع روسيا

- القدس العربي

يتنامي شعور عام لدى الشارع والحكومة التركية أن حلف شمال الأطلسي «الناتو» لن يقف إلى جانبهم بشكل حقيقي في حال تصاعد الأزمة السياسية مع روسيا وتحولها لمواجهة عسكرية، معتبرين أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وعلى الرغم من مواقفها العلنية الداعمة لتركيا باتت تنحاز فعلياً على الأرض لمصالحها مع روسيا وإيران.

وبينما يُعيد البعض هذه التخوفات إلى أسباب وتجارب تاريخية بين تركيا والحلف، يعتبر البعض أن الخلفية الإسلامية للدولة التركية وخاصة الحكومة الحالية تعتبر سببا رئيسيا في برود العلاقات بين تركيا والغرب، في حين يرى آخرون أن الغرب بات معنياً أكثر من أي وقت سابق بإضعاف تركيا للقضاء على دورها في الشرق الأوسط والمنطقة على حساب تحسين العلاقات مع إيران. وعلى الرغم من تصاعد الأزمة بين تركيا وروسيا على خلفية إسقاط طائرات حربية تركية مقاتلة روسية على الحدود مع سوريا، سحبت ألمانيا أنظمة الدفاع الجوية باتريوت، التي كانت منشورةً في ولاية كهرمان مرعش الجنوبية من بداية عام 2013 إلى نهاية عام 2015.

والأربعاء، دعا رئيس دائرة التعاون الأوروبي بوزارة الخارجية الروسية أندريه كيلين إلى حل حادثة انتهاك مقاتلة حربية روسية الأجواء التركية بين البلدين، وطالب حلف شمال الأطلسي (ناتو) بعدم التدخل أو لعب أي دور في هذه الحادثة، معتبراً أنه «لا يوجد مفهوم اسمه المجال الجوي للحلف». محللون سياسيون أتراك أكدوا لـ»القدس العربي» أن هذه التخوفات موجودة فعلياً عند الشارع والحكومة التركية، وأن لها ما يدعمها من الحقائق التاريخية، معتبرين أن العلاقات والتنسيق الروسي في أعلى مستوياته وليس كما يظهر في الإعلام، معتبرين أن الاتفاق النووي الأخير بين إيران والغرب زاد من هذه التخوفات.

الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول قال: «حلف شمال الأطلسي «الناتو» خان تركيا في السابق في العديد من المواقف التاريخية أبرزها عام 1974 عندما اتخذت تركيا قرار الحرب وقامت بإنزال عسكري في قبرص حينها تخلى الحلف عن تركيا وبعث الرئيس الأمريكي آنذاك رسالة للحكومة التركية نصها أننا لن نقف إلى جانبكم إذا دخلتم في حرب مع الاتحاد السوفيتي».

وأضاف زاهد غول، في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي»: «هذه المواقف التاريخية وغيرها راسخة في العقلية السياسية التركية»، لكنه لفت إلى أن «المشهد التركي الروسي الحالي مختلف عن السابق وجميع المحللين يجمعون على أنه لن تحصل مواجهة عسكرية واسعة بين البلدين».

ويرى زاهد غول أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يريد مواجهة عسكرية واسعة «وإنما يريد خلق مبررات لفشل عملياته في سوريا وإقناع العالم بضرورة استمرار عملياته هناك من خلال خلق الأزمات مع تركيا»، متوقعاً تصاعد حالة التوتر بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشكل كبير.

ووصل، الثلاثاء، وفد عسكري مكون من 25 خبيراً عسكرياً إلى ولاية قهرمان مرعش التركية لإجراء الكشوفات اللازمة لأماكن تموضع أنظمة الدفاعات الجوية باتريوت، وذلك بعد أيام من طلب تركيا من حلف شمال الأطلسي نشر منظومات الباتريوت على المناطق الحدودية القريبة من سوريا.

