أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

مرور ثمان سنوات على رحيل فقيد الوطن اللواء / محمد صالح الكهالي

- علي عبدالقوي الغفاري

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا. تَبْدِيلاً )
بمناسبة إحتفالات شعبنا اليمني العظيم بالذكرى التاسعة و الأربعين على الثورة السبتمبرية الخالدة و الذكرى الأربعين على الثورة الأكتوبرية المجيدة و بقدر عظمة هذا الشعب البطل الذي يترحم بفخر و اعتزاز بشهداء الثورة و الوحدة الذين صنعوا البطولات و حققوا الإنتصارات فإن هذا الشعب الوفي يقف على الدوام إجلالاً لأولئك الشهداء الذين صنعوا لهذا الجيل و للأجيال القادمة هذا المجد و مهدوا الطريق لحياة كريمة يحياها هذا الشعب التائق للحرية و العدل و المساواة , و في هذا الشهر السبتمبري , الذي حققت  فيه قواتنا المسلحة إنتصارها على فلول تنظيم القاعدة في مدينة زنجبار فإن المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية و العلاقات الدولية يحيي و يبارك هذا الإنتصار الذي أنجزه اللواء 25ميكا و يترحم على الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن , كما يشيد المركز بصمود اللواء 25ميكا للأشهر الثلاثة الماضية .
  و في مثل هذه الأيام قبل 8 سنوات و دع شعبنا المناضل الجسور اللواء محمد صالح الكهالي هذا الرجل المقدام الذي ودعه رفاق السلاح و المصير يوم 17/9/2003م في موكب رسمي كبير ,
 و المرحوم ينحدر من أسرة متواضعة كغيرها من الأسر اليمنية , وقد تلقى تعليمة الابتدائي في مكتب دار سعيد القريب من مسقط رأسه بقرية حرية / مديرية النادرة التي يصفها الكثيرون بأنها مسقط رأس لبعض رموز قادة ثورة 26 سبتمبر في مقدمتهم أول وزير داخلية للثورة و أول رئيس للمجلس التنفيذي المناضل / عبداللطيف ضيف الله و العميد المرحوم / علي عبدالله الكهالي رئيس أركان حرب القوات المسلحة و هؤلاء هم خريجي الكلية العسكرية المصرية قبل الثورة و الملازم أول علي عبدالمغني الذي يعد القائد الحقيقي لثورة 26 سبتمبر و هو خريج الكلية الحربية بصنعاء , وهو الآخر له صلة دم و قربى بقرية حريه , إذ أن شقيقه هو المهندس / حمود احمد ضيف الله أول رئيس مجلس إدارة لشركة النفط اليمنية عند إنشائها في بداية سبعينات القرن الماضي , أما الأخ / اللواء المناضل عبده محمد قائد فهو أحد مفجري ثورة سبتمبر و هو من جرف النمر التي لا تبعد غير ثلاثة كيلو من قرية حرية , و قد كشف بوضوح أثناء مقابلة له مع إذاعة صنعاء قبل عدة سنوات أنه هو الذي أطلق أول طلقة مدفع أطلقت على دار البشائرساعة  إندلاع الثورة و قد استمعت شخصياً إلى تلك المقابلة .
و المرحوم البطل محمد صالح الكهالي و إن كان قد وافاه الأجل في القاهرة , يوم السبت 13/9/2003م بعد مرض عضال فقد مد الله في عمره حوالي 8 سنوات بعد أن جرح و هو يقود أخر معركة عسكرية في حياته للدفاع عن تراب و مياه الوطن الغالي في جزيرة حنيش عام 1995م , و لمعرفة القيادة السياسية و العسكرية للبلاد بالعمليات العسكرية و المعارك التي خاضها المرحوم  فقد ظل محط أنظار قادة الثورة اليمنية و للبطولات التي قام بها و الهزائم التي كبد بها أعداء الثورة و الجمهورية و تطهير البلاد منهم , فقد إرتبط إسمه إرتباطاً و ثيقاً بالانتصارات , فما دخل معركة إلا و انتصر,  و ما كان من رئيس الجمهورية حينذاك المشير/ عبدالله السلال رحمه الله إلا أنه  منحَ الكهالي رتبة عسكرية بعد أخرى للشجاعة و البطولة التي كان يسجلها و سجلتها له المعارك التي خاضها في جبال و سهول البلاد.
لم يحترف الكهالي العسكرية في بداية حياته , لكن منذ التحاقه في الحرس الوطني فور إندلاع الثورة مباشرةً شارك مع غيره من أبناء الوطن و خاصةً سرية 21 التي ضمت عدداً كبيراً من أبناء مديرية النادرة الذين لبوا النداء و دافعوا واستماتوا و أستشهد البعض منهم من أجل الحفاظ على الثورة و النظام الجمهوري, و قد إستخدم الكهالي أثناء قيادته لهذه السرية و غيرها من الوحدات العسكرية  أسلوباً و تكتيكاً يدل على انه خريج أرفع الأكاديميات و المعاهد العسكرية .
 و بعد تفكير طويل بالمستقبل و بالرغم من تسلمه قيادة عدد من الألوية العسكرية فقد ذهب إلى مصر الكنانة مع أفراد لواء العروبة للتدريب , و كان قبل أو بعد ذهابه إلى القاهرة في السنوات الأولى للثورة قد التحق بالكلية الحربية بصنعاء و عندما حانت ساعات الوغى أخرجه الرئيس السلال منها قائلاً أن المعارك على أشدها و لم يتباطأ الكهالي أو يتأخر, و لكنه كان في المقدمة  و ما من معركة إلا و كان فارسها , و قد جرح في أكثر من جبهة لكن عناية الله ظلت ترعاه .
و حياة محمد صالح الكهالي بإختصار هي حكاية كل اليمنيين , فقد غادر قريته للدراسة  في مدينة تعز مع عدداً من رفاقه الذين درسوا في المدرسة الأحمدية و التحقوا في الحرس الوطني من ضمنهم المرحوم العميد / محمد مصلح صالح صبر و العميد/  يحيى محمد هادي الغفاري  والمرحوم  حمود النمر والمرحوم علي محمد مصلح و آخرون  , و كان كذلك ضمن زملائه الطلاب  الذين شاركوا بالمظاهرة الطلابية المعروفة قبل الثورة , و عندما انطلق مارد الثورة في صنعاء يوم 26 سبتمبر و أراد أعداؤها في الداخل و الخارج الإلتفاف و القضاء عليها , كان المرحوم و رفاقه الشباب من أبناء الشعب اليمني في مقدمة المدافعين عن الثورة فانخرط في الحرس الوطني و لمع إسم محمد صالح الكهالي – جندياً – محارباً و قائداً عسكرياً محنكاً .
و لغيابي خارج الوطن عند وفاته , و بعد مرور ثمان سنوات على رحيله و حيث أن  شعبنا يحتفل هذه الأيام بمناسبة أعياد سبتمبر و أكتوبر و جدت ضرورة المشاركة في هذه التناولة السريعة و الإشادة بالدور البارز الذي أسهم به المرحوم في إرساء النظام الجمهوري و الحفاظ على مكتسبات الثورة و منجزاتها  و بموته يكون شعبنا قد خسر قائداً سبتمبرياً فذاً , رحم الله الفقيد رحمة الأبرار و أسكنه فسيح جناته و ألهم أبناؤه البررة و أسرته و ذويه و أبناء قريته و شعبنا الصبر و السلوان .

إنا لله و إنا إليه راجعون .

*رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية و العلاقات الدولية

Total time: 0.0462