أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

روسيا اليوم "ا السعودية واليمن السعيد والجنرال العنيد!

لا يُعرف شيء عن مهارة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في قيادة الدبابات لكن مهارته في التحكم بالسلطة وإتقانه فن المراوغة واستماتته في البقاء ظهرت بوضوح في مناسبات عدة.

من بين جميع دول الربيع العربي التي تغيرت أنظمتها في موجات هذه الانتفاضة المدمرة، انفرد اليمن بحالة خاصة، حيث بقي رئيسها السابق المشير علي عبد الله صالح لاعبا رئيسا في الأحداث هناك بعد خروجه من السلطة.

استقل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي طائرته مبكرا مع تباشير هذا الربيع العجيب وفر وأسرته إلى السعودية، وتنحى الرئيس المصري حسني مبارك بسهولة نسبيا هو الآخر، وقاتل القذافي في ليبيا حتى الرمق الأخير، أما علي عبد الله صالح فبعد أن استمات في القتال ونجا من هجوم على القصر الجمهوري في صنعاء خرج من السلطة بحروق شديدة وترك منصب الرئاسة.

الرجل لم ييأس وعاد من جديد إلى صدارة المشهد الفوضوي والمأساوي في بلاده، وهذه المرة للمشاركة في الصراع وفي قيادة الأزمة في بلاده بفضل قوات الصفوة المرتبطة به!.

يبدو أن صالح كان يعرف مكانه جيدا منذ نعومة أظفاره فقد حاول الدخول إلى الجيش حين بلغ الثانية عشرة من عمره، وحين أُتيح له ذلك في الثامنة عشرة، التحق بسلاح المدرعات وترقى في هذا الصنف من الأسلحة، ودفع به طموحه وريح مواتية إلى السلطة وفيها سجل رقما قياسيا على المستوى المحلي لأطول فترة حكم وكان ضمن الصدارة أيضا في هذه القائمة إقليميا.

قوات سعودية في جنوب  اليمنقوات سعودية في جنوب اليمن

في هذه العودة تهيأ مسرح الصراع في اليمن لتصفية الحسابات بين عدة أطراف، اختار صالح الجبهة المقابلة للسعودية بتحالفه مع الحوثيين، فيما دفعت الرياض بكامل قوتها للقضاء على هذين الخصمين اللذين يمثلان لديها الآن النفوذ الإيراني.

من جهته، يدخل المشير علي عبد الله صالح هذه المواجهة المسلحة والعنيفة ضد السعودية محملا بإرث تاريخي ثقيل يمتد إلى ثلاثينيات القرن الماضي حين خاض البلدان حربا استولت خلالها السعودية على ثلاث مناطق حدودية يمنية هي عسير وجيزان ونجران.

وبعد أن صارت السعودية لاحقا قوة نفطية ومالية ضخمة عملت مرارا على عرقلة توحيد شطري اليمن الشمالي والجنوبي خوفا من ظهور دولة قوية منافسة على حدودها الجنوبية.

انعدام الثقة بين الجانبين لم يمنعهما من إقامة علاقات ودية لبعض الوقت، وذلك لأن المشير علي عبد الله صالح كان قادرا على اتخاذ مواقف صارمة وحازمة وأيضا كان بإمكانه أن يكون لينا مهادنا متى اقتضت الظروف.

ويمكن القول إن صالح سبب الكثير من المتاعب للسعودية ولدول الخليج الأخرى. وعلى الرغم من أن المشير يوضع خلف نظراء له في المنطقة تميزوا بشخصيات دكتاتورية قوية مثل صدام حسين والقذافي، إلا أنه فاقهما في مهارة اللعب على المتناقضات الداخلية والإقليمية وفي القدرة على المراوغة والخروج بأقل الخسائر من أسوأ الأزمات.

مسلح يمني خلال مظاهرة في صنعاء مسلح يمني خلال مظاهرة في صنعاء

لقد خلط المشير اليمني العنيد أوراق اللعب في المنطقة برمتها بتحالفه مع الحوثيين وإفساحه الطريق أمامهم للسيطرة على صنعاء والهيمنة على البلد، الأمر الذي دفع الرياض لاحقا إلى إطلاق عاصفة الحزم، إطلاق عمليات جوية ضد الحوثيين وقوات صالح، ومن بعد دفعت بقوات برية مع دول أخرى إلى هناك.

وهكذا دخلت السعودية إلى "المستنقع اليمني" للمرة الثانية. وعلى الرغم من اختلاف الظروف بين عامي 1934 و2015 إلا أن حرب اليمن الدائرة الآن تبدو أكثر فتكا وتداعياتها أشد من سابقتها.

ربما نجح المشير في استدراج الرياض، وهو تمكن فعلا مع حلفائه من الصمود لنحو عام أمام قوة بتفوق عسكري ساحق، إلا أن جميع الاحتمالات مفتوحة في هذا الصراع الذي أخذ صبغة إقليمية خطرة.

فمن سيصفي حساباته مع الآخر على أرض اليمن الذي لم يعد سعيدا منذ قرون طويلة؟ المشير المراوغ وحلفاؤه الحوثيون أم السعودية القلقة على مستقبلها من كل ما يحدث في المنطقة من تقلبات؟

المصدر : وكالات

Total time: 0.0418