من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى اوزجان أن «أمريكا وحلف الناتو يراوغون في اتخاذ مواقف داعمة لتركيا»، مضيفاً: «عام 1957 حدثت أزمة بين تركيا وسوريا أبان حكم الرئيس عدنان مندريس لكن الولايات المتحدة لم تقف إلى جانب أنقرة وتقاربت من عبد الناصر الذي كان على عداء مع تركيا وأقرب للاتحاد السوفييتي».

ويؤكد اوزجان في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي»: «اليوم نعيش حالة مشابهة أمريكا لديها تحالف معلن مع تركيا لكن على الأرض وبالواقع هي متحالفة بشكل أكبر مع روسيا وإيران، من الخطأ أن تراهن الحكومة التركية على أمريكا أو حلف الناتو»، وتابع: «أمريكا ترى أن خصومها يتحولون لحلفاء وتنظر إلى حلفائها السابقين على أنهم دمى بيدها تحركهم كما تشاء»، لافتاً إلى أن تسريبات وكيليكس الأخيرة كشفت تجسس الولايات المتحدة على العديد من حلفاءها في العالم ولذلك «لا يمكن الرهان عليها».

في السياق ذاته، يقول المحلل السياسي محمد أون ألمش لـ»القدس العربي»: «السبب الرئيسي في هذا الأمر البعد التاريخي ومواقف الناتو من تركيا بشكل عام، حيث لم تستفد تركيا إلى الآن من الناتو بشكل حقيقي، كما أن الناتو قد خذل تركيا بالفعل حين سحبت ألمانيا صواريخ الباتريوت من تركيا السنة الماضية في وقت حرج كانت تمر به».

الكاتب والباحث في الشأن التركي سعيد الحاج قال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «لا اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو معنيان بالتصعيد مع روسيا خاصة بعد التفاهمات الأمريكية الروسية حول سوريا فالعلاقات الروسية الأمريكية تتجه أكثر نحو التنسيق والتهدئة أكثر من توجهها نحو الصدام»، مذكراً بالموقف الأمريكي الأقرب إلى «الحياد» تجاه الانتهاكات الروسية المتكررة للأجواء التركية.

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي باكير أتاجان أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وقيادة حلف الناتو لن تقف إلى جانب تركيا في أي مواجهة محتملة مع روسيا، معتبراً أن «الغرب له مصلحة في حدوث اشتباك روسي إيراني تركي يضعف الأطراف الثلاثة ويتيح لواشنطن ولندن تقاسم الكعكة لوحدهما في الشرق الأوسط».

وكانت الخارجية التركية أعلنت السبت الماضي عن انتهاك مقاتلة روسية من طراز سوخوي 34 الأجواء التركية في 29 يناير/كانون الثاني الماضي قرب ولاية غازي عنتاب المتاخمة لمحافظة حلب السورية. وأشارت إلى أن الانتهاك استمر لمدة 25 ثانية رغم تحذير المقاتلة عدة مرات من قبل الدفاعات الجوية التركية باللغتين الإنجليزية والروسية.

وصرح بعدها الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ بأن مقاتلة روسية انتهكت المجال الجوي التركي رغم التحذيرات المستمرة للمسؤولين الأتراك، وطالب روسيا بالتحرك بمسؤولية، واحترام «المجال الجوي للحلف».

وفي السياق نفسه، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر السبت الماضي روسيا من أنها ستواجه عواقب أي أعمال غير مسؤولة بسبب اختراقها مجددا المجال الجوي التركي.

وقال أردوغان في تصريحات صحافية بمطار إسطنبول إن «على روسيا أن تتحمل العواقب إذا استمرت في مثل هذه الانتهاكات للحقوق السيادية لتركيا»، مضيفا «مثل هذه الأعمال غير المسؤولة ليست في صالح روسيا ولا العلاقات بين الحلف الأطلسي وروسيا ولا السلام الإقليمي أو الشامل».

إسماعيل جمال

Total time: 1.4287