اخبار الساعة
دعا قيس الخزعلي، الأمين العام لتنظيم "عصائب أهل الحق" في العراق، إلى تبني "خيار العنف المسلح" ضد الحكومتين البحرينية والسعودية.
من هو صاحب القرار في معركة الفلوجة؟
وقد جاء ذلك ردا على إعلان السلطات البحرينية، إسقاط الجنسية عن المرجع الديني الشيعي، المقرب من المعارضة، عيسى أحمد قاسم.
وأكد الخزعلي وقوف "الحشد الشعبي" (العصائب جزء من الحشد) في العراق مع الخيار المسلح في السعودية والبحرين، قائلا: "نحن مع هذا الخيار، وندعمه بكل ما نستطيع، ونفكر فيه، وعندنا استعداد لنصرة إخواننا في البحرين والأحساء والقطيف أكثر مما يمكن أن نتكلم الآن".
وأشار الخزعلي، بصريح العبارة، إلى أن "الحشد الشعبي" العراقي يفكر في التدخل في الخليج، حيث ذكر: "جزء كبيرا من تشكيلات فصائل المقاومة يعتقد أن واجبه الثاني، مضافا إلى واجب "الحشد الشعبي"، هو نصرة الشعب البحريني، ونصرة أهل الأحساء والقطيف، في حالة تجاوز العدو مراحل وخطوطا حمراء.
وجاء رد فعل الخزعلي متزامنا ومنسجما مع رد فعل أخر صدرعن قاسم سليماني، نشرته المواقع الرسمية الإيرانية، ذكر فيه أن "أي اعتداء على الشيخ قاسم سيواجه بمقاومة مسلحة غير مسبوقة"، على حد وصفه، وهو "ما سيؤدي إلى إسقاط النظام الحاكم في البحرين"، قائلاً: "إن هذا سيكون أول التبعات وحسب".
وهذه ليست أول مرة يوجه فيها قادة في الحشد الشعبي تهديدات إلى دول الخليج، حيث سبق لهم أن توعدوا دول الخليج بأنها ستكون مستهدفة من قبلهم.
في هذا الوقت صعّد سياسيون عراقيون، مقربون من "الحشد الشعبي"، من انتقاداتهم لثامر السبهان، السفير السعودي في بغداد، احتجاجا على تحركاته، التي يقرأها مراقبون باعتبارها موجهة ضد الهيمنة الإيرانية على القرار في بغداد.
من جانبه ردّ السفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، على مسؤولين عراقيين عقب تصريحاتهم التي طالبت بطرده من العراق، مؤكّدا أنّ "محاولة إبعاد المملكة عن العراق لن تفلح".
وقال السبهان، إنّ "الحملة التي تواجه السفارة السعودية في بغداد لا تخفى على أحد"، مبينا أنّ "هناك هجوما وتصريحات تنشر في قنوات عراقيّة، فضلا عن تحركات كبيرة جدّا مطالبة بإغلاق السفارة وطرد السفير السعودي من العراق، ومحاولة اصطياد أي أخطاء على السفارة".
من جهته، قال وزير الخارجية العراقيّ، إبراهيم الجعفري، إنّ "تحرّكات السفير السعودي في بغداد تمثّل تدخّلا صارخا في الشأن العراقي الداخلي". وأضاف الجعفري، إنّ "ما يقوم به السفير لا علاقة له بدوره كسفير، وقد تم إبلاغه من قبلنا بشكل رسمي بتحرّكاته غير المقبولة".
كل ذلك يترابط معا ويأتي فجاة، بما يمثل استدارة كاملة عن ملفات داخلية مشتعلة، كان أخرها معركة الفلوجة، التي اشغلت مشاركة الحشد الشعبي فيها الرأي العام المحلي والدولي، ولم تنته بعد، وإن أعلن العبادي استعادتها.
وكان من المتوقع بعد أن اتجه الحشد الشعبي إلى معركة الفلوجة هربا من استحقاقات سياسية في بغداد، أن ينفتح ملف الاستحقاقات السياسية بعد معركة الفلوجة، وقد أوشكت على الانتهاء.لكن ملف البحرين، ربما يعيدنا إلى المربع صفر، ويمنح الحشد الشعبي مرة أخرى، فرصة هروب كبرى من الاستحقاقات السياسية.
وربما يفسرهذا تلك اللغة الساخنة في كلام قيس الخزعلي ضد البحرين والسعودية. إذ كانت لغة حادة تحمل في طياتها ربما رسالة إشغال للرأي العام وهروبا إلى الأمام من استحقاقات سياسية، أكثر مما تعني استعدادا لتدخل مسلح في الخليج، خاصة في ظروف دولية وإقليمية جعلت من أمر التدخل صعب المنال.
ولم تكن الساحة العراقية، فضلا عن الإقليمية، بحاجة إلى فتح ملفات أخرى، وهي مشغولة بملف محاربة داعش، حتى يبرز على الساحة ملف ساخن آخر، ربما أخطر من كل الملفات السابقة، كونه يمثل تهديدا اقليميا غير مسبوق، وغير محمود العواقب أيضا، منذ غزو العراق للكويت في 1990.
وهنا نقول منذ منذ 1990، لأن غزو العراق للكويت في 1990 كان رابع تجرية تهديد، تم تنفيذه بتدخل مسلح في الخليج من قبل العراق خلال القرن العشرين.
فقد شهد القرن العشرين، أربع محاولات سعى العراق من خلالها إلى ضم الكويت له، منها اثنتان في العهد الملكي، واثنتان في العهد الجمهوري، وانتهت جميعها بمأساة.
فقد سعى الملك غازي، في الثلاثينيات، لضم الكويت، فوجوده مقتولا في حادث سير غامض. وسعى بعده، نوري السعيد في الخمسينيات، فقُتل الرجل سحلا بعد انقلاب. وسعى عبد الكريم قاسم في بداية العهد الجمهوري لضم الكويت، فقُتل بعد انقلاب. واحتل صدام حسين الكويت، فتم احتلال العراق وإعدام صدام حسين!.
فهل سيكون مصير المحاولة العراقية الخامسة، بتهديد الحشد الشعبي، للسعودية البحرين، مثل مصير أخواتها الأربع السابقات؟
الجواب وارد، إن علمنا أن أمن الخليج من أمن الولايات المتحدة الأمريكية، كما أعلن ذلك جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة في عام 1981. خاصة أن الوضع الاقتصادي لمنظومة الحشد الشعبي، ربما يشبه وضع صدام حسين يوم خرج من حرب السنوات الثمان مع إيران.
فقد كان صدام حسين مستنزفا، كما هي فصائل الحشد الشعبي اليوم، وقد تكون نتيجة تورطها في الخليج، إن تمت، مثل نتيجة تورط صدام في غزو الكويت، إذ تداعت عليه الدول بتحالف ثلاثيني جعلت من جيش العراق ودولته أثرا بعد عين.
والسؤال الكبير هو، لماذا تفشل أربع محاولات في ضم الخليج للعراق؟ هل أن الواقع الجوسياسي يرفض ذلك؟ وهل الصحيح أن ينضم العرق للخليج وليس العكس؟ وهل تدرك فصائل الحشد الشعبي ذلك؟ أم عندها خبر آخر؟
ختاما، يبدو أن سياق الأحداث وتطوراتها في المنطقة، منذ تحركت في 11-9- 2001، ربما لن يستطيع أحد ايقافها حتى تبلغ منتهاها، علمت بذلك فصائل الحشد الشعبي أم لم تعلم، ولكل حادث فيها حديث.
المصدر : وكالات