أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

سيف العسلي: أيها الأغبياء، هل تدركون حقيقة ماذا يعني تحرير صنعاء؟

- الدكتور/ سيف العسلي

أيها الأغبياء، هل تدركون حقيقة ماذا يعني تحرير صنعاء؟

من وجهة نظري، لا يوجد على وجه الأرض أغباء ممن يعيشون في صنعاء، ويتمنون وينتظرون، بفارغ الصبر، تدمير (تحرير) صنعاء. فحدوث ذلك غير ممكن، وفقاً لكل المؤشرات المتاحة، وسيتضرر كل اليمن واليمنيين بمن فيهم هؤلاء، في حال حدوث ذلك ـ لا سمح الله.

هل يدرك هؤلاء ما هم فيه من حمق وسخرية وسخافة. وأن كل الأوصاف الذميمة ستصفهم بها الأجيال المقبلة، وكم سيمقتون أنفسهم في المستقبل عندما يتذكرون مواقفهم الحالية، أو عندما يذكرهم الآخرون بها؟

ومن أشد الأمور غرابة وتناقضاً، أن يكون من ضمن هؤلاء من يسكن في صنعاء، ويدعي أنه يحبها. إنهم في حقيقة الأمر يكرهونها.. يتجاهلون قدرها، ويسيئون لها عندما يحرضون على تدميرها. فمن يتمنى تدمير صنعاء فهو يكرهها وإنْ ادعى غير ذلك. إنه تناقض رهيب لا يقبل به حتى الأطفال. ولكن هناك من وقع فيه و يدعي أنه يقرأ ويكتب، أو أنه قد حصل على بعض التعليم الأساسي، أو كله أو التعليم الجامعي. بل إن هناك من يطلق على نفسه لقب دكتور أو مثقف وهو يدافع عن عملية تدمير (تحرير) صنعاء.

إن مثل هؤلاء يجهلون صنعاء، ويجهلون معنى كلمة (تحرير). صنعاء أمُّ اليمن، وملكة اليمن، ومسكن اليمنيين. فهل يمكن أن تستمر الحياة في اليمن من دون صنعاء. فمن لا أمَّ له لا موطن له، ولا حياة طبيعية له، ولا تاريخ له، ولا نسل له، بل لا وجود حقيقي له.

صنعاء هي ملكة اليمن.. وهل ينتج النحل عسلاً إذا لم يكن لها ملكة؟ بالطبع لا. فمهما كثر عدد النحل، فإنها لن تنتج أي عسل بدون وجود ملكتها في عسبها. في حالة وجود الملكة فإن النحل يدخل محملاً ويخرج فارغاً. وهكذا الناس في صنعاء.. أما في حال موت الملكة أو قتلها فإن النحل يدخل فارغاً ويخرج محملاً. وهكذا سيكون حال اليمن بعد تدمير صنعاء ـ لا سمح الله. في حال قتل ملكة النحل فإنه يتلف كل ما في عسب النحل من عسل أو شمع أو غيره. بل ويقتل النحل بعضه البعض ويقتل كل من يقترب من يعسوبه. في هذه الحالة ينتشر في اليعسوب وفيما جاروه جثث النحل الميتة والمريضة والمنهكة... وهكذا في حال تدمير صنعاء ـ لا سمح الله.

صنعاء هي سكن اليمن. فعندما يتم تدير مسكن النمل فإن النمل تفر خارجه وهي مذعورة وتحمل معها كل ما تقدر عليه من بقايا النمل وبقايا أي شيء آخر. إنها عندما تفقد مسكنها فإنها تفقد بيضها وطعامها وكل ما يربط بينها من علاقات، وتفر مذعورة تائهة، ويكون مصيرها الهلاك المحتم. وهكذا سيكون حال اليمن في حال تدمير صنعاء ـ لا سمح الله.

هؤلاء الأغبياء أشبه ما يكون بالجراد. من خصائص الجراد أنه إذا رأت جرادة جرادتين آخريتين تسيران في اتجاه معاكس، فإنها وبشكل تلقائي تغير اتجاهها وتسير معهما. ولذلك يسير الجراد في أسراب، فتدمر نفسها والمكان الذي تحل فيه. الجراد لا مسكن له إلا الصحراء. فإن حلت على مكان أخضر فإنها تُحيله إلى صحراء. الجراد لا موطن لها، لأنها في حقيقة الأمر من خلال تصرفاتها المجنونة تدمر أي وطن يمكن أن يعطى لها.

لقد كانت صنعاء هي اليمن واليمن هو صنعاء. فصنعاء ليست كأي مدينة يمنية أخرى وأن كان لهذه المدن خصوصياتها وأهميتها.

إن صنعاء لها قيمة في ذاتها، ولها قيمة لغيرها من المدن. إنها ضمت وتضم كل تنوعات اليمن السكانية والمعمارية والثقافية وكل ما له علاقة باليمن القديم والحديث.

لقد عرف اليمنيون قيمة صنعاء فلجأوا اليها عند الشدائد ودافعوا عنها بكل ما اوتوا من قوة. لقد دافعوا عنها واستماتوا في ذلك اكثر من استماتة النحل. لم يسمحوا لأحد في احتلاها.

لقد حافظ اليمنيون على صنعاء مثل محافظة النمل على مسكنها والتي لم تقبل حتى بنبي الله سليمان ان يحطمها. لم يسمح اليمنيون بتدمير صنعاء. ولذلك فإن صنعاء لم تهدم أبداً منذ ان خطها سام بن نوح الى اليوم. من صنعاء كانت تنطلق كل عمليات بناء كل مدن اليمن التي تم تدميرها.

إن تمني احتلال صنعاء من قبل قوى العدوان هو تمنٍ لتدميرها. ولا يغير من الامر شيئا المغالطات السخيفة من خلال اطلاق كلمة تحرير صنعاء على عملية احتلالها وتدميرها. وهل الاجنبي يحرر البلاد من أهلها، وهل من يسعى لتدمير بلد يصنف على انه من اهلها؟

فما يقصد من كلمة تحرير صنعاء لدى هؤلاء يعني للجميع السماح باحتلالها من قبل القوى الخارجية وتدميرها. إن ذلك يعني، بكل وضوح، السماح والمشاركة في تدمير كل مباني صنعاء او نهبها. انها تعني تهجير سكانها منها. انها تعني اثارة الفتنة بين ابنائها بحيث يقتل  الاخ اخاه او الابن والده. من اجل ماذا يتمنى الاغبياء هؤلاء تدمير مدينتهم وبلادهم ومساكنهم وقتل انفسهم وابنائهم وجيرانهم واصدقائهم وابناء وطنهم والعبث بحاضرهم ومستقبلهم من خلال الترويج لما يطلقون عليه تحرير صنعاء.

والاقبح من ذلك كله هو تبرير ذلك كله من قبل هؤلاء. هل يبرر ذلك كله الدفاع عن الشرعية؟! اي شرعية تكون فوق الاوطان. هل يبرر ذلك عودة رئيس فاشل وعميل وقاتل لأبناء وطنه ومرتهن للخارج وبائع لوطنه بابخس الاثمان؟!!

هل يبرر ذلك كله عودة فاسدين فروا من صنعاء وتركوها تواجه مصيرها المجهول وهم كانوا يعيثون في صنعاء وفي اليمن كله فساداً في الارض، فعندما لفظتهم صنعاء ولم تبكِ عليهم لا هي ولا بقية المدن اليمنية الاخرى؟

هل يبرر ذلك كله فقدان حزب سياسي السلطة بعد ان اتيح له ان يشارك في الحياة السياسة وفعلاً، ولكنه كان دائماً لا يفكر الا بنفسه واتباعه واستغلال اليمن لاستقدام المنتمين له من كل اقطار الارض ووفرت لهم صنعاء وبقية المدن اليمنية المكان الآمن، فإذا هو يتنكر لذلك فيحرض العالم على صنعاء واليمن وليشارك في قتل ابنائها وتخويفها وتدميرها بكل ما يملك من قوة وتأثير ونفوذ؟

هل يعقل أن يتمنى أي عاقل، وإن لم يكن حتى يمني، وإن لم يكن مصير صنعاء كهذا المصير الذي يتمناه لها بعض أبنائها. ألا يرى هؤلاء ما حدث لعدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحضرموت المحررة، وهو يرى ماذا فعل هادي وحكومته وحزب الإصلاح بهذه المناطق عندما نجحوا في تحريرها، أي تدميرها؟

إنكم أيها الأغبياء، فقط، تدمرون أنفسكم ووطنكم وتاريخكم ومستقبلكم. لكن، لن نسمح لكم بتحقيق ذلك، وسنقتلكم بكل ما نستطيع، ولم يسمح الله لكم بذلك، لأن الله لا يحب الفساد.

عودوا عن غيكم قبل فوات الأوان. فإن لم تفعلوا فسنقول لكم قريباً جداً، موتوا بغيظكم. لكن نختلف عنكم أننا لا نتمنى لكم حتى هذا المصير.. ولذلك فإننا ندعو الله أن يهديكم.

* المقال خاص لوكالة خبر

 

*وزير المالية الأسبق البروفيسور «سيف العسلي»

Total time: 0.044