اخبار الساعة - وكالات
نستطيع وصف ايران بانها دولة مركبة الاجندات مزدوجة الطموحات. فلا زالت اطلال الدولة الفارسية القديمة تدغدغ مخيلتها وفي نفس الوقت فان ثورة الخميني الاسلامية اضافت لها حلم اقامة دولة اسلامية تتجاوز حدود ايران السياسية. وقد ساعد اسقاط نظام صدام حسين في العراق على تعزيز هذا الحلم المركب. فاستطاعت إيران السيطرة على الساحة العراقية وجعلها حديقة امامية لنفوذها، ومدت اذرعها الى لبنان والبحرين واليمن لتعبث بالاوضاع السياسية في تلك الدول، غير متناسين تحالفها الاستراتيجي مع النظام السوري منذ الثمانينات ولغاية الان وهذا ما يظهر في دفاعها المستميت عن نظام بشار الاسد حاليا، إذ اصبحت الساحة السورية رقعة شطرنج لتمارس ايران استعراضاً للقوة والنفوذ. وبمعنى آخر ان طموح ايران القومي الفارسي هو الهيمنة الاقليمية وبغطاء مذهبي. فالنظام الحاكم فيه يتبنى نظام ولاية الفقيه وتصدير الثورة. وتسعى ايران ان يكون لها نصيب كبير في الشرق الاوسط الجديد، وتقوم بين فترة واخرى باستعراض القوة والمناورات العسكرية، وتعمل على الحصول على اكثر من حليف من اجل تحقيق استراتيجيتها في المنطقة، ولها اذرع من مليشيات شعبية طائفية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن تعمل كخطوط امامية للدفاع عن امن ايران الداخلي.
لم تقف اجندات ايران عند هذه النقطة بل وصل بها الحال لاستغلال ظهور منظمة داعش الارهابية في تنفيذ هذه الاجندات مطبقة بذلك مبدا "وداوها بالتي كانت هي الداء" وضاربة عصافير كثيرة بحجر.
يمكن لنا تحديد مكتسبات ايران السياسية من وجود داعش في النقاط التالية:
اولا... لتمنع الامن والاستقرار في المنطقة.
ثانيا... لتظهر للعالم على ان البديل لنظام بشار الاسد هو عدو راديكالي ارهابي ولتحرج المجتمع الدولي ومنعه من مساندة المعارضة السورية.
ثالثا... ادامة وجود داعش والتأني في محاربته في المناطق السنية داخل العراق من اجل تضعيف قوة السنة بسبب ما يقوم به داعش من اعمال وحشية ودمار للبنية التحتية وقتل المدنيين.
رابعا... ان عدم الاستقرار في الشرق الاوسط يحجب تهديدات اميركا وحلفائها عنها ويشتت تركيزهم عليها، في الوقت الذي تستمر فيها بدعم الشيعة في كل مكان لتنفيذ طموحها القومي.
خامسا... ان ظهور الاسلام السياسي في ايران كبديل معتدل عن الاسلام السياسي المتطرف في الجانب الاخر والمتمثل بداعش اعطى ايران فرصة سانحة لتهدئة التشنجات السياسية بينها وبين الغرب واميركا تمثل في الاتفاق بين الطرفين حول الملف النووي الايراني والذي يمكن اعتباره كسرا للجليد بينها وبين الدول الخمسة.
ان ازدواجية الاستراتيجيات الايرانية واجنداتها المركبة هذه تظهر جلية في الاختلاف في خطابها الداخلي للشعوب الايرانية ووصفها اميركا والغرب بانهم العدو الاول لها وبين ممارستها للسياسة الخارجية والتي تطابقت في احيان كثيرة مع الرؤى الغربية الاميركية سواء في ملف افغانستان او في بدايات الملف العراقي.
ليس من السهل فهم استراتيجية ايران. فهنالك فجوة بين خطابها وافعالها وبين احساسها بالظلم وسلوكها وبين مصالحها الايديولوجية والوطنية، وافعالها غير متسقة.
المصدر : سوزان ئاميدي