يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا تجاه قضايانا ، فكل قضية يجب أن نوليها ما تستحق من الاهتمام حسب أهميتها وخطورتها، وقضية الصومال ليست بمعزل عن واجب الجميع.
قد نتفق أن تفسير ثورات الربيع العربي أخذ تفسيرات عدة وإنقسمت حتى الفرق الدينية في تفسيرها وإتخاذ مواقف متباينة من الربيع العربي ، لكن هل يمكن أن نختلف في شأن المجاعة التي تضرب الصومال الشقيق؟؟؟
هل إذا قام من قام بثورة ضد النظام وأخر مع النظام، هل يمكن أن نتوقع ثورة ضد الأنا وخاصة أننا في شهر تزكية النفوس ونعاني لمسة الجوع في النهار ثم التخمة في الليل بينما في الصومال يصومون بلا سحور أو فطور؟؟؟
هل نتوقع موقف شعبي عربي بعد ان أفلست المواقف العربية الرسمية إلا بإستحياء من منظمة المؤتمر الإسلامي وأخرى من الجامعة العربية، وبرغم مواقف منظمة الأمم المتحدة وأعضاءها ذات العلاقة إلا أنها تتعذر بصعوبة إيصال المساعدات للصومال بسبب منع شباب المجاهدين الصوماليين وقطعهم إيصال معونات الإغاثة؟
هل لنا بموقف شعبي يمني يوازي قوة موقف أردوغان الذي أعلنت الأخبار عزمه زيارة الصومال مع عائلته المصون للإطلاع على محنة الصومال من قرب؟ فما هو أضعف الإيمان الذي يمكن أن نقدمه مع أن المؤمن القوي لم تخلو منه الدنيا وإلا لقامت القيامة!!
إن ما تعرضه الأخبار وتتناقله عن الأم الصومالية التي ضحت بأحد ولديها، وخبر آخر عن تصوير طفلين صوماليين يموتان بينما الكاميرا فقط تسجل لحظاتهم الأخيرة، وكاميرا أخرى تصور طفل ينازع بضعفه الموت بينما المصور يلتقط صورة صقر ينتظر أن يلتهم هذا الطفل وليحصل المصور على صورة ذلك فإذا بها في الأخير صورة تؤدي إلى إنتحار المصور!!
إن بعض هذا الأخبار التي تنقل لنا في زمن عولمة الصورة مدى النزيف الإنساني الذي تمر به بلاد الصومال في ظل صمت دولي، لن ينسى التاريخ فيه صمت من أدى إلى وصول الأزمة إلى هذا الحد وصمت من يتفرج على الأزمة!!
إذن ماذا نحن فاعلون وقد فاقت الشعوب أخيراً من سباتها، فهلا إتجهت العيون والأبصار بإتجاه الصومال؟ وهلا حشدنا الجهود الإنسانية والخيرية وجهود البناء والعمران بإتجاه الصومال؟ ومعروف أن الصومال كانت إمبراطورية في القرن الماضي بل كانت على مر التاريخ من أهم البلدان التجارية ، لكنها أزمة المواقف التي خلفت المجاعة وكذلك تنظيم شباب مجاهدي الصومال ومن جهة أخرى القراصنة على طول مداخل البحر...
فلا بد من الوصول إلى مساومة وطنية لزاماً دولياً يعني شأن العالم كله، كما أن تبني مشروع دولي وعربي رسمي وشعبي صار أمراً تفرضه كل المعاني والمصالح الإنسانية، فأين الموقف الرسمي اليمني والشعبي؟ وخاصة أن اليمنيين تحملوا جزء كبيراً من إستيعاب الصوماليين المهاجرين والنازحين إلى اليمن..فلماذا لا نسجل موقفاً مؤثراً وبين أيدينا كل وسائل الإتصال بالعالم وكحد أدنى لشحذ الهمم بما يعبر عن مأسآة مجاعة الصومال ومحنة آثار الجفاف التي تستدعي استعداداً مسبقاً وتخزيناً للأغذية وإدراكاً تنظيمياً متقدماً لحالات الطواريء؟؟
إن الصومال الأن يحتضر وصرنا على مقربة من إعلان موت، وإذا لم تتحرك الشعوب الحية فسوف نندم جميعاً، فلماذا لا توحد الجهود وأين أغنياء ورجال أعمال العالم ليضعوا حداً للنفاق السياسي بإسعاف الصومال وتقديم مشاريعهم في بلد غني بالثروات وخاصة إذا نظرنا إلى حاجة الغرب بعد تداعيات إفلاس في أمريكا وأزمة ديون متراكمة في إيطاليا ومكافحة شغب في بريطانيا ومذبحة سابقة في النرويج زكتها ثقافة الكراهية؟
إننا بحاجة إلى صفقة سياسة إضطرارية، بحاجة لنبذ الكراهية والعدائية الموجودة في العالم، نحن بحاجة إلى مفهوم جديد للديمقراطية، نحن بحاجة إلى حملة دولية للتبرعات من أجل الصومال ، فكم هو كل الخزي أن نتابع الثورات العربية بتفاصيلها الدقيقة، وهي بلا ريب تستحق، لكن علينا أن نعي ونحن في هذه الثورات الإنسانية أن هنالك فرق بين أن نركز على شعب ينتفض بملايين حفاظا على كرامته وشعب ينتفض بالملايين للحفاظ على حياته، في وقت نحن أصلاً نتعرض لخطر الموت بسبب التخمة وما تجود به موائدنا مما لذ وطاب، بل التخمة أصابت حتى حاويات النفايات، وحتى النفايات تستثمر لتحويلها لطاقة كهربائية في بعض الدول، فهل بقاءنا أحياء يعني أننا أفضل من الصومال أم صارت الحياة عقاب لنا ، فأين خيار الشعوب العظيمة؟