قال القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الشيخ مجاهد القهالي، الذي يعد من أبرز الوجاهات داخل قبيلة بكيل، ثاني كبرى القبائل اليمنية إن “المبادرة الخليجية وضعت النقاط على الحروف لحل الأزمة القائمة في البلاد، وتضمنت الحلول الكفيلة بإخراج الشعب اليمني من أزمته الراهنة إلى بر الأمان، كونها اشتملت على خمسة محاور، تقضي بتشكيل حكومة ائتلاف وطني تمثل فيها كافة القوى والأحزاب والمنظمات الجماهيرية وانتقال السلطة من الرئيس إلى نائبه، وإجراء الانتخابات الرئاسية وإجراء الانتخابات النيابية على أساس النظام البرلماني، وقد صممت وصيغت وفق ما يتواءم ومصالح الشعب اليمني، ووضعت كافة الصلاحيات بيد الشعب ليختار من يضع ثقته فيه” .
وعن مطالب المعارضة بنقل السلطة كإجراء سابق لبدء الحوار حول وضع الآليات التنفيذية للمبادرة وليس تفويض نائبه بصلاحيات رئاسية جزئية، أكد القهالي في حديث ل”الخليج” أن “هناك إشكاليات في ما يتعلق بتنفيذ المبادرة من الناحية العملية، وتحديداً ما يتعلق بالمدد الزمنية المحددة فيها، من بينها تحديد أسبوع كسقف زمني لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فالأسبوع لا يكفي لاستكمال مثل هذا التشكيل، بالإضافة إلى المدد الزمنية المحددة بانتقال السلطة من الرئيس لنائبه خلال شهر” .
ويضيف القهالي: “هناك مجموعة من القضايا التي تهم كل أبناء الشعب اليمني ووردت بمقدمة بنود المبادرة والمتعلقة بإزالة حالة التوتر القائم في البلاد وتثبيت الاستقرار والأمن في كافة المدن وتهيئة المناخات المواتية لتنفيذ بنود المبادرة، إذ يجب أن توضع كافة بنود المبادرة في الاعتبار وألا تكون هناك انتقائية بأن نأخذ ما نريد ونترك ما لانريد” .
وأشار إلى أنه “لابد من إعادة النظر في المدد الزمنية المحددة وفق ما هو محدد قانون الانتخابات، سواء الرئاسية أو النيابية، فالمدد الزمنية المحددة في المبادرة الخليجية لا تتوافق مع المدد الزمنية المحددة في قانون الانتخابات، وهنالك للأسف من يريد أن يمر على المبادرة مرور الكرام وليس مهتماً بمستوى تنفيذ للبنود” .
وأضاف: “أنا من ضمن من أيد تنفيذ المبادرة، لكن يجب وضع الآلية التنفيذية الموضوعية والقابلة لتطبيقها على أرض الواقع أولاً بأول بحيث تكون المدد الزمنية كافية لتشكيل حكومة وطنية وللتهيئة الكاملة لانتقال السلطة في أجواء آمنة والوقت الكافي لإجراء انتخابات رئاسية، وإذا ما تم التوافق حول تعديل هذه الآليات التنفيذية فيمكن القول إن اليمن سيمضي إلى بر الأمان ومستقبل آمن، لكن إذا ما تم وضع الصعاب والعراقيل والاشتراطات المسبقة فإن هذا يعني وضع العراقيل أمام تنفيذ هذه المبادرة” .
وأوضح القهالي أن “أحزاب المعارضة ترفض الحوار، مع أن الهدف من الدعوة إلى الحوار هو الاتفاق على الآليات التي تحقق نقل السلطة، لكن اشتراطها بنقل السلطة من الرئيس لنائبه أولاً، يعد تجاوزاً لما تضمنته المبادرة التي لا تنص على النقل الفوري للسلطة قبل بدء أي حوار حول الآليات التنفيذية” .
مبادرة أم مناورة
وتحدث القهالي عن تفويض صالح لنائبه بإجراء الحوار مع المعارضة بالقول إن “التفويض بالصلاحيات جاء من الرئيس إلى اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، ثم من اللجنة العامة إلى نائب الرئيس وهو تفويض ليس فيه لبس ونهائي ونائب الرئيس شخصية معروفة لدى كل أطراف العمل السياسي، سواء بتاريخه النضالي أو نزاهته وثقافته السياسية العالية، فما الذي يخيف أحزاب المعارضة لأن نجلس جميعا إلى طاولة حوار كي نناقش الآلية التي ننفذ من خلالها المبادرة الخليجية؟ إذ لا ينفذ أي مشروع صغير أو كبير إلا وفق آلية تنفيذية قابلة للتطبيق” .
وعن التداعيات التي قد تنجم عن رفض المعارضة مبادرة الرئيس صالح يؤكد القهالي أن “رفض المعارضة لقرار التفويض والدعوة إلى الحوار حول آليات نقل السلطة معناه أنها قررت المضي باتجاه التصعيد الثوري، وعمليا أعلنت عن ذلك بتشكيل المجلس الوطني، والتصعيد الثوري قد يأتي بتغيير ثوري على قاعدة الإلغاء والإقصاء والمنتصر والمهزوم، وقاعدة العودة إلى الاتجاه السياسي الواحد لأن التغيير الذي سيأتي على قاعدة المنتصر والمهزوم ليس في مصلحة الشعب، وأنا مع التغيير السلمي الذي يلبي مصالح كافة قوى الشعب ويحقق بناء الدولة المدنية الحديثة ويعزز المسار الديمقراطي ويحافظ على الوحدة ويوفر الأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية والتنمية الشاملة والعادلة” .
ويقول: “اليمن اليوم بحاجة إلى إقامة الحكم المحلي كامل الصلاحيات الذي يزيل الفساد الإداري والمالي والرشوة والمحسوبية وبناء الدولة اليمنية الحديثة” .
الخشية من حرب أهلية
وعن خشيته من اقتراب اليمن من الانزلاق إلى منحدر الحرب الأهلية يشير الشيخ مجاهد القهالي إلى أن “هناك من لا يريد الحل السلمي أو السياسي ويسعى إلى الحسم العسكري، وهذا الحسم ليس في مصلحة أحد، وسيضيف جراحات جديدة إلى الشعب الذي عانى الحروب وويلاتها، اليمن بحاجة اليوم إلى إزالة آثار الصراعات السياسية والحزبية، وليس إضافة صراعات جديدة، ومن يفكر في الحسم العسكري سيكون مخطئاً، فهذا الحل ليس مقبولا، فاليمن لا يمكن أن يقبل بالشرعية الثورية على حساب الشرعية الدستورية التي تمثل عقداً اجتماعياً وحد اليمن” .
وعن دعمه للرئيس صالح بعد تخلي العديد من الشخصيات عنه وتمترسه في مربع الموالاة للنظام في مواجهة الثورة، يقول القهالي: “ليست لي منفعة أو مصلحة من وراء دعم الرئيس، فأنا اعتمد في حياتي على إمكاناتي الخاصة والمتواضعة ولم أحصل من الرئيس على منفعة خاصة، وحتى تعييني عضواً في اللجنة العامة لم تأت من فراغ، فمعروف أن فكرة إنشاء وتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام هي فكرة الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، التي جاءت على أساس أن يكون إطار تحالف لمختلف القوى السياسية والاجتماعية كشرط من شروط تحقيق الوحدة اليمنية، وأجرى حوارات واسعة النطاق قبيل ذهابه إلى عدن للالتقاء برئيس الشطر الجنوبي آنذاك سالم ربيع علي، واللذين اتفقا على الوسطية والاعتدال كأساس لقيام دولة الوحدة اليمنية، وكنت معه في القيادة، وكان الرئيس علي عبدالله صالح معنا في هذه القيادة” .
وأضاف: “بالنسبة لي انطلق في كافة مواقفي السياسية السابقة أو الراهنة من قناعاتي الشخصية ورؤيتي المستقلة، وأتذكر أنه قبيل اندلاع حرب صيف ،94 جاء إلى منزلي موفد من الزعيم الليبي معمر القذافي اسمه سليمان الشحوبي وطلب مني الوقوف إلى جانب حزب المؤتمر الشعبي العام ضد الحزب الاشتراكي اليمني، فرفضت هذا الطلب وقلت له إنه لا يمكن أن أقف مع حزب المؤتمر الشعبي ضد الحزب الاشتراكي أو العكس، ولست الشخص الذي يقبل أن تملى عليه إملاءات من الخارج، وكانت هذه الواقعة نهاية العلاقة بيني وبين القذافي” .
لم أتسلّم أموالاً من أحد
حول الاتهامات بتسلم ثمانين مليون ريال من النجل الأكبر للرئيس صالح العميد أحمد علي عبدالله صالح مقابل التدبير لاغتيال العميد حميد القشيبي، قائد اللواء 310 بعمران الموالي للثورة، يقول القهالي: “أتحدى من يقول ذلك أن يثبت ويقدم وثيقة واحدة تدل على أنني تقاضيت حتى عشرة ريالات من أي كان، فتأريخي السياسي معروف، ولم يحدث في حياتي السياسية إطلاقا أن شاركت في اغتيال أي شخصية سياسية مهما كانت خصومتي معها وتاريخي نظيف ويدي ليست ملوثة بسرقة أموال هذا الشعب ولا يمكن أن انجر إلى هذا الاتجاه الذي لا يفكر فيه إلا العجزة وغير القادرين على المواجهة السياسية أو الاجتماعية” .
وبشأن اتصالات من أطراف مناوئة للنظام لإقناعه بالانضمام إلى الثورة يؤكد القهالي: “التقيت العديد من مكونات ما يسمى الثورة الشبابية، ومن هؤلاء أربعين شخصية تحمل شهادة الدكتوراه، فطرحت عليهم فكرة إنشاء تحالف لقوى الشعب من اجل تحقيق التغيير السلمي الملبي لتطلعات كافة أبناء اليمن، وكنت فعليا ارتب لدخولي وانضمامي إلى ساحة التغيير لكنني فوجئت بانضمام اللواء علي محسن الأحمر والشيخ صادق الأحمر تحت مبرر حماية الثورة الشبابية، وهذا الأمر أزعجني، فالثورة الشبابية ليست بحاجة إلى حماية أحد لأنها قادرة على حماية نفسها” .
وأضاف: “كان ذلك سبباً في تراجعي عن فكرة الانضمام إلى الساحة، وفضلت وغيري من الشخصيات التي كانت تفكر في الالتحاق بساحة التغيير البقاء في حالة تأمل لما يحدث حتى تتبين لنا الرؤية عقب التحاق العديد من المشائخ والشخصيات العسكرية والشخصيات المعروفة بسجلها المهني غير النظيف في أجهزة الدولة” .
وحول اتصالاته بأطراف المعارضة يقول: “اتصالاتي بقادة أحزاب المعارضة لم تتوقف حتى الآن ولست من النوع الضعيف، فلدي القدرة على الحديث مع قيادات المعارضة والحزب الحاكم ومع الرئيس علي عبدالله صالح بنوع من الصراحة، كما أنني تلقيت اتصالات من قبل اللواء علي محسن الأحمر عبر وسطاء من الشخصيات البارزة حيث طلب مني الانضمام إلى الثورة فقلت لها إننا بحاجة إلى الاتفاق على التغيير السلمي على قاعدة الإجماع الوطني، وإذا كان اللواء على محسن مستعد لهذا فلنعمل وثيقة وأنا مستعد أن أكون أول من يوقع عليها، وقالوا لي سنذهب ونعرضها عليه ونعود إليك بالرد، لكنهم لم يعودوا مرة أخرى، وهو ما يعني أن اللواء علي محسن رفض ما طرحته عليه” .
حرب الحصبة ومحاولة الاغتيال
وأكد القهالي أنه تعرض لمحاولتي اغتيال في صنعاء وعمران، وعن هاتين العمليتين يقول القهالي: “لقد زارتني مجموعة من مشائخ مناطق شمال صنعاء كالأهنوم وخارف وعيال سريح وبني الحارث وطلبوا أن نقوم بتحديد موقف من الأحداث المتصاعدة في البلاد واتفقنا على عقد اجتماع قبلي موسع في منطقة “سحاب” بعمران، وحين وصلت إلى موقع عقد الاجتماع فوجئت بوجود أكثر من ثمانية آلاف من المواطنين متجمعين خارج الساحة المخصصة لعقد الاجتماع، ونصحني العديد منهم بعدم دخول الساحة لأن ميليشيات مسلحة تابعة لحزب الإصلاح دخلت إلى الساحة ونواياهم سيئة ضدي، لكنني أصررت على الدخول للتحاور معهم، وبمجرد دخولي فوجئت بإشهار مئات المسلحين بنادقهم نحوي، لكن آلافاً ممن كانوا معي من رجال القبائل تدافعوا للتصدي لهذا العدوان الذي لم يسبقه أي خلاف أو عدوان، فقد صوبوا أسلحتهم نحوي لمجرد أنني بادرتهم بالسلام” .
وعن محاولة اغتياله في منطقة الحصبة يقول “فوجئت بأن أولى قذائف سقطت على منزلي بشكل مقصود وإحدى هذه القذائف كادت تصيبني لولا أنني كنت خرجت من الغرفة التي تعرضت للقصف، وأعتقد أن حرب الحصبة أريد من خلالها تنفيذ مخطط لإسقاط النظام بالقوة من خلال الاستحواذ المسلح على المقار والمنشآت الحكومية” .
وحول إن كان التباين في الرؤى حيال آليات تحقيق التغيير السياسي للنظام الحاكم مع أحزاب المعارضة واللواء محسن وراء انضمامه إلى معسكر الرئيس صالح وتأييده له يقول القهالي: “أنا ضد إسقاط النظام بالقوة وقد وصلتني معلومات حول التحضير والتهيئة لميليشيات مسلحة تابعة لحزب الإصلاح تدربت في معسكرات على مختلف أنواع الأسلحة وتوزعت على العديد من المناطق بالعاصمة، ولاسيما منطقة الحصبة وعلى مختلف المناطق بعمران، وهذا التحفز لا يخدم مصالح اليمن ولا حتى استراتيجية هذا الحزب، فهذا الحزب حين يتبنى هذه المجاميع المسلحة لإسقاط النظام كيف سيواجه المجتمع الدولي الداعم للتغيير، وكيف ستكون نظرة الشباب وتوجهاتهم وحتى حلفاء الإصلاح داخل المشترك؟