أكد المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، رئيس وفد «أنصار الله» إلى مفاوضات الكويت محمد عبدالسلام، أن أبرز ملامح رؤيتهم لحل الأزمة اليمنية، التي سلمت إلى الأمم المتحدة أول من أمس، تتمثل في إنشاء حكومة وحدة وطنية، ثم تشكيل لجنة أمنية عليا تشرف على الانسحابات وتسليم السلاح الثقيل للدولة.
وأوضح عبدالسلام في حوار مع «الحياة» (عبر الهاتف من الكويت)، أن مصير الرئيس عبدربه منصور هادي ومدى قبول عودته للعاصمة صنعاء، يخضع للحوار والمرجعيات التي تحكمه، إلا أنه أكد أن موقف «أنصار الله» يتمثل في تشكيل مجلس رئاسي يكون الرئيس توافقياً، وتكون مهماته واضحة خلال الفترة الانتقالية.
ووصف المتحدث علاقتهم بالسعودية في الوقت الحالي بـ«الجيدة»، مبيناً أن هناك قضايا كثيرة تتطلب النقاش المستمر مع الجانب السعودي، وأن التفاهمات ستسهم في إزالة المخاوف الموجودة، وربما الاحتقان القائم، للوصول إلى سلام عادل يجعل «أنصار الله» والشعب اليمني رسمياً وشعبياً يسهمان في رفع المعاناة الداخلية على مستوى البلد، وفي العلاقات الدولية والعربية، بخاصة مع دول الجوار، وبالذات المملكة العربية السعودية. في ما يلي نص الحوار.
> دعني أبدأ معك من تصريحك بأنكم قدمتم رؤية للإطار العام للحل السياسي والأمني؟
- قدمنا في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية رؤية متكاملة للأمم المتحدة، وهي تمثل حلاً للجانب الأمني بشقيه العسكري والأمني، ورؤية في ما يتعلق بالجانب السياسي، وبهذا فالرؤية شاملة، تتضمن جوانب السلطة التنفيذية التوافقية، وجانب البعد الإنساني، وعرضت على الجلسة العامة، وتمثل وجهة نظرنا بوفد القوى الوطنية في «أنصار الله» والمؤتمر الشعبي العام، وما زلنا ننتظر الطرف الآخر أن يقدم رؤيته أيضاًَ.
> ما هي أبرز ملامح الرؤية التي قدمتموها للحل؟
- نعتقد أن الحل السياسي يتضمن التالي، بناء على المرحلة السياسية التي تحكم البلد منذ 2001، ومرجعيات المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن، يجب أن تستمر إدارة السلطة في البلد بالتوافق، حتى الوصول إلى انتخابات ودستور واضح،
ثانياً: ما دامت هذه المرجعية متفق عليها، وهي الحاكمة للمرحلة، نحن نريد ألا يذهب أحد لإدارة السلطة منفرداً، لا هم ولا نحن، وإنما وفق التوافق الذي أقرته المرجعيات، التي حكمت البلد حتى الآن، بما فيها عبدربه منصور هادي والحكومة وكل هذه التفاصيل،
ثالثاً: نذهب جميعاً إلى معالجة الحل السياسي، بتشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة المرحلة الانتقالية المتوافق عليها، واستكمال المسائل السياسية التي لم نتفق عليها، كالدستور والأقاليم والسجل الانتخابي وغيرها من المسائل التي ربما كانت سبباً في الأزمة، ثم بعد ذلك الاتفاق على السلطات التشريعية والتنفيذية، وفق هذا الإطار، ليصبح العمل السياسي والغطاء القانوني والرسمي هو القالب الذي تدخل فيه الترتيبات الأمنية والعسكرية.
بعد ذلك، تشكل لجنة أمنية عليا، وتكون هذه اللجنة الأمنية العليا ممثلة من الدفاع أو الداخلية أو الأجهزة العضوية للدولة، وتكون مهمتها التي يشارك فيها الجميع الإشراف على الانسحابات، وتسليم الأسلحة الثقيلة من الجميع إلى الدولة ومواجهة أي تحدٍ، كالقاعدة و«داعش»، وتصبح هذه الجهة (اللجنة الأمنية العليا) هي المظلة العسكرية والأمنية للحفاظ على البلد خلال المرحلة الانتقالية التي يجب أن نتوافق عليها، لأن البلد لا يعيش حالاً دستورية ثابتة، فهناك مخرجات حوار وطني، ودستور نوقش في الإمارات، ومشكلة حصلت في الأقاليم، ومشكلة في شكل الدولة، ومشكلة في السجل الانتخابي للمواطنين، وهناك نحو 12 عاملاً في الانتخابات، ومجلس النواب يحتاج إجراء انتخابات نيابية ورئاسية، والمرحلة الانتقالية نرى أن تكون غير قابلة للتمديد، حتى نتفادى أخطاء ما حصل في المبادرة الخليجية، ثم نذهب إلى مسألة المعالجات لاستئناف الحوار السياسي بين المكونات السياسية، التي كانت تجتمع لتناقش كل الأمور التي ذكرتها سلفاً، التي يجب أن تكون من الهيئة الوطنية المنبثقة لمؤتمر الحوار الوطني.
> للتوضيح أكثر، أنتم ترون تشكيل حكومة توافقية أولاً، ثم تشكيل لجنة أمنية عليا لتسليم السلاح والانسحابات، هل هذا صحيح؟
- نرى أولاً أنه لا بد من التحرك وفق إطار توافقي وسياسي، الطرف الآخر أصبح طرفاً في الصراع، نتقاتل معهم لمدة عام، حصلت مشكلة بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة وشكلت حكومة توافق، هذه الحكومة بعد أن قدمت استقالتها لعبدربه منصور هادي ثم جاءت الحرب أصبح هناك تغير في مسار الطريق، نحن لا نطالب بإلغاء الطرف الآخر، بل نقول: تعالوا لنتوافق على أي شخص كان، إذا كانت المرحلة بالتوافق فلا يوجد لدينا أي مشكلة، وهي مرتبطة بالمرجعيات، ولهذا نحن نرى أن نذهب أولاً لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم فوراً تشكل اللجنة الأمنية، إذا رأت الأطراف ذلك، إذا كانوا يرون عدم تشكيل لجنة أمنية، وإنما وزارة الدفاع هي التي تقوم بذلك مع الداخلية، فلا مشكلة في ذلك، المهم ما هو القالب السياسي الذي نذهب جميعاً فيه، هل من المعقول بعد عام أن نأتي لنسلم الطرف الآخر؟ لأن الحكومة لا يجوز لها أن تتغير، هذا غير صحيح، هذه حكومة مهمتها وظيفية عضوية موقتة.
> ماذا عن الرئيس هادي.. هل تقبلون عودته في حال شكلت حكومة وحدة وطنية توافقية؟
- المسألة متعقلة بالحوار، لا تنس قرار مجلس الأمن (2216)، النقطة الخامسة فيه تتحدث عن استئناف الحوار والعملية السياسية، بما فيها المسائل المتعلقة بالحكم، والقرار الذي قبله أيضاً تحدث عن ضرورة انخراط عبدربه منصور هادي بحسن نية في الحوارات السياسية آنذاك، برعاية الأمم المتحدة في صنعاء، ولهذا فمشكلة الرئيس في نظام الدولة القائم حالياً مرتبطة أيضاً بالمرجعيات والتوافق، فلهذا نقول: الخطوة الأولى والملحة هي جانب الحكومة والأمني والعسكري، ثم نحدد فترة زمنية، ونذهب للحوار السياسي بين الجميع، ونتفق على المبدأ في ما يخص الرئاسة، أما موقفنا نحن فهو تشكيل مجلس رئاسي، ويكون الرئيس توافقياً، وتكون مهماته واضحة خلال الفترة الانتقالية، ونحن لا مانع لدينا من أن توضع مرحلة زمنية لمناقشة هذا الجانب، موضوع رئاسة البلد وكيف يتم إخراجه بطريقة قانونية ورسمية، والمهم لدينا الاتفاق على المبادئ، أما التوقيت فليس لدينا تحفظ عليه.
> من خلال تصريحات الطرفين المتحاورين في الكويت، الجميع يؤكد أنه جاء من أجل الحل لإيقاف الحرب، ملايين اليمنيين يتساءلون اليوم: لماذا التأخير في التوصل للحل ما دمتم جادين في ذلك؟
- التأخير ليس من طرفنا، قدمنا رؤيتنا للحل منذ منتصف ليل الجمعة، وحتى الآن الطرف الآخر لم يقدم شيئاً، وقلنا لا مشكلة في أن يقدم الجميع تنازلات غير مخلة في إطار حل عادل ومشرف، لا نتحدث عن انتقاص حقوق أحد، ولا إقصاء أحد ولا إزالة أحد، بل نتحدث عن حلول وفق المرجعيات المتوافق عليها، أما الحديث عن التأخير، فنحن ليس من مصلحتنا الحرب الجارية الآن، لأن نتيجتها استمرار معاناة الحصار والوضع الاقتصادي، والحرب بشقيها العسكري والأمني، وتأثيراتها على مستوى الحياة اليومية يحتم علينا جميعاً التحرك نحو الحل، ولهذا جئنا من بين أبناء شعبنا الذي عشنا نحن وإياه هذه المعاناة، لا نريد أبداً أن نتأخر، ونتمنى أن نوقع على اتفاق الليلة قبل الغد، وأن نتحرك في اتجاه الحل من دون تأخير، لأنه لا مصلحة لنا في ذلك، نسارع إلى السلام وفق حلول مشرفة وعادلة.
> إلى أي مدى أنتم مستعدون لتقديم تنازلات للوصول إلى حل لإيقاف الحرب؟
- الشيء الذي لا يمكن أن ينتقص من حقوق الناس ولا يفرض فيه علينا أي موقف، نحن مستعدون لتقديم تنازلات غير مخلة، ونحن الآن في حوار ومشاورات مع الأمم المتحدة، وأشعرناهم بالكثير من القضايا، وننتظر أن يكون هنالك تفاعل إيجابي من الطرف الآخر، الذي للأسف حتى الآن لم يبد الجدية، ولم يقدم حتى الرؤية، وإنما جاء ليطالب الآخر، وهو لا يريد أن يطلب منه شيء، وكأنها لم تحصل أزمة في اليمن، لا سياسية، ولا عسكرية، ولهذا نحن مستعدون أن نقدم ذلك عندما تكون المرحلة في إطار حل شامل وكامل.
> بوصفكم جماعة «أنصار الله»، كيف تصفون علاقتكم بالسعودية في الوقت الحالي، وكيف تقرؤون مستقبل هذه العلاقة؟
- نحن نعتقد بأن التفاهمات التي تمت أخيراً مع السعودية، وحصلت في مسقط أو دول أخرى، وحصلت أخيراً في الحدود السعودية - اليمنية، كانت لقاءات إيجابية، وأسهمت بفعالية في الدفع بعجلة السلام الجارية في الكويت، ونصفها حتى الآن بأنها تسير جيداً، ولكن ما زالت هذه التفاهمات قائمة، وما زال هناك الكثير من القضايا التي تتطلب النقاش المستمر مع الجانب السعودي، ونرى أنه في حال استمرارها بشكلها الإيجابي وبتفهم كل طرف لمتطلباته، ولما يريده في ما يخص المستقبل، أعتقد أن هذه التفاهمات ستسهم بشكل كبير في إزالة المخاوف الموجودة، وربما الاحتقان القائم، للوصول إلى سلام عادل يجعل منا «أنصار الله»، ومن الشعب اليمني مسهمين في رفع المعاناة الداخلية على مستوى البلد، وفي علاقاته الدولية والعربية، بخاصة مع دول الجوار، وبالذات المملكة العربية السعودية التي يحكمها شريط حدودي طويل مع اليمن، وبقدر ما نطرح نحن أو نتفهم مخاوف الجانب السعودي، نأمل منه بأن يتفهم مخاوف وتطلعات وآمال الشعب اليمني تجاه القضايا المصيرية التي تعنيه، على المستوى السياسي والأمني والعسكري، أو على مستوى هذا البلد، وعلى مستوى محيطه وجيرانه.
> هنالك أسئلة تطرح حالياً عن رؤيتكم في أنصار الله، ولا سيما بعد الحرب لحل القضية الجنوبية وكيف تنظرون إليها؟
- نحن نرى أن القضية الجنوبية قضية مثلها مثل قضية صعدة، كانتا قضيتين محور النقاش في مؤتمر الحوار الوطني، وما زلنا حتى الآن نتمسك بحقوق إخوتنا في الجنوب الذين تعرضوا لمعاناة وحروب وإقصاء، وما زلنا نقيم علاقات ممتازة مع الكثير من الأطراف السياسية الفاعلة في الجنوب، ونعتقد بأن الحل ما زال قابلاً للنقاش في المرحلة الانتقالية في ما يخص القضية الجنوبية، بحيث يكون عادلاً يحافظ على سلامة ووحدة اليمن واستقراره وسيادته، ومرضياً للجميع.
> كان لكم لقاء أخيراً في الكويت مع السفير الأميركي، وتحدث البعض أن هنالك تناقضاً بين شعاراتكم وما تقومون به على أرض الواقع، كيف تعلق؟
- نحن لم نلتق السفير الأميركي بشكل ثنائي مع «أنصار الله»، ولا بصفتنا وفداً وطنياً، ما حصل هو لقاء مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، (أميركا، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا) وهي ليست الأولى من نوعها، التقينا في مسقط، وغيرها، وحتى في صنعاء في مؤتمر الحوار الوطني، وعليه، نحن عندما طلب منا في مسقط اللقاء مع الأميركيين رفضنا، وما زلنا نتعامل مع الجانب العماني باعتباره الوسيط الذي نتحدث معه في أي قضية أمنية أو سياسية تهم اليمن، لنقلها للمجتمع الخارجي، وبالذات الأميركيين، ولهذا لم يحصل لقاء خاص مع الأميركيين، ولكن ضمن لقاء عام مع سفراء دول العضوية في مجلس الأمن، وكنا التقينا بسفراء دول الخليج، ثم سفراء الدول الـ18، ومنها أميركا، وعليه موقفنا من الأميركيين لم ولن يتغير، إلا إذا تغيرت سياسية أميركا تجاه المسلمين في المنطقة بخاصة القضية الفلسطينية، وعندما نجلس مع السفراء لا نتحدث إلا عن القضايا التي تهم الوطن وليست قضايا تفصيلية بيننا، كأنصار الله والأميركيين.
> تحدثت بإيجابية عن ملف المعتقلين والسجناء، هل هناك أي اختراق لهذا الملف، وهل سنشهد إطلاق سراح وزير الدفاع الصبيحي أو غيره؟
- نحن، ومن خلال التفاهمات مع السعودية، بحثنا هذا الملف، ونعتقد أن المملكة قادرة على إيجاد تسوية عادلة في هذا الجانب، باعتبار أن لنا آلافاً من الأسرى لدى أطراف عدة، جزء في السعودية، وآخرون في الإمارات، وجزء مع الأطراف في الداخل، ونعتقد أن ملف المعتقلين إنساني، ويجب أن نتحرك على معالجته، لا تحفظ على أي شخصية، ولكن نريد أن نجد الجهة القادرة على أن تبادلنا المعاناة، وتتطلع لهمومنا وهموم عائلاتنا، وأسرنا وذويهم، ليس صحيحاً أن تطالب بأسير في الطرف الآخر وأنت تمتلك آلافاً لا تنظر لمعاناتهم، نحن جاهزون، ليس لدينا أي مانع من الدخول في تسوية كاملة وشاملة، والنظر لمعتقلينا ضمن هذه التسوية.
> هل يمكنك إعطاء معلومات عن صحة القيادي محمد قحطان، باعتبار أن إشاعات كبيرة دارت حول وضعه لديكم؟
- حالياً، وذكرنا هذا للأمم المتحدة، لم نبلغ في الوفد المفاوض بأي معلومة عن السجناء والأسرى الموجودين لدى الجيش والأمن واللجان الشعبية في صنعاء، وأبلغنا المبعوث الأممي عن الإفادة التي وصلتنا من الجانب الرسمي، في ما يتعلق بالصبيحي وفيصل رجب، حتى الآن ليس لدينا أي معلومة يمكن توضحيها في هذا الجانب.
> أخيراً، هل أنتم متفائلون بالرجوع لليمن بتسوية وإيقاف للحرب، أم ترون البون شاسعاً مع الطرف الآخر؟
- نحن مستوى التفاؤل لدينا بقدر مستوى التزام الطرف الآخر بما سيتم، ونرى أن الفرصة مهيأة أكثر من أي وقت مضى، بحكم الحضور المميز لدولة الكويت في تقريب وجهات النظر، كذلك التفاهمات التي تمت مع السعودية، كذلك في ما يخص التوجه الدولي في شأن بيان مجلس الأمن الدولي الأخير، في ما يخص الدفع بعملية السلام، وضرورة أن تكون موجودة وواقعية.