أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

التداخل بين الدولة والقبيلة يضع النظام في أخطاء تاريخية: "الخليج" تتقصى المخاوف من الحرب الأهلية في اليمن

- الخليج

 التجوال في شوارع وأحياء مديرية الحصبة، أكبر مديريات العاصمة اليمنية صنعاء وأكثفها سكاناً للوقوف على طبيعة ونوعية التجهيزات والاستعدادات التي يمتلكها طرفا الصراع المتمثل في القوات الحكومية من جهة، والمجاميع القبلية المسلحة الموالية للشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد من جهة أخرى لخوض جولة ثانية من المواجهات المسلحة الوشيكة، يكشف وإلى حد بعيد، حقيقة وطبيعة الامتيازات غير التقليدية التي حصلت عليها كبرى القبائل اليمنية والعديد من القبائل الأخرى، وإن بنسب متفاوتة، من الدولة المركزية على مدى عقود متعاقبة كجزء من كلفة باهظة لتحالف استراتيجي بين الجانبين .

وهذا الأمر مثَل على مدى 33 عاماً، أحد أبرز أسباب استمرارية النظام القائم على سدة السلطة وضعف الدولة وانحسار حضورها وتمثيلها في العديد من المناطق القبلية في البلاد، مقابل هيمنة وحضور القبلية كمعادل موضوعي بديل وفاعل .

واعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في دراسة تعقيدات البنية القبلية في اليمن وعلاقة القبيلة بالدولة الدكتور أحمد عبدالله سلام المقرمي في تصريح ل “الخليج”، أن الحرب السابقة التي شهدتها أنحاء عديدة من العاصمة صنعاء انطلاقاً من حي الحصبة ومظاهر التحفز المسلح القائم حالياً بين القوات الحكومية وأتباع الشيخ الأحمر استعداداً لخوض حرب ثانية، أبرزت فداحة التنازلات التي قدمها النظام السياسي الحاكم لاستمالة القبيلة وتحفيزها إلى الالتزام باستحقاقات تحالف استراتيجي أسهم في تأمين احتكار كرسي السلطة للرئيس صالح واستمرارية نظامه لأكثر من ثلاثة عقود، لكنه تسبب بذات القدر في إضعاف الدولة وتحجيمها وتقوية القبيلة ونفوذها .

من جهته قارن الخبير العسكري اليمني العميد حسين عبد الكريم المحاقري بين طبيعة الإمكانات والتجهيزات القتالية واللوجستية التي تمتلكها كل من القوات الحكومية والمجاميع القبلية الموالية للشيخ صادق الأحمر لخوض مواجهات جديدة .

وقال المحاقري ل “الخليج”: “باستثناء الدبابات والطائرات المقاتلة، يمتلك أتباع زعيم قبيلة حاشد التجهيزات والاستعدادات القتالية واللوجستية كافة التي تضاهي ما تمتلكه أقوى التشكيلات الأمنية والعسكرية المتمثلة بقوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي، بحوزتهم أسلحة تقليدية كرشاشات الكلاشينكوف والبنادق التشيكية والإسرائيلية المعروفة باسم “الجفري” والبنادق الخاصة بالقناصة والعديد من أنواع البنادق الأخرى، وكذا أسلحة غير تقليدية أو متداولة كالرشاشات المعدلة والثقيلة والمتوسطة وصواريخ “الهوزر” وقذائف “آر . بي جي” وصواريخ من نوع “كاتيوشا”، والمدافع الثقيلة والخفيفة والمتوسطة وكميات هائلة من الذخائر” .

ويشير المحاقري إلى أن ترسانات المعدات والتجهيزات والإمكانات القتالية التي تمتلكها المجاميع القبلية المسلحة الموالية لكبار الوجاهات القبلية المتنفذه والموزعة بين قبيلتي “حاشد وبكيل”، تم الحصول على معظمها عبر صرفها كمنح مجانية من المخازن العسكرية التابعة لوزارة الدفاع وبتوجيهات صريحة من القائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس صالح ) .

ولم تقتصر “روزنامة الامتيازات الرئاسية” المقدمة لأنجال الشيخ الأحمر أو غيرهم من كبار المشائخ والوجاهات القبلية واسعة النفوذ، سواء في قبيلة حاشد أو بكيل على منحهم الرتب العسكرية والمناصب الرفيعة في المؤسسة المدنية والعسكرية، بل تجاوزت ذلك بكثير إلى حد اعتماد مخصصات مالية شهرية منتظمة ودرجات وظيفية في المؤسسة العسكرية لمجاميع مكثفة من شباب ورجال القبائل الموالين لهذه الوجاهات والذين التحقوا للعمل كمرافقين وحراسات شخصية ومنزلية للأخيرين؛ فيما تكفلت الخزانة العامة للدولة بصرف مرتباتهم الشهرية ومخصصات تسليحهم والتأهيل والتدريب من المخصصات المالية السنوية لوزارتي الدفاع والداخلية، إلى جانب اعتمادات مالية تقدر بمئات الملايين من الريالات شهرياً تصرف للمشائخ والوجاهات القبلية من مخصصات “مصلحة شؤون القبائل”، المشكلة بقرار جمهوري كمظلة قانونية لتمرير الامتيازات المهولة المجانية الممنوحة من النظام الحاكم لحلفائه البارزين في المؤسسة القبلية .

من جهته يرى الباحث المتخصص في دراسة “مؤثرات العلاقة التاريخية بين القبيلة والدولة في اليمن، الدكتور سليم عبدالرحمن المرقب في تصريح ل”الخليج”، أن استعصاء تحقيق القوات الحكومية للحسم العسكري في حربها السابقة ضد أتباع الشيخ الأحمر في أحياء وشوارع مديرية الحصبة والعديد من الأحياء المجاورة لها، يعد نتاجاً طبيعياً لحالة من توازن القوى والندية، أسهمت الدولة في إيصال القبيلة إليه عبر دعمها اللا محدود والسخي لمراكز قوى قبلية متنفذة لتوطيد عرى تحالفات وقتية وغير دائمة” .

ويضيف قائلاً: “الدولة تواجه حالياً تداعيات أخطائها الفادحة في التعامل مع القبيلة كحليف وليس كجزء من مكونات المجتمع اليمني المتعددة، ما حدث في حي الحصبة وما يحدث من حرب محتملة تدق طبولها حالياً ليس استثناء عن تاريخ الصراع الناشئ بين الدولة والقبيلة عقب استقراء القبيلة بإمكاناتها المكتسبة؛ فخلال العقدين الماضيين اعتادت القبيلة ضرب الدولة بذات الأدوات الممنوحة لها من الأخيرة كلما بادرت الدولة إلى استعادة سطوتها ومناهضة ظواهر كالاختطافات القبلية للأجانب أو الاعتداء على المنشآت الكهربائية والنفطية في المناطق القبلية الحدودية أو مهاجمة مواقع عسكرية واستهداف ثكنات أمنية وعسكرية” .

ويستطرد الباحث المرقب قائلاً: “حرب الحصبة الأخيرة والحرب التي على وشك الاندلاع بين يوم وآخر، وضعت النظام السياسي القائم والحاكم في مواجهة مباشرة وغير مسبوقة أمام أخطائه التاريخية في إدارة معادلة العلاقة بين الدولة والقبيلة، وليس هناك أبلغ تعبير عن مفردات الخلل المزمن والمقترف من قبل النظام في هذا الصدد من استخدام أتباع الشيخ الأحمر في الحرب السابقة للمدافع الثقيلة والمتوسطة الممنوحة لهم من وزارة الدفاع لقصف مقر وزارة الداخلية” .

تعليقات الزوار
1)
محمد الشرعبي -   بتاريخ: 08-09-2011    
اليمن منذ 33 عام مسخها صالح لتتحول الى قبيله خاصة به ليستمر وعائلته في السلطة ولكي يكون أقوى قبيله بين القابل الأخرى.

Total time: 0.0